منذ عدة سنوات طغي موضوع تجديد الخطاب الديني علي ماعداه من أمور تتعلق بالدين, وتحت هذا العنوان انعقدت عشرات المؤتمرات في مصر والعالم العربي. وصدرت أيضا عشرات الكتب والدراسات, بعضها وضع أسسا علمية لهذا التجديد, والبعض حاربه بشدة بدعوي أنه مطلب غربي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001, وغير بعيد عن هذا الموضوع قضية تطوير وتحديث الأزهر, حتي يعود وسطيا كما كان.. وكما نريده, وإذا كنا نحاول استكشاف آفاق ومستقبل مصر خلال السنوات القادمة, فإن هذين الموضوعين يطرحان نفسيهما بقوة. وحين جلست إلي الدكتور عبدالمعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية, وعميد كلية أصول الدين سابقا, اتته اتصالات هاتفية عديدة تسأله عن فتواه في موضوع معين, أو حتي من صحفيين يطلبون رأيه في فتوي حديثة.. كان آخرها من سأله عن فتوي تقول إن أذن المرأة عورة.. هكذا غيرنا مدخل هذا الحوار لنبدأ بالفتاوي: * ما كل هذه الفتاوي يادكتور؟ تأتيني من كل أنحاءالعالم, أتلقي اتصالات من واشنطن وسيدني وأمستردام وبرلين تسأل الفتوي. * لكن هذا يجرني إلي قضية أخري وهي استسهال الفتوي عبر الهاتف, وبرامج التليفزيون, فزادت الفتاوي وزاد التحريم, وأصبحنا في سيل لاينقطع من الفتاوي والفتاوي المضادة! نعم وأيضا الكثير من الفتاوي الخاطئة, من منصات لاطلاق الفتاوي, هي في الحقيقة منصات لاطلاق الاعلانات فمن يريد الآن تحقيق ربح من الاعلانات ينشأ قناة دينية, أنا واحد قال لي اذا أردت الحصول علي ثروة اعمل قناة في الدين أو الجنس, فقط الجنس يستهلك بسرعة وعمره قصير, بينما الدين جمهور أكبر وأطول زمنا.. لذلك تري الفضائيات تحضر شيخا بلحية حتي آخر الشاشة, وهو يتحدث يمر فوق لحيته اعلان عن سيارة مستعملة أو ثلاجة وهو يتحدث كلاما ديا, يعني خلطوا عملا صالحا لآخر سيئا. * وكيف نضع حدا للتراشق بالفتاوي؟ أقترح برنامجا يوميا أو اسبوعيا يشرف عليه الأزهر, للرد علي كل الفتاوي الجانحة التي تصدر خلال الاسبوع, بحيث تتم تصفيتها أولا بأول نرد علي زكريا بطرس, وعلي بعض المشايخ المصطنعين, وهم ليسوا مشايخ حقيقيين, وإنما مشايخ انتزعوا صورة من صور التمشيخ ليس لها برهان أوأساس, ويعتمد علي قراءته وفهمه الشخصي, وهو لم يتلق هذاالعلم عن شيخ..رغم ان علمنا الإسلامي لايؤخذ عنوة أو فتونة, بل يؤخذ عن شيخ, ومن لم يحضر العلم علي يد شيخ وبخطة دراسية منهجية كاملة متكاملة لايصل إلي شيء له قيمة بل قد يصل إلي اختلاط في الذهن والعقل ويخلط المسائل ببعضها, والمخلطون أصبحوا كثيرين. * هل نحتاج إلي رخصة لمزاولة مهنة الفتوي كما في أي مهنة أخري؟ لن نستطيع تكميم الأفواه للأسف, والدين جداره واطي يستطيعون تسلقه, ويقفزون علي جدار الدين, ويتسلل الواحد منهم إلي دار العلم الديني, ويذيع في قناة والناس يشدها الغريب, لكن في برنامج به شيخ أزهري لن يكون غريبا ويشد الناس, إنما يشدها الذي يبدو مشكلة وكأنه متسلل عبر القرون, وجاء من زمان مختلف تماما, وقفز من وراء القرون وجاء.. هذا ما يشد الناس. يأتي شخص ويتسربل بسربال قديم ويدعي انه شيخ ومن العلماء, ويخيف الناس من جهنم.. هذا يشد الناس والبعض يأخذ احتياطه فقد يكون كلام هذا الرجل صحيحا! * قبل ثلاثة أيام ترأس الدكتور أحمد الطيب اجتماعا للمجلس الأعلي للأزهر, وتقرر خلاله المضي في خطة لتطوير الأزهر واعادته إلي سابق عهده باعتباره قائما علي الوسطية الإسلامية.. ما رأيك في موضوع تطوير الأزهر؟ المسألة فيها كلام كثير من وجهات شتي بعضها أوافق عليه تماما, وأدعو إليه وبعضها أرفضه تماما ومستعد للتضحية من أجله بكل شئ, الموضوع الذي أوافق عليه تماما, وأرحب به, وأساند كل العاملين في هذا الحقل, هو تطوير مناهج الأزهر, ورسالته, فرسالة الأزهر تحتاج إلي تطوير لكي يأخذ دوره القديم, الدور الوسطي الاعتدالي, الذي يبث الإسلام النقي الحقيقي,وان يكون له مبعوثوه في كل مكان علي الأرض كما كان في الماضي, ويدرس لابنائه التراث والمعاصرة معا, وفي هذا الجانب أنا متفائل تماما بوجود شيخ الأزهر الامام الدكتور أحمد الطيب, لأن نفس الفكرة عنده. * وماهو الموضوع الثاني الذي ترفضه؟ أرفض تماما تطوير الأزهر من حيث تفكيك كلياته, وفصل الكليات العملية عن كلياته الدينية وهذاالهرج والمرج الذي يقال منذ فترة هو أمر خطير جدا! * ماهي أوجه خطورته؟ لأنه سيغيب رسالة الإسلام, ورسالة الأزهر كما ينبغي أن تكون في جانب كبير من الكليات, ويخرج طلابا لا هم بأزهريين, ولاهم بعلمانيين. * لكن اذا كانت هذه علوم مدنية حديثة فما المانع في فصلها عن العلوم الشرعية؟ هذه هي النظرة المخطئة التي يتعلق بها البعض وللأسف قرأتها لبعض المسئولين للأسف الشديد, وهؤلاء المسلمون ينبغي تغيير نظرتهم لهذه الفكرة, ليست الكليات العملية في الأزهر كليات مدنية, فهي في الاصل كليات دينية تدرس العلوم الدينية, بالاضافة إلي العلوم الدنيوية, بما يتلائم مع رسالة الأزهر, ولايصلون إلي هذه الكليات إلا بعد اعدادية وثانوية الأزهر, وكثير منهم يجمعون اليهما الابتدائية الأزهرية فاذا جاءت علوم سواء كانت في الهندسة أوالطب أو الزراعة, أوالكيمياء, أو الفيزياء عرفوا الصلة بين حضارتهم العربية الإسلامية, وما يقوله القرآن, وبين مايدرسونه من أحدث علوم العصر, بينما في الكليات المدنية والعلوم المدنية, لايعرف الطالب الصلة بين هذه العلوم وجذورها في الحضارة العربية الإسلامية. وهذا هو الخطر الذي أخاف علي الأزهر منه, ولا أظن ان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب سيقع في هذا الخطأ, وسيكون أكثرنا اصدار علي سلامة الأزهر, وصلة الكليات العملية للأزهر. * اذا تحدثنا عن التعليم الأزهري في جميع مراحله من الابتدائية الأزهرية حتي الجامعة.. ماذا يحتاج لتطوير هو تحديثه؟ يحتاج إلي الكثير من التطوير والتحديث خاصة انه في29 عاما مضت, لحق بمناهج الأزهر كثير من التغيير والمسخ, والتعديل والتبديل, بحيث أصبح الأزهر في حاجة إلي ان يعود إلي ما كان عليه قبل هذه السنوات. تقصد من هذا الكلام انه حدثت بمناهج الأزهر تفسيرات متشددة مثلا؟ لا أسميها تفسيرات متشددة, ولكن اسالة لمعني الأزهر, ذوبنا هوية الأزهر, مثلا مادة العقيدة حذفت من التعليم الاعدادي والثانوي الأزهري, ومن يقولون ان مايدرس الآن هو مادة العقيدة أقول لا.. ليست هذه مادة العقيدة باعتراف جميع المتخصصين علي الاطلاق, وهي ليست المادة التي درسناها في الاعدادي والثانوي والجامعة, والدكتور أحمد الطيب متخصص في العقيدة, وهو يعرف ذلك جيدا, وأعتقد اعتقادا راسخا ان من أولوياته اعادة مادة العقيدة إلي الأزهر. * وماذا تريد من الأزهر خلال العشر سنوات القادمة غير مادة العقيدة؟ اذا تحدثنا نتكلم عن50 عاما, عن قرن, وأولا يجب ان نعيد إلي الأزهر ماضاع منه, ثم نضع للأزهر المناهج المنفتحة علي كل عصر وبنفس الوقت امتداد للاصالة الأزهرية العريقة. * هناك موضوع ملح أيضا منذ سنوات, ويفرض نفسه خلال السنوات العشر القادمة, وهو تحديث الخطاب الديني.. كيف تراه في ضوء المؤتمرات والندوات التي تنعقد منذ فترة؟ أسمع جعجعة ولا أري طحنا, الكل يتحدث عن تحديث وتطوير الخطاب الديني.. لكن أين هذا التحديث والتطوير.. الكل ينادي بالجعجعة. أين الفكر الجديد, أين الخطاب الجديد؟ لايوجد فكر جديد ولا خطاب جديد, وأكثر الناس جعجعة هم أقل الناس انتاجا للفكر الجديد, هذه مفارقة عجيبة في العالم الإسلامي كله. الكل يتحدث عن الحاجة إلي خطاب ديني جديد ثم ماذا.. لاشيء! بالعكس كلما فكرت في فكرة جديدة أري البعض يهاجم عن غير علم وعن جهل وكأنه لم يدرس شيئا في الإسلام. * ومن المسئول عن هذا التجديد: الأزهر.. أم الأوقاف؟ الاثنان مسئولان معا. * ماهو المطلوب منهما اذا تكلمنا عن وجود150 ألف خطيب وامام مسجد بالأوقاف, كل هذا العدد الكبير من دارسي الأزهر وخريجيه؟ مطلوب منهم دراسة مادة جديدة ضمن فرع أصول الفقه, وهي مادة الاجتهاد الإسلامي, أهميته وضرورته وقواعده, وضوابطه, ومقاصد الإسلام ليس دراسة المقاصد نفسها في الكتب القديمة, وإنما كيف نفعل مقاصد الإسلام, هذه هي النقطة التي تحتاج إلي دراسة, وبعض المتخصصين في أصول الفقه ويتحدثون عن مقاصد الإسلام يتحدثون عن كتب موجودة من قرون ويحاولون ان يقتصر كلامهم علي القديم, المفروض تفعيل مقاصد الشريعة, بمعني كيف تظهر مقاصد الشريعة في الأحكام الفقهية الجديدة الجزئية العملية. * هل هذا يعني أننا نحتاج إلي فقه جديد؟ ليس فقها جديدا, فلن نعيد في موضوع الطهارة والصلاة, وإنما المسائل تحتاج إلي فقه جديد, فهناك مسائل استجدت تحتاج إلي اجتهاد جديد, وتفعيل المقاصد الإسلامية فيها. * وأين المؤسسات المنوط بها ذلك مثل المجلس الأعلي للشئون الإسلامية, ومجمع البحوث الإسلامية؟ اسئل المسئولين عن هذه المؤسسات. * لكنك عضو في مجمع البحوث الإسلامية؟! نعم أنا عضو لكن اسئل القائمين عليها. * لكن ألم تطرح فكرة التجديد هذه.. أم أنها غير مطروحة من الأساس؟ أنا مرة استقلت من لجنة البحوث الفقهية وظلت استقالتي نحو العام احتجاجا علي هذا الوضع, إلي ان قال بعض المخلصين بعد ان تغيب ما الفائدة التي ستجنيها أنت أو الفقه أو البحوث الفقهية من هذا الغياب. * وهل هناك حجر علي الاجتهاد داخل هذه المؤسسات الدينية؟ الأغلبية لايريدون الاجتهاد أو لايقبلون هذا الاجتهاد, لايقبلون الاجتهاد في ذاته, هم يعيشون في عباءة أو في جلباب الأئمة الكبار, أنا أيضا أعيش في جلبابهم, لكن أعيش في مناهجهم وليس بالضرورة في مذاهبهم. * مثل ماذا؟ أنا أستخدم مناهج الفقهاء القدامي, وأراها توصلني إلي مذاهب جديدة من مناهجهم هم, يعني أنا استخدم غالبا منهج الفقه الحنفي وأتوصل إلي آراء تخالف الفقهاء الأحناف بنفس مناهجهم, لأنهم كانوا متطورين, يستخدمون مناهج أصيلة, تضع في اعتبارها أختلاف الزمان والمكان, فيؤدي بنا أختلاف الزمان والمكان إلي مسائل غير المسائل التي قرروها. * وماذا عن محاولاتك التجديد؟ أنا قمت بمحاولة التجديد في عدة مسائل منها موضوع المرتد, وموضوع شهادة غير المسلم علي المسلم, وموضوع الاشهاد علي الطلاق, وموضوعات كثيرة, لكن هذه الاجتهادات لاتروق لهؤلاء لانها تخالف مذاهب الكتب القديمة, رغم انها لاتخالف مناهج الأئمة القدامي, بالذات شهادة غير المسلم علي المسلم, تتفق تماما مع منهج الفقه الحنفي, مع منهج الامام الصراخصي وهو من أكبر الائمة في الفقه الحنفي, نفس منهجه, لكن تؤدي إلي أراء غير مذهب الأحناف. * وكيف تري الصراع الدائر في مصر الآن بين أنصار الدولة المدنية, والدولة الدينية وإلي أين يقودنا؟ ليست في الإسلام سلطة دينية, ولا دولة دينية, دولة الإسلام دولة مدنية في دائرة لها اطار أخلاقي قيمي ديني لكنها من الداخل تعمل العقل والاجتهاد, وتعطي للخبرة الانسانية, مجالا واسعا جدا. * وماهو الفرق بين الدولة المدنية والدولة الدينية كما تراه؟ الدولة المدنية تقوم علي أسس رئيسية هي ان الأمة مصدر السلطة, وعلي فصل السلطات الثلاث وعلي عقيدة تشكل النظام السياسي, والاجتماعي والاقتصادي أما الدولة الدينية التي ظلت تحكم العالم في الحضارات القديمة فكانت تقوم علي الحق الالهي في الحكم لبشر معينين. *ومارأي الإسلام في الدولتين المدنية والدينية؟ الدولة المدنية الأولي التي نشأت علي يد رسول الله صلي الله عليه وسلم حددت نقاطا مهمة, أو محددات هي ان الأمة مصدر السلطات, فلم يتول حاكم في تاريخ الإسلام الحكم بناء علي حق الهي مطلق, وإنما كان الخلفاء يستمدون سلطتهم من البيعة العامة التي يبايع فيها الناس الخليفة المرشح اضافة للفصل بين ماهو ديني ودنيوي, والفصل بين السلطات حيث كان الرسول صلي الله عليه وسلم حكما بين الجميع, لكنه لم يتفرد بالسلطة, وكانت له هيئة تشريعية معروفة من كبار الصحابة في أنشطة الحياة المختلفة, وكان عليه الصلاة والسلام يوسع من مجموعة مستشاريه بحسب الأحوال والأنشطة. * وماهو شكل هذه الدولة؟ الشريعة هي الاطار العام, وبداخلها منطقة للنصوص القطعية, وهي خاصة بالعبادات ثم جزء أكبر خاص بالأمور الدنيوية, تحكمها قواعد عامة, ونصوص عامة, والنص العام ميزته أنك تفهم شيئا, وأنا أفهم شيئا آخر, واللفظة القرآنية لها دلالة ظنية مفتوحة الدلالة. وحينما يقول عز ورجل: وشاورهم في الأمر فهذا يعني أن أي صورة من صور الشوري يعمل بها, تعمل برلمان, مجلس شيوخ, مجلس نواب, زعماء قبائل. * يعني ان الإسلام لم يضع شكلا محددا للنظام السياسي؟ نعم لم يضع شكلا محددا للنظام السياسي, لكنه وضع له أربعة ركائز أساسية يقوم عليهم النظام الأساسي في الإسلام تبدأ بالمساواة تليها الحرية, ثم العدالة, ثم الشوري. * هذه هي كل المبادئ التي يتفق عليها كل العالم في الديمقراطيات الحديثة؟ كل العالم نعم.. هذه ركائز الإسلام اذا حكمت بها فأنت تحكم حكما إسلاميا, اذا أغفلت ركيزة أو اثنيتن وحتي لو أقمت نظام خلافة وأسميت نفسك أمير المؤمنين, لايصبح نظاما إسلاميا.. أما اذا عملت بها فهذا نظام إسلامي سواء جمهوريا أو ملكيا. * يعني الإسلام في الحياة العامة ممارسة! الإسلام مرن أكثر من مرونة أي نظام سياسي, والشريعة الإسلامية مرنة جدا, لاتخرج عنها إلا اذا مثلا وافقت علي زواج المثليين, أو أبحت أي شيء محرم بنص تبقي خرجت عنه الشريعة الإسلامية إطار عام فيه الدنيا والدين, تمثل هدايات واشارات واطار يوصلك إلي الطريق بعقلك لذلك سيد قطب كان واعيا عندما كتب معالم في الطريق. كان واع للعنوان فقط! نعم في العنوان, لكن طبق خطأ, لأنه اعتبر بعض الحكام المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله يحكمون بغير ما أنزل الله ولذلك كفرهم وأوجب قتالهم.. وهنا اختلف معه بشدة. * لأنه استند إلي الحاكمية بمعني انه لا حكم إلا الله! لا حكم إلا لله تعني الامتداد بهدايات الشريعة الإسلامية, وتضع لنفسك النظام الذي يحقق المساواة والحرية والعدالة والشوري, لذلك فان حكومات الغرب ليست مسلمة, لكنها حكومات إسلامية, وهذا ما قاله الشيخ محمد عبده فهناك المساواة والشوري والعدالة وحقوق الانسان والحريات.. ما يقول عنه الإسلام وهم غير مسلمين. ملاحظة خارج السياق ولأن هذا الموضوع الدولة الدينية, والمدنية في الإسلام يحتاج إلي أكثر من حوار هكذا قال الدكتور عبدالمعطي بيومي, فقد قطع الحوار ومنحني نسخة من كتابة الإسلام والدولة المدنية الصادر عن دار الهلال قبل خمس سنوات, وقال اقرأ الكتاب ففيه اجتهاد يستحق ان يطلع عليه الناس. عودة إلي السياق * كيف تري وضع المرأة إلي أين تمضي خلال السنوات العشر المقبلة؟ تطور, أم تراجع؟ وضع المرأة في مصر أصبح أقل من بعض الدول الإسلامية, التي سبقت مصر في تجديد الخطاب الديني في وضع المرأة, واذا أردت ان تعرف حقيقة وضع المرأة اذهب إلي محكمة زنانيري أو محاكم الأسرة الجديدة لتري المآسي. أستاذة في جامعة القاهرة تشكو من أن زوجها يأخذ مرتبها, ويعطيها مصروفا, باعتبارها ملكه, بيشغلها كاداة انتاج تحضر له مالا.. ماذا بعد؟ سوريا سبقتنا, المغرب سبقنا, الأردن سبقنا, ونحن لانزال نتحدث هل تصلح المرأة قاضية أم لا. * ألا يوجد أمل في اصلاح وضع المرأة؟ يوجد أمل لكنه يتحقق بعسر وببطء شديدين والدولة لاتمكن للفكر الجديد للأسف الشديد. * لكنها تعلن انها مع الفكر الجديد ليل نهار! فلتعلن لكن ما حصاد ذلك, لو كانت تمكن الفكر الجديد, كانت النتيجة مختلفة, وإلا كيف استطاع المغرب اصدار مدونة جديدة للأحوال الشخصية فيها فكر جديد, رغم أنهم يتبعون المذهب المالكي, ونحن نتبع المذهب الحنفي, والامام أبو حنيفة, أمام أهل الرأي, والامام مالك امام أهل النص, والمفروض أن نكون أقرب إلي التجديد. * اذن نحتاج إلي مراجعة وضع المرأة في قوانين الأحوال الشخصية؟ طبعا, فهي قوانين مهترئة. * أي الموضوعات في قانون الأحوال الشخصية تحتاج إلي تجديد؟ كثير جدا, نحن مثلا نحتاج إلي انصاف المرأة في موضوع التعدد, يعني الرجل يتزوج عرفيا, ويطلق ولا نحن ولا الدولة قادرون علي ايقاف هذا العبث, وسبق وتلك في مجمع البحوث الإسلامية منذ أكثر من15 عاما ان الزواج العرفي, حرام ولم يكن يناصرني أحد في مصر غير المرحوم محمد البلتاجي عميد كلية دار العلوم الأسبق, ثم صدر بيان من المجمع يقول انه حرام لكن لايسمح به.. يعني الشيخ طنطاوي كان يري انه لايستطيع القول انه حرام. * وحالة التعايش بين المسلمين والمسيحيين؟ المسألة تحتاج إلي لجنة من الحكماء يدرسون هذه الظاهرة المرتبطة ببداية السبعينيات وهناك تقرير للجنة تقصي حقائق في مجلس الشعب. * تقصد اللجنة التي رأسها الدكتور جمال العطيفي للتحقيق في أحداث الخانكة؟ نعم فلنجعلها ورقة عمل, ولنر بصراحة ووضوح من المتسبب في الاحتكاكات, وهي لم تصل بعد إلي حد الفتنة, لكنها احتكاكات واستفزازات متبادلة من الجانبين.. ولابد من لجنة من الحكماء للوصول إلي جذور أسباب هذه التوترات ونضع الحق في نصابه. * لكن هناك مطالب تسبب بعض الاحتكاكات مثل حرية بناء دور العبادة! تدرس المسألة, كلما كان هناك تجمع مسيحي محتاج بالفعل لكنيسة, فلتصرح له الدولة ببناء كنيسة.. في نفس الوقت يجب ضبط المسألة بين نزعة لتغيير الهوية, ورغبة شرعية في بناء الكنائس, وأقول يجب احترام الرغبة الشرعية ووضع النزعة لتغيير الهوية عند حدها.