رأت صحيفة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية أن الهجوم المزدوج الذى تعرضت له السفارة الجزائرية فى الرباط والقنصلية الجزائرية فى الدار البيضاء ، يطرح مجددا على الساحة العلاقات بين البلدين ويضع مستقبل اتحاد المغرب العربى على المحك. وذكرت الصحيفة في تعليق لها على تطور العلاقات الجزائرية المغربية على موقعها الإلكتروني أن الجزائريين يعلمون جيدا أن حادث تدنيس العلم الوطنى ليس "عملا منفردا" فلا يمكن أن تتخذ خطوة فى المغرب دون موافقة القصر الملكى ، بل إن الشك يساورهم فى أنه يقف وراء هذا الأمر، ويستندون فى ذلك إلى الخطاب الذى ألقاه ملك المغرب فى 11 أكتوبر الماضى أمام البرلمان بمجلسية وأعطى خلاله الضوء الأخضر للانتقال إلى العمل وقال فيه "بدلا من انتظار هجمات أعدائنا ينبغى أن نأخذ زمام المبادرة.. داعيا إلى التعبئة القوية واليقظة فى جميع الأوقات والقيام بمبادرات فعالة لإفشال مخططات أعداء الأمة". وأعربت الصحيفة عن الأسف لأن منحى ملك المغرب ساهم إلى حد كبير فى إضعاف "اتحاد المغرب العربى" وهو الاتحاد الذى لا تؤمن به المملكة العلوية على الإطلاق، فمنذ أن تأسس فى فبراير1989 فى مراكش، صدقت الجزائر على 29 اتفاقية وتونس على 28 وليبيا على 27 اتفاقية ، وموريتانيا على 25 اتفاقية ، فيما لم تصادق المغرب سوى على 8 اتفاقيات. ولفتت إلى أن هذه الأرقام تسلط الضوء بشكل واضح على عدم اكتراث المملكة ببناء "المغرب العربى" لأنها تعيش فى الغالب أحلام القرون الوسطى المتمثلة فى "المغرب الكبير" والتوسع الاستعمارى، وهنا خطت خطوة أولى فى غزوها للصحراء الغربية ولحسن الحظ فإن الشعب الصحراوى قد عرقل المسار الاستعمارى للمغرب ، وإلا فكان فى سبيله لغزو موريتانيا وشمال مالى والأقاليم الصحراوية فى الجزائر..وقد قوبل هذا المنطق المغربى بإدانة العالم كله. وأوضحت "الوطن" أنه يتعين على نظام الرباط أن يختار وبشكل نهائى.. هل يريد "المغرب الكبير" أم "اتحاد المغرب العربى " ؟ ؛ لأن هذا الخيار الوجودى هو الذى سيحدد مستقبله ويجب أن تعلنه مصادر دبلوماسية. وأشارت الصحيفة إلى أن غدا يوافق ذكرى "المسيرة الخضراء"، فهل سيواصل الملك محمد السادس السلوك اللامسئول أم سيثبت انفتاحا واحتراما للقانون الدولى ؟ فإذا كان يعتزم إلقاء خطاب مماثل لذلك الذى ألقاه فى 11 أكتوبر فلا يجب أن نتوقع الكثير وعلينا أن نعترف بأن الأمل قد مات. وخلصت الصحيفة إلى أنه ينبغى على القادة الجزائريين أن يقولوا لشعبهم إن المشروع المغاربى يعانى مأزقا تاريخيا وأن المسئولية فى ذلك تقع على عاتق المغرب، إذ أن حلم "اتحاد المغرب العربى" أصبح رهينة الأطماع التوسعية المغربية ، والبديل واضح هو استكمال حلم "المغرب العربى الكبير" مع أولئك المؤمنين به ؛ لأن ماقامت به مؤخرا ليس موجها ضد الجزائر فقط ولكنه جريمة تاريخية ضد المغرب العربى ككل.