يبدأ غدًا - الثلاثاء - نحو ثلثى الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابًا مفتوحًا هو الأضخم من نوعه فى تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة - وسط ترقب إسرائيلى كبير - ونقلت مصادر قريبة من الأسرى تأكيدهم مواصلة الإضراب حتى تحقيق مطالبهم كاملة. وتتركز مطالب الأسرى فى عدة بنود تم التوافق حولها وهى: إنهاء سياسية العزل الانفرادي، واستئناف برنامج الزيارات للأسرى خاصة أسرى قطاع غزة، إلغاء العمل بما عرف ب"قانون شاليط" وهى السياسات التى اتبعتها إدارة السجون الإسرائيلية عقب صفقة التبادل الشهيرة التى تم بموجبها إطلاق الجندى الأسير جلعاد شاليط وتركزت فى التفتيش العاري واقتحام الغرف ومنع ادخال الصحف والمجلات ووقف استكمال التعليم. كما يطالب الأسرى بتحسين العلاج الطبي لهم ووقف سياسة التفتيش والإذلال لأهالي الأسرى خلال الزيارات على الحواجز، ووقف العقوبات الفردية والجماعية بحقهم. وقال الناطق باسم جمعية "واعد" للأسرى والمحررين عبد الله قنديل إنه تم التوافق على قيادة موحدة للإضراب، مشيرًا إلى أن هناك إجماعًا من أسرى جميع الفصائل "فتح وحماس والجهاد والشعبية" للدخول فى هذا الإضراب، باستثناء أسرى حركة "فتح" من الضفة الغربية. وأكد قنديل على مشروعية مطالب الأسرى فى مقدمتها إنهاء سياسية العزل الانفرادي، لافتًا إلى أن هناك بعض الأسرى مضى عليهم فى العزل أكثر من 13 عامًا وهو ما يتنافى مع حقوق الأسير. وأرجع الناطق باسم جمعية "واعد" للأسرى غياب باقي الأسرى عن الإضراب لضعف التنسيق بين الأسرى فى السجون ويعود ذلك للسيطرة المشددة لسلطات الاحتلال، مشيرًا إلى أن نسبة من سيخوضون الإضراب تقدر بنحو 70%. وأشارت إحصائية فلسطينية إلى أن عدد الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية يبلغ نحو 4700 أسير، وقال الناطق باسم جمعية "واعد": "إنه بحسب ما ورد الينا من داخل السجون فإن الأسرى يتمتعون بمعنويات عالية وما ينادون بتحقيقه يطالبون به منذ أكثر من 3 سنوات فى ظل مماطلة مستمرة من الاحتلال فى تلبيتها"، منبهًا إلى أن الإضراب ليس عملية سهلة فهى معركة نفسية داخلية كبيرة فى ظل ظروف قاسية يعيشها الأسير. وفشل الاجتماع الذي عقدته لجنة برئاسة مدير مصلحة السجون الإسرائيلية إسحق سخاي مع قادة الأسرى، وانتهى فى وقت متأخر من الليلة الماضية دون نتائج، إذ طلب إسحق تأجيل الإضراب لمدة عشرة أيام ودراسة مطالب الأسرى الأمر الذي قوبل بالرفض وأعلن رسميًا عن الإضراب يوم غدٍ الثلاثاء. وقال وزير الأسرى فى السلطة الوطنية الفلسطينية عيسى قراقع إن عدد الأسرى الذين سيخوضون الإضراب يبلغ 1600 أسير من جميع الفصائل. وأضاف: "إن لجنة مشكلة من إدارة السجون الإسرائيلية بدأت الاجتماع ببعض الأسرى للتحاور معهم والاستماع إلى مطالبهم ودراستها فى محاولة لإبعادهم عن الإضراب، إلا أنه رأى أن هذه اللجنة قد تكون لامتصاص غضب الأسرى أو خدعة من إدارة السجون. وأكد قراقع تعقيبًا على الإضراب أن الوضع داخل السجون أصبح صعبًا للغاية وخطيرًا جدًا، وأن حكومة إسرائيل قد اتخذت الأسرى عنوانًا للانتقام من الشعب الفلسطيني ومن القيادة الفلسطينية، وهذا يتطلب عدم الاختلاف لمواجهة هذه التحديات التي يتعرض لها الأسرى. وأضاف "لا نقبل أن تجر الحركة الأسيرة وراء أي أجندة سياسية وتنظيمية، فالأسرى دائمًا موحدون وأن خطورة الوضع في السجون تتطلب رؤية وبرنامج موحد". من جانبه قال وزير الأسرى والمحررين فى حكومة "حماس" بغزة عطا الله أبو السبح، إن الأسرى الفلسطينيين يعانون من جرائم مستمرة ومتواصلة تقوم بها إدارة السجون الإسرائيلية بحقهم كمنعهم من التنقل ومداهمة غرفهم والتفتيش العاري والعزل الانفرادي وغيره. وأشار إلى أن الأسير عبد الله البرغوثي المحكوم بالسجن 67 سنة، والأسير حسن سلامة المحكوم 46 سنة وغيرهم من الأسرى يعانون من شتى ألوان التعذيب والضغط النفسي والمعنوي، إضافة إلي تعرض بعضهم للضرب المبرح كما حدث مع الأسير عباس السيد في وقت سابق مؤكدًا أن مثل تلك الجرائم دفعت الأسرى في سجون الاحتلال إلى خوض الإضراب المفتوح عن الطعام لوقف الانتهاكات بحقهم. ونبه عطا الله أبو السبح إلى أن جرائم الاحتلال طالت الأسرى المحررين في صفقة التبادل على الرغم من تعهد إسرائيل بعدم المساس بهم، إلا أنها أعادت اعتقال عدد منهم وتم إبعاد بعضهم إلى غزة لزيادة معاناتهم. وقال: "إن الأسرى يخوضون معركة الكرامة لانتزاع حقوقهم التي نصت عليها المواثيق والأعراف الدولية في ظل تعدد وتنوع الجرائم التي تمارس بحقهم. وأضاف: "إن وزارته تعمل على مساندة الأسرى والوقوف إلى جانبهم والعمل على رعاية أبنائهم وفضح جرائم الاحتلال بحقهم". وفى السياق، دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إلى ضرورة دعم الأسرى فى إضرابهم المفتوح عن الطعام غدًا في سجون الاحتلال احتجاجًا على انتهاكات الاحتلال المستمرة وللمطالبة بحقوقهم الإنسانية التي يحرمهم منها الاحتلال بشكل ممنهج. كما دعا تجمع النقابات المهنية الفلسطينية بغزة إلى التضامن الواسع مع الأسرى فى اضرابهم غدًا والمشاركة في الفعاليات الاعتصامات التضامنية معهم، ودعم صمودهم وتحديهم للسياسات العنصرية الإسرائيلية بحقهم ورفضهم للاعتقال الإداري وطلبًا للحرية من خلف القضبان.