عندما ُيذكر اسم الفنانة وردة يقفز الي أذهاننا تاريخ طويل من العطاء الفني، أعطت فأبدعت، وغنت فأطربت، وعندما مثلت توهجت. انها رحلة طويلة قدمت من خلالها الفنانة وردة مجموعة من أجمل الأغنيات التي أثرت الغناء العربي. وأخيرا يلتقي صوت وردة الغناء العربي بألحان جيل الشباب من خلال آخر ألبوماتها الذي يحمل عنوان" اللي ضاع من عمري" لتعود من خلاله للغناء بعد فترة صمت وانقطاع دامت عشر سنوات، الألبوم من انتاج شركة روتانا ويتضمن ست أغنيات تنوعت بين حالات انفعالية مختلفة بأساليب موسيقية متنوعة وأداء غنائي راق متمكن . الوحدة الكبيرة الأغنية الأولي في الألبوم هي التي تحمل عنوانه "اللي ضاع من عمري"، كتب كلماتها هاني عبدالكريم بمضمون يدورحول كبرياء المرأة في لحظات الانكسارات العاطفية من حياتها. وضع لحنها خالد عز، ووزعها موسيقيا محمد مصطفي. تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية قصيرة جدا عبارة عن تيمة موسيقية واحدة في مقام "نهاوند" الذي تحمل نغماته الشجن، تتكرر أربع مرات المرتين الأخيرتين منهم بمصاحبة إيقاع "الوحدة الكبيرة" ذي الطابع الشرقي الأصيل، وهو من الإيقاعات التي تمنح المطرب المساحة الكافية للتطريب نظرا لبطء نقراته، ثم تدخل الفنانة وردة في الغناء بالمقطع "مابقاش في شيء / يستاهل أبكي / علي أي حاجة أبدا" ومع تكرار هذا المقطع في الإعادة يتغير الإيقاع الي المقسوم البطيء ثم يعود بعده الي الوحدة الكبيرة مرة ثانية. اللازمة الموسيقية عزفتها آلة الكمان المنفرد بمصاحبة آلة البيانو وخلفية من مجموعة آلات الكمان، يدخل بعدها الغناء بالكوبليه الوحيد للأغنية، ثم تكرر وردة غناء المذهب مرة أخرة مستخدمة أسلوب الإلقاء المنغم في المقطع "مش هخسرك / ده أنت اللي ظلمك خسرك"، الي أن ينتهي غناء المذهب وقفلة الأغنية غير المستقرة بعزف مجموعة آلات الكمان. الأغنية الثانية جاءت بعنوان "عدت سنة" من كلمات عوض بدوي كان مضمونها يدورحول استمراء العشاق للحظات الماضي بكلمات متكررة، الألحان لأمجد العطافي، والتوزيع لأحمد عادل. تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية قصيرة في مقام نهاوند، مقسمة الي فكرتين الأولي هي تلك التيمة التي ُتستهل بها الأغنية وعزفتها آلات التشيللو بعمقها وشجنها الصوتي الجميل بمصاحبة مجموعة الكمان علي ايقاع مبتكر، والثانية التي تبدأ مع دخول آلة القانون وإيقاع "الوحدة الكبيرة". تدخل بعدها الفنانة وردة بغناء مذهب الأغنية في جنس "نهاوند" بأسلوب الصوت المزدوج حيث تغني مقطعاً واحداً من منطقتين صوتيتين مختلفتين أحدهما غليظة والأخري حادة، ومع دخول الكورس المختلط بمقطع "عدت سنة" يدخل ايقاع "الوحدة الكبيرة ليتبادل الغناء مع الفنانة وردة، عند غناء المقطع "ولسة بعشق من سكات/ ولسة عايشة الذكريا" يدخل ايقاع المقسوم البطيء . كورس رجال فقط الأغنية الثالثة بعنوان "ضميرك مستريح" كلمات محمد عاطف، ألحان خالد عز، توزيع / محمد مصطفي. تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية قصيرة جدا في مقام نهاوند، تدخل بعدها الفنانة وردة بالغناء حتي يظهر صوت كورس الرجال في المقطع "مين يعمل كل ده/ أصلي ماشفتش كده/ أنا يحصلي كده وياك" دون مبرر لأن يكون الكورس رجال خاصة أن كلمات الأغنية كتبت لضمير المؤنث، تستكمل بعدها الفنانة وردة الغناء حتي نهاية المذهب الذي تختتمه بالحوار المنغم علي المقطع "هاعملك ايه". الأغنية الرابعة بعنوان "ياحب مين يشتري" كلمات أمير طعيمة، ألحان خالد عز، توزيع محمد مصطفي. تبدأ بدخول إيقاع الوحدة الكبيرة علي خلفية من مجموعة آلات الكمان تعزف نغمة واحدة ثابتة تمهيدا لدخول الفنانة وردة لغناء موال من نغمات مقام البياتي ذي الطابع الشرقي، يتبع ذلك سكتة قصيرة جدا ثم يدخل الغناء بالمقطع "ياحب مين يشتري / ومين يقول عايز" بمصاحبة ايقاع المقسوم السريع علي خلفية موسيقية من آلات الربابة، الناي، مجموعة الكمان، ثم يتبعها لازمة موسيقية عزفتها نفس مجموعة الآلات السابقة، تبعها غناء الكوبليه الثاني الذي جاء بنفس لحن الأول، تخلل الكوبليهات غناء الكورس المختلط، وتنتهي الأغنية بالعودة الي غناء موال قصير ولكن في هذه المرة علي ايقاع المقسوم السريع الي أن تنتهي الأغنية بإختفاء الصوت تدريجيا. والملاحظ أن التيمة الموسيقية لهذه الأغنية مستنبطة من إحدي تيمات الأغنيات الشعبية في صعيد مصر، ولذلك كان اختيار آلة الربابة ضمن الآلات المصاحبة للغناء موفق وان كان صوتها غير بارز بالشكل الكافي ضمن مجموعة الآلات العازفة . غناء الموال الأغنية الخامسة جاءت بعنوان "فهموني" كلمات أمير طعيمة الذي بدأ الأغنية بصيغة تساؤل لكسر الأنماط التقليدية في كتابة مواضيع أغنيات الألبوم، ألحان الراحل رياض الهمشري، توزيع خالد عز. تبدأ الأغنية بمقدمة موسيقية في نغمات مقام من عائلة البياتي ذي النغمات الشرقية الطابع، حملت عبق المقدمة الموسيقية لألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب عزفتها آلات التخت الشرقي بمصاحبة مجموعة الكمان دون ايقاع، تبعها صولو عزف لآلة القانون، يتبعها دخول الفنانة وردة بغناء أدليب (غناء مسترسل دون ايقاع يشبه الموال ولكن له لحن محدد وضعه ملحن الأغنية) يبدأ بالبياتي في الكلمة "فهموني" منتقلا الي مقام حجاز في المقطع "ليه نهاية كل قصة حب جميلة"، وبالمثل في المقطع المتشابه معها لحنيا منتهية بالرجوع لمقام البياتي، وقد أدت الفنانة وردة غناء الأدليب بإحساس وتمكن . ثم يدخل إيقاع المقسوم البطيء مع دخول غناء مذهب الأغنية بالمقطع "عشقنا وهوينا / تعبنا ورضينا" الذي جاء بأكمله في مقام بياتي سلطاني، حيث تبادلت الفنانة وردة فيه الغناء مع كورس الرجال . لازمة موسيقية عزفتها آلات القانون والأوكرديون والناي بمصاحبة مجموعة الكمان في مازجا فيها بين مقامي البياتي والكرد . الأمل موجود الأغنية السادسة والأخيرة بعنوان "أمل" من كلمات وألحان وتوزيع الموسيقي اللبناني مروان خوري. الأغنية أخذت طابعا غربيا في بنائها اللحني، حيث تبدأ بمقدمة موسيقية قصيرة جدا من آلات البركشن - الإيقاع- وآلة الجيتار بمصاحبة مجموعة الكمان في نغمات مقام الكرد، تدخل الفنانة وردة في الغناء بأداء بسيط ناعم النبرات غير متكلف كان التركيز فيه علي ابراز الحالة الانفعالية للملل، الي أن يدخل غناء كورس النساء للمرة الأولي في الألبوم بالمقطع "خدني ياحبيبي علي دنيا حب حلوة" لتبادل الغناء مع المطربة، والأغنية عبارة عن كوبليهين بلحن واحد سيطر عليها ايقاعات التكنو الغربية الطابع . أستطاعت الفنانة وردة من ألبومها الجديد "اللي ضاع من عمري" أن تقدم مجموعة من الأغنيات المتنوعة في بنائها الموسيقي وان كان الكم الأكبر من أغنيات الألبوم كانت ذي طابع شرقي أصيل من خلال احتوائها علي المقامات الشرقية التي تحتوي علي نغمة ثلاثة أرباع التون المميزة للموسيقي الشرق أوسطية والعربية، وكذلك الإيقاعات الشرقية المصرية مثل الوحدة الكبيرة والمقسوم، وقد أستطاعت الفنانة وردة بهذه التوليفة الموسيقية أن تنافس بقوة جيل الشباب ممن صدت ألبوماتهم في نفس توقيت صدور ألبومها مثل عمرودياب، وآمال ماهر . بالرغم من علامات السن التي ظهرت علي صوت الفنانة وردة من خلال غنائها في طبقات صوتية غليظة، الا أن ذلك لم يؤثر علي أدائها الغنائي كثيرا نتيجة أجهزة تنقية الصوت، وضبط النغمات (أوتوتيون) التي تلعب دورا مهما في جميع الألبومات .