تجدهم في كل أنحاء مصر، شباب ورجال ونساء قرروا أن يكرسوا أعمارهم لتقديم حلول لمشاكل واقعية نعاني منها كثيرًا وتقف الحكومات المتعاقبة عاجزة أمامها. قدموا مخترعاتهم رغبة في أن يفيدوا مجتمعهم، فذهبت عصارة عقولهم إلى الأدراج وبقى الوطن بمشاكله. "عثملي".. أفكار لوقف "نزيف الأسفلت" تعيش مصر أزمة مرور وطرق، فشلت في حلها جميع الحكومات المتعاقبة، حتى أصبحت مصر الدولة الأولى في نسبة الوفيات والإصابات الناتجة عن حوادث الطرق، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2011، ووصلت الحوادث إلى 12 تصادمًا يوميًا، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية التي أصدرتها عام 2012. "فكرت في وضع حل لنزيف الدماء على الطرق"، بهذه الكلمات يبدأ محمد عثملي، مدرس في العباسية بالإسكندرية، الحديث عن التصميمات التي قدمها لحل مشكلة المرور. حصل عثملي على براءة اختراع في مشروع "كوبري متعدد الطوابق"، وهي الفكرة التي تقوم على "بناء كوبري فوق الكوبري القديم، لحل مشكلات تكدس السيارات عند مداخل ومخارج الكوبري"، وجاءته الفكرة من التكدس الذي يشهده كوبري محرم بك بالإسكندرية، "الكوبري بيقف بالساعات والحوادث زادت عليه، وتم توسعته ولكن هذه التوسعة لن تحل المشكله لأن المداخل والمخارج مازالت كما هى ولكن فى فكرتنا تلك نستطيع ان نبنى حتى خمس كباري فوق بعض على الكوبرى القديم بمخارج ومداخل متعددة واحدة وراء الآخرى بمسافة مناسبة"، كما يوضح عثملي. لم يكن الكوبري هي فكرته الوحيدة "فكرت كمان في توسيع الطرق، وحل مشاكل صفوف الانتظار"، يقول عثملي، مضيفًا: "فكرتي تتلخص في عمل رافعة يدوية يتم تثبيتها على حافة الرصيف لكل سيارة وهى تشبه يد البلدوزر، وصاحب السيارة يضع سيارته على يد الرافعة ثم يقوم برفعها إلى أعلى بجهد يدوى وحتى ارتفاع مابين 3 او 4 امتار، بحيث نجعل الشارع بجانبيه خالى من السيارات". لم تتوقف جهوده عند هذا الحد، ففكر عثملي في حل مشكلة السيارات أيضًا وذلك باختراع سيارة أطلق عليها "الميني ميني"، "سيارة صغيرة جدا وطويلة وتتسع لفرد واحد وبعدد طولى وهى ستأخذ 20 سم من الشارع و20 سم متر من الرصيف، ليصبح المجموع 40 سم ، وستسيرعلى رصيف مخصص لها بارتفاع 15 سم عن الرصيف وعن الشارع وتسير بدون توقف وعند المفارق يتم عمل لها كوبرى بعرض 50 سم حتى تسير وتعبر الشارع وبالتالى تسير بدون توقف ولا تتعطل بتعطل المواصلات والعربية الواحدة تتسع لعشرة أشخاص ولو جعلناه بدورين ستتسع ل20 فردًا وتسير بالكهرباء ومن الممكن أن تكون على قضيب وبدون حتى سائق". كان مصير براءات عثملي الأدراج، ولم يلتفت إليه أحد، "حاولت بكل الطرق أن أتواصل مع مسئولين بعد ثورة يناير، ولكن لا حياة لمن تنادي"، يشتكي عثملي، ويزيد "أنا اخترع منذ 20 عامًا، والحكومة لا تلفت لأي مخترع". مرشح "أفضل باحث عربي" يبتكر أساس لوقف إنهيار المنازل 50% من مباني مصر تفتقر للصيانة، وفقا لما أعلنه مركز بحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان، وهناك 3 ملايين عقار مهدد بالسقوط، ليخيم على الواقع شبح مخيف ينذر بكارثة كبر، بدأت بوادرها في سلسة المنازل التي تعرضت للانهيار العام الماضي. قدم محمد خيري، طالب في مدرسة ناهيا بالجيزة والمرشح للحصول على لقب "أفضل أصغر باحث عربي"، حل لمشكلة ضعف بناء المنازل في مصر يتمثل في "في بداية الأمر فكرت في بناء المنازل من الفولاز وليس الحديد بعد البحث والتفكير والسؤال وصلت اني اشتغل في الفكره الثانيه وهي بناء المنزل علي الزنبرق ( السست ) مع اضافه مسحوق معين (رفض نشره للحفاظ على معلومات بحثه العلمي) لمونة المنزل لأقوي المنزل وفي نفس الوقت المنزل يكون مرن وفقا لقاعدة أن الشئ لكي يكون أعلى كفاءة يجب أن يكون مرنًا وصلبًا في نفس الوقت وده الشئ اللي هنفذه في مشوعي". لن تكون تكلفة المشروع كبيرة تكلفه المنزل ، حيث أن ستبلغ تكلفة كل دور "200 ألف جنيه والمنزل سوف يعيش اكثر من 150 عامًا". يرى خيري أنه سيسعى إلى تسويق ما استخلصه في بحثه، لتقديمه للجهات المختصة التي تستطيع أن تستفيد به. فكرة "ابن المنصورة" تضع مصر على خارطة الدول المصدرة للكهرباء لا يحفى على أحد معاناة المصريين المريرة مع الكهرباء، التي وصلت في أحد أيام الصيف الماضي إلى الانقطاع لمدة 8 ساعات، ووفقا لتصريح وزير الكهرباء الموجود على الموقع الرسمي لوزارة الكهرباء، تعاني مصر من عجز بلغ 4 آلاف ميجا وات. بحث أحمد سامي عرفات، الطالب البالغ من العمر 16 عامًا من محافظة الدقهلية، عن حل لوضع نهاية لهذه الأزمة، يتمثل في "إقامة محطة مياه في عمق البحر المتوسط تحول ضغط المياه الى طاقه حركية ومنها الى طاقه كهربائية، بحيث انى تقوم المحطة بإحداث فرق فى الضغط فبتدفق الماء الى داخل الجهاز بطاقه حركية ذات ضغط عالى يمكن استخدامها فى توليد الكهرباء"، يتحدث عرفات عن مشروعه. وعن مبلغ النفع العائد من تطبيق مشروعه، يقول الباحث الذي يشغل رئيس لجنة مدربي المخترعين في نقابة المخترعين: "المحطة قادرة على توليد كهرباء تصل إلى 13157 ميجا، وهذا سيحل مشكلة الكهرباء ويبقى فائض"، وعن هذا الفائض، فإنه سيقدر ب " 9157 ميجا لو استخدمت 2222 ميجا منهم هقدر استصلح 2 مليون فدان فى العام عن طريق تحلية المياه"، والباقي 6935 ميجا يمكن الاستفادة منهم في تصدير، كما جاء على لسان عرفات. ويضيف عرفات أنه حاول أن يقابل وزير الكهرباء لعرض الفكرة عليه، وتواصل مع الدتورة ليلى إسكندر، وزيرة البيئة، وطلب منها مقابلة الوزير ولكن حتى الآن لم يتم هذا. وعن سير مشروعه، يوضح عرفات أن هانك "احتمال شركه هتمول البروجكت والنموذج الأولي علشان يتعمل فى جامعة القاهرة". باسل يتحدى الألغام يحيط بمصر حزام ناسف من الألغام التي تعد من مخلفات الحرب العالمية الثانية، فوفقًا لبيانات وزارة الخارجية هناك في مصر ما يقرب من 22.7 مليون لغم، يمثل ما يزيد من 20% من إجمالي الألغام في العالم، وتنتشر في منطقة العلمين والصحراء الغربية، وبلغ تطهير 3 ملايين لغم فقط حوالي 27 مليون دولار، ما يضعنا أمام مشكلة كبرى. في منطقة دار السلام بجنوب القاهرة يعكف باسل أسامة، الطالب في الثالث الإعدادي، توجهت له لمعرفة اختراعه الذي تعاون فيه مع زميله محمد نبيل، في انتاج إنسان آلي "ريبورت"، لاستخدامه في التخلص من الألغام في الصحراء الغربية ومنطقة العلمين. "الريبورت لا يزيد حجمه عن 3 كيلو، وله ذراع من مادة التيتانيوم يساعد على إنفجار اللغم بدون حدوث أي شظايا"، يشرح باسل اختراعه، مضيفًا: "أن الريبورت لاسلكي يعمل من على بعد لضمان اكتشافه للغم، وتدميره من على بعد، ويسير الريبورت على كاوتشوك حتى لا يعيقه الرمل". يواجه باسل مثل كل المخترعين مشكلة في التمويل لإنجاز مشروعه "نحتاج إلى شريحة لاسلكي سعرها 123 جنيهًا، وقوتها 27 ميجا ميل، ونحن لا نعرف من اين نأتي بالتمويل"، وعن سؤاله عن مكاتب الأبحاث والجهات التي تموله يقول باسل "مركز البحث الذي يدعمني ويؤهلني مركز حكومي، وبالرغم من ذلك يصرف مديره على 150 طالب بلا أي تمويل حكومي". هناك مراحل كثيرة تالية للاختراع يشير إليها باسل ولكن هناك عوائق "نحتاج إلى شريحة أردوينو حتى يمكن توجيه الريبورت بالكمبيوتر، الشريحة موجودة ولكن بمركات رديئة، والشريحة إذا كانت رديئة ستحرق الكمبيوتر بالكامل، والشريحة الأصلية ثمنها 160 جنيهًا، ولكن يجب إمضاء شهادات لأن الشريحة يمكن استخدامها في المتفجرات". يحاول باسل ان يتغلب على عائق عدم أخذ فرصته لتجريب اختراعه بحيل آخرى "فكرة اللغم هو إطلاق شظايا كهربائية عند تحريكه فتتفاعل مع البارود فينفجر اللغم، وهذه نفس فكرة الصواريخ والألعاب النارية، وتجربتنا هنحضر صاروخ وكربون من عند العطار وهنضيف بعد المواد المتفجرة ونضيفه داخل ذراع الريبورت، ونعرضه لشرارة كهربائية، وسنقيس بناء على ذلك مدى نجاح التجرية". يشتكي باسل من المواد التي يدرسها وهو يتحدث إلي "أقول لحضرتك على الفضيحة الكبيرة، أكتشفت أن أغلب منهج العلوم غلط، ونظرية نشأة الكون أكتشفت أنها خطأ من خلال دراستي لنظريات العالم ستيفن هوكنج، فنشأة الكون ليست من قبيل انفجار ولكن الكون نشأ وفقا للنظريات الحديثة نتيجة للتمدد نتيجة للتفاعل بين الهيدرجين والهيليم وليس الانفجار من حوالي 5 ملايين سنة نشأ الكون، ومن 4 آلاف و900 سنة نشأة المجموعة الشمسية ، حاولت أصل لمراجع كتاب الحكومة فوجدته، كالعادة، بدون مراجع، كنت عاوز أفرتك الكتاب وأرفع قضية على الحكومة". نقيبة "المخترعين": هناك شركات وهمية تستغل الاختراعات في أعمال تخريبية.. ويجب ربط القوانين بدعم الاختراعات رئيس "النهضة" لرعاية المخترعين: العقل المصري سيسود إذا أحسنا استخدامه..وإهمال الاختراعات يضر بالأمن القومي تطرح الدكتور هبة الرحمن أحمد، نقيبة المخترعين المصريين ورئيس الجمعية المصرية للمخترعات وشباب المخترعين، رؤية لتذليل العوائق التي تواجه المخترعين المصريين تتلخص في "إنشاء مركز للمخترعين مهمته الإشراف الكامل على الاختراع وتوفير البيئة المناسبة للمخترعين، وتبني تحويل النماذج لمنتجات، مع تطبيق التسجيل الإلكتروني لبراءات الاختراع للتخلص من البيروقراطية التي تعيق أي نشاط إبداعي وتضطر المخترع من الذهاب مرات مبالغ فيها لتسجيل اختراعه، كما أنه لا يوجد إلا خمس نقاط اتصال على مستوى الجمهورية لتسجيل براءات الاختراع". تشدد نقيبة المخترعين على أهمية إعادة النظر في القوانين التي يجب تعديلها لتسهل على المستثمرين تبني أفكار المخترعين، والآن يفضل رجل الأعمال تبني منتج من الخارج على أن يتبنى اختراع، وحال تقديم تسهيلات له لتبني الاختراع، سيتم تشجيع الاستثمار والابتكار في الوقت ذاته. وتحذر هبة الرحمن من الشركات الخارجية: "هناك شاب باع اختراع دوائر إلكترونية لمستثمر بملاليم، وتم تصنيع المنتج بالخارج وكسب من ورائه المستثمر الذي كان من الخليج ملايين"، مضيفة "هناك شركة يدعي صاحبها أنها تابعة لمؤسسة هندية، وأنها طلبت من مخترع أن يصنع جهاز لفصل القنابل من على بعد، وبعد التواصل معه تم اكتشاف أن المكتب غير مرخص وأنهم يبيعون الوهم مقابل كلام جذاب يدعي رعاية النموذج وانتاجه وبيعه للخارج مع ضمان حقوق المخترع، وأن جهاز فصل القنابل من على بعد هو نفسه علميًا الجهاز الذي يفجر القنابل من على بعد". "البحث العلمي في مصر ديكور"، بهذه الكلمات يبدأ المهندس هشام الهواري، مدير مركز النهضة لدعم المخترعيين، مواصلا انتقاده لمنظومة البحث العلمي في مصر: "تم الاهتمام مؤخرًا بالبحث العلمي بعد أن طالب الرئيس بالاهتمام به، والبحث العلمي هو القطاع الوحيد الذي لا يجب أن يسير بناء على توجيهات البحث العلمي". وينتقد الهواري أكاديمية البحث العلمي بشدة، مشيرًا إلى تصريح رئيسها بأن هناك 13 ألف مخترع في الأكاديمية لا تستطيع الأكاديمية أن تتواصل معهم، قائلا: "بيانات المخترع كلها عندهم، يعني إيه مش عارف يوصلهم؟!، أنا نفسي بقالي 3 شهور مش عارف أتواصل مع مسئول معاهم، ويم ما قبلتوا لقيته موظف مش قادر ياخد قرار"، متعجبًا من تصريح "التنظيم والإدارة" بأن هناك 9 آلاف باحث في 5 سنوات لم ينجزوا إلا 250 بحث بقوله "ميزانية الوزارة بالملايين، ولكنها تضيع على فطار فلان باشا وتنقلات علان باشا". ويفرق الهواري بين البحث العلمي الأكاديمي والبحث العلمي المبتكر بقوله: "البحث الأكاديمي مصيره في الأدراج، أما البحث العلمي الذي يؤدي للاختراعات هو ما نهتم به في المركز، وهناك شباب عندهم 15 عامًا لديهم أفكار، ويحتاجون لفتح معامل الدولة لتنفيذ افكاره، ولكن لا يساعده بالفعل أحد ولا يستطيع أن يقابل مسئول، لأننا لدينا عقول تستطيع أن تسود العالم وعد إطلاق مركبة فضاء ناسا كان من ضمن فريق العمل تسعة عقول مصرية، ولكن لا يوجد إرادة سياسية للاستفادة من هذه العقول". ويشير الهواري إلى أننا وصلنا لمرحلة "استيراد المقوار من الصين، وأنا عندي مخترع في المركز صمم نموذج لمخفض للأحمال بنسبة 50%، ويوفر في فاتورة الكهرباء، ولكن لا أحد في الدولة يهتم". واختتم مديرمركز "النهضة" كلامه قائلَا: "إسرائيل كل عام توطن 10 آلاف عالم، ونحن كل عام نهجر آلاف من علمائنا، وهذا خطر على الأمن القومي" بالأرقام.. العرب لا يخترعون..وإسرائيل تتفوق عليهم جميعًا كشف محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، أن عدد براءات الاختراع العام الماضي بلغ 2057 طلبًا منها 641 طلبًا للمصريين، وقد بلغ عدد براءات الاختراع التي منحت من خلال مكتب البراءات 465 براءة منهم 86 براءة للمصريين. بينما يطرح موقع مكتب "براءات الاختراع الأوروبي" أرقامًا عن تسجيلات براءات الاختراع في العشر سنوات الأخيرة من عام 2004 إلى عام 2013، حيث بلغ إجمالي المسجل في مصر 440 براءة، مقارنة ب 17,371 براءة لإسرائيل. وجاءت أكبر خمس الدول في براءات الاختراع المسجلة في عام 2013 أمريكا، اليابان، ألمانيا، الصين، وجنوب كوريا. واستحوذت القارة الأوروبية وحدها على 35% من عدد براءات الاختراع المسجلة. ووجاءت السعودية في المركز الأول عربيًا في عدد براءات الاختراع، بعدد براءات اختراع بلغ 1.525، في أخر عشر سنوات. فيما جاءت أغلب الدول العربية في ذيل القائمة، حيث لم تسجل العراق طوال العشرة أعوام الماضية إلا أربع براءات فقط، وليبيا ست براءات متساوية في ذلك مع اليمن، وعمان ثماني براءات، والسودان 21 براءة، و 32 براءة لدولة الكويت، ولبنان سجلت 40 براءة اختراع، وسوريا 55 براءة، والجزائر 65 براءة، و69 براءة لتونس، و 104 براءة في قطر، و106 براءة للأردن. وبلغ عدد براءات اختراع دولة الإمارات 386 في نفس المدة التي شملها التقرير، والمغرب 211.