في العصر الحالي تغير ترتيب أولويات القضايا عند الجميع أفراداً و مجموعات، في كل مجال، و كل إتجاه، فإذا تطرقنا إلي شأن نقابة الصحفيين الذي أتشرف بالإنتساب إليها، تجد أن "القضية السياسية" في عهد السيد النقيب كامل زهيري مثلاً كانت في المركز الأول، حينما تصدت النقابة لنية الرئيس الراحل أنور السادات تحويل النقابة إلي مجرد نادي إجتماعي للقاء الصحفيين و أسرهم بعيداً عن الحديث في الشأن السياسي الذي يخص الوطن، و كانت حينئذٍ المعركة المشهورة، بينما في الوقت الحالي إستقرت القضية السياسية للنقابة عند تأييد القرار السياسي الذي يخدم الوطن بصفة عامة و يحمي مكتسبات الشعب فتراجع ترتيبها قليلاً لتحل مكانها "القضية الإجتماعية"، و هي عدة قضايا و ليست قضية واحدة إحتل كل منها الشغل الشاغل لمجموعات الصحفيين، هناك قضية مدينة سكنية، هناك قضية قطع أراضي محجوزة، هناك قضية الرعاية الصحية للصحفيين ... هناك قضية الأجور المتدنية التي نعاني منها جميعاً شيوخاً و شباباً. هناك قضية معاشات صحفيين أفنوا أعمارهم في خدمة المهنة، و هناك قضية شباب الصحفيين الذين تتلاعب بهم إدارات الصحف الخاصة، و هناك القضية "الأخطر" و هي إجابة السؤال "من يستحق الإنضمام لنقابة الصحفيين" و تلك مشكلة لجنة القيد و تحتاج إلي موضوع مستقل لما لها من خطورة علي المهنة ذاتها. أثق أن السيد الزميل الفاضل ضياء رشوان نقيب الصحفيين الحالي سيعيد ترتيب أولويات قضايا النقابة التي تهم جموع الصحفيين بما يلبي إحتياجاتهم فعلاً ليترك بصمته في فترة ولايته، فكما كان الموقف السياسي "بطولة" في مرحلة فمن الجائز جداً أن يكون الموقف الإجتماعي بطولة هو أيضاً لأن له ترتيب الأولوية في هذه المرحلة ... ثم هناك مشكلة كبيرة تواجه النقابة و هي شباب الصحفيين المظلومين دوماً ... و نكتبها بالعامية الجميلة .. الحقيقة بقي .. و الله ما بيتظلم في مهنة الصحافة دي كلها إلا شباب الصحفيين صغار السن اللي بيشيلوا الجورنال علي أكتافهم بشبابهم و حيويتهم و تحمسهم و جريهم في الشوارع و الميادين ينضرب عليهم رصاص و خرطوش و غاز .. هم دول المظلومين عن حق .. مظلومين سواء في الجريدة القومية أو حتي في الخاصة كمان .. هم دول مستقبل الصحافة لو أردنا أن يكون للصحافة مستقبل و لا تموت كأي صناعة أخري في الوطن .. هم دول الأولي بالرعاية و الإهتمام الأولي من نقيب الصحفيين حتي لو كانوا غير منضمين للنقابة المهم أنهم عاملون بالمهنة .. العيال الصحفيين الصغيرة بتموت في الشوارع بعد ما يقبضوا ملاليم آخر الشهر في الوقت اللي الصحفيين الكبار رؤسائهم بيقبضوا مرتبات خيالية بمعني الكلمة .. مع إن الرؤساء دول لما كانوا في سن الشباب كانوا في مكاتبهم بيجي لهم الخبر جاهز أو أقصي حاجه يعملوها تحقيق أو لقاء مع مسئول .. شباب الصحفيين اليوم هيطلعوا "أنشف" من رؤسائهم لأنهم إنضرب عليهم الرصاص و الغازات المسيلة للدموع ملأت صدورهم سواء كانوا شباب أو شابات و شافوا زمايلهم بيموتوا أمام أعينهم و مشيوا في جنازتهم و شيعوهم و دفنوهم كمان .. نقطة أخيرة ... رؤساء الصحفيين الشباب هيكرهوهم في مهنتهم و يخلوهم يكفروا بيها و الله ... و من لا يراعي شباب الصحفيين .. و كأنه يحكم علي تلك المهنة الجليلة التي كتبت تاريخ الوطن بالموت .. إحتضنوا شباب الصحفيين المستحقون شرف الإنتساب إلي نقابة الصحفيين ... لا تجعلوا النقابة أماً بلا رحم فلا تقدم للمهنة شباباً هم مستقبلها ... هذا إن أردنا للمهنة الحياة كما تسلمناها من عظماء سبقونا و هي تنبض بكل معاني الحياة نقابة الصحفيين هي نقابة كتبت تاريخ الوطن فإستكملوا كتابته بأقلام الشباب. و بينما "مصر"غارقة مشغولة منهمكة هنا في مشاكلها، هناك سد يتم بناؤه ليكون أداة التحكم في كوب شربة الماء، هناك بلد يتم تقسيمه علي مدخل البحر الأحمر ليكون قفل التحكم في باب مصر المائي الجنوبي فيخنق مشروع "مصر" المائي الأعظم قناة السويس، هناك علي يسارك بلد يتم إعداده ليكون قاعدة الهجوم البري علي أرض الوطن "مصر" أي وقت هناك علي يمينك فصيل مسلح جاهز أي وقت لإثارة الإضطرابات في "مصر". نحن محاصرون من الجهات الأربع ... كلها أسباب تدعو شعب "مصر" إلي الإلتفاف و إحتضان الجهة المصرية الوحيدة التي تنشد الموت في سبيل الوطن و الشعب "الجيش المصري" .