هل تعود المرأة المصرية بعد الثورة إلي زمن الجواري؟ نكسة لمسيرة المرأة المصرية حدثت خلال فترة الانفتاح الاقتصادي الجماعات التي تتحدث باسم الدين والتي وثبت علي الثورة هدفت إلي إقصاء المرأة عن المشهد مثلما حدث في الجزائر بعد الثورة للأسف كثير من النساء يعمدن إلي تشويه صورة المرأة أثبتت المرأة المصرية وجودها وجدارتها في جميع مجالات العمل وتقلدت أرفع المناصب فأصبحت وزيرة ونائبة في البرلمان ورئيسة مؤسسة وقطاع وشركة، وكذلك رئيسة جامعة بل إن كثيراً من الوظائف أصبحت وقفاً علي النساء فقط مثل مجال التدريس والتمريض والإعلام وغيرها. واقتحمت المرأة مجالات عمل كانت وقفا علي الرجال مثل الهندسة المدنية والإخراج السينمائي والتليفزيوني وأصبح لدينا عالمات في فروع العلم المختلفة وغير ذلك من المجالات، كما بلغت نسبة المرأة المعيلة لأسرتها أكثر من 30% من عدد النساء العاملات. وعندما قامت الثورة في 25 يناير 2011 كان للمرأة المصرية دور بارز في المشاركة مع الثوار للمطالبة بحقوق الوطن والقضاء علي الفساد والمطالبة بإسقاط النظام وفي سبيل ذلك تعرضت للضرب والاعتقال والتعرية والسحل في الشوارع. ولكن المرأة فوجئت بعد الثورة بأصوات ترتفع من بعض التيارات التي تتكلم باسم الدين باعتبار المرأة عورة وما يتتبع ذلك من ضرورة تغطية جسدها ووجهها والاتشاح بالسواد من قمة رأسها حتي أخمص قدميها تجنباً لإثارة الفتنة بين الرجال وما في ذلك من إعاقة لحركتها وكأنما الرجال من الضعف بحيث لابد من إقصاء المرأة تماماً عن المشاركة في الحياة العامة حتي لا تكون فتنة لهم، فأي رجال هؤلاء.. لابد أن يكونوا مرضي وفي حاجة لعلاج وما ذنب المرأة ولماذا هي دائما التي يضحي بها من أجل عيون الرجال!! وكيف نعتبرها عورة وقد نجحت في جميع مجالات العمل وتفوقت أحياناً علي الرجال مع احتفاظها باحترامها وتحشمها ونجاحها في القيام بواجبها نحو أسرتها!! إن حماية الرجل من فتنة مزعومة هو نوع من الطبطبة علي الرجال وهو أمر مرفوض تماماً. نكسة أيام الانفتاح ودعنا نتساءل هل تقبل المرأة باقصائها عن مجال العمل؟ أقولها بصراحة أنه كانت قد حدثت نكسة بالنسبة لمسيرة المرأة المصرية خلال فترة الانفتاح الاقتصادي.. فالمرأة المصرية التي كانت تعمل علي قدم المساواة مع الرجل خلال الخمسينات والستينات وجزء من السبعينات قد أصابها الوهن واليأس مع سياسة الانفتاح الاقتصادي وارتفاع الأسعار حيث وجدت أن مرتبها لا يكفي مصاريفها وبعد أن كانت تفضل الزواج علي أساس الحب والتفاهم حتي لو كان الزوج محدود الدخل وبعد أن أعياها النضال من أجل إثبات الوجود آثرت كثير من النساء الانسحاب من مجال العمل والعودة إلي المنزل والزواج من العريس الجاهز الذي يكفل لها الحياة المرفهة وأصبح شاغل المرأة هو السعي وراء المادة حتي لو انحدرت إلي مستوي الجارية لزوج ثري أو زوجة ثانية له. وإزاء هذه المفاهيم الجديدة انتابها نوع من الكسل الذهني والترهل الفكري وأثرت العودة إلي المنزل لكي ينفق عليها الرجل واتبعت فلسفة السبايا، بل ان بعض الأصوات الرجولية طالبت بالسماح للرجل بالزواج بأكثر من واحدة حلا لمشكلة العنوسة ووافقت بعض النساء علي ذلك مرددة أن «ظل رجل ولا ظل حيطة». هذه النكسة التي أصابتها مسيرة المرأة المصرية واكبها اتجاه آخر مع سياسة الانفتاح الاقتصادي ودخول الشركات والبنوك الأجنبية إلي مصر وإزاء المرتبات الباهظة التي كانت تدفع للنساء اللاتي يعملن بها.. فضلت كثير من النساء التفرغ للعمل بهذه المرتبات وعدم الزواج. روح جديدة هذا ماحدث قبل الثورة ولكن مع قيام الثورة وبث روح جديدة بين شابات مصر فأسرعن إلي المشاركة فيها بالانضمام إلي المظاهرات التي تنادي بإسقاط النظام جنباً إلي جنب مع الرجل، وشاركت في الاعتصام بالميادين وكنست الشوارع وإسعفت الجرحي فضربت واعتقلت وسحلت في الشوارع. فماذا حدث بعد الثورة؟ بعد الثورة جاءت جماعات متطرفة تتحدث باسم الدين فوثبت علي الثورة وكان هدفها إقصاء المرأة عن المشهد «تماماً مثلما حدث في الجزائر بعد ثورتها المجيدة». وهكذا خذلت المرأة المصرية وضربت قضيتها في مقتل. ان بعض هذه التيارات الرجعية التي ارتفع صوتها بعد الثورة والتي تتكلم باسم الدين الإسلامي والإسلام بريء منها فقد جاء الإسلام لكي يكرم المرأة لا لكي يحط من شأنها والتاريخ حافل بنماذج من النساء يعتبرن قدوة لنساء العالم مثل السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عنهما وغيرهن الكثيرات. ان المرأة المصرية بعد الثورة أصبحت تلقي الكثير من الفتن والهجوم عليها تحت تأثير هذه الجماعات الرجعية. المرأة تعمل ضد المرأة أحياناً وللأسف إن كثيراً من النساء يعمدن إلي تشويه صورة المرأة المطالبة بحقوق المرأة تملقاً للرجل وطلبا لرضائه عنها بينما هناك رجال مثل قاسم أمين ساعدوا المرأة وقدموا العون لها فالمسألة ليست رجلاً وامرأة بل عقول مستنيرة وأخري تعيش في الظلام. إزاء هذا الوضع المتردي بالنسبة للمرأة نحن بحاجة إلي زعامة نسائية مستنيرة تجمع النساء إلي كلمة سواء وضد هذه الهجمة الشرسة عليها، فاللاتي يقدن الحركة النسائية في الوقت الحالي هن إما شخصيات متكررة أو معينة من قبل الحكومة أو زوجات لرؤساء الجمهورية أو زعيمات ينفذن أجندات أجنبية ويطالبن بأمور ليست من ضمن الاحتياجات الملحة للمرأة المصرية وقد لا تتفق مع تقاليدنا. المرأة المصرية الآن تمر بأزمة وعلي المنظمات النسائية القيام بدورها في إخراج المرأة المصرية من أزمتها، إن أمام المرأة الآن أحد أمرين إما الرضوخ والاستسلام والتنازل عن جميع مكتسباتها والعودة إلي الخلف أو الاستمرار في مسيرة النضال من أجل الحصول علي حقوقها التي أقرها لها الدين والشرائع السماوية. فماذا نحن فاعلون؟ طرحت هذا السؤال علي لفيف من النساء المثقفات وكان الرد كالآتي: 1- علي المرأة أن تثقف نفسها وتتزود بالعلم لكي تكون جديرة بالمكانة التي تطالب بها وصد الهجمة الشرسة التي تواجهها. 2- تربية أبنائها علي مبدأ عدم التميز بين الولد والبنت في المعاملة داخل الأسرة وخارجها. 3- المطالبة بتطهير المناهج الدراسية من الأفكار والمبادئ التي تميز بين الولد والبنت. 4- مطالبة خطباء المساجد وشيوخ الفضائيات بالكف عن تحقير المرأة والحط من شأنها والحث علي تكريمها والإعلاء من شأنها كما يأمرنا بذلك ديننا الحنيف. 5- سرعة النظر في القضايا التي تتناول مشاكل الأسرة. 6- مطالبة المنظمات النسائية بالتحرك في القري والنجوع للتوعية بحقوق المرأة وشرح مبادئ الدين الإسلامي التي تدعو إلي تكريم المرأة. أرجو أن تكون كلمتي هذه بداية لإزالة الغبن الواقع علي المرأة لكي تقوم بمهمتها في بناء المجتمع جنباً إلي جنب مع الرجل.