حين تغنت نجاة بأشعار نزار قباني معلنا أن "من فتح الأبواب يغلقها ومن بدأ المأساة ينهيها ومن أشعل النيران يطفئها" كانا ولا شك يقصدان حبيبة تتوق شوقا لحبيب تبوح له "ارجع كما أنت فبعدك لا عقد أعلقه" أعجب كيف قرأت أمريكا وحلفاؤها تلك القصيدة وكيف فهموها ؛ فهم من أشعلوا المنطقة الإسلامية والعربية وهم بادؤ مأساتها وهم من فتحوا أبواب الفتنة والإرهاب على مصراعيه لكنهم لا يريدون ولا ريب غلقها حتى تظل منطقتنا تحيا في فزع هائل وهول طائل ، وهاك سياسي غربي كبير قدم نصيحته المدهشة لحكومات الغرب المعادية للإسلام مفادها أن أسرع وأقوى وأنجع طريقة لإزالة حب الحكم الإسلامي من قلوب المسلمين يكون عن طريق تجربة حكم فاشلة للإسلاميين وجعلهم يصلون للسلطة ثم يفشلون فيكره الناس حكم الإسلام ولن يعودوا يحلمون به. بنظرة مدققة لكل التنظيمات التي دُشنت في محيط أمتنا بدءا من القاعدة وطالبان والحوثيين وجبهة النصرة والفتن المذهبية الدينية والعرقية والشيعة والسنة والأكراد والأمازيغ والزيدية والمارونية والدرزية والعلوية ؛ نجد أن من أنشأ ومول ودرب وهيأ وفتح لها الأبواب المغلقة هي أمريكا وحلفاؤها بغية أن يعيش عالمنا الإسلامي في أتون الفوضى والتفتت والتشرذم ، كي تغلي مراجل الصراع والاقتتال والحروب الأهلية والعصبية ، يليها دك النظم السياسية القائمة ومحو الحدود السياسية لسايكس بيكو القديمة ، وإعادة ترسيم سايكس بيكو جديدة على هوى الغرب المستعمر يعز بها ويذل من يشاء ، لأن منطقتنا كانت وستظل بقرة الغرب الحلوب والتي تدر عليه بترولا وثروات هائلة ، ومايزال الكيان الصهيوني متمسكا بكبرى أحلامه من النيل إلى الفرات فتلك أمانيهم . ولكن إلى متى تترك هذه الفوضى العارمة في بلادنا ؟ هذا السؤال وضع الغرب إجابته قبل أن نسأله ، فالجماعات والتنظيمات الإرهابية خاصة التي تتخذ الإسلام شعارا وستارا مرسوم لها ألا تتجاوز خطوط حمراء معينة ؛ فمثلا تنظيم داعش الممول من الغرب مسموح له أن يمارس الغلو والتشدد وارتكاب الفظائع مع تسليط الضوء الإعلامي –لا أعلم تحديدا كيف يتم تصوير وبث تلك الصور العالية التقنية- ليقتنع العالم أن ديننا إرهاب تأباه الإنسانية ، حتى إذا أثمرت خططهم وأينعت وآتت أكلها ؛ أتانا أمر الغرب متسربلا في مسوح الواعظين ليخلص العالم من شرور هذا التنظيم ولا مانع من أن يتحمل بترولنا تكلفة إنهاء المأساة ونيرانها حتى وإن لم نكن مشعليها. لعل صرخة السيدة كريستينا فرنانديز رئيس الأرجنتين في الأممالمتحدة ليست هي الأولى من نوعها ، لكنها على الأقل الأشد صراحة حين قالت "كنتم تدعمون جبهة النصرة باعتبارهم ثوارا ، واليوم نجتمع لإدراجهم إرهابيين ، حاربتم القاعدة واستبحتم العراق وأفغانستان والآن يعانيان من الإرهاب بالدرجة الأولى ، رحبتم بالربيع العربي وأوصلتم متشددين إسلاميين للحكم ومازالت شعوب تلك الدول تعاني العبث ، لم تهتموا بفداحة جرائم إسرائيل تجاه غزة ، واليوم تجتمعون لتجريم وتحريم تنظيم داعش المدعوم من دول أنتم تعرفونها أكثر من غيركم وهي حليفة لدول كبرى أعضاء في مجلس الأمن". إلى متى تظل الغفلة والغشاوة قدرنا ؟ ألم ندرك بعد أن مراحم الأشرار قاسية كما جاء في العهد القديم ؟ تُرى الغرب يجيء بلاد العرب أوطاني ليخلصنا من داعش ثم يشرب قهوتنا ويلقي علينا السلام ويغلق الباب خلفه ويمضي ؟ أم أتانا ليبقى متأبطا شرار خرائطه ومطامعه وضحكات خبيثة تعلو ملامحه ولسان حاله يقول ساخرا "سيظل الغرب هو الفاعل والمسلمون مفعولا بهم وفيهم وما عليكم لتتخلصوا منا إلا أن تعيدوا قراءة تاريخكم وحضارتكم وعربيتكم وإسلامكم وإمكاناتكم ..إن كنتم إياها تفقهون". المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية المشهد.. لا سقف للحرية