نجح صانعو الألبوم في تنوع أساليب الموسيقات التي ظهرت في الألبوم بين الجاز والروك والشرقي وبعض ألحان الأغنيات افتقدت الوحدة البنائية للحن. صوت فيروز كراوية له طبيعة خاصة تحصر إمكاناته في أداء الغناء التعبيري البعيد عن مدرسة التطريب . هي شابة متعددة المواهب ، ابنة مدينة بور سعيد الباسلة ، جاءت إلي القاهرة لتحقق حلم الشهرة في مجال الغناء ، حيث ظهرت موهبتها منذُ مرحلة الطفولة وأول من شجعها مدرستها في مرحلة التعليم الأساسي، ثم أثقلت موهبتها بالتحاقها بمعهد الموسيقي العربية حيث تعلمت العزف علي آلة العود ، ودرست مبادئ قراءة النوتة الموسيقية والغناء التراثي . بالرغم من تعلقها بالفن التحقت بكلية الطب و تخرجت فيها عام 2003م لتتفرغ بعد ذلك لتحقيق هدفها الأول وهو الغناء. إنها فيروز كراوية، أحد الأصوات المصرية التي غنت في ميدان التحرير أثناء ثورة يناير، ظهر صوت فيروز كراوية من خلال عدة أعمال قليلة خلال العقد الماضي منها أغنية "قبل الأوان" في فيلم أسرار البنات ، كذلك قامت بالاداء الغنائي في ثلاث مسرحيات لفرقة المسحراتي المسرحية ، وقدمت بعض الحفلات في ساقية الصاوي ، وفي السطورالتالية نقدم فيروز كراوية كمغنية محترفة من خلال ألبومها الأول "برة مني" إنتاج وتوزيع شركة بيراميديا ، دعما منا للمواهب الواعدة من جيل الشباب. أغنيات الألبوم احتوي الألبوم علي ثلاث عشرة أغنية كتب كلمات أغنياته مزيج من شعراء الشباب والجيل السابق عليهم هم: الصحفي الساخر عمر طاهر، هيثم دبور، إسلام حامد ، محمد خير، نصر الدين ناجي ، رامي يحيي ، أحمد حداد ، تامر فتحي وكوثر مصطفي. أما الألحان فوضعها كل من : إيهاب عبد الواحد ، شريف الوسيمي ، عمرو جاهين ، أحمد جنيدي ، أكرم مراد ، عمر الرخاوي ومحمد رمزي. التوزيع الموسيقي لأغنيات الألبوم وضعها أسامة الهندي ورامز صبري. الأغنية الأولي "الوشوش" جاءت في نغمات مقام نهاوند ، ومضمونها الزجلي عاطفي ، استخدم فيها آلات موسيقية ذات طابع غربي ، صاحب الغناء نوع من أنواع إيقاع الروك الغربي . الأغنية الثانية بعنوان "برة مني" أغنية يدور موضوعها حول ثورة المرأة علي المجتمع الذكوري "عايزة أروح كل الأماكن/ وأنت ماكونش الدليل/ زهقت م الممنوع ولأ/ كرهت فيك دور الضمير"، اللحن جاء في نغمات مقام كرد ذي الطابع الغجري الذي يحمل الشجن ، اعتمدت علي أصوات الآلات الموسيقية المُصنعة (غير الطبيعية أو الحية) الي جانب آلة الجيتار الإلكتروني ، صاحب الغناء احد إيقاعات الغرب الوافدة علينا. الأغنية الثالثة "منجم حب" مضمونها الزجلي عاطفي موضوعها دار حول قصة حب تجلت أثناء تظاهرات التحرير ، الأغنية هادئة ظهر فيها إيقاع غربي في الثلث الأخير منها، الآلات الموسيقية التي ظهرت في هذه الأغنية جميعها غربية، أما آداء فيروز الغنائي فقد بدا مجهدا كثيرا وخانته بعض النغمات. الأغنية الرابعة "حاجة واحدة" مضمونها عاطفي ، وجاء لحنها في نغمات مقام كرد ، وعلي إيقاع المقسوم الشرقي ، وقد مزج الموزع الموسيقي فيها بين الآلات الموسيقية الغربية مثل الجيتار الاسباني والشرقية مثل القانون والناي . وقد جاء لهذه الأغنية بنية لحنية متماسكة تمثلت في مذهب وكوبليهين بلحن واحد. الأغنية الخامسة "بطلي المثالي" عنوانها يدل علي مضمونها العاطفي الذي يدور حول إعجاب فتاة بشاب يجمع صفات بسطاء شباب مصر، اللحن جاء في نغمات مقام الماجير (العجم) ، وإيقاع الروك، واستخدمت آلات موسيقية غربية بعضها طبيعي والآخر ُمصَنع مثل آلة البان فلوت، وقد تناسب لحن هذه الأغنية كثيرا مع طبيعة صوت فيروز فكان الاداء الغنائي متميز. الأغنية السادسة "يكون في معلومك" أغنية إنقسمت الي فكرتين، الفكرة الأولي ظهر اللحن فيها علي طريقة موسيقي البلوز الأمريكية ، من ناحية الآلات المصاحبة وهي البيانو والساكسفون دون ظهور إيقاع ، الجزء الثاني ظهر فيه إيقاع لكن لم نتمكن من سماع بقية الأغنية التي اختفي فيها الصوت. الأغنية السابعة "جربت" موضوعها عاطفي ، اللحن جاء في نغمات مقام نهاوند ، بمصاحبة إيقاع الروك ، صاحب الغناء آلات موسيقية غربية مثل الساكسفون ، الجيتار الاسباني، والإلكتروني. لحن الأغنية ظهر دون بنية موسيقية واضحة نظرا لتعدد قوافي النص الزجلي . الأغنية الثامنة "عاشق" عنوان الأغنية يوضح أن موضوعها عاطفي ، وهي من الأغنيات القليلة في الألبوم ذات الطابع الشرقي نظرا لوضع لحنها في نغمات مقام البياتي ، علي إيقاع المقسوم ، فكلاهما شرقي أصيل. ظهر في الأغنية آلة الربابة الشعبية لإكسابها الروح المصرية ، لحن الأغنية اعتمد علي تلحين الكلمة نظرا لتعدد قوافي الأبيات الشعرية وبذلك فقد اللحن وحدته البنائية .الاداء الغنائي للحن هذه الأغنية كان مناسبة لطبيعة صوت فيروز باستثناء بعض القفزات النغمية من منطقة صوتية الي أخري التي ظهرت في الأغنية . الأغنية التاسعة بعنوان "بعدي الشارع" لكن للأسف لم نتمكن من سماعها نظرا لعطل ما في النسخة المتواجدة للألبوم علي الشبكات العنكبوتية . الأغنية العاشرة بعنوان "يانينا" واختيار الكلمة يعود بنا الي أجواء الأربعييات من القرن الماضي ، موضوعها عاطفي يدور حول فتاة تحكي لجدتها عن الشاب الذي أعجبت به. تنوعت المقامات المستخدمة في هذه الأغنية فقد بدأها الملحن في نغمات مقام "البياتي" الشرقي الأصيل ، وعند المقطع "وفي السياسة / وفي الغلاسة " وحتي نهايته عند مقطع "أي حاجة" يتحول اللحن الي مقام "حجاز" ، وهو من المقامات المستخدمة في منطقة الجزيرة العربية وانتقل منها الي الدول العربية الأخري و مصر واسبانيا ، وتنتهي الأغنية في نغمات مقام ثالث هو "صبا" ذو الطابع الحزين ، وذلك عند المقطع "آهين يانينة من كلمة قالها" وحتي نهاية الأغنية. وقد مزج موزع هذه الأغنية بين آلات الجاز مثل آلة الترومبيت والشعبية وهي الربابة الي جانب آلات القانون، ومجموعة الكمنجات ، وذلك علي إيقاعين أحدهما الفلاحي المصري، والآخر المقسوم . واللحن أيضا اعتمد علي تلحين الكلمة ، ففقد وحدته البنائية . الأغنية الحادية عشرة "بنات" يدور موضوعها حول مشاعر وخصوصية التركيبة النفسية للمرأة. جاء لحنها في نغمات سلم الماجير أو مقام "العجم" ، وقد جاء لحن هذه الأغنية واضح البناء حيث لحن للمذهب ، ولحن ثابت للكوبليهات. أما الموزع الموسيقي فاعتمد علي آلات موسيقية غربية في الأغنية ، تنتهي الأغنية بعزف ارتجالي من آلة الجيتار. الأغنية الثانية عشرة بعنوان "بفتح شباك الصبحية" مضمونها عاطفي بتناول جديد متميز . جاء لحنها في نغمات مقام نهاوند الذي يحمل الشجن ، وهو لحن متماسك البناء حيث لحن للمذهب ولحن للكوبليهات بينهما الجزء الغنائي المتكرر والمعروف موسيقيا بالسينيو ، التوزيع الموسيقي بدا عليه الثراء حيث ظهرت أصوات بعض آلات النفخ الخشبي مثل الكلارينيت ، والنحاسي مثل الكورنو والساكسفون، والشرقية مثل القانون ، علي إيقاعي الوحدة الكبيرة والمقسوم. وهذه الأغنية تعد واحدة من أجمل أغنيات الألبوم في جميع عناصرها ، وقد أدتها فيروز غنائيا بأجمل أغنيات الألبوم في جميع عناصرها ، وجاء الآداء الغنائي لفيروز كراوية متميزا وحساسا. الأغنية الثالثة عشرة "قهوة" وهي أيضا ذات موضوع عاطفي ، جاء لحنها في نغمات سلم الماجير أو مقام "عجم " وفيه اعتمد الملحن علي تلحين الكلمة مما أفقد اللحن بنيته اللحنية . الموزع الموسيقي قدمها في شكل موسيقي يمزج بين الغربية والشرقية حيث استخدم إيقاع تشاتشا اللاتيني ، وفي نهاية الأغنية يظهر إيقاع المقسوم البطئ، وآلات موسيقية غربية مثل الترومبيت منفردا الي جانب مجموعة آلات النفخ النحاسي الجازية "سكشن براس" ، الأوكرديون ، والشرقية مثل آلة القانون . الخلاصة في نهاية هذا العرض يمكننا أن نضع أيدينا علي أهم سمات تجربة فيروز كراوية الغنائية الأولي ، وهي خلاصة ما استمعنا له والتي كانت كالتالي : أولا/ غلب علي الألبوم الأزجال المتنوعة القوافي في نص الأغنية الواحدة ، وهذا ينعكس علي البناء اللحني للأغنية حيث يضطر الملحن الي تلحين الكلمة بدلا من تلحين الأبيات الشعرية ذات القافية الموحدة أو علي الأقل كل أربع شطرات ، وبذلك فقدت بعض أغنيات الألبوم وحدتها البنائية للحن ، مما ُيصعب علي المتلقي حفظ تيمة محددة للحن الأغنية. ثانيا/ نجح صانعو الألبوم في تنوع أساليب الموسيقات التي ظهرت في الألبوم بين الجاز والروك والشرقي ، كذلك عدد الأغنيات كان مناسبا. ثالثا / صوت فيروز كراوية له طبيعة خاصة تحصر إمكاناته في اداء الغناء التعبيري البعيد عن مدرسة التطريب .