في منتهي التعجب و الإنهاش ... بل و الألم ... ممن لا يدركون خطورة القضية الأكبر التي تواجه مهنة "الصحافة" ... و هي القضية التي تنسحب إلي مهن أخري متعلقة بالهنة و هي مهن العاملين فيها ... من فنيي تنفيذ ... عمال طباعة ... عمال توزيع ... مندوبوا إعلانات و تسويق ... زملاء إداريين ... إلي آخر كل المهن التي يتعلق وجودها بمهنة الصحافة ذاتها . و المقدمة ببحث قضية مهنة الصحافة كخطوة أولي لبحث كل القضايا الأخري التي تواجه "صناعة الصحافة" ليس نابعاً إلا من الترتيب المنطقي لإنجاز الجريدة ... فإن لم يكتب الصحفي أولاً ... فلن يجد الزميل فني التنفيذ ما ينفذه ... و لن يجد الزميل عامل الطباعة ما يطبعه ... و لن يجد الزميل عامل التوزيع ما يوزعه ... و لن يجد الزميل مندوب الإعلان ما يروجه ... و هكذا كلها حلقات متسلسلة متشابكة مع بعضها البعض تتماسك و تترابط حتي يكون المنتج النهائي في شكل الجريدة الورقية المطبوعة التي تُطرح للبيع في السوق . قضية الصحافة الحالية هي في تغير "المفاهيم" التي نتجت عن تغير "الأجيال" ... جيل شباب العشرينيات الحالي و معه جيل الثلاثينيات من شباب الصحفيين هو الذي يشكل مستقبل الصحافة ... هذا الجيل : ولد و نشأ و تربي علي تقنيات العصر الحديث التي أبعدته عن "ملامسة" الجريدة الورقية ... أكثره لا يهتم بالإنضمام إلي نقابة الصحفيين إلا من أجل البدل النقدي و ليس حباً أو عشقاً للكيان النقابي الذي يحتمي به و يلوذ دفاعاً عن شخصه ... لم يجد أي رعاية أو متابعة أو إهتمام من كيان النقابة بمستقبله المهني بدءً من عدم التصدي لبعض الصحف الخاصة التي بدأ بعضها في التخلص منهم فعلاً .. و إنتهاءً بعدم التدقيق الواجب في من يتقدم للتسجيل في جدول النقابة ... هذه حقائق يجب مواجهتها و الإعتراف بوجودها و محاولة إيجاد حلول جذرية لها حتي نضمن بقاء مهنة الصحافة علي قيد الحياة ... و من ثم ... بقاء صناعة الصحافة كلها علي قيد الحياة ... إنها صناعة تضم عشرات الآلاف من المواطنين المصريين الكادحين ... يعملون في مهنة عمرها أكثر من قرنين من الزمان ... إنما يقع العبء الأول في مناقشة و إيجاد حلول تلك القضية الجوهرية علي المجلس الأعلي للصحافة و نقابة الصحفيين التي "نزح" كبارها نحو الفضائيات ...