هل تذكرون مسرحية مدرسة المشاغبين التي قدمها المسرح أوائل سبعينيات القرن الماضي و كانت تضم نخبة من الممثلين المغمورين وقتئذٍ .. ثم إنطلقوا إلي عالم النجومية بعد هذه المسرحية بالذات .. هل تذكرون المكان الرئيسي الذي كانت تدور فيه أحداثها .. كان فصلاً دراسياً في إحدي المدارس التي تنتشر في ربوع مصر بطولها و عرضها .. أبطال المسرحية كانوا ناظر المدرسة .. مدرسة الفصل .. و تلاميذ الفصل .. أحداث المسرحية كانت النموذج الأمثل لإزدراء العلم و تسفيه عناصره و رموزه بدءاً من الناظر نفسه وصولاً إلي مدرسة الفصل مروراً بنماذح منفرة من التلاميذ .. حوار "الأبطال" لو كان أعدي أعداء الأمة كتبه ما كان كتبه كما قاله ابطال المسرحية .. إن هذه المسرحية "الكارثة" أسست لعهد جديد من تعامل عناصر العملية التعليمية مع مكان العلم المقدس "الفصل المدرسي" .. تصرفات حمقاء .. إستهانات برموز العلم من الناظر للمدرسة .. حوارات مبتذلة عديدة لا أذكر منها إلا مقولة أحد الأبطال "العلم لا يُكيل بالبتنجان" يعني لا قيمة للعلم و لا للإجتهاد في تحصيله و لا فائدة منه .. و غيرها من العبارات التي ترسخت في أذهان كثيرين من التلاميذ الذين شبوا عليها .. و بعضهم شاب عليها أيضاً .. حفظ الكثيرون من التلاميذ عبارات و تصرفات و سلوكيات كل ابطال المسرحية بلا إستثناء و إتخذوها نموذجاً عصرياً في التعامل مع العلم و أهله فقلدوها و سارت نهجاً لهم .. يمكنك القول بكل إطمئنان أن عصر العلم في مصر ينقسم إلي فترتين .. الأولي ما قبل مسرحية مدرسة المشاغبين و الثانية ما بعد مسرحية مدرسة المشاغبين .. "العلم لا يكيل بالبتنجان" قالها بطل المسرحية فكانت أفضل دعاية لإزدراء العلم حتي لو كانت علي سبيل الدعابة .. كانت الدعابة الفجة فليس في كل مقام تجوز الدعابة و التفكه و التندر .. فما بالك بأماكن لها القدسية مثل "مكان العلم" .. الدراما السينمائية أشد أدوات توجيه الرأي العام إصلاحاً له أو فتكاً به .. و قد كانت تلك المسرحية الكارثة من النوع الثاني .. فقد قال قولته فإنهارت دولة العلم في الوطن .