تنسيق المرحلة الأولى 2025.. لماذا يجب على الطلاب تسجيل 75 رغبة؟    25 صورة من تكريم "الجبهة الوطنية" أوائل الثانوية العامة    القاهرة الإخبارية: ترامب يوقع أمرا تنفيذيا برسوم إضافية 40% على البرازيل    "عشائر غزة": شعبنا يحمل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    " أيادينا بيضاء على الجميع".. أسامة كمال يشيد بتصريحات وزير الخارجية: "يسلم بُقك"    سلوت: المعسكر الشاق قد يكون سببا في إهدار الفرص    اتحاد السلة: عقوبات صارمة لمن يمتنع عن الانضمام لمنتخب مصر    إحالة طفل المرور إلى المحاكمة الجنائية لاتهامه بتعاطى الحشيش    "أنا الذي" للكينج محمد منير تتصدر التريند بعد طرحها بساعات قليلة    أبرزها حجر رشيد ورأس نفرتيتي.. توضيح من وزير السياحة بشأن عودة الآثار المنهوبة    زيد الأيوبى ل"ستوديو إكسترا": حماس أداة لقوى إقليمية وحكمها فى غزة انتهى    ترامب: سأسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة حتى انتهاء الحرب    ننشر أسماء المصابين ال4 في «تصادم ملاكي بتوك توك» على طريق المطرية بورسعيد    ضبط 333 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك ب كفر الشيخ (صور)    بتكلفة تتجاوز 90 مليون جنيه.. متابعة أعمال تطوير وصيانة المدارس ضمن برنامج «المدارس الآمنة»    رسميًا.. صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بالزيادة الجديدة خلال ساعات    استعدادا للموسم الجديد.. الأهلي يواجه بتروجت والحدود وديًا الأحد المقبل    مثالي لكنه ينتقد نفسه.. صفات القوة والضعف لدى برج العذراء    طريقة عمل المهلبية بالشيكولاتة، حلوى باردة تسعد صغارك فى الصيف    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    اتحاد الغرف التجارية يكشف موعد مبادرة خفض الأسعار بكافة القطاعات    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    ترامب: نحن على الطريق الصحيح لعقد صفقة تجارية عادلة مع الصين    وزير الثقافة وأحمد بدير ومحمد محمود يحضرون عزاء شقيق خالد جلال.. صور    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر: المهم التحصن لا معرفة من قام به    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    رئيس مجلس الوزراء يشهد إطلاق وزارة الأوقاف مبادرة «صحح مفاهيمك»    بواقع 59 رحلة يوميًا.. سكك حديد مصر تُعلن تفاصيل تشغيل قطارات "القاهرة – الإسماعيلية – بورسعيد"    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الرئيس الإيطالي يخرج عن صمته ويدين جرائم إسرائيل في غزة وتجويع أهلها    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    فيديو.. ساموزين يطرح أغنية باب وخبط ويعود للإخراج بعد 15 عاما من الغياب    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    ناجلسمان: تير شتيجن سيظل الحارس الأول للمنتخب الألماني    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    نجاح 37 حكمًا و51 مساعدًا في اختبارات اللياقة البدنية    هبوط أرضي مفاجئ في المنوفية يكشف كسرًا بخط الصرف الصحي -صور    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث نجع حمادى من شاهد عيان (1-2)

عدت من زيارة إلى أسر قتلى نجع حمادى فى ليلة عيد الميلاد المجيد وقلبى يقطر دماً على الشباب الذى راح دمه هدراً على أيدى محترفى الإجرام. وبعد أن شاهدت بكاء الأمهات والزوجات ورأيت الحزن والخوف يسيطران على أجواء المدينة شعرت بأن الوطن لم يعد وطناً لكل المصريين.
لقد كنت أتفهم وأنا حزين، غباوة القتل بسبب الثأر وكان الكمد ينتابنى حين كان المتطرفون الإسلاميون يقتلون الأقباط والمسلمين فى الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وكنت أتحسر على الوطن حين يموت أبناؤه بسبب انتماءاتهم الفكرية والدينية فى معتقلات النظام، ولكننى لم أتصور أن يحدث ذلك القتل من بلطجية مأجورين ليست لهم علاقة بالثأر أو بالتطرف.
المدينة التى رأيتها كانت مليئة بسيارات الأمن المركزى ومئات الجنود مرصوصة كالسردين داخلها، وكمية لواءات الشرطة الذين قابلتهم وتحدثت معهم، وهم بالتأكيد أكثر من جميع لواءات شرطة الولايات المتحدة، إن كانت هذه الرتبة موجودة أصلاً فى الشرطة هناك.
أما الحواجز التى استوقفتنا فى طريق الأقصر - قنا ثم قنا - نجع حمادى فهى حوالى عشرين حاجزاً مما يعنى أننا فى الطريق إلى موقعة حربية، والمدينة كما رأيناها يخيم عليها الهدوء ولكن تحت السطح الكل يغلى.
وتوجهنا إلى مطرانية نجع حمادى وتحدثنا مع الأنبا كيرلس ومجموعة من الرهبان والقساوسة، وكان واضحاً أنهم توقعوا كارثة فى ليلة العيد، ولذا دخل الأنبا كيرلس الكنيسة من باب خلفى وأنهى القداس مبكراً ساعتين، وربما يكون ذلك قد قلل من عدد القتلى.
أما بيوت نجع حمادى فكل أبوابها الحديدية مغلقة بالضبة والمفتاح، والحزن والغضب يعمان الجميع الأقباط والمسلمين، ولكن الخوف والقهر يملآن قلوب الأقباط. الكل يتكلم عن شعب عايش بعضه مسلمين وأقباطاً عشرات السنين دون مشاكل ذات أهمية، وبدأت الكوارث تحل على المنطقة حين سيطرت الجماعات الإرهابية على الصعيد فى الثمانينيات والتسعينيات، وفرضت الجزية على الأقباط من الأغنياء، وعاثت فى الأرض فساداً.
وبعد أن انزاحت هذه الغمة لم تمر إلا سنوات قليلة حتى بدأت الكارثة الجديدة التى يقول كل من قابلته فى نجع حمادى من مسلمين وأقباط صغاراً وكباراً: إن نواب الحزب الوطنى هم السبب الرئيسى فى هذه الكارثة وغيرها من الكوارث. الجميع يقولون إن الكمونى المتهم بالقتل هو صديق وفتوة النواب والعلاقة بينهم وثيقة وفيها منافع متبادلة، ترويع المنافسين مقابل المال والمساعدة على الإفلات من القانون بكل الطرق غير المشروعة.
وشاهدت بعينى - وأنا فى الأتوبيس الواقف - وزير الأوقاف وشيخ الأزهر وهما يدخلان إلى المطرانية، وقد سبقهما اثنان من أعضاء مجلس الشعب فى المنطقة، وشاهدت الغول، نائب الدائرة وهو يهرول متأخراً إلى المطرانية بعد أن دخل الجميع فى منظر يشبه تراجيديا على مسرح إنسانى، حيث كل من الشيخ والوزير والأنبا يتحدثون بعبارات سابقة التجهيز، وكل منهم يعرف جيداً ما سوف يقوله الآخرون، وعلى المسرح الأبطال الحقيقيون للتراجيديا من أعضاء مجلس الشعب الذين يقوم بعضهم بدور البطولة ويرسم ملامح الجريمة ويحرض قتلة مأجورين بمناسبة افتتاح موسم الانتخابات بهذه المأساة، يقول كل من قابلته إن الكمونى قام بجرائم كثيرة آخرها قطع أذن مواطن مسكين، وأنه شخصية مهمة فى المدينة يرهبها الجميع.
الحقيقة الواضحة للجميع أن الحزب الوطنى تقع عليه المسؤولية الكبرى لأسباب كثيرة، أولها اختيار شخصيات ذات تاريخ مشبوه ومحاطة بعتاة المجرمين وترشيحها لمجلس الشعب وتزداد هذه الشخصيات عنفاً بالسلطة التى تستمدها من عضوية مجلس الشعب.
وثانيها أن الكمونى كان مسؤولاً عن تأمين وحماية مؤتمرات الحزب الوطنى، وكذلك كان مسؤولاً عن تنظيم رحلة صيفية إلى معسكر فى أبوقير بالإسكندرية للقيادات المحلية للحزب الوطنى فى نجع حمادى.
أما الأمر الثالث فهو ما قاله الناس ونشرته الصحف أن الكمونى كان على علاقة وثيقة بضباط الشرطة، وأن الأهالى كانوا يطالبون بوساطته للإفراج عن ذويهم. وهناك نأتى إلى دور الشرطة، التى تعتبر مسؤولة مسؤولية كبيرة. فالمعروف أن الكمونى سلم نفسه بعد اقتناعه بذلك بواسطة قيادة كبيرة سابقة فى الشرطة على صلة وثيقة به.
وبالرغم من أن جميع كبار الضباط فى نجع حمادى كانوا فى غاية الأدب والاحترام معنا فإننى شعرت بأن جميعهم بمن فيهم أكبرهم لا حول لهم ولا قوة فى أى شىء وليست لهم كلمة ولا يكادون يعرفون ما يحدث لأن كل شىء فى يد أمن الدولة هناك، والأهالى أصبحوا يعرفون ذلك، وبالتالى أصبح دور الشرطى الذى يراه الناس حتى لو كان فى رتبة لواء محدود الأهمية فى العالم الحقيقى للأمن، أما الشرطى الحقيقى فلا يراه أحد ولا يناقشه أحد.
يعتقد الكثيرون أن الشرطة لم تقم بواجبها فى حماية الكنيسة ليلة العيد، وأن الشرطة كانت على صداقة وعداوة فى آن واحد مع الكمونى تراضيه أحياناً وتعتقله أحياناً أخرى. أما الشعب المصرى مسلمين وأقباطاً بدون الشرطة وأصحاب المصالح من نواب وعمد ومشايخ هو شعب واحد، ولكن تدخل الدولة بدلاً من أن يصلح بين الناس ويقيم العدل نشر الفساد والتفرقة والعنف.
الحياة فى بيوت الأقباط، الذين فقدوا ذويهم، محزنة ومبكية، والحياة فى سرادق جندى الشرطة المسلم المقتول ظلماً تشير إلى حزن وألم وفقدان الأمل.. ولك الله يا مصر.
وإلى الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.