إذا كنت تنوى إنشاء مشروع صغير مثل افتتاح سوبر ماركت أو نت كافيه أو تشترى قطعة أرض لتقوم ب (تسقيعها) حتى يرتفع سعرها ننصحك أن تنسى هذه المشاريع المستهلكة لأننا سوف نرشدك إلى مشروع مربح وربما تتحول معه إلى نجم مشور ويشارك بالبنيان.وليس مطلوب منك فى هذه الحالة إلا أن توفر مبلغ 750 ألف جنيه تدفعها لمن يجهز لك قناة قضائية جاهزة وهذه ليست نكتة ولكنها إعلانات انتشرت مؤخرا. ورائها شركات الخدمات التى تعرض المساعدة فى إنشاء تلك القنوات مقابل 750 ألف جنيه(!!).أما المسئولون عن هذه الشركات فليسوا متخصصين ولكنهم طارئين أو مرتزقة اقتحموا هذا المجال بطريقة تهدد مستقبل الإعلام المصرى والعربى وتخلق نوعا من الفوضى الإعلامية لأنه توجد قوانين أو ضوابط تنظم عمل هذه الشركات.وعن هذه الظاهرة يقول د. حسن محمد حسن أستاذ الإعلام بجامعة المنيا: إن ظهور الفضائيات وانتشارها فى الفترة الأخيرة فى مصر والوطن العربى ظاهرة خطيرة فى حد ذاتها، لأنها مؤسسات ربحية فى المقام الأول فكل رجل أعمال معه (قرشين) يوظفهم أو بمعنى آخر يشغلهم فى إنشاء قناة قضائية عن طريق هذه الشركات التى انتشرت فى الساحة الإعلامية المصرية فى ظل عدم وجود قانون يحكمها أو ضوابط تنظيم شئونها.فالمسئولية تقع على من إذا حدث نصب أو عدم التزام من جانب هذه الشركات تجاه الفضائيات.. هل تقع على أصحاب الشركات أم أصحاب الفضائيات أم على وزارة الإعلام التى لم تستطع تنظيم مسئولو الفضائيات نفسها؟.. فما بالك بهذه الشركات والفضائيات نفسها سيؤدى ذلك إلى حدوث فوضى إعلامية تقضى على ما حققناه من طفرة إعلامية تعيشها مصر منذ إنشاء المنطقة الإعلامية الحرة فى مدينة السادس من أكتوبر عام 2001 فمصر وغيرها من الدول العربية التى انتشرت فيها هذه الشركات مهما يتحم ضرورة إصدار قانون ينظم عملها ويضبط شئونها حتى انتشر بطريقة عشوائية تهدد الكيان الإعلامى العربى كله.وتقول سمية فهمى صاحبة إحدى الشركات إن إنشاء الفضائيات عمل ليس مفيدا لنا كشركات على حد تعبيرها، لأنها غير مهتمة بتطوير الإعلام وإنما يتحدث معظمها عن مواد سهلة لتبثها، مؤكدة أن انتشار شركات تقدم خدمات دون المستوى مما دفع الكثير من الفضائيات إلى الهروب من القاهرة وإطلاق قنواتها من دبى والأردن باعتبارها أرخص فى تكلفة إطلاق القنوات مما جعل هذه الدول تدخل المنافسة رغم أننا من رواد هذه الصناعة ومن أوائل الشركات فى العالم العربى.ويؤكد سيد شلبى مخرج وهو شريك فى إحدى هذه الشركات أن مسئولية شركات الخدمات الإعلامية تبدأ بإشهار الفضائية واختبار العناصر الإعلامية المناسبة وأدواتها ثم إنتاج برامج خاصة بطبيعة المحطة واختيار (اللوجو) المناسب لهم ثم توفير الاستديوهات والفنيين وهذا كله فى فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر باسعار تبدأ من 750 ألف جنيه وتشمل الإجراءات أيضا التعاقد مع النايل سات ومدينة الإنتاج الإعلامى.ويضيف أن البعض استغلوا المسألة بشكل فيه ابتزاز ولكن يجب أن يدرك الجميع أن هناك بعض الفضائيات التى ظهرت على السحة فى الفترة الأخيرة ماهى إلا مشروع ربحى سهل لا يتكبد صاحبها نفقات شراء المعدات أو الكاميرات وإنما يلجأ إلى تأجيرها وهذا ما أتاح فرص عمل أمام منشآت وشركات مختلفة بعضها استغلها بشكل إيجابى بينما الآخر أفسد الفكرة.ويوضح فتحى الملا المستشار الإعلامى للقنوات المتخصصة أن هذه الظاهرة ليست جديدة وإنما بدأت من خلال التليفزيون وتحديدا عند إنشاء قطاع القنوات المتخصصة فلم يكن وقت إنشائه يمتلك أى معدات فيلجأ القائمون عليه إلى تأخير المعدات والكاميرات وبعدها أدت الشركات العاملة فى المجال الإعلامى الحد من 6 شركات فقط إلى العشرات والتى اتفشت السوق.ويؤكد الملا أنها ظاهرة إيجابية إذا احسن استغلالها مع العلم أن الخدمات الإعلامية بمثابة سلع تخفيض لقنوات العرض والطلب، ولكن يجب أن تحكمها ضوابط وقوانين تنظم شئونها لأنه لا توجد نقابات تحكم العمل فى المجال ونحن نتجاوز ونطلق عليها صناعة رغم أنها تجارة فى الأساس تعتمد على الشراء والتأجير ويكن أن تفسد هذه الفضائيات التى تؤسسها إذا لم تتوفر القوانين والضوابط التى تحكمها أو تنظمها.ويقول إيهاب عمران كبير المعدين بالقناة الثامنة إن إنشاء قنوات فضائية خلال السنوات القليلة الماضية أصبح تشبه مشاريع (السوبر ماركت) لأن أغلبها أصبح مصدر من الخارج كالملثل القائل (صنعت تحت بير السلم) فهذه المشاريع ناجحة، لأن مكسب أى قناة فضائية فقط من إعلان واحد هو مليون جنيه على الأقل من خلال رسائل (SMS) استغل الشاشة وهذا النظام تعتمد عليه كل القنوات الفضائية بعض النظم عما تنشره ومدلول ذلك على الأحلام العامة والعادات والتقاليد فهذه القنوات دخل فيها السماسرة وتجار العقارات والمدرسين وبعض الإعلاميين الصغار المشكلة أننا تحتاج إلى قوانين وخطوط حمراء تضع حدا لهذه المهاترات التى تحدث.وتؤكد د. آمال الغزاوى أستاذ الإذاعة المساعد بجامعة الزقازيق أن ثورة الاتصالات والمعلومات وتكنولوجيا الأقمار الصناعية وكذلك الإنتاج الإعلامى والاقتصادى وانتشار مفاهيم السوق الحر وآليات العرض والطلب تحتم علينا إشاعة مفاهيم الحرية فى الفكر والرؤى والتعبير وحق الإنسان فى الإعلام الحر المتوازن لذا نجد مثل هذه الشركات فى مصر والوطن العربى ولكن يجب تقنين وتنظيم هذه الشركات فى ضوء قوانين وقواعد تحكم عملها وميثاقا حتى لا يتحول الأمر إلى فوضى إعلامية فن فى غنى عنها.