■ ليس حب الجمال والبحث عنه والعمل بجهد للحصول عليه عيباً ورفاهية ومدعاة للسخرية!! وقضيتى قد تبدو شفافة مرهفة غاية فى الرومانسية.. وهى ليست كذلك.. هى قضية شعب سلبوه حقه فى الإحساس بالجمال والتمتع به!! قضيتى تنحصر فى محاولة صيد طائر الجمال من وسط سحاب وغيوم اللامبالاة والإهمال والفكر العقيم والعمل على فك أسره والرجوع به إلى مدينة الأحلام.. مدينة المعادى! ■ نعم مصر مثقلة بالهموم والمشاكل التى تحتاج إلى التركيز فى المهم، والمهم عندنا هو لقمة العيش؟! ولكنها لن تأتى أبداً بشكل لائق ومحترم ومنتج مع شعب مطحون محاط بالقبح والإهمال، لا يتنفس إلا الهواء الملوث الخانق، ولا يحيا إلا وسط الازدحام المدمر، ولا تحيطه إلا المناظر القبيحة؟! ■ والسؤال الآن: كيف تزدهر الأشجار وتنمو الورود فى خرابات الإهمال!! كيف نفكر «صح» والوجدان عليل ومريض؟! ■ أهل حى المعادى كانوا ينتمون إلى أجمل الأحياء وأرقاها، فإذا بهم يحشرون حشراً منذ أكثر من ثلاثين عاماً مع الذين أضناهم الصخب والصراخ وأعماهم التلوث والفوضى فى قاهرة المعز!! والذى يزعج أهل المعادى «جمعاء» أنها حتى وقت قريب فى السبعينيات كان لها قانون يحرم البناء فيها لأكثر من ثلاثة طوابق.. وكان يعتبر بناء شاهقاً يؤذى المكان والإنسان ولذلك كانوا لا يتعدون كف يد واحدة.. والآن فجأة قُتِل القانون.. لماذا؟ لا نعلم!، وسمح للجهل بأن يرتع فى حى المعادى وهدمت الفيلات وقامت البنايات الشاهقة التى تطل على شوارع المعادى الضيقة التى خططت منذ أكثر من ثلاثين عاماً بمنطق النسبة والتناسب والعقل والضمير والفكر السليم؟!! ■ واختنقت واختلفت المعادى التى كانت تسمى بحدائق المعادى لتمتعها بالأشجار النادرة الغزيرة وأزهارها المتميزة... هيهات أن تسمح للجمال أن يحيا ويستمر، ولهذا وصلت أرجل الباطل وأيدى البطش إلى المعادى، وإذا بأعداء الجمال الذين يتسمون بالجهل والتواضع الفكرى يتسللون إلى طريق المعادى ويكادون يقتربون من قلبها وهنا ستموت المعادى؟!! هم اخترقوا قلب المعادى ونجحوا فى هدم كثير من الفيلات المتميزة وأطاحوا بالقانون المغلوب على أمره.. ولهذا نصرخ ونقول كفاية حرااااام، ارفعوا أيديكم عما تبقى من أجمل مدن العالم وأروعها وهذا رأى الأجانب الذى قد يفوق رأينا لأنهم رأوا كثيراً منه.. ولكنهم يرون أن أشجار المعادى وتخطيطها أكثر تميزاً عن كثير من الأحياء الأوروبية! فالمعادى يا سادة خُططت منذ أكثر من مائة عام على أن تكون حياً سكنياً هادئاً.. بشوارعها الضيقة.. وانفجر الوضع تدريجياً حتى أصبحت المعادى على شفا تكدس شبرا والمهندسين وإمبابة وغيرها.. وكأن العدل أن يسود القبح والتوتر مصر كلها! بلا استثناء! ■ ارتبكت المعادى وتكدست بها عربات أهل العمارات الشاهقة طوال جانبى شوارع المعادى!! ولهذا يتميز مالكو سيارات المعادى باستحواذهم على عربات مشوهة الجانبين تماماً لمرورها فى تلك الشوارع المكدسة الضيقة!! ■ إنها ضريبة التخبط وعدم وضع قانون حاسم فاعل يحافظ على مدينة كانت تقع وسط حديقة جميلة.. أو هى حديقة رائعة وسطها مدينة أكثر روعة.. فإذا بها تتدهور حتى تشبه أخواتها المترهلات فى أحياء مصرنا الجميلة التى فازت عاصمتها 1925 بلقب العاصمة الأنظف والأجمل فى العالم متقدمة على باريس ولندن وغيرهما!! ولهذا أصرخ كمواطنة وأقول مثل ملايين من محبى الجمال كفاية حرااااام، فإذا كان جمال حى المعادى ذبل فمازال أصلها الجميل متشبثاً بجسدها.. فيما تبقى من فيلات قديمة وميادين جميلة هربت من معاول الهدم فلنحافظ ونحمى ما تبقى ونلغى بفهم وعقل وجدية أى قرارات تدعو إلى إنشاء مدن أو أحياء متسلقة تكتم على أنفاس «حى» تعود على استنشاق الجمال!! ونلغى فكرة استثمار أى مساحة فضاء وزرعها بالاستادات والأبنية الأسمنتية الكريهة وما يليها من حشر غابات من السيقان العاملة المنهكة وبالتالى من يستضيفونهم فى المدينة التى كانت ساحرة.. خضراء العينين.. وتحولت بفضل تسريب المنطق المغلوط إلى مدينة تعيسة حمراء العيون!! ■ لا أحلم ولا أستفز أحداً.. إننى إنسانة طبيعية تهفو إلى الجمال وتريد نشر منهجه.. وأريد أن نقفز فوق حدود إزالة الزبالة من شوارعنا إلى زرع الأمل والجمال فى وجداننا.. وحتماً سيعود هذا المنهج المبهج بالخير علينا وعلى البلد!! ■ أدعو إلى إنشاء مدن أخرى فى صحارينا الممتدة.. ونحاول أن نعمل ولا ننتظر من يعمرها من الخارج... ويقوم المصرى ويخطط وينفذ وينشئ مائة معادى أخرى!! إنها دعوة لحماية المصريين من أنفسهم... وحمايتهم من مدفع ساخن جداً.. ملتهب بالمشاعر السلبية.. مدفع اللامعقول الذى نرى ناره فى تصرفات هى بعيدة جداً عن أخلاق المصريين!! الفوضى هى توأم الاختناق والازدحام والبعد عن القانون.. والتسيب ابن شرعى للقبح الفكرى!! ■ أتوسل إلى أهل القمة والمسؤولين.. أن ينهضوا ويدافعوا عما تبقى من مدينة الأحلام... يا سادة إن الحضارات تلفظ أنفاسها عندما يسبق حب القبح والاعتياد عليه، حب الجمال وروعة الشعور به!! وأصرخ وأقول كفاية حرااااام... كفاية تشويه وهدم ودمار فى المعادى.. وكلما انتظرنا الفرج بلامبالاة وبطء وتجاهل.. مستحيل ننقذ ما يمكن إنقاذه!!