توقعت الدراسة السنوية الثالثة لشركة إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول بأن تنخفض الفوائض المتاحة والقابلة للاستثمار من أصول صناديق الثروات السيادية التابعة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 9% عام 2012 مقارنة مع عام 2011 رغم ارتفاع أسعار النفط. وافادت الدراسة الصادارة اليوم بانه تم تخفيض قيمة الفوائض المتوقعة منذ اندلاع أحداث الربيع العربي، كما يتضح ذلك من خلال حقيقة تراجع وتائر التمويل المتوقعة لتلك الصناديق هذا العام. وتشير دراسة "إنفيسكو" إلى نمو معدلات تمويل تلك الصناديق بنسبة 13% عام 2011، بينما ارتفعت عائدات حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 25%، وارتفعت معدلات تمويل تلك الصناديق خلال العام الحالي بنسبة 8% فقط، رغم ارتفاع العائدات النفطية لحكومات دول المجلس بنسبة 31%. وأوضحت بأنه في مقابل ذلك ارتفعت معدلات تمويل صناديق المعاشات التقاعدية السيادية من 8% عام 2011 إلى 13% عام 2012، وتسود توقعات باستمرار نمو هذا النوع من الانفاق مع مرور الزمن مع احتمال تجاوزه لمعدلات نمو أسعار النفط وتقليصه بالتالي للفوائض المتاحة بشكل أكبر. وتوقعت الدراسة أن تستفيد احتياجات الانفاق والاستثمار المحلية بشكل أكبر من الفوائض المتاحة لتمويل صناديق الثروات السيادية. وتوقعت إنفيسكو أن تكون أصول صناديق الثروات السيادية المستثمرة في صناديق ثروات سيادية ترتبط تحركاتها بتحرك مؤشرات الأسواق المالية، والتي تمنح الأفضلية لشركات إدارة الأصول الدولية أو الصناديق التي يتم الاتجار بأسهمها في البورصات"ETF"، قد انخفضت بنسبة 1% منذ اندلاع أحداث الربيع العربي عام 2011. في المقابل، ذكرت الدراسة أن أصول صناديق الثروات السيادية المستثمرة في صناديق ثروات سيادية تستثمر أصولها محلياً في مشاريع البنى التحتية على سبيل المثال، قد ارتفعت بنسبة 10%، ما يشير إلى حدوث تحول جذري في التوجهات الاستثمارية لتلك الصناديق. وذكرت الدراسة السنوية الثالثة لشركة إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول، بأن حكومات كبرى دول الشرق الأوسط وصناديقها السيادية قلصت استثماراتها العالمية إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات. يذكر أن شركة إنفيسكو افتتحت مكتبها في دبي عام 2005 وتتعامل مع عملائها في دول مجلس التعاون الخليجي منذ عقود، حيث تتيح للمؤسسات المالية وخبراء الاستثمار فرصة الحصول على خبرات استثمارية عالمية. وبينت بأن صناديق الثروات السيادية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي تشكل 35% من التدفقات النقدية العالمية لأصول صناديق الثروات السيادية، لتمثل ما قيمته 1.6 تريليون دولار وتشكل سوقًا هائلة تعتمد اقتصادات كبرى دول العالم على استقطاب الاستثمارات منها. وكشفت الدراسة عن تحول كبير في توجهات التدفقات النقدية الدولية المباشرة من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وصناديق الثروات السيادية التابعة لها في ضوء أحداث الربيع العربي، بالتزامن مع تزايد توظيف تلك الحكومات للفوائض النقدية لمبيعاتها النفطية في اقتصاداتها المحلية. وقال "نيك تولشارد" رئيس شركة إنفيسكو الشرق الأوسط على هذه التطورات "من الواضح أن دول الشرق الأوسط صاحبة الفوائض السيادية النفطية أخذت تبتعد بعائداتها وأصول صناديق ثرواتها السيادية عن الأدوات الاستثمارية الدولية وتعيدها إلى اقتصاداتها المحلية. وأفاد بأنه من أبرز المجالات المحلية التي يتم تمويلها عبر هذا التحول، تمويل زيادات الرواتب التضخمية بينما تركز السعودية وعُمان على تعزيز تمويل خدمات الرعاية الصحية والتعليم. ويعتبر تمويل مشاريع البنى التحتية المجال الذي تركز عليه قطر بغية بناء المنشآت الرياضية اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم. كما تشهد أبوظبي مشاريع كبرى في إطار سعيها للتحول إلى مركز مالي عالمي رئيسي". وأضاف "تقدمت حكومات الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة بطلبات تمويل من دول الشرق الأوسط لمساعدة اقتصاداتها على الانتعاش، إلا أن العديد من تلك الحكومات تخوض معركة خاسرة، ونظرًا لتضاؤل الأموال المتاحة للاستثمار دولياً تبدو احتمالات عدم تلبية تلك الطلبات كبيرة. وقال "لن تحقق الدول الواقعة خارج المنطقة والتي تغازل أموال دول مجلس التعاون الخليجي أية نتائج، إلا إذا تفهَّمت بعمق الاعتبارات التي تتصدر تفكير مسؤولي إدارة أصول صناديق الثروات السيادية، وسعيهم للحصول على التزام طويل الأمد ببناء علاقات ثنائية تضيف قيمة جديدة إلى سياستهم الاستثمارية". وكانت شركة إنفيسكو قد أقامت العام الماضي أول إطار عمل على الإطلاق لتصنيف الأهداف الجوهرية لصناديق الثروات السيادية، وكشفت النقاب عن الدوافع التي تقف خلف الإستراتيجية الإستثمارية وأفضليات هذه الصناديق الإستثمارية العملاقة. وصنفت الشركة صناديق الثروات السيادية بوكالات التنمية وهي صناديق ثروات سيادية تركز على مشاريع واستثمارات التنمية المحلية، وداعمو السياسة وهي صناديق ثروات سيادية تستخدم استثمارات دولية لتحقيق أهداف سياسات أجنبية أو محلية. كما يضم التصنيف أدوات التنويع وعبارة عن صناديق ثروات سيادية تستثمر في الأسواق الدولية عبر الإرتباط بمؤشر عالمي لتحركات الأصول والتوزيع الجغرافي للإستثمارات، علاوة على مديرو الأصول وهي صناديق ثروات سيادية تركز حصرًا على عائدات الإستثمارات المعدلة تبعاً لنسبة المخاطر، وهي تتميز عادةً بمجالٍ استثماري واسع عبر الأصول والمناطق. وكشفت الدراسة على أن الإستثمارات التقليدية لصناديق الثروات السيادية والتي تضم أدوات تنويع وشركات ادارة أصول، كانت تبدو وكأنها تفضل التوجه إلى الأسواق المتقدمة خلال العام الماضي، حيث تمركز نحو 54% من أصول صناديق الثروات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي في هذه المنطقة، بينما استقطبت أمريكا الشمالية 29% واستقطبت أوروبا الغربية 19% من تلك الأصول. إلا أن قيمة تلك الإستثمارات تدهورت بحدة الآن لتبلغ 14% في أمريكا الشمالية و 4% فقط في أوروبا القارية نتيجةً لأزمة منطقة اليورو. ويبدو هناك تحول واضح باتجاه دول المنطقة من حيث التوزيع الجغرافي للإستثمارات. وارتفعت نسبة الاستثمار في الأصول الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي من 33% إلى 56%، حيث ارتفع الإستثمار في السندات المحلية من 6% من قيمة أصول صناديق الثروات السيادية القابلة للإستثمار إلى 14%. واستحوذت العقارات والبنى التحتية على حصة كبيرة من الأصول القابلة للاستثمار لتلك الصناديق، وبنسبة 13% و14% على التوالي . وقال نيك تولتشارد "تتلخص مجريات الأمور هذا العام في أنه لم يعد من المسلّمات أن توجه الحكومات التي تتمتع بفوائد سيادية كبيرة فائض عائداتها النفطية إلى جميع أنحاء الكرة الأرضية وتضخ النقود في اقتصادات مختلف دول العالم، ورغم حدوث بعض الإستثمارات الاستراتيجية الضخمة مثل صفقة الاستحواذ على بنك اسكتلندا الملكي أو غيره من الأصول المتميزة عالية القيمة، إلا أن تلك الاستثمارات لم تغير الوضع العام للأسواق. وستتاح أصول مثار جدل أمام مديري الصناديق في أسواقٍ مهمة ، إلا أنه مع تخصيص المزيد من الأموال للإنفاق على الإقتصادات المحلية، فمن المرجح اشتداد المنافسة على تلك الأموال طالما استمر الاقتصاد العالمي المضطرب على حاله".