أثار قرار لجنة المبادرة العربية فى اجتماعها غير العادى بالجامعة العربية مساء أمس الأول، بالموافقة على الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلى المفاوضات المباشرة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين جدلا واسعا فى الأوساط السياسية والإعلامية، خاصة أنه جاء عكس التوقعات والمؤشرات التى كانت تصب فى اتجاه عدم الموافقة على المفاوضات المباشرة، فى ظل عدم حصول الجانب الفلسطينى على الضمانات المكتوبة التى طالب بها كشرط للمفاوضات المباشرة، فيما أكد أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، أن اللجنة لم تسقط المطالب الفلسطينية من خلال هذا القرار. وكانت كل تصريحات المسؤولين بالجامعة العربية والسلطة الفلسطينية، ومعظم أعضاء لجنة المبادرة تصب فى اتجاه رفض الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، مما جعل قرار اللجنة مخالفا للتوجه العام، خاصة أن الاعلان عنه جاء عقب دقائق من وصول السفيرة الأمريكية فى القاهرة مارجريت سكوبى إلى مقر الأمانة العامة للجامعة العربية، مما جعل الجميع يربط بين هذه الزيارة وبين قرار اللجنة، ولم تتغير هذه النظرة حتى بالرغم من الإعلان أن سبب زيارة سكوبى هو تسلم رسالة من اللجنة موجهة للرئيس الأمريكى باراك أوباما. وأكدت مصادر عربية مطلعة أن الاجتماع شهد خلافا كبيراً، بين أعضاء اللجنة، وخاصة من جانب سوريا التى اعترضت بشدة على قرار اللجنة من خلال مندوبها الدائم، السفير يوسف أحمد، معتبرة قرار اللجنة نوعا من الخنوع، وإعطاء الشرعية للممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى، كما اعتبرت أن اللجنة ليست صاحبة الاختصاص فى إعطاء غطاء للرئيس الفلسطينى بالانتقال إلى المفاوضات المباشرة. من ناحيتها، أكدت مصادر فلسطينية مطلعة أن الرئيس محمود عباس غادر الجامعة العربية عقب الاجتماع مباشرة دون أن يدلى بأى تصريحات نظرا لاعتراضه على قرار اللجنة. وقالت المصادر إن عباس كان يرفض الانتقال إلى المفاوضات غير المباشرة، فى ظل عدم الحصول على ضمانات مكتوبة من الجانب الأمريكى، معتبرة أن خطاب الرئيس الأمريكى لا يمثل ضمانات مكتوبة، وإنما رسالة ترضية. وأضافت: أبومازن كان يسعى إلى أن يأتى قرار رفض الانتقال إلى المفاوضات المباشرة من لجنة المبادرة العربية حتى تكون سنداً له فى مواجهة الضغوط الأمريكية الكبيرة التى مورست عليه طوال الأسابيع الماضية، مشيرة إلى أن اللجنة قلبت الطاولة فى وجه عباس، ووضعوا الكرة فى ملعبه، حيث وافقوا على الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، وأعطوه صلاحية تحديد الوقت الذى يبدأ فيه هذه المفاوضات، وكيف تتم. وحول متطلبات بدء المفاوضات المباشرة التى تحملها الرسالة التى بعثتها اللجنة للرئيس الأمريكى قالت المصادر إنها لا تحمل جديداً، لأنها تحتوى على الشروط التى حددتها من قبل السلطة الفلسطينية للانتقال للمفاوضات المباشرة وهى وقف الاستيطان والاعتراف بحدود 67، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين والملف الأمنى. ورأى الشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر أن العرب لا يمتلكون ضمانات، ولكن آمال، فى حين رأى موسى أن ما ورد بخطاب أوباما فيه إشارة لضمانات أمريكية، قائلاً: لقد تحدثنا عن ضمانات مكتوبة، والواقع أن هناك خطاباً مكتوباً من أوباما، فيه إشارات عديدة إلى نقاط كثيرة، ونعتبر بعضها مواقف أمريكية واضحة. من جانبه، اعتبر أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، أن اللجنة اتخذت موقفاً إيجابياً، دون التفريط فى ثوابت الموقف العربى الفلسطينى. وقال أبوالغيط فى تصريحات له أمس، رداً على سؤال بشأن ما يتردد حول موافقة اللجنة على الانتقال إلى التفاوض المباشر وإسقاط المطالب الفلسطينية: «اللجنة لم تأخذ موقفاً يؤدى إلى الانتقال الفورى أو التلقائى إلى المفاوضات المباشرة، بل إنها تمسكت بالمطالب اللازمة لتوفير الأجواء المناسبة لبدء التفاوض المباشر وكان واضحاً أنها تتفهم تماما موقف الرئيس أبومازن فى هذا الموضوع»، وعن موضوع اللجوء إلى مجلس الأمن قال أبوالغيط: «هذا الخيار هو أحد الخيارات العربية ويمكن اللجوء إليه فى التوقيت الذى نختاره، لكن المهم الآن هو العمل من أجل إنجاح العملية التفاوضية على الأسس السليمة التى يمكن أن تؤدى إلى النتائج المطلوبة».