هل أصبح الذهاب إلي ميدان التحرير إدمانا؟ هل لخص التحرير الوطن؟ هل يعطي التحرير للمصريين ثقة في المستقبل؟ هل يمتلئ الشباب بالشجاعة في التحرير؟ عن نفسي أتذكر مقولة قالتها لي سيدة المسرح الصديقة سميحة أيوب حينما قلت لها إنني استمتع بالمسرح دون الفنون التمثيلية كلها قالت لي: المسرح هو مواجهة مع البشر.. دماء تتدفق وتوصل لك بفن واقع أي قضية في الحياة.. وقالت لي الصديقة الناقدة آمال بكر المسرح هو فن مواجهة الفنان لجمهوره.. حيث يملك كل منهما اللحظة وانا اشعر دائما كلما نزلت إلي التحرير أنني في مواجهة مع التغيير والإصرار.. واختلفت الأمور بعد ثورة نوفمبر.. أحسست بنضوج الشباب فقد أجمع معظم ما تحاورت معهم أنهم أخطأوا حينما اعتقدوا ان الثورة نجحت بسقوط مبارك وتركو الميدان قال لي زهير فراج طبيب متطوع في الميدان: أنا هنا من يناير.. حتي شهداء يناير كانوا مختلفين.. حتي الجرحي كانوا مختلفين.. شهداء يناير سقطوا باصرار المقاومين علي انهاء الثورة بالرصاص وبسرعة وبأوامر الخائفين علي الكراسي شهداء نوفمبر كانوا بإبداع شرير وتصميم علي القضاء علي الثورة وبجنون استعمال كل الوسائل غير المشروعة وباحساس الذي يمسك السلاح بمقدرة وكأنه أصبح القضاء والقدر!! تركيبة البشر تغيرت أصبح التحرير مرصدا للمصريين قابلت الدكتور صيدلي أيمن عامر وحرمه الدكتورة أمل الصيرفي مواطنان يعيشان في لندن تركا أولادهما الأربعة »3 في الجامعة وطالبة في ثانوي« وجاءا ليشاهدوا ثوار الميدان قالا لي جئنا أيضا للمساندة.. قال الدكتور أيمن.. جئت لأري بعيني وأساند وأشارك هؤلاء الشباب الأبطال أنا أعلم أن المعركة الحقيقية هنا إذا انتصر الميدان انتصرت مصر..! أغراني بالسؤال: وكيف تري الميدان؟ - قال لابد يوحد صوته! هنا بعض التفتيت في الأصوات لابد يكون هنا قيادة يتكلموا باسمها والقيادة جماعية وهنا الاختلاف في ثورات الشباب المتعامل مع التكنولوجيا الحديثة وثورة يوليو وسعد زغلول ومن قبلها عرابي التي كانت تلتف حول قيادة ومطلب واضح مواجهة الاستعمار في عرابي وسعد زغلول مواجهة الملك والحاشية والأسلحة الفاسدة في يوليو أما ثوار التحرير فقد واجهوا فسادا وقهرا ونهبا وتدخل شاعر التحرير محمود عبدالله »وبالمناسبة للتحرير شعراء وأصحاب هتافات محددة« قال الشاعر أرفض قيادة ممكن تسحب الشباب الفكر مختلف الرأي الجماعي هو اللي أسقط النظام والرأي الجماعي هو اللي حيصلح المسار وعلي هتاف سحب السجادة من تحت الدكتور أيمن والشاعر محمود عبدالله.. الضرب ده كله ليه إحنا في سوريا ولا إيه؟ ورد ثائر سوري يزور الميدان.. استوردتوا الهتافات.. دي مصر منبع الهتافات .. سألته عن اسمه وعمله قال باللهجة الشامية الساخرة: اسمي معتز منير باشتغل معارض سوري بالاستشعار عن بعد.. يعني من أم الدنيا من القاهرة وجاي التحرير اتعلم الاصرار وقال السوري موجها كلامه للشباب.. - كيف الخروج من المأزق؟ رد سيد عصام طالب علوم سياسية: لابد تصدر الأحكام علي الذين قتلوا الشباب .. ورد هاني مشرفة صاحب مطعم.. لابد من تسليم السلطة لوزارة الانقاذ الوطني بسرعة قبل ما مطالب التحرير تعلي.. ويقاطعنا شاب: الشناوي هرب.. الضابط اللي قلع عنين الثوار هرب تصوروا وزير الداخلية يعلن في التليفزيون في شريط الاخبار ان الشناوي هرب!! ويرد شاب: يعني اللي قتلوا ومحبوسين في طره كانوا اتحاكموا!! دم الشباب راح هدر يا اللي في الميدان!! وتقاطعه ليلي هشام سري »اقتصاد وعلوم سياسية« تقاطعه بحماس وصوت باكي - اوعي تقول الكلام ده في الميدان.. كله حيتحاكم طوال ما احنا في الميدان محافظين علي دم الشهداء ويجئ شاب من لجنة انتخابات - الإخوان بيقولوا عيني عينك أمام اللجنة انتخبوا فلان علشان تروحوا الجنة.. وترد هالة الضروي - لازم تبلغ لأن دي مخالفة صريحة ويقفز سؤال: مين هنا انتخب؟ وكثرة ذهبوا للانتخاب ثم جاءوا إلي الميدان.. سألت أحدهم: لم يذهب للانتخاب.. مارحتش ليه؟ - واخذ موقف.. مش عيب تاخذ موقف من مصر؟ الانتخاب ده أولا علشان تختار من يمثلك في البرلمان، ثانيا علشان تثبت ان مصر تغيرت بكم.. وردت هالة: وأنا انتخبت لأن لابد آخذ حقي وأدي لبلدي حقها عليّ.. حقك في الميدان.. حقك تسليم السلطة من العسكر للمدنيين.. قالت هالة: العسكر جزء من منظومة الوطن ولهم وظيفة في الدستور.. حماية الوطن في الخارج والداخل.. واخترقت المجموعة المذيعة انتصار غريب منسق حركة ثوار الآثار وجبهة نور للاعلام لجمع توقعات لتشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف علي حقيقة ما حدث تجاه الشعب المصري في شارع محمد محمود والذي يعتبر جرائم حرب. وقرأ أحد الشباب المنشور وقال لها: ياست هانم الأول نحقق تسليم السلطة وبعدين ننظم نفسنا ونجمع مشاكلنا ونبدأ نفكر في الحلول.. حتعملي زي إللي خرجوا بعد الثورة مباشرة يطالبوا بحقوقهم اللي سابوها سنين.. واشعر بالجوع والبرد القارس وأذهب لبائع البطاطا ومظهره يدل علي أنه طالب أو موظف.. عاوزه باتنين جنيه.. وبأدب جم وبعدم خبرة في تقطيع البطاطا قال لي: اتفضلي.. سألته: انت هنا من يناير؟ ابتسم وقال لي: لأ جيت بعدما قفلت المكتبة.. أنا طالب في كلية الصيدلة وباشتغل بائع في مكتبة وبعدما قامت الثورة وجيت التحرير كنت باجي بعد الظهر ولما قفلت المكتبة سألت بياع بطاطا أعمل إيه؟ دلني علي بتوع الأفران والعربيات وشرح لي أعمل إيه.. الفرن ايجار والعربية ايجار ودفعت ثمنهم بالتقسيط وفُرجت.. - سبت الكلية؟ لأ.. أنا في سنة ثالثة.. بس يمكن بعدما اتخرج الاقي البطاطا شغلتي لأن الشغل أصبح مستحيل.. البطاطا أحسن البطالة وجاء إليه مجموعة من الشباب ووقفوا يتناقشون حول الاعتصام حتي اعلان حكومة الانقاذ الوطني.. أحس أنني في قلب الحدث وقلب مصر وأحس بنبض الثورة.. وأرفض تماما النغمة الجديدة التي أعلنتها بعض قنوات التليفزيون المغرضة والتي تنادي بنداء دخيل شديد الحقارة مدسوس ع الميدان دكتاتورية الثوار.. قال لي شاب: بيقولوا اللي يقولوه.. نحن لا نطالب لأنفسنا نحن نطالب لمصر وترابها دواء لعينينا.. هذه هي صورة شباب التحرير الذين يفترشون الأرض وينامون تحت المطر لدخول مصر عصر جديد.. شريف.. وبدأ التغيير والعصر الجديد بالإنسان المصري الرائع الذي أقبل علي الانتخابات اقبالا ظهر فيه التغيير.. وارتفع صوت امرأة في طابور الانتخابات في بولاق.. أنا الانتخابات اللي فاتت أخذت حتيتين جبنة وسكر وزيت ولحمة.. لكن رفضت المرة دي أي حاجة.. مصر أغلي من ده كله.. مصر أغلي من عينينا والله العظيم.. صدقت يا سيدتي.. يكفي هؤلاء الثوار استعادة الإنسان المصري لكيميائة العبقرية.. هل إذا انتصر الميدان انتصرت مصر؟ قبل الطبع.. رحلت بهيرة مختار والصحافة حياتها منذ عام 5591 لم تغب ابتسامتها واقبالها علي الحياة.. طالبة شابة في قسم صحافة بآداب القاهرة.. ظلت منذ أن كانت طالبة تعمل وتبدع في العمل الصحفي وتثبت في كل موقع عملت فيه سواء في التحقيقات أو المقالات شديدة المقدرة علي التوصيل كانت بهيرة مختار من خلال اقبالها علي الحياة وحبها للحياة ناجحة في كلمة كتبتها كانت بهيرة مختار تملأ أي مكان توجد فيه بالبهجة والمرح.. ذهبت بهيرة مختار الكاتبة والمحققة المبدعة ولكنها كأي عطر قوي تركت عطرها في حياة كل منا.. انها لم ترحل فقد مزجت ابتسامتها بحياة كل منا وكم حولت من مآسينا إلي ابتسامات رحمها الله وعوضها خيرا في الآخرة ما لم تكن في الدنيا حيث لم تكن تطمع في أي مكسب سوي النجاح في عملها وقد نجحت.