حسام الغمري: «الاختيار» حطم صورة الإخوان أمام العالم (فيديو)    طفرة فى منظومة التعليم العالى خلال 11 عامًا    مدارس البترول 2025 بعد الإعدادية.. المصروفات والشروط والأوراق المطلوبة    الهلال الأحمر و «ويلسبرينج» يوقعان بروتوكول تعاون لتنمية مهارات الأطفال والشباب    إحباط زواج قاصر عمرها 16 عامًا قبل زفافها بقنا    بعنوان "الحكمة تنادي".. تنظيم لقاء للمرأة في التعليم اللاهوتي 8 يوليو المقبل    أمانة الحماية الاجتماعية ب«الجبهة الوطنية»: خطة شاملة بأفكار لتعزيز العدالة الاجتماعية والتمكين الاقتصادي    برئاسة خالد فهمي.. «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة البيئة والتنمية المستدامة    أسعار الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 28 يونيو 2025    رسميًا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28 يونيو 2025    أسعار الذهب اليوم وعيار 21 الآن عقب آخر تراجع ببداية تعاملات السبت 28 يونيو 2025    مصر تفوز بعضوية مجلس الإدارة ولجنة إدارة المواصفات بالمنظمة الأفريقية للتقييس ARSO    أمانة التجارة والصناعة ب«الجبهة الوطنية» تبحث خططًا لدعم الصناعة الوطنية وتعزيز التصدير    مصطفى الروبي يكتب.. مصر تنتعش اقتصاديا بتأسيس الشركات فى المناطق الاقتصادية    رئيس الجهاز: بيع محال تجارية وصيدلية بمزاد علني وحملة على المخالفات بمدينة بدر    الضرائب: الأطعمة والمشروبات معفاة من ضريبة القيمة المضافة    ترامب: نجحنا في منع إيران من امتلاك سلاح نووي    استشهاد 11 فلسطينيا فى قصف الاحتلال الإسرائيلى لخيام نازحين غربى مدينة غزة    ترامب: قد نتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة الأسبوع المقبل    الأردن يعزي مصر في ضحايا حادث الطريق الإقليمي    الجارديان البريطانية: ترامب يجعل الاستخبارات الأمريكية تردد تصريحاته بشأن إيران ك«الببغاء»    هآرتس: جنود إسرائيليون يطلقون النار على فلسطينيين قرب مواقع توزيع المساعدات بغزة    «سي إن إن»: وزير الخارجية الأمريكي يريد لقاء مباشر مع القيادة الإيرانية دون وساطة طرف ثالث    ترامب: سنتوصل إلى اتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل وإيران ترغب في عقد اجتماع معنا    نجم الزمالك السابق يكشف مكاسب الأهلي في كأس العالم للأندية    بعد توقيعه ل الأهلي.. الزمالك يتحرك لحسم أولى صفقاته الصيفية (تفاصيل)    عبداللطيف: الزمالك يحتاج إلى التدعيم في هذه المراكز    «الجبهة الوطنية»: ندرس أفكارًا ضمن استراتيجية شاملة لتطوير الرياضة المصرية    تقرير: العين الإماراتي يهدي لاعبه للوداد مجانا    4 ملفات ساخنة على طاولة الأهلي بعد رحلة المونديال    رافينيا يوجه رسالة إلى ويليامز بعد اقترابه من الانضمام إلى برشلونة    إيفانكوفيتش يغادر تدريب منتخب الصين.. وتعيين دورديفيتش بدلا منه    حزب الجبهة يقدّم 100 ألف جنيه لأسرة كل متوفى و50 ألفا لكل مصاب بحادث المنوفية    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 37.. حالة الطقس اليوم    وفاة صياد و نجله غرقًا في نهر النيل بالمنيا    مقتل شاب على يد ابن عمه بسبب الميراث    التعليم تكشف تفاصيل جديدة بشأن امتحان الفيزياء بالثانوية العامة    احتراق سوبر ماركت ومنازل في كرداسة بعد مشاجرة ب «المولوتوف» بين عائلتين.. وضبط أطراف الواقعة    شيماء طالبة بالهندسة.. خرجت لتدبير مصروف دراستها فعادت جثة على الطريق الإقليمي    لصعوبة الامتحانات... العثور علي جثمان طالب ثانوية عامة بترعة في الدقهلية بعد تغيبه 3 أيام    عمرو أديب عن حادث المنوفية: «فقدوا أرواحهم بسبب 130 جنيه يا جدعان» (فيديو)    ستجد نفسك في قلب الأحداث.. توقعات برج الجدي اليوم 28 يونيو    عماد الدين حسين: إيران وحدها من تملك الحقيقة الكاملة بشأن ضرب المنشآت النووية    هدير.. طالبة التمريض التي ودّعت حلمها على الطريق الإقليمي    قصة صراع بين الحرية والقيود| ريشة في مهب التغيير.. الفن التشكيلي بإيران بين زمنين    المخرج الهندي راكيش أوبدهياي يُهدي العالم رسالة حب بعنوان "DIL se" ويُشعل السوشيال ميديا برسالة إنسانية مؤثرة    تشاغلار أرطغرل يكشف كواليس صادمة عن مشقة التمثيل في المسلسلات التاريخية التركية: "إصابات متكررة وتدريبات قاسية"    بإطلالة أنثوية ناعمة... فيروز أركان تخطف الأنظار بالزهور والوردي في أحدث جلسة تصوير    بعد مصرع 19 فى حادث المنوفية.. أدعية الاستعاذة من فواجع الأقدار    ماذا نقول عند قول المؤذن "الصلاة خير من النوم؟.. أمين الفتوى يجيب "فيديو"    فنانة شهيرة تصاب ب انقطاع في شبكية العين.. أعراض وأسباب مرض قد ينتهي ب العمى    اعرف فوائد الكركم وطرق إضافتة إلي الطعام    الصحة: فحص 3.7 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة «فحص المقبلين على الزواج»    عادل عامر: التخدير الطرفي مستقبل آمن للمرضى وصديق للبيئة    تعرف على موعد وفضل صيام يوم عاشوراء    نجاح أول عملية تكميم معدة لطفلة بالمنظار بمستشفى جامعة أسيوط    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أيمن الجندى يكتب : ماما ورائف وطنط إيلين

أمى!. دائما أمى!. كالعادة أمى!. فى كل المواقف الصعبة، أو الملتبسة علىّ، أو المتعلقة بمسائل أخلاقية، أجد صورتها أمامى، وجهها الحبيب يطالعنى، وذكراها العطرة ترشدنى.. القدوة التى تصنعها الأم فى وجدان الطفل دون أن تقصد، (كتالوج) الضمير الذى يلهمنى، ويقول افعل ولا تفعل، أو تفسر ذكراها العطرة تصرفاتى الحالية!!.
س: لماذا لم أشعر بتعال قط صوب البسطاء؟. ج: لأنى كنت أسمع أمى تقول للزبال (حضرتك). س: لماذا يحزننى سوء العلاقة بين المسلمين والمسيحيين؟، ج: لأنى شاهدت علاقتها الحميمة مع جارتها المسيحية «طنط إيلين».
كانت كلتاهما فى عمر واحد، سكنتا البناية فى نفس الوقت تقريبا، شابتان فى عمر الزهور.. لكل منهما زوج محب وأطفال يأتون تباعا، ويكبرون سويا.. وفى تتابع الأيام تكمن الألفة، وينسج الود غزله المحكم الرقيق.
لم يكن ينقضى صباح واحد دون أن يتبادلا أخبار الأطفال والحديث الودود.. وأمى التى كانت تذهب للكنيسة للتهنئة بزواج أو تقديم عزاء، هى نفسها أمى التى كنت أراها واقفة على سجادة الصلاة حافية القدمين تؤطر وجهها الطرحة البيضاء.. تدعو بصوت مبتهل، وتقرأ القرآن فى خشوع، دون أى تناقض فى وجدانى بين المشهدين.
حينما ماتت أمى كانت (طنط إيلين) فى كندا تزور ولديها.. حينما عادت جاءتنا معزية، يُبرز ثوبها الأسود بياض شعرها، ويحفر الحزن تجاعيد وجهها.. ألقت بنفسها على الكرسى العتيق (الذى لطالما جلست عليه)، وانخرطت فى بكاء مرير.. بكاء الأخت لأختها، بكاء ذات كبد مقروح.. ونحن من حولها نواسيها ونهدئ من روعها!!، معترفين بأنها صاحبة حق أصيل فى الحزن وفى العزاء.
هل كانت (طنط إيلين) تبكى أمى أم تبكى أيامها!؟، اجتماعهما كل صباح تتبادلان- أمام مدخل الشقة- الحديث الودود، الآنية التى استعارتاها، الهدايا التى تبادلتاها، وطبق الكحك فى الأعياد، وفاكهة الموسم، والحب الكامن فى ثمرة البرتقال تتقاسماها سويا.
لذلك يبدو لى الأمر مستغربا كلما سمعت عن احتقانات بين المسلمين والأقباط، كيف تسوء العلاقات بين أتباع دينين أحدهما يدعو إلى المحبة (أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم)، والثانى يقدس رموز المسيحية كرموز الإسلام سواء بسواء.
كيف لا أحب المسيحى وقرآنى يقول إنه الأقرب لى مودة؟، وكيف لا يحبنى المسيحى وقرآنى يقول عن السيدة مريم: (وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين). كيف لا يحبنى وقرآنى يقول عن المسيح عليه السلام:(وَجِيهًا فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ . وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِين).
إذن فالأديان لا علاقة لها على الإطلاق بهذا الاحتقان.. السبب الحقيقى هو أن أخلاقنا صارت سيئة، كالعادة تفسر أمى الأمر بموقف لم أعرفه إلا بعد وفاتها بخمس سنوات.
حينما كنا نصلى على جثمانها فى المسجد، لم أكن أعلم أن صديقى (رائف) الفنان التشكيلى المسيحى يقف خارج المسجد فى انتظارها.. ببساطة هو لم يأت من أجلى، وإنما جاء من أجلها. كانت أمى تغمره بودها- ولم تكن تخبرنى- وتهنئه بالهاتف فى الأعياد. السيدة العجوز ذات السبعين عاما وجدت من واجب الأمومة أن تتصل به حينما شاهدته فى برنامج تليفزيونى يعرض لوحاته، لتهنئه وتمتدح أعماله.
أنا لم أفعل!، أمه نفسها لم تفعل!. الإنسان الطيب، الموغل فى المحبة، مسلما كان أم مسيحيا، لا بد أن يكون محبوبا من الجميع. أنت تحتاج إلى مجهود جبار لتكره من يحبك، وفى الغالب سوف تفشل، فالحب كالعطر لا بد أن ينتشر ويستنشقه الجميع، لذلك لم يكن مستغرباً أن ينتظرها رائف خارج المسجد، مبتعداً عن أنظارى، بقية السر الذى كان بينهما، فقط ليلقى على نعشها نظرة أخيرة، طويلة، دامعة، حافلة بالمحبة والأسرار الجميلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.