تولية قيادات من أعضاء حزب "الحرية والعدالة" مناصب عديدة فى مؤسسات الدولة بعد صعود الدكتور محمد مرسى لسدة الرئاسة، اعتبره الكثيرون بداية ل"أخونة الدولة".. فالإخوان من وجهة نظرهم استخدموا مفهوم السياسة في الإسلام كمرحلة أولى، ثم تحولت تدريجياً إلى فرض الإسلام السياسي، والقضاء على المعارضة كمرحلة نهائية. ويقول الدكتور طارق عثمان، المحلل السياسى إن أسلمة المجتمع من خلال فكر الجماعات الإسلامية أمر بعيد المنال، خاصة أن المجتمع المصرى متدينٌ بالأساس، وفكره الحضارى منفتح على العالم، بما يسمح له بالتعامل مع الأفكار الحديثة فى المجالات كلها، بما فيها السياسية، لافتًا إلى أن ثورة يناير خير دليل على تطبيق فكرة الخروج على الحاكم الظالم. أما عن الإخوان المسلمين الذين تعاملوا مع الأمر بفكر سياسى أكثر منه إسلامياً فيوضح "عثمان": رغم أنهم فى البداية قصروا فكرة "الإخوة" فى الإسلام على أنفسهم كتنظيم، فمن لا ينتمى لفصيل الإخوان المسلمين يصبح ليس أخًا وليس مسلمًا، فإنهم أقروا بالدولة السياسية التى يحكمها الدستور لا الحاكم، وتلجأ إلى صندوق الاستفتاء لتلبية رأى الأغلبية، كما جعلوا من أنفسهم فصيلاً من أهل السنة رغم وجود المرشد العام الذى يماثل منصب الإمام الأعلى فى الفكر الشيعى. وأضاف أن الإخوان قرروا فى البداية التغلغل فى المجتمع، باستخدام مفهوم السياسة فى الإسلام كمنهج مرحلى ليكون لهم مكانًا فى خانة المعارضة، ثم عملوا على توغل أعضاء الجماعة فى مؤسسات المجتمع المدنى لتوسيع قاعدة الجماعة، ثم القفز على الحكم. وقال أيضًا إن الإخوان استطاعوا الوصول للحكم بدعمٍ كامل من المجلس العسكرى الذى تولى شئون البلاد بعد سقوط مبارك، فى صفقة اتضحت معالمها أخيرًا بعد خروج المشير والفريق سامى عنان بالشكل الآمن فى نهاية الفيلم الدرامى، والذى تم وضع السيناريو الخاص به بعناية ليكون إنجاز إنهاء حكم العسكر هو الإنجاز الأكبر للرئيس مرسى رغم فشله المزرى فى المرحلة الأولى لحكمه، على حد قوله. وأشار إلى أن هذه الفترة من تاريخ مصر لم يكن يحلم بها الإخوان، فقد أنشأت لهم وضعاً استثنائياً، وتولوا الحكم فى غياب الدستور والمجالس النيابية، إلا أن هذا الوضع مازال استثنائياً لوجود القوى الثورية صاحبة الفضل فى هذا التحول التاريخى لمصر بالأساس، والأحق بتولى الحكم فى هذه المرحلة، وهذا الإدراك بالاستثنائية لدى الإخوان المسلمين يجعلهم يعملون بشكل أسرع لأخونة الدولة في أقصر وقت ممكن. ولفت "عثمان" الى أن ذلك ظهر جليًا فى التشكيل الوزارى الذى وضع وزارة الإدارة المحلية "رغم الاتفاق العام على إلغاء هذه الحقيبة الوزارية، ووزارة الشباب فى يد وزراء من الجماعة ذاتها للعمل على التوغل السريع داخل تلك القطاعات المحورية قبل فوات الفرصة، كما أكد أن هناك محاولات تتم لأخونة الشرطة التى بطشت بقيادات الجماعة وشبابها طول الفترة الماضية والجيش. وأكد "عثمان" أن عملية أخونة الدولة تتم من خلال استغلال مفهوم السياسة فى الإسلام كمرحلة أولى، يتم تحولها تدريجياً إلى فكرة الإسلام السياسى، ليس رغبة فى تحقيق العدالة الإسلامية بمفهومها الرحب، ولكن لتوطيد أركان الحكم والقضاء على المعارضة كمرحلة نهائية. من جانبه قال مجدى قرقر، القيادى بحزب العمل: إن جماعة الإخوان ليسوا دينًا يُتّبع حتى يدين الشعب به، رافضًا وضع قيادات الجماعة فى المؤسسات الحيوية للدولة والسيطرة على زمام الأمور، موضحًا أن ذلك يجب أن يتم بالكفاءة وليس بالصفة الحزبية، لافتًا الى أن مستقبل مصر مرهونٌ برؤيتها التوافقية من جانب جميع القوى السياسية. فى السياق ذاته قال عبدالقادر الهوارى، الكاتب السياسى: إن أخونة الدولة بدأت منذ انضمام أعضاء الجماعة إلى أولى لجنة تأسيسية، مشيرًا الى أن مصر فى الوقت الحالى تسعى إلى أن تكون دولة إخوانية من خلال سيطرة قيادات الجماعة على المنشآت الحيوية التى من خلالها تسعى للتحكم فى مجريات الأمور، ونوه عبدالقادر الى أن الجماعة تحاول السيطرة على باقى الدول الإسلامية، وصولًا إلى الخلافة. فى ذات السياق قال اللواء علاء عز الدين، الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجى: إن نقص الإدراك السياسى للجماعة يظهر فى التناقض الواضح الذى نراه فى صفوفها، موضحا أنه بعد نجاح تولى الرئيس مرسى، يريدون أن يكونوا فصيلا سياسيًا يملك السلطة وحده.. بالإضافة إلى أن قادة الإخوان يحاولون وضع أنصارهم في كل أجهزة الدولة للسيطرة على زمام الحكم، حتى وإن كانوا غير مؤهلين لتلك المناصب. من جهة أخرى قال محمود غزلان، المتحدث الرسمى ل"جماعة الإخوان المسلمين": إن مصر إسلامية منذ 14 قرنًا، وإن الجماعة هى فصيل من فصائل متعددة، لا يمكن أن تختزل الحكم فى ذاتها لأنها تعمل على المشاركة الفعالة فى بناء مؤسسات الدولة، وردًا على الشعارات التى كانت تستخدم فى الانتخابات، قال إن هذا وقت عمل وليس وقت شعارات. وأضاف طلعت مرزوق، عضو الهيئة العليا لحزب النور السلفى، أن وجود أكثرية من قيادات الإخوان فى جميع المؤسسات للعمل على تنفيذ برنامج الرئيس أمر بديهي، مؤكدا أنه لا مانع من تولي الإخوان أغلبية المناصب لإدارة شئون البلاد، بشرط أن يكونوا أكفاء ويعملون لصالح الوطن، وأشار الى أن مصر دولة إسلامية وسطية وستظل كذلك إلى يوم القيامة، ولن يحكمها فصيلٌ واحد. من المشهد الأسبوعى..