ياسر أيوب يكتب: محمد زيدان

فى سوق الدنيا.. يتحول الإعلام المصرى إلى امرأة فى سوبر ماركت.. تشترى كل ما يمكن أن تسمح به ما تملكه من نقود ولكنها للأسف تنسى فى كل مرة شراء ما كانت تحتاج إليه بالفعل.. وبهذا المنطق.. لم يشتر الإعلام المصرى من نجم كبير وشهير اسمه محمد زيدان إلا الحكايات التى لا قيمة لها أو ضرورة.. طريقة جديدة لقص الشعر.. رقصة حذاء.. قبلة ساخنة.. قصة حب مع الفنانة مى عزالدين.. وفى المقابل..
لم يلتفت الإعلام المصرى أبداً.. وبالشكل الكافى واللائق.. لما يملكه هذا اللاعب من عناد وقدرة على التحدى وكيف تنقل من «المصرى» إلى نادى «الجمارك» إلى أرصفة كوبنهاجن وحدائقها بحثاً عن حلم وعن فرصة.. قصة رائعة لكنها للأسف لا تستهوينا هنا فى مصر.. لأننا نحب الحكايات التى تصنعها الحظوظ والمصادفات.. الحديث عن الاختيار والتحدى يجرح مشاعرنا وولعنا الدائم بالكسل والانتظار على أرصفة الحياة انتظاراً لأن تتحقق الأحلام من تلقاء نفسها..
ولهذا اهتمت الصحافة الألمانية كثيراً وجداً ب«زيدان» حين باح بما فى صدره وتحدث عن حلمه الحقيقى والكبير بأن يكون أفضل لاعب فى العالم.. فهم هناك يحترمون هذه الأحلام وأصحابها ولا يسخرون منهم مثلنا.. وآه لو كان زيدان تحدث عن هذا الحلم لصحيفة مصرية.. كانت ستحاصره وتطارده الاتهامات سابقة التجهيز بالغرور وقلة الذوق وفساد الأخلاق.. وحتى أخبار زيدان فى ألمانيا لا تشغلنا مطلقاً طالما لم تأت محملة بالفضائح والغراميات وصور النساء الجميلات..
وهكذا فات علينا أن نتوقف عند تصريحات المدير الفنى ل«بروسيا دورتموند» الذى يلعب له زيدان.. حين قال إنه سعيد جدا بانتصار مصر وتألق زيدان فى أنجولا.. وهو ليس ضد أى تكريم لزيدان بشرط ألا يتعارض ذلك مع مصلحة النادى.. ترى كم مدرباً مصرياً فكر فى ذلك ورفض انشغال أحد لاعبيه بتكريم محافظ أو شركة أو رجل أعمال؟!..
كما لم نتوقف أيضا عند حكاية اتهام زيدان للحكم الألمانى شتارك بالكذب.. فاعتبر الحكم هذا الاتهام إهانة للتحكيم الألمانى، وأصر على اتهام زيدان بذلك فى المحكمة الرياضية.. تخيلوا وقارنوا بين ما جرى فى ألمانيا وبين ما يجرى كل يوم مع الحكام فى مصر.. وفى النهاية.. سننشغل قريبا بوالدة اللاعب وقرارها ترشيح نفسها فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة.. سنتعامل مع الأمر باعتباره مجرد نكتة أو حدوتة مثيرة.. وسننسى امرأة قوية وعنيدة ليست كهؤلاء الناعمات اللاتى ينتظرن الكوتة وأى أحد يأخذ بأيديهن ليجلسن تحت قبة البرلمان.
yayoub@gmail.com