تُستفز الكثير من الصديقات كلما دار حوار عن المساواة بين المرأة والرجل.. ليتهمننى بالانحياز إلى الرجل، ومعهن بعض الأصدقاء المناصرين للمساواة، وبالطبع لى رأى فى ذلك وإن لم يكن مطلقاً.. فأنا لست من أنصار الاسترجال داخل الحدود العائلية، بل أحب أن تكون المرأة شهرزاد عند أول خطوة لها داخل منزلها تمارس أمومتها وأنوثتها، وبكل ما تملك من رقة وحنان ولين طالما تتمتع باحترام رجلها وإنسانيته.. وتترك عنها التسلط والمعايرة وفتح التحقيقات والتذمر و(أنا وأنت) هكذا أراها وهى منتشية بكأس الروعة الشهرزادى. لتستبدل بذلك الجدية والثقة والتعامل مع الآخرين بندّية خارج حدود الأسرة، هنا أنا مع المرأة بكل ما تطالب به من حقوق قانونية ودستورية وشرعية وبكل ما أملك من وسائل دفاع يجعلنى السكوت عنها كشيطان أخرس، خاصة عندما أراها تُعرض كشاة لمنتفخى الجيوب من الكهول الباحثين عن الصبا، فى أحضان طفلة تكالب على قبض ثمن بيعها أب قست عليه الحاجة، وطبيب تسنين مرتش.. وسمسار لحم رخيص..ونظام غير آبه بهذا القطيع المهمش، أو تلك التى ينبذها زوج رمى بها على أرصفة الحاجة بعد رحلة عمر.. وهل لى أن أصمّ أذنى عن صيحات الخنوع لما يسمى (الختان)؟ ليصل غضبى وغيرتى على دينى أقصاه من أصحاب الخزعبلات والبدع، مدعى الاجتهاد، المنصبّ اهتمامهم على طول اللحية وقصرها وطول الجلباب وقصره، بينما الأخلاق تُذبح فى ساحات الإعلام الذى أصبح عدو حضارتنا وتراثنا والعفة والخلق القويم، وليصبح الدين غصنا تتلاعب به ريح المؤامرة، فما معنى أن يأتى الداعية الماليزى (أبوالحسن آل حافظ) بفتوى تصنيع (حزام العفة)؟ والمعروف سبب استخدامه، والذى كانت ابتدعته الملكة (سمير أميس) قبل التاريخ، ليظهر فى العصور الوسطى فى إيطاليا، يضعه الفرسان للزوجات خوفاً من الخيانة فى غياب الزوج الذى يحتفظ بالمفتاح حتى عودته.. والطامة الكبرى لو ذهب ولم يعد. فالحزام مصنّع من الحديد والجلد صناعة يدوية أوروبية وليست (تايوانية)؟ فهل هناك امتهان كرامة وذبح مشاعر أقسى من ذلك فى ظل مجتمع يسوده الانحلال والتدهور الحضارى والقيمى.. ونفعية ووصولية وذاتية محلّقة خارج سرب الجماعة للعودة بالمرأة إلى عصور وسطى تعتبرها وعاءً جنسياً وإحدى ثلاث كوارث (النار والبحر والمرأة).. لتعود ماليزيا اليوم إلى إعادة تصنيع الحزام بعد أن توقفت عن استخدامه منذ الستينيات لتستفيد المصانع وتخسر المرأة كرامتها ومكانتها التى رفعها الإسلام لدرجة التقديس؟! وكأن الوصول إلى اللذة الرخيصة يعوقه الحزام بينما الممارسات لوثت ال(الشاتات) وقنوات الاتصالات والخيال والمخ.. بمساعدة اليوتيوب والفضائيات بكل ما تقدمه من عهر عن طريق العرى أو الرقصات والكليبات المبتذلة، إضافة إلى أفلام تخجل منها زوايا (سوهو والبيجال) فهل يحتاج حزامَ عفة مجتمعٌ يلتزم بالدين والأخلاق والقدوة.. وإعلامٌ جادٌ وأقلامٌ تتقى الله فيما تسطّره من مفاهيم؟ نحن بحاجة إلى حزام عفة فعلاً ولكن للضمائر والأيادى الممتدة لسرقة الحقوق وللنفوس الممتلئة حقداً وآذان تطربها النميمة وعيون متلصصة على أسرار الآخرين. أما الألسنة والعقول فقد أخذت الأنظمة حق توكيل أحزمة عفتها حصرياً ورمت بمفاتيحها فى عمق المجهول، خوفاً وعدم ثقة وتخويناً. فهل من غواص شريف يأتى بتلك المفاتيح؟ وهل من أحزمة عفة لعورات الظلم والاستبداد التى تثير الاشمئزاز والخوف؟ إليك: بحثت فى كلّ الوجوه علّى أراك جبت الشوارع .... حملقت فى كل النجوم .... فمارأيت سوى الوجوم .... فصرخت فى واد دفين .... وأجابنى رجع الأنين .... إنّى سجين ما بين ماضٍ وارف بالحب بالآمال بالشجن المرصّع بالحنين .... وغدٍ حزين .... خسف القمر.... جفّ الشجر .... لا برق .... لا رعد .... ولا حتى مطر .... الروح تهفو فى حذر .... والقلب يخفق فى حذر .... والعين تنزف فى حذر.... وأنا وأشرعة القدر .... تنأى سفينتنا فلا ألقاك من فرط الحذر ........ الله يا عبث القدَر.