لم يكن الطفل ياسين هو الوحيد الذى يعانى من «مشاكل فى التنفس» بسبب الدخان المتصاعد من المحرقة والتلوث المنتشر بمدينة ميت غمر، فهناك الطفل «محمد منصور» الذى لم يكد عامه الأول يكتمل حتى عرف أهله أنه مصاب بحساسية شديدة فى الصدر بسبب الدخان. أما التوأم «منة ومنار أحمد» اللتان تبلغان من العمر سنة واحدة، فتعانيان من حساسية بالصدر، والمفارقة أن أعمار الأطفال المصابين تقترب من نفس فترة عمل المحرقة فى المنطقة. ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض الصدرية يؤكده د. حسن شحاته، طبيب باطنة وأطفال بمستشفى مبرة ميت غمر، ويقول: «40% من الأطفال الذين يأتون إلىّ من أرض الجزيرة يعانون من نزلات شعبية، ومصابون بالسخونة والقىء والسعال». ويرجع الطبيب، لديه عيادة قريبة من أرض الجزيرة، تلك الحالات إلى طبيعة المنطقة الصناعية التى تضم عدداً من المصانع ودخان محرقة النفايات الطبية، والتعرض لكليهما يؤدى للإصابة بنزلات شعبية متكررة وربو شعبى وأزمات صدرية، وهو ما قد يؤدى إلى نزلات معوية حادة أو جفاف. يقول د.شحاتة: «بعض حالات الأطفال تأتى، وهى تعانى من غيبوبة ونهجان نتيجة التعرض للدخان وعوادم الحرق المكونة من أول أكسيد الكربون»، ويوضح أن تلك الحالات تكون متدهورة وتحتاج إلى علاج طبى مكثف أو تحويل طبى إلى أحد المستشفيات لإجراء جلسات تنفس صناعى. ويؤكد طبيب الأطفال أن تكرار التعرض للدخان قد يسبب سرطان الصدر أو التهاباً رئوياً، وفى النهاية يؤدى إلى هبوط عضلات القلب الذى يصاحبه تورم الأطراف. ويطالب د. شحاتة بنقل محرقة النفايات الطبية إلى مكان غير آهل بالسكان من خلال التعاون بين وزارتى الصحة والبيئة، مؤكدا أهمية إجراء كشف دورى مستمر لأطفال المنطقة لتفادى إصابتهم بأمراض خطيرة. ينهى الطبيب حديثه معنا بنبرة تشاؤم يمكن ملاحظتها فى وجوه كل سكان أرض الجزيرة، ويقول: «أنا متأكد أن كل ما أطالب به لن يحدث.. وكل ما يتردد عن نقل المحرقة من أرض الجزيرة مجرد كلام لتهدئة سكان المنطقة».