احفاد الزعماء التاريخيين لمصر في عصرها الحديث غائبون عن عالم السياسة، بل أن اغلبهم توارى في زحمة الحياة، وانكفائه على ذاته لتدبير أمور حياته وأسرته ولقمة عيشه، لن تجد منهم أشخاصا بارزين سوى أبناء الزعيمين الراحلين جمال عبدالناصر والسادات، فعبد الحكيم الابن الأصغر لجمال عبدالناصر يبحث الآن له عن دور في سياسي بعد الثورة، بعد أن كان قد عمل بنصيحة أبيه بالابتعاد عن مستنقع السياسة، أما إخوته فينشغلون في وظائفهم ومشاريعهم الخاصة مثل جمال حفيد عبدالناصر لابنته منى الذي يمتلك مجموعة قنوات ميلودي الترفيهية والذي ذاع صيته وفضائحه خلال السنوات الماضية. وكان الرئيسان عبدالناصر والسادات قد اوصيا أبناءهما وأحفادهما بالابتعاد عن عالم السياسة وتجنب الغوص في مستنقعاتها، فكان لهما ما أرادا حتى الآن، وعلى الرغم من أن الرئيسين الراحلين اعتنقا الفكر الاشتراكي إلا أن أبناءهما وأحفادهما ابتعدوا عن هذا الفكر واعتنقوا الفكر الرأسمالي وامتلكوا الشركات الاستثمارية مثل جمال أنور السادات وأبناء عبدالناصر باستثناء بنات السادات من زوجته الأولى. إلا أن الغريب أن بعض أبناء الزعماء تفرغوا لإجراء المقابلات الصحفية وإقامة الدعاوى القضائية ضد من يسيئون إلى آبائهم واجدادهم، مثل رقية السادات التي أقامت العديد من الدعاوى القضائية ضد من يسيئون إلى والدها، ولعل أخطر دعوى قضائية اقامتها بعد الثورة كانت ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك متهمة إياه بقتل والدها فيما يعرف بحادث المنصة أثناء احتفالات أكتوبر 1981 غير أنها لم تجد طريقها إلى التحقيق بسبب وقوف إخوتها ضدها واعترافهم علنا بأنه لا وجود لأي دليل على أن مبارك ضالع في مؤامرة اغتيال السادات. بعيدا عن هذين الزعيمين لن تجد أشخاصا بارزين من أبناء وأحفاد الزعماء التاريخيين لمصر يظهر في الحياة السياسية أو الاجتماعية، فابن الرئيس الأول لمصر اللواء محمد نجيب كان يعمل سائقا لتاكسي، وأحفاد الزعيم التاريخي لثورة القاهرة الأولى عمر مكرم والذي بفضله تولى محمد علي حكم مصر يعملون حلاقين وصنايعية ومدرسين وغيرها من الأعمال البسيطة وليس لهم علاقة بعالم السياسية من قريب أو بعيد. بل أنهم عاجزون منذ وفاة جدهم عن الحصول على ميراثهم منه بعد أن تم ضمه لهيئة الأوقاف منذ عهد عبدالناصر، بسبب تعنت الهيئة معهم وانتشارهم في محافظات عدة، ورغم إقامتهم دعاوى قضائية عدة ضد الهيئة للحصول على ميراثهم فإنهم عاجزون عن ذلك حتى الآن كما تقول نجوى سيد محمود حفيدة عمر مكرم لابنته والتي تسكن مدينة ملوي بالمنيا. وتضيف أن أمها توفيت قبل الحصول على ميراثها من جدها عمر مكرم ولا زالت هي وبقية الأحفاد يسعون للحصول على ميراثهم الذي يقدر بمئات الأفدنة الزراعية التي تحولت مع الزمن إلى أبراج سكنية وعمارات في قلب العاصمة وحول مسجده في محافظات أخرى. وتشير إلى انه بعد 188 عاما من رحيل جدها لأمها عمر مكرم نقيب الأشراف تقدمنا ببلاغ رسمي للنائب العام ضد وزارة الأوقاف لتعنتها في تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لرد بعض ممتلكات الزعيم الراحل وأيضاً لتوقفها عن صرف ريع أوقاف الزعيم منذ عام 1970، موضحة أن أوقاف جدها عبارة عن وقف أهلي بنسبة 97 في المائة والباقي وقف خيري للصرف على الفقراء والمقابر والصيانة، منوهة إلى أن الوقف الأهلي يشمل عقارات وأراضي مبان وأخرى زراعية وحدائق ومباني أثرية ومبلغ 30 ألف جنيه ذهبا موجودة بخزانة الدولة وتم تقويم الوقف رسميا عام 2000 بمبلغ 300 مليون جنيه ويبلغ عدد الورثة 3 آلاف وريث منتشرون بمحافظات مصر. أما الملك فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية قبل ثورة يوليو، فلم يتبق من أبنائه سوى الأمير احمد فؤاد الثاني والذي يعيش في باريس منذ سفره إليها بعد إلغاء الملكية بعد أن ظل لشهور ملكا تحت الوصاية وهو مازال طفلا رضيعا، وقد تلقى تعليما جامعيا في الخارج إلا انه مر بأزمات مالية خاصة بعد وفاة والده الملك فاروق الأول ونفاد مدخراته، وانفصل أحمد فؤاد عن زوجته اليهودية مؤخراً والتي كانت قد غيرت اسمها إلى فضيلة بعد أن كان اسمها دومينيك فرانس بيكار، وهو يواجه شبح أن أنباءه اصبحوا يهودا بالتبعية، وهم محمد علي والذي ولد في القاهرة بناء على موافقة من الرئيس السادات وابنته الثانية فوزية واسمها الحقيقي لطيفة والتي تشارك في عروض الأزياء أما فخر الدين الابن الثالث للملك احمد فؤاد فقد ولد في كازبلانكا بدعوة من الملك الحسن الثاني وهم جميعا يعيشون على الإعانات من بعض الملوك والأمراء العرب والأجانب. أما أحفاد الزعيم احمد عرابي قائد ثورة عرابي عام 1882 ضد هيمنة الضباط الأتراك والشراكسة على الجيش المصري فهم محرومون من الجنسية المصرية ويعيشون في أطراف العاصمة السودانية "الخرطوم"، وتحديدا في منطقة الحاج يوسف بمحطة شندي فوق بعدما فر الابن الأصغر لعرابي من القاهرة غاضبا من بطش زوجة أبيه ليستقر في السودان وينفي أبناءه وأحفاده من بعده ليعيشوا حياة صعبة بعدما فشلوا في الحصول على إرثهم من تركة جدهم، ولم يتبق من العائلة سوى أسرة محمد أحمد إبراهيم أحمد عرابي والملقب بأضخم رجل في السودان لمعاناته من ورم لم يتمكن من علاجه ولو على نفقة كتاب التاريخ. أما احفاد الزعيم محمد كريم بطل المقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية فقد ظهر بعضهم وقت عرض مسلسل الفنان يحيى الفخراني "المرسى والبحار"، والذي يجسد فيه الفخراني شخصية احد احفاد الزعيم محمد كريم مطالبين بوقف عرض المسلسل متهمين إياه بتشويه صورة عائلة الزعيم ومطالبين شركة الانتاج بتعويض مالي قدره مليون جنيه.