أراهن هنا على الضمير المهنى للدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، الذى يحمل على كتفيه مسؤولية كبيرة، وهى صحة المصريين المتدهورة، أعانه الله على إنقاذها. عبر حملة إعلامية وتليفزيونية، الأسبوع الماضى، شهدت احتفاء كبيراً بمصنع الدواء الذى يصنع حقن «الإنترفيرون» المصرى، والذى أثار جدلاً كبيراً بين المتخصصين فى مصر. ولمن لا يعرف.. هذا الدواء هو العلاج الوحيد لمرضى الكبد المصابين بفيروس سى، وظل «الإنترفيرون» المستورد الذى تنتجه شركتان أجنبيتان هو الأمل الوحيد للعلاج، حيث اختلفت نسب الشفاء حسب التقديرات المختلفة من 15٪ إلى 35٪. وكان هذا الدواء باهظ الثمن، وكانت وزارة الصحة تصرفه لبعض الحالات بأسعار خاصة فى إطار العلاج على نفقة الدولة أو التأمين الصحى حتى أعلن مركز أبحاث فى ألمانيا عن اكتشافه المادة الفعالة للإنترفيرون، وحصل بها على الملكية الفكرية حسب ما أفهم وحق بيعه لأى شركة فى العالم، ونجحت شركة مصر فى الحصول على حق إنتاجه وطرحته بأسعار أقل بكثير من المستورد، مما دفع وزارة الصحة للتعاقد معها ثم تبعتها الهيئة العامة للتأمين الصحى، فثار الكثير من الأطباء المتخصصين فى أمراض الكبد ورأوا فى هذا التصرف جريمة فى حق المرضى، لأن هذا الدواء لم يخضع لأى دراسات علمية أو تجارب يمكن الاستناد عليها قبل تعميمه. وعلى الجانب الآخر كانت هناك إشارات حول حرب الدواء والمليارات التى تنفق عليه، والتى يصب بعض منها فى جيوب بعض الأطباء، فى نفس الوقت الذى علا فيه الحديث عن دعم وتشجيع الصناعات الوطنية التى توفر فرص عمل وبدائل بأسعار أقل. وعلى جانب آخر، جمعتنى مواجهة تليفزيونية مع رئيس هيئة التأمين الصحى وبعض المعارضين، وكان كلام مسؤول الصحة أن هناك دراسات عالمية وتجارب تجيز استخدام الدواء وأن هناك لجنة علمية أقرت هذا الدواء وهنا بيت الداء، فقد حصلت على محضر اجتماع اللجنة الاستشارية العلمية العليا لأمراض الكبد بهيئة التأمين الصحى، والتى انعقدت يوم السبت 19 ديسمبر 2009 ولم أجد فيه ما يؤكد كلام المسؤول الكبير بل وجدت ما يناقضه تماما!! اللجنة ضمت خمسة أساتذة ومسؤولين وخمسة أساتذة كبار متخصصين فى أمراض الكبد من جامعات عين شمس والقاهرة والمنوفية.. فإلى ماذا انتهت اللجنة؟! أوصت اللجنة الرسمية بالنسبة للإنترفيرون المصرى بتخصيص 3 مراكز هى القاهرة وطنطا والمنيا، ويتم تحويل عدد 2000 حالة لعمل دراسة ما بعد التسويق والوصول إلى النتائج النهائية فى خلال 18 شهراً بعد العلاج ومن ثم تحليل هذه النتائج إحصائياً بواسطة متابعة من اللجنة العليا وجهات متخصصة فى التحليل الطبى، وإذا ثبت أرجوكم توقفوا أمام هذه الجملة أن النتائج لا تختلف عن الإنترفيرون الأجنبى يتم تعميمه على التأمين الصحى. ولم تكتف اللجنة بذلك بل اقترحت خلال هذه الفترة أن يتم تخفيض نفقات الدواء الأجنبى بعدة طرق علمية ومنطقية تم ذكرها ولكن ليس هذا أوان عرضها. يا دكتور حاتم إذا كانت اللجنة الرسمية تؤكد أنه لم يثبت حتى الآن أن هذا الدواء له نفس تأثير المستورد وتطالب بالدراسة وإجراء التجارب فمن الذى أصدر قرارا بتعميمه فى الوزارة وفى التأمين الصحى؟! يا دكتور حاتم أناشد ضميرك المهنى أن ترحم 12 مليون مريض بالكبد فى مصر يهمون 60 مليوناً ويتألمون من أجلهم وأن تحسم هذا الأمر وتوقف هذا العبث بصحة البشر الذين حاصرهم البلاء فى الأرض والبحر والجو. يا دكتور حاتم لقد فقدت العديد من عائلتى بسبب هذا المرض اللعين، ولا يوجد بيت فى مصر لم يتعذب بسببه فهل سيجدى الصراخ لو قلت لكم: أغيثونا؟! [email protected]