شهد ميدان التحرير في جمعة الثورة أولا حضورا نسائيا مكثفا من كل الطبقات والأعمار، حيث وقفت النساء إلى جانب الرجال يطالبن بسرعة الانتهاء من محاكمة رموز العهد البائد وعلى رأسهم الرئيس المخلوع حسني مبارك وأفراد عائلته وكل من ساهم في قتل الشهداء . خديجة محمد علي حسنين 61 سنة من مدينة بدر.. الزلزال. سيدة كبيرة السن تلبس جلبابا متواضعا أسود اللون، يبدو عليها الفقر الشديد والعشوائيات، تمشي منهكة تجر ساقيها بعينها الواحدة.. لفت نظري أنها تحمل لوحة مكتوب عليها (لا للمحاكمات العسكرية) سألتها: = ماذا تفعلين هنا يا حجة؟ - بحرقة شديدة قالت مع الشباب دول إزاى اسيب الشباب الجميل ده لوحده! = ومن كتب لك هذه اللوحة؟ - أخدتها من واحد ربنا يكرمه قالي اتفضلي يا أمي. - تظنين أن وجودك مهم وسوف يأتي بنتيجة؟ - لازم يجيب نتيجة أمال إيه.. الناس غلابه، والناس تعبت.. نزلت ميدان التحرير أشارك مع المظلومين وحتى لا يضيع دماء الاطفال والشباب اللي قتلوا هدر، أنا واحدة "غلبانة" والمعيشة صعبة.. أخذ معاش 130 جنيه إزاي أعيش بهيم والأسعار نار..!! من 5 سنين أجري على بطاقة تموين وكل مرة أذهب إلى وزارة التموين يقولوا مرة اذهبي إلى (الفنطاس) الفسطاط ومرة قدمي بحث، دوخوني قلت لهم "حرام عليكم" أنا ست كبيرة والصحية على قدي.. كنت باشتغل وتعبت، وبنتي مريضة وجوزها أرزقي، وابني يوم يعمل وأيام لا يعمل، أيام جمال عبد الناصر كان خير.. علم الفقراء في المدارس، وكان ياخد من الغني ويعطي الفقير ورغم "القرش قليل" ولكن كانت ايام كويسه كيلو السكر ب 15 قرش، وكان بيته عادي ليس مثل مبارك، سرايا هنا وسرايا هناك وفي كل حتة، هايعيش في ده كله إزاي كل رجل في حتة واللا كل إيد.. لا وإيه السراية حواليها حراسة على بعد وحولها ظلام ، يخشى أن يوقد النور حتى لايضربه أحد، وليس مبارك فقط، يوجد كثيرون بلا ضمير، يسرقون الناس والبلد.. ولسه قاعدين. = وماذا ايضا يا حجة؟ - زمان كانت جارتنا تقولي تروحي تنتخبي وتاخدي 20 جنيه أقول لها لأ.. لكن جيراني كانوا بيروحوا.. وأهم طلعوا مزورين وحرامية..هاستمر أنزل الميدان حتى نتخلص من باقي الظلمة والحرامية.. ونحاكم اللي قتلوا الشباب.. الجمعة دي اسمها جمعة التطهير وإن شاء الله البلد هتطهر من الحرامية اللي واكلين قوتنا.. = طيب يا حجة شكرا وربنا يديك العافية.
سرب من الفراشات صغيرات ألهبت الشمس خدودهن فزادتهن جمالا.. يتحدثن فيما بينهن عن المحاكمات والضباط الذين حصلوا على البراءة.. اللهجة غير قاهرية تخيرت فراشتين منهن: تقول فاطمة الزهراء شطا 16 سنة : أنا من المنصورة جئت ميدان التحرير من أجل تطهير بلدنا من النظام الفاسد الذي حكمنا 30 عاما، ومن أجل دم شهدائنا لن يضيع هدر وأيضا الضباط الذين أفرج عنهم بالباطل.. وقالت: إنها كانت مشاركة من بداية الثورة في ميدان المحافظة بالمنصورة وجاءت اليوم لميدان التحرير مع والدها ومجموعة من الأصدقاء. = وهل وجودك هنا.. مهم في اعتقادك؟ .. قالت ببلاغة فائقة: - يعني الشباب يموت ويضحي بحياته واحنا ننام في بيوتنا. تقول سارة عيد شردي 15 سنة من المنصورة – المنزلة : جئت التحرير أول مرة اليوم مع أصدقاء وصديقات وأقارب وأيضا والدتي ونحن ضد الافراج عن قتلة الشهداء، وترك البلطجية ينزلون إلى الشوارع للترهيب ويجب الاسراع في المحاكمات لانها بطيئة وظالمة، وكنت مشاركة في ميدان المحافظة ولكن صممت أن آتي إلى ميدان التحرير اليوم.. أجرنا أتوبيس وجينا.. رغم أن والدي كان يخشى علي من البلطجية لكننا مع مجموعة من الاخوان المسلمين، وأنا مع الانتخابات أولآ لأن أكثر الشعب قالوا نعم. ننتقل إلى فتيات القاهرة لنتعرف على درجة وعيهن.. تقول يارا 15 سنة من القاهرة: نزلت ميدان التحرير مع أخواي وخالتي نطالب بمحاكمة الذين لم يحاكموا حتى الآن وأنا متفائلة أن الشعب أشعل الثورة مرة أخرى ولابد يحقق مطالبه هذه المرة، وأعتقد أن الانتخابات تكون أولا وحين نختار رئيسا صالحا نبدأ في عمل الدستور الجديد. تقابلنا مع طبيبة الميدان الدكتورة أماني صادق 25 سنة، مشتركة في مستشفى الميدان تقول كنا طوال الثورة اول مستشفى ميداني، أتجول بحثا عن الحالات.. انطباعي عن الناس اليوم أن الجميع غير متفقين على مطالب محددة ، أو مطالب واحدة سوى مطلب سرعة المحاكمات، ولا ندري لماذا القضاء يبرئهم رغم تورطهم في هذا الفعل وهم معروفون بالاسم.. قطعت الكلام فبعينها الفاحصة التقطت حالة إعياء فأسرعت إليها ووجهت زميلاتها بحملها إلى المستشفى وتقدمتهم إليها.