كل شيخ وله طريقة.. وكل مدرب وله منهج.. وإذا كان من الصعب أن يقبل أى شيخ تغيير طريقته.. فإنه صعب جداً أن يضطر أى مدرب أيضاً لتغيير منهجه.. فالمدرب الذى سيضطر لتغيير منهجه الذى اعتمده وعمل به منذ أول الطريق وعرف به كيف يحقق نجاحاته وانتصاراته.. هو مدرب محكوم عليه مقدماً بالفشل.. تماماً مثل السياسى أو الصحفى الذى فجأة يتغير منهجه الفكرى أو الإعلامى، استجابة لضغوط أو ضعف أمام إغراءات ووعود.. وغالبا ما تصبح النتيجة تغييراً حاداً ودرامياً فى شخصية السياسى أو الصحفى، فيتحول كل منهما إلى كائن له صفات قد يؤدى سردها وذكرها لمواجهة قانون العقوبات وأحكامه القاسية فى قضايا السب والقذف.. وأنا الآن أود التوقف عند هذه القاعدة الكروية للحديث عن جوزيه مورينيو.. وفابيو كابيللو.. ومارادونا.. إذ بعدما أصبح مورينيو مديراً فنياً لريال مدريد.. توقع كثيرون أن يتغير منهج المدرب الأشهر فى العالم حالياً من الأسلوب الهجومى المباغت إلى أى من الطرق الدفاعية، راغباً فى أن يحافظ على رقمه القياسى كمدرب بلا هزيمة.. لكن مورينيو فاجأ كل هؤلاء بالتأكيد على أنه، من أجل مورينيو نفسه وليس من أجل ريال مدريد، أبدا لن يغير طريقته وأسلوبه ومنهجه فى إدارة أحد عشر لاعباً فى الملعب.. وقال مورينيو أيضا إن المدير الفنى الذى يتغير نتيجة نصائح أو مطالب أو ضغوط من إعلام أو جمهور أو إدارة.. هو رجل قرر أن يخسر نفسه وغالباً لن يجدها أبداً، مهما حاول واجتهد فى البحث عنها.. قال مورينيو أيضا إنه يفضل أن يخسر مباراة أو مباراتين ولا يخسر نفسه وروحه ومنهجه.. يفضل أن تنتقده الصحافة وتشتمه أحيانا على أن تقوده الصحافة برؤى وكتابات أهلها وأحكامهم ومطالبهم.. وعلى العكس تماما.. كان كابيللو.. المدير الفنى للمنتخب الإنجليزى.. والذى فاجأ كل الإنجليز هذا الأسبوع بتصريحات وحوارات كثيرة يمكن ويجوز اختصارها فى أن كابيللو.. وعلى حد تعبيره.. قرر التحول من ملاك إلى وحش.. واضطر كابيللو أمام علامات استفهام كثيرة إلى أن يشرح أسلوبه القديم فى إدارة منتخب الإنجليز كملاك يتفهم ظروف لاعبيه ويشاور مساعديه ويقرأ ويصغى لما يقوله الإعلام.. لكنه الآن.. وبعدما جرى للإنجليز وكابيللو معا فى المونديال الأفريقى الماضى.. قرر أن يصبح وحشاً لا يشفق على أحد ولا يتشاور أو يسأل أو يطلب الرأى أو يسمع النصيحة أياً كان صاحبها.. ولأننى لم ولن أقتنع بكلام كابيللو.. على الرغم من تقديرى واحترامى لتاريخ الرجل ومكانته وسيرته كمدرب.. فأنا أتوقع بداية النهاية لمدرب كان عظيما اسمه كابيللو.. لأنه ليس فى هذه السن ولا بعد هذا المشوار ولا بهذه القرارات التى تنم عن الضعف لا الشجاعة.. يمكن للملائكة أن تتحول إلى وحوش.. ولا أن يغير المدربون الكبار خططهم ومدارسهم ومناهجهم.. أما مارادونا.. المدير الفنى السابق للمنتخب الأرجنتينى.. والذى كان أحد أنصار مدرسة الروح المعنوية والحماسة والإرادة والعلاقة الرائعة مع اللاعبين كسلاح حقيقى للمدرب.. فقد بدا أنه لا يمانع من تغيير منهجه وكل معتقداته ومفاهيمه إن لاحت له أى فرصة للعودة لملاعب الكرة مدرباً.. وقد تأتى الفرصة لكن أصبح من الصعب جدا أن يتحقق النجاح.. ويعنينى الآن أن يتأمل هذا الدرس كل من حسن شحاتة وحسام البدرى وحسام حسن.. فكل منهم لا يعيش الآن أفضل أوقاته مع فوارق كثيرة فى الظروف والملابسات إلا أنهم واقعون الآن تحت ضغوط لا تحتمل من إعلام غاضب وجماهير تشعر بالقلق.. وأتمنى ألا ينكسر أى منهم أو يستسلم.