قواعد قيد الشركات بالبورصة المصرية والمشروعية الدستورية (1-3)

كقاعدة عامة لا تسرى أحكام القوانين (التشريعات) إلا من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها (المادة 187 من الدستور) حيث يجب نشر هذه التشريعات (القوانين والقرارات الجمهورية واللوائح التنفيذية للقوانين) فى الجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية (المادة 188 من الدستور)، فالتشريع لا يعمل به إلا بعد نشره على الوجه الذى حدده الدستور، وإذا لم ينشر التشريع فإنه لا يكون واجب النفاذ ولا يجوز إلزام المخاطبين به بتنفيذ أحكامه.
وبمناسبة الخطابات التى دأبت الهيئة العامة للرقابة المالية منذ بداية عام 2009 على إرسالها إلى بعض الشركات المقيدة فى البورصة المصرية تنذرها فيها بأنها تقع تحت طائلة العقاب المنصوص عليه فى الحكم الوارد فى المادة 65 مكرر من قانون سوق المال والذى يلزم الشركات المقيدة فى البورصة بسداد 2000 جنيه يوميا كغرامة عن كل يوم تأخير فى إرسال نسخة من قوائمها المالية (المنفردة والمجمعة- السنوية أو ربع السنوية) للهيئة طبقا لما هو منصوص عليه فى المادة 20 من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية الصادرة عن مجلس إدارة الهيئة.
وبمناسبة تباين ردود أفعال الشركات بخصوص هذه الإنذارات، وبمناسبة تسارع وتيرة الخلاف بين الهيئة وهذه الشركات، إلى حد وصل الأمر بالهيئة أن طلبت من النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية ضد بعضها عن فترات تأخير تقع فى الفترة من عام 2004 إلى 2009، فضلا عن أن الهيئة عمدت إلى احتساب أيام التأخير فى إرسال القوائم المالية إليها على أساس أن لكل ربع سنة بداية مستقلة عن الربع الذى يليه أو عن الربع الذى يسبقه، ومن ثم يجوز أن يتراكم على الشركة المخالفة أيام تأخير قد تصل إلى 1000 يوم فى السنة الواحدة.
لذاك كان من الملائم بحث هذا الموضوع من جوانبه القانونية المختلفة للوقوق على قانونية المطالبات التى تطالب بها الهيئة فى هذا الخصوص، وقد قاد هذا البحث إلى عدة نتائج نعتقد أن أحدا لن يختلف فى وصفها بأنها خطيرة لأنها باتت تمس مبدأ الشرعية الدستورية فى أدق جوانبه التى تتعلق بالتجريم والعقاب فالقاعدة الدستورية مفادها أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وأنه لا يوجد قانون إذا لم يتم نشره، فهل تم نشر قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية الصادرة عن مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال فى الوقائع المصرية بحسبانها لائحة تنفيذية أناط القانون بمجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال وضعها لتنظيم بعض جوانب هذا السوق وفق الأصول القانونية؟ أم لم يتم نشرها؟
وقد طرحنا هذا السؤال بمناسبة الخطابات التى أرسلتها الهيئة للشركات المقيدة تطالبها فيها بسداد نصف الغرامة المنصوص عليها فى المادة 65 مكرر من قانون سوق المال التى تعاقب الشركات التى لا تلتزم بمضمون المادة 20 من قواعد قيد واستمرار قيد وشطب الأوراق المالية فى البورصة المصرية، هذه الخطابات أثارت عدة تساؤلات أخرى على النحو التالى:
1- هل يجوز للهيئة تطبيق العقوبة المنصوص عليها فى المادة 65 مكرر من قانون سوق المال من تلقاء نفسها أم يتعين أن يصدر حكم قضائى جنائى بها؟
2- هل حق الهيئة فى التصالح عن الجريمة المنصوص عليها فى المادة 65 مكرر من قانون سوق المال متاح فى كل وقت حتى قبل نشوء الدعوى الجنائية أم أنه يشترط أن تنشأ الدعوى الجنائية بخصوصها بطرحها أمام محكمة الجنح المختصة ثم تتصالح الهيئة عنها مقابل أداء نصف الغرامة المستحقة؟
3- هل حصيلة الغرامات المنصوص عليها فى هذه المادة – سواء تم التصالح عليها أو لم يتم التصالح- تؤول إلى خزينة الهيئة العامة للرقابة المالية أم إلى خزينة الدولة شأنها شأن كل الغرامات التى يحكم بها فى الجرائم الأخرى؟
4- هل يجوز أن تكون عقوبة الغرامة متصاعدة (2000 جنيه عن كل يوم تأخير) بدون حدود قصوى تقف عندها ومن الذى يحدد هذه الحدود؟
5- هل يخرق الأسلوب الذى تتبعه الهيئة فى هذه المطالبات مبدأ الفصل بين السلطات ويفتئت على حقوق الشركات المقيدة فى البورصة وحقوق وحريات ممثليها القانونيين؟
* مستشار قانونى