■ من حصار إلى حصار.. هذا هو حال الفلسطينيين بعد أن قرروا أن يفرقهم الانقسام، ويمزقهم الخلاف، ويوحدهم طمع التربع على عرش السلطة، دون الأخذ بعين الاعتبار ما يقاسيه الشعب الفلسطينى منذ عقود، أملاً فى أن تتغير ظروفه يوماً ما. ومؤخراً أظهر استطلاع للرأى أجرته مؤسسة «فافو» النرويجية للدراسات والأبحاث فى الضفة الغربية وقطاع غزة أن ثلث المستطلعين لا يرون أن حركتى فتح وحماس مؤهلتان لقيادة الشعب الفلسطينى، وبشأن سؤال حول الجهة الأقدر على قيادة الشعب الفلسطينى أجاب 31٪ بأنه لا فتح ولا حماس قادرتان على ذلك، وفى سياق الإجابة عن سؤال يتعلق بالجهة الأكثر اهتماماً بتحقيق المصالحة، قال 31٪ أيضاً إن حركتى فتح وحماس غير مهتمتين بالمصالحة. ويبدو أن قناعات الشعب الفلسطينى فى ضوء مشهد سياسى ملتبس تتجاذبه أطراف عدة باتت واضحة ومقتنعة أن كلا الطرفين سواء فتح أو حماس لا يصلح لقيادة هذا الشعب، وأن دماء جديدة لابد أن تبرز على سطح الأحداث، فالفرصة الأخيرة لإحياء جهود المصالحة التى لاحت فى الأفق بعد مجزرة أسطول الحرية، وما تلاها من حراك دولى تكاد تتبخر وتتلاشى، رغم أنه لم يمض سوى ثلاثة أسابيع على ظهورها فقط. ومع إحياء ملف المصالحة الذى أصبح وثيق الصلة بعملية رفع الحصار عن غزة، عززت زيارة الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسى، هذا المضمون، خاصة بعد الاقتراح الذى نقله لمسؤولى حركة حماس بوضع نقاط الخلاف فى ورقة منفصلة عن الورقة المصرية، تؤخذ فى الحسبان عند التطبيق، وقد بلورت حماس من جانبها موقفها الجديد بإرسال مقترحات للمصالحة مع السيد عمرو موسى، تمثلت فى التنازل عن مطلبها بفسخ أو تعديل الورقة المصرية، بالإضافة إلى اقتراح رئيس الحكومة المُقالة، إسماعيل هنية، تشكيل حكومة تكنوقراط، فور التوقيع على الورقة المصرية. كما قام محمود عباس بثلاث خطوات إيجابية، فى اتجاه تحسين شروط المصالحة منها تشكيل وفد قيادى ضم أعضاء من اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية لحركة فتح، وممثلى عدد من الفصائل والشخصيات الوطنية، كما وافق عباس على المبادرة التركية المتمثلة بعقد اجتماع فى القاهرة بمشاركة ممثلين من فتح وحماس، ووزيرى خارجية تركيا ومصر، على أن ينتهى الاجتماع بتوقيع حماس على الورقة المصرية مقابل أخذ الملاحظات فى الحسبان عند التطبيق. غير أن انتكاسة حدثت أعادت الأمور إلى نقطة الصفر، وذلك بعد بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، فى اجتماعها الأخير، الذى طالب بضرورة قيام حماس بالتوقيع على الورقة المصرية أولاً مقابل أن تعرض ملاحظاتها، الأمر الذى أعاد الوضع إلى ما كان عليه قبل تشكيل وفد المصالحة وورقة الخضرى، والمبادرة التركية، وازداد الأمر سوءاً بتصريح مسؤول فى حماس بأن حركته تشترط إدراج ورقة التفاهمات، التى تتضمن كيفية التعامل مع نقاط الخلاف كجزء من اتفاق المصالحة، رغم نفى قيادات حماس أن يكون هذا موقفها. وضياع فرصة المصالحة مرة بعد أخرى، ينذر بأن الانقسام سيتعمق ويتحول إلى انقسام دائم لا يمكن إنهاؤه، ويؤكد حدس الفلسطينيين بأن كلا الطرفين غير مهتم ولا يستطيع قيادة الشعب الفلسطينى!!