قال رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسي إننا أصبحنا أكثر اطمئنانًا بعد انتقال الثورة إلى مصر، ووضعنا العربي والإقليمي أصبح أكثر تماسكًا بحكم التأثير السياسي والاستراتيجي لمصر باعتبارها هى البوصلة الرئيسية التي يقاس من خلاها الوضع العربي، فإذا كانت مصر سليمة يكون الوضع العربي سليمًا وإذا كانت معتلة يكون الوضع العربي معتلاً. أوضح الوزير التونسي في لقاء مع عدد محدود من الصحفيين المصريين بمقر السفارة التونسيةبالقاهرة الليلة الماضية أن الخلل الذي لمسناه في الوطن العربي خلال السنوات الأخيرة كان سببًا من أسبابه هو تراجع السياسة الخارجية المصرية خاصة في الإطار العربي. ووصف العلاقات المصرية التونسية بأنها على أحسن ما يكون وستكون أفضل مما كانت عليه، مشيرًا إلى أن الثورتين التونسية المصرية قربتا بين الشعبين، وليس صحيحًا أنه تم استثناء مصر من احتفال تونس بعيد الثورة الأول معتبرًا هذا تأويلاً مجحفًا لأن هناك اتفاقًا في الرؤية بين البلدين لتقييم الأوضاع العربية، وسنعمل على التنسيق مع مصر ووجدنا الإرادة نفسها موجودة مع أشقائنا في القاهرة. وحول ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس ثم مصر قال وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام إنه كان من المفترض أن تحدث منذ الثمانينيات لأن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي أصيبت بالتخلف، والرموز الكبيرة التي كانت موجودة تبددت والأجيال الجديدة من الحكام العرب لم تكن لها رؤية لأو استراتيجية أو شرعية. وأضاف أن مبارك وبن على لم يكونا مؤهلين لأن يتوليا مقاليد الأمور في بلدين بحجم وإمكانيات مصر وتونس. وتابع قائلاً "إننا نواجه بعض الصعوبات في الأوضاع التونسية ولكنها قليلة قياسًا لما أنجزناه إلى الآن والتحدي الأكبر الذي يواجهنا في المرحلة المقبلة، هو الجانب المطلبي الاجتماعي الاقتصادي التنموي مثل مصر". وأوضح أنه لا يرى أن مصر متأخرة في خطواتها بالمرحلة الانتقالية بل تسير في الاتجاه السليم رغم بعض الصعوبات، وما نراه في مصر يشبه الوضع التونسي، ودائمًا نقول "إن تونس هى مصر صغيرة"، وإذا أردتم قراءة الوضع المصري فانظروا إلى النافذة التونسية الصغيرة، وهذا يعود إلى السياق التاريخي المتقارب بين تونس ومصر.. وردًا على سؤال حول الدعم الأوروبي الاقتصادي لتونس قال وزير الخارجية التونسي "حتى الآن لم نر شيئًا ملموسًا وكل ما تم هو وعود بمبالغ لدعم الثورات العربية وصلت إلى 20 مليار دولار لكن على المستوى العملي لم نتلق شيئًا يذكر وما زلنا ننتظر إيفاء الدول الأوروبية والغربية بوعودها". وحول الأوضاع في سوريا قال وزير الخارجية التونسي إننا نتعاطف مع الشعب السوري لأن هناك مطالب مشروعة من ديمقراطية وكرامة ومشاركة سياسية ولكن نحن مع المعالجة ضمن الإطار العربي ونرغب أن تتم معالجة الأزمة ضمن البيت العربي وتحت سقف الجامعة العربية. وأضاف أن الوضع في سوريا معقد وشائك بتركيبته الداخلية أو بالوضع الجغرافي السياسي والتوازنات الأخرى التي تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ودول الجوار وكل هذا لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار وبالطبع ارضاء كل الأطراف هو غاية لا تدرك ولكننا نتمنى من القيادة السورية أن تدرك عمق ومشروعية المطالب الشعبية وأن يجلس السوريون مع بعضهم البعض ويجدوا الحل الذي يرضى مختلف الأطراف المكونة للمشهد السياسي السوري بروح وطنية وضمن الإطار العربي وألا يفتح الباب أمام تدخلات أخرى. وعن دعوة البعض لإرسال قوات عربية لسوريا قال وزير الخارجية التونسي إن هذا أمر لا يزال بصدد الدراسة وليس هناك مطلب رسمي حتى الآن وسيدرس خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر له اليوم، الأحد، وليس لدينا موقف نهائي في هذا الموضوع. أوضح أن الديمقراطية في حد ذاتها هى الأداة التي تساعد على التخفيف من موجة التطرف والعنف، وأتصور أن الخط الغالب في مصر سيكون هو خط الاعتدال كما هو في تونس، بما في ذلك تيار "الإخوان المسلمون" في مصر وهو التيار الرئيسي وأنا أراه معتدلاً. وحول العلاقات مع السعودية وصفها الوزير التونسي بأنها جيدة، ويتم الترتيب حاليًا لزيارة رئيس الحكومة التونسية إلى السعودية.