أوضح تقرير ساسكو بنك أن استمرار المخاطر الجيوسياسية المتركزة بشكل رئيسي على كل من سوريا وإيران معا، ومع وجود علامات تحسن على الاقتصاد الأمريكى، في 2012 ستدعم أسعار السلع الغذائية والمعادن، في حين أن المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي عموما، والأزمة في منطقة اليورو ستسحب الأسعار نحو الاتجاه الآخر. ونوه التقرير الأخير في 2011 والأول في مطلع 2012 إلى مواصلة الدولار لعب دور أساسي في تحديد الجهة التي ينبغي المراهنة عليها، حيث احتفظ المضاربون بالفعل بمراكز قصيرة لليورو وطويلة للدولار. وذكر التقرير أنّ ارتفاع تكلفة المواد الغذائية الذي شهد بدوره ارتفاعا في مؤشر أسعار الغذاء الخاص بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بنسبة 68 % في 2009 إلى مستوى الذروة في فبراير 2011، ساعد في تحريك انتفاضة الربيع العربي. ولفت تقرير ساسكو بنك إلى أن محاصيل القمح تتوفر بكثرة خاصة بعد تحسن الطقس في دول الاتحاد السوفيتي السابق وتحوله نحو السوق العالمية وأصبح يمتلك فائضا كبيرا، بعدما كان يعاني من عجز في الإنتاج. وقال "على هذا الأساس، فإن أسعار القمح للعقود الآجلة التي يتم تداولها بمعدل يزيد بنسبة 25 بالمائة مقابل الذرة، مقارنة مع 1 بالمائة فقط في البيوع الآنية تبدو مكلفة نسبيا بالنظر إلى التوقعات بالنسبة للمحصولين، ويجب مراقبتها عن كثب في الأشهر المقبلة". ونوه إلى أن الأسعار القياسية للمنتجات الزراعية في 2010/2011 قوبلت باستجابة هائلة من قبل المزارعين في مختلف أنحاء العالم الذين تمكنوا من زراعة كميات قياسية من المحاصيل الزراعية بدعم من الظروف الجوية المواتية، مما أدى بدوره إلى رفع مستويات المخزون وانخفاض الأسعار لاحقًا. وتمكن محصول الذرة فقط من إظهار عائد إيجابي خلال السنة، حيث تضرر كل من الكاكاو والسكر بشكل كبير بسبب فشل زيادة الإنتاج في تحقيق ارتفاع في الطلب، بعد تحرك أوروبا بشكل خاص نحو الركود وبسبب قوة الدولار. وقال "يتعرض هذا القطاع لتوقعات النشاط الاقتصادي ولكن ستتركز الأنظار على حالة الطقس في الأشهر المقبلة، ومن المتوقع أن تكون دورة "لا نينا" الإعصارية التي أثرت على المحاصيل في أمريكا الجنوبية خلال ديسمبر بمثابة مؤشر مبكر على احتمال أن تتعرض المحاصيل لسلسلة أخرى من المتاعب مما يدعم المحاصيل الأساسية الأخرى مثل الذرة وفول الصويا".
وتوقع استمرار أسعار خام برنت عالقا ضمن نطاق 100 و 115 دولارا في الأشهر القادمة، على اعتبار أن العوامل المعارضة المذكورة أعلاه سوف تبقيه في نطاق ضيق نسبيا. واضطر المستهلك العالمي خلال عام 2011 إلى التعود على أسعار نفط فاقت 100 دولار، وقد بلغ متوسط سعر خام برنت 110 دولارات خلال العام، وهو ما يزيد بنسبة 37% عن متوسط السعر لعام 2010. ولعبت الزيادة "الضريبية" على المستهلك العالمي دورا في تغيير النظرة العامة إلى عام 2011، كما منيت التوقعات المبكرة حول زيادة النمو الاقتصادي بالفشل وحلت محلها تجدد المخاوف بشأن حدوث الركود. وحقق سعر خام برنت ذروة بلغت 127 دولارا للبرميل في ابريل عندما تركزت الأنظار بشكل رئيسي على المخاوف بشأن فقدان النفط الليبي. وقد تبع ذلك انخفاض مطرد لكنه بطيء للغاية، حيث تحول التركيز إلى قوة الدولار وأزمة الديون السيادية في أوروبا، والتي لا تزال دون حل حتى بعد مرور عامين على نشوئها. وأشار التقرير الى أن مجموعة من الأسس القوية والمشاركة من جانب المستثمرين ساهمت في تحريك الذهب نحو مستويات اسمية قياسية جديدة في سبتمبر، إلا أن اندفاع الدولار والاستثمارات القائمة على الإقراض زادت من تكلفة امتلاك المعدن، وقد رضخ في النهاية إلى تصحيح كبير كافح منذ ذلك الحين للتعافي منه. وبين ساسكو بنك بأن العوامل الداعمة التي تشمل الشراء من البنوك المركزية، وخصوصا في آسيا والشرق الأوسط، واحتمال استمرار انخفاض أو سلبية أسعار الفائدة الحقيقية في الولاياتالمتحدة، إلى جانب احتمال حدوث مزيد من التدهور في الأزمة الأوروبية، ستستمر، وينبغي أن يساعد ذلك الذهب ليتفوق على الدولار في عام 2012. ويشير التقرير الى أن الأداء يعتمد في الوقت الراهن بشكل رئيسي على توقيت وإمكانية دخول الأموال الساخنة من المضاربين و"الأموال الحقيقية" المقدمة من مديري الصناديق مرة أخرى إلى السوق. وقال"أول س. هانسن" كبير مخططي استراتيجيات السلع "لقد قلص اكبر مستهلكين في العالم، خاصة الصين والهند، مرة أخرى مشترياتهما، حيث حددت الصين مؤخرا تداولات العقود الآنية والعقود الآجلة في سوقي الصرافة الرئيسيين في شنجهاي فقط من أجل تضييق الخناق على عمليات بيع وشراء السلع غير المشروع، وقد واجهت واردات الهند صعوبات بسبب هبوط أسعار صرف الروبية مما أدى إلى ارتفاع سعر الذهب بالعملة المحلية بمقدار الثلث خلال العام 2011. ولفت الى أن الفشل خلال الأسبوعين الماضيين في التحرك مرة أخرى إلى ما يفوق المتوسط على مدى 200 يوم، والذي يبلغ حاليا 1,628 دولار يشير إلى وجود حاجة لمزيد من التراجع أمام المشترين المذكورين لمساعدتهم على العودة إلى السوق. وخفضت صناديق التحوط وكبار المستثمرين من مستويات تعرضهم الطويل في السلع الأساسية الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ مارس 2009، وحدث ذلك في الوقت الذي بدأت فيه الأسواق تستعيد نشاطها بوتيرة بطيئة في أعقاب أزمة ليمان. وتظهر أحدث البيانات انخفاض مراكز العقود الآجلة وعقود الخيار بنسبة 12% لتصل إلى 656 ألف عقد وتسجل بذلك انخفاضا بقيمة إسمية مقدارها 9 مليارات دولار ليصل إلى 60 مليار دولار. ولفت إلى أنه، مع دخول العام 2012 يسود الحذر في أوساط المستثمرين حيال أداء السلع الأساسية في مطلع العام الجديد، ومن المتوقع أن تشهد الأسواق انخفاضا حادا في عمليات المضاربة وسيكون للمضاربة في المراكز الطويلة أثره الكبير على الأسعار.