ليس المقصود بالعنوان الشخص ذاته ، فقد يكون أهون من أن يؤثر في مجريات الأمور إلى هذا الحد ، لكن المقصود الأفكار والممارسات العقيمة والرؤية القاصرة. نقطة ضعف النظام الأساسية ، هي "بارانويا العسكرة" ، لنلاحظ أن أول سؤال ، احتد بسببه السيسي أيام كان مرشحا رئاسيا تضمن كلمة "العسكر" وبمجرد ذكر اللفظ بغض النظر عن مضمون السؤال ، أجاب المرشح وهو ينظر بغضب للزميل إبراهيم عيسي "مش هاسمحلك"، تسببت هذه البارانويا منذ 3 يوليو في إبعاد كل شركاء 30 يونيو وصناعها ، فلم توافق الأجهزة على مقترح جبهة الإنقاذ بتولي محمد البرادعي رئاسة وزراء مصر ، بذريعة أن هناك طرف من أطراف المعسكر يرفض ذلك ، ولم يكن هذا الطرف غير حزب النور ، ثم تم التخلص من البرادعي ببساطة وتخوينه في أول خلاف حول فض "رابعة". وتسببت هذه البارانويا فيما بعد في تشغيل "ذهنية الاختزال" ، فتم اختزال مفهوم الرئيس المدني في نموذج قاصر هو نموذج الرئيس المعزول محمد مرسي ، وكان الرأي يتجه نحو رئيس مقلص الصلاحيات ، يحكم بمشاركة البرلمان وتحت رقابته ، ولا يستطيع عزل وزير الدفاع ، ثم أزيح هذا الخيار كله جانبا ، ليدفع وزير الدفاع للترشح بعد تمهيد الطريق له بكاسحات ألغام . ومن هذه الفترة تمت صياغة دستور 2014 وتمريره ، ومن ثم جاءت عبارة أنه صيغ "بحسن نية" ، وهي عبارة صحيحة لتوصيف شخصي بحت ، إذ أن نية الترشح للرئاسة لم تكن وجدت بعد !! ، وبعدها لم يكن المجال متاحا لترك مصر تتنفس الديمقراطية ، بل أخذت تتنفس الرجل الواحد الذي رشحه الجيش ، والذي اعتبرت فرضية هزيمته في الانتخابات بمثابة "هزيمة لإرادة الجيش". بناء عليه تحركت كل أذرع الدولة العميقة إعلاميا وسياسيا وماليا لجعل نتيجة الانتخابات مضمونة (من حيث النتيجة) ومستوفاة للشكل المطلوب (فتم الضغط على المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي حينا واستجداؤه حينا آخر ، ليخوض المعركة من أجل مصر لا من أجل شخصه ، وتم التمثيل به "من أجل مصر أيضا !! " لينال 800 ألف صوت فقط ، بعد أن نال في أكثر انتخابات رئاسية نزاهة في تاريخ مصر نحو 5 ملايين صوت ، ثم سحبت حراسته في وقت لاحق .. وبشكل مهين) بارانويا العسكرة بدأت بقبول الرئيس السيسي رتبة المشير من رئيس مؤقت ، وهي لاتختلف كثيرا من حيث المضمون عن الرتبة التي منحها الرئيس البشير لنفسه ، ثم في تقليص من يستشيرهم ويصادقهم إلى عدد لا يجاوز أصابع اليد الواحدة بعد أن أصبح رئيسا الثابت منهم الفريق مهاب مميش واللواء سامح سيف اليزل ورئيس الأركان الفريق محمود حجازي والمتغيرون أيضا قلة ، متصورا أنه لم يبرح مكانه كرئيس للمخابرات الحربية . ترتب على هذا أيضا إبقاء الأوضاع على ماهي عليه وانعدام الرغبة في التغيير الذي يمس جوهر الأشياء ، وكراهية التفكير خارج الصندوق ، والراحة للتعميم ، وعدم تجريب خيارات جديدة في الحكم ، تتناسب مع من صور نفسه يوما بأنه على قناعة بطموحات وأحلام 25 يناير ، والنتيجة برلمان ، حصل في المرحلة الأولى لانتخاباته من يملكون الثروة والنفوذ ، على الغالبية العظمى من المقاعد. وكانت تلك رسالة لاتخطؤها أذن لملايين الميادين أن ابحثوا لكم عن وطن آخر. ------------ المقال منشور في المشهد الأسبوعي .. اليوم مع الباعة رابط الحلقة الأولى http://al-mashhad.com/Articles/1044446.aspx المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية