تتذرع السلطات الصينية ب"الإرهاب الإسلامي" الشعار الذي صار شائعا دوليا لمعاقبة عرق الأويغور الصينيين المسلمين بشكل جماعي، وترهبهم السلطات بأنها ستقوم بإجراء تجارب نووية قرب أماكن إقامتهم، وتتم معاملة المسلمين في الصين باعتبارهم غرباء وليسوا من اهل الصين حيث يحرمون من حقوقهم المدنية والدينية. ولا يقتصر الإسلام على العِرق الأويغوري، وإنما يشمل تسع قوميات وأعراق صينية اخرى هي "الهوي"، و"القازاق"، و"الدونغ شيانغ" و"القرغير" و"السالار" و"الطاجيك" و"الأوزبك" و"الباوان" و"التتار". ويتتعرّض الأويغور المسلمون إلى حملات قمع كبرى على يد عِرق ال"هان" الصيني،الذي قتل منهم أكثر من مليون مواطن مسلم، أثناء إلغاء استقلال دولتهم وضمّها بالقوة إلى جمهورية الصين الشعبية عام 1949 لتشكِّل العِرق السادس والخمسين بعد أعراق معروفة مثل "هان"، "مان"، "منغوليا"، "هوي"، "التبت"، "تشوانغ"، و"مياو ويي"، آخذين بعين الاعتبار أنّ قومية ال"هان" تمثل 92 % من الشعب الصيني الذي يبلغ تعداده نحو مليار وأربعمئة مليون نسمة. فلقد أسس الإيغورمملكتهم التي كانت تمتد من منشوريا شرقاً، إلى بحر قزوين غرباً عام 744م. وقد تعرضوا عبر التاريخ إلى عشرات الغزوات القوية، أبرزها غزوة جنكيز خان عام 1209م، وغزوة السلاجقة الذين قتلوا منهم أكثر من مليون أويغوري مسلم، أما الاجتياح الشيوعي لهم عام 1949 فقد قتل منهم هو الآخر أكثر من مليون مسلم، وابتلع دولتهم المستقلة التي كانت تسمّى ب"تركستان الشرقية" وتم تغيير اسمها الى "شينغيانغ" الذي يعني "التخوم الجديدة". وكان الأويغوريدينون بديانات مختلفة شأنهم شأن الشعوب والأعراق الأخرى المحيطة بهم، فقد كان شعب الأويغور يعتنق البوذية والمسيحية والنسطورية والزرادشتية حتى القرن العاشر الميلادي، ثم دخل غالبيتهم في الإسلام، واعتنقوا المذهب السُني، وبدأوا يتعرضون إلى بعض المضايقات التي تضخمت في ظل نظام الحزب الواحد الشمولي في جمهورية الصين الشعبية إلى حد منع موظفيهم وطلبتهم من تأدية الشعائر والطقوس الدينية الإسلامية، ومنع النساء والطالبات من ارتداء الحجاب واعتقالهن، حتى وصل تطرف السلطات حاليا الى حظر الصيام في شهر رمضان الأخير، وقد قامت السلطات الأمنية في إقليم شينغيانغ إلى إجبار الطلبة على الإفطار مع أساتذتهم للتأكد من أنهم لا يؤدون فريضة الصيام التي تعتبر ركناً أساسياً من أركان الإسلام الخمسة، وأكثر من ذلك فإن أحد المستشفيات الحكومية قد أجبر العاملين المسلمين فيه على توقيع تعهّد يقرّون فيه بالامتناع عن الصوم. كما قامت الصحف الرسمية الصينية في شينغيانغ منذ مدة طويلة قبل شهر رمضان الماضي، بنشر مقالات تُحذِّر فيها من المخاطر الصحية الجمّة في حال الانقطاع عن تناول الطعام والشراب. ويصل تعداد الأويغور إلى 12 مليون نسمة، يعيش نحو (11.370.000) منهم في الصين، أما البقية الباقية فتتوزع على ست دول أخرى وهي، كازاخستان وأوزبكستان وقرغيزتان وتركيا وروسيا وأوكرانيا. وتتميز شينغيانغ بثرواتها الطبيعية الكثيرة كالنفط، والغاز الطبيعي، وخام اليورانيوم، كما أن مساحتها الواسعة وتنوعها الجغرافي قد جعلاها هدفاً رئيساً لجمهورية الصين الشعبية التي سعت بكل ما تملك من طاقة لتذويب هذه القومية المسلمة، واتهمت الناشطين في الإقليم بالانفصاليين وممارسي الإرهاب، كما هو الحال مع شخصيات معروفة أمثال الباحث "إلهام توتي"، وسيدة الأعمال والناشطة السياسية "ربيعة قدير" وأبنائها الأحد عشر الذين لم يفلتوا من الاعتقالات المتواصلة. ويعمل ناشطوا الايغور على الاتضمام للأحزاب والحركات السياسية المطالبة بالاستقلال، ك"الحزب الإسلامي التركستاني"، و"الحركة الإسلامية" شرق تركستان، المتهمتين بالإرهاب من قِبل الولاياتالمتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الأمر الذي منح الحكم الشمولي الصيني ذريعة لمعاقبتهم عقوبات جماعية كلما سنحت الفرصة. وتقومالحكومة الصينية بعمليات نهب منظم لثروات البلد الطبيعية، وأفرغت الإقليم من سكانه الأويغوريين ووزعتهم على أقاليم أخرى، كي يشكلوا فيها أقليات ضائعة ومنسية، كما هدّمت مدارسهم، وقوّضت مساجدهم وفرقتهم، كما قامت الحكومة الصينية بإجراء 46 تجربة نووية في موقع "لوبنور" على مدى خمسين عاماً، الأمر الذي ادى إلى كارثة بيئية حيث تلوثت الأراضي والمياه والنباتات والأطعمة، وارتفعت مستويات الاصابة بالسرطان إلى معدلات قياسية بسبب تسرّب الإشعاعات النووية من مواقع التجارب العديدة التي تقع ضمن الأراضي الواسعة لإقليم شينغيانغ الذي تبلغ مساحته سدس الأراضي الصينية. ويُقدّر عدد الضحايا الذين ماتوا بسبب السرطان نحو ربع مليون مواطن أويغوري، بالإضافة الى ذلك، فقد أنشأت الحكومة الصينية أكبر معتقلات الأشغال الشاقة في إقليم شينغيانغ الذي يقاوم عملية التذويب العرقي التي يتعرض لها الشعب الأيغوري في العصر الحديث.