تصدرت صور زعماء مصر السابقين ناصر والسادات ميدان التحرير فى ذكرى تخلى مبارك عن السلطة ، كما ظهرت. على استحياء فى العديد من المقالات الصحفيه المنشورة ، وفى هذا المقال نحاول طرح تساؤل :لماذا هذا الزخم الأن بناصر تحديدًا ولماذا تغنى متظاهرو 11فبراير2013 باسمه . فسره بعض الأصدقاء من رجال الثورة اللذين أفنوا أعمارهم فى الهم الوطنى بأنه حنين إلى الماضى ، ولكن النظرة البسيطة إلى أعمار الجماهير المتراصه فى الشوارع والتى يغلب عليها فئة الشباب تفند هذا الإدعاء ، فهؤلاء لم يحضروا ناصر ، بأحلامه العريضه للفقراء وللقومية العربية ، ولا استراتيجية المواجهة مع الأمبريالية العالمية ،كطريق واحد للتنمية الحقيقية ، لم يشهد هؤلاء الشباب عودة الأراضى إلى فلاحيها ، لم يشهدوا كم المصانع الذى تم افتتاحه ، والجامعات والمدارس ليقضى بصفة نهائية على مصادرة رأس المال لأدوات الصعود الاجتماعى ،كما لم يشهدوا. واعتقد عمى عليهم أن أعلى معدلات نمو عرفتها مصر فى الخطة الخمسية 1960-1965على الرغم من حرب اليمن ودعم حركات التحرر الوطنى على المستويين العربى والأقليمى ، بل على العكس ربما تربى هذا الجيل على مزايدات أبواق السلطة حول الفقر الذى ساد مصر فى عهده ،والتمجيد فى سياسة الانفتاح ،والتضخيم فى مسئولية الرجل عن نكسة 5 يونيو، ومن ثم فالقضية أكبر من العودة إلى الماضى . القضيه هى إدراك الوعى الجمعى أن ناصر لا زال الممثل الحقيقى للشرعية التى تعبر عن الجماهير وتحتضن أحلامها البسيطة فى رغيف الخبز والمسكن المناسب والتعليم المجانى فعلا لإ شعارا ، والتنمية بمعناها البسيط الحق فى الحياة. ،وهو ما يشكل فى مجمله الشرعية الحقيقية لأى نظام كائنا ما كان. وهى تشكل بدورها الضمانة الحقيقية لأى نظام يرنو إلى التأسيس لديمقراطية حقيقية تعلى من قيم المساواة وتعترف بالأخر أيا كان نوعه ،وتؤمن بنسبية المعرفه ، لأنه لا كرامة لفقير _لايملك الحد الأدنى من مقومات الحياة_ ولن أجد استشهادا أدق من مقولة سيدنا على بن أبى طالب "أعجب لرجلا لا يجد قوت يومه ،كيف لا يخرج على الناس شاهرًا سيفه " ، وبالعودة إلى تراث الفكر الغربى الذى صك لنا مصطلح الديمقراطية نجد أن أحد كبار مفكريها روسو تحدث منذ الثورة الفرنسية عن التوازن المادى كشرط لتحقيق الديقراطية ، ألا يبلغ الغنى بإنسان الحد الذى يسمح له بشراء غيره وألايبلغ الفقر بإنسان الحد الذى يرغمه على بيع نفسه ، وهو الشرط الذى ينتفى تماما فى واقعنا المصرى مع الأسف . إذ أن الإحصاءات تشير إلى أن أكثر من 40 % من الشعب المصرى يعانى من الفقر ،وأن الفجوة بين أغنياء مصر وفقراءها تقدر بالكيلومترات بفعل عقود من الانفشاخ عفوا الانفتاح ، وتحول جهاز الدولة قبيل يناير 2011 إلى مطية لرجال الأعمال . وهو ما يجب أن يتنبه إليه نخبنا المثقفه جيدًا ، حتى لا تصبح المطالب التى تتصد المشهد الإعلامى درب من أحاديث الأفندية على حد التعبير الساداتى الشهير فى سبتمبر 1980 . ويتبقى ناصر وأن اختلفنا مع بعض سياساته رمزا لأحلام الفقراء ، وتجسيدا للقومية العربية ، والكرامة الوطنية التى تسابق وأرثوه على بيعهم فى أسواق النخاسة . وربما كانت صور ناصر والغناء له ، نوعا من النكاية فى جماعة الإخوان المسلمين ،باعتباره الرجل الذى حجم الجماعة ،ولجأ إلى الخيار الثورى فى تعاملة معهم ،فى مواجهة وارثيه الذى حاولوا توظيفهم سياسيًا لضرب الحلم الوطنى بالاستقلال الحقيقى. أيا كان الأمر استحضارا للماضى أو البحث عن شرعية حقيقية أوكناية فى حزب الحرية والعدالة نفهى تكشف عن المعادلة الصفرية التى أل إليها حال جماهير مصر مع نخبتيها الحاكمة والمعارضة.