غدا.. انطلاق ماراثون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة عين شمس    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالم للإسكواش 2024 المقامة بنادي بالم هيلز الرياضي    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    وزير الصحة: تعليمات من الرئيس السيسي لدعم أطباء مصر وتسخير الإمكانيات لهم    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 5 دورات تدريبية للعاملين بمركز سقارة    تعرف على الإجازات فى شهر يونيو 2024    انطلاق فعاليات الملتقى التوظيفي الأول بجامعة طيبة التكنولوجية    عاجل: سعر الدولار اليوم السبت 11-5-2024 في البنك المركزي المصري    «التعليم العالي»: انعقاد المجلس التنفيذي الأول لمراكز التوظيف    «غرفة الصناعات الغذائية» تناقش تحديات تصدير الأسماك للاتحاد الأوروبي    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يفتتحان موسم حصاد القمح (صور)    خبير بيئي: مصر من أهم الدول في مسار الطيور المهاجرة    وزير التنمية المحلية: تعامل فوري مع حالات التعدي على الأراضي الزراعية    وزير النقل يتفقد المرحلة الأولى من السيارات الكهربائية    السفير المصري يلتقي وزير الخارجية بجنوب السودان    فيديو.. متحدث الأونروا يروي تفاصيل اعتداء مستوطنين متطرفين على مقر الوكالة بالقدس    وزير الصحة: إنجازات القطاع جاءت بفضل الأطباء وأفراد الفرق الطبية (تفاصيل)    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لكأس الأمم الأفريقية    جدول ترتيب الدوري الإنجليزي قبل مباريات اليوم.. فرصة مانشستر سيتي الذهبية للصدارة    ضرب الشحات «قلمين».. اعلامية تكشف شروط الشيبي للتنازل عن قضيته (فيديو)    بدء أولى جلسات محاكمة 19 متهمًا بتهمة الشروع في قتل رئيس مباحث القناطر الخيرية    تداول أسئلة امتحان الكيمياء للصف الأول الثانوي الخاصة ب3 إدارات في محافظة الدقهلية    اللجنة العليا لمهرجان المسرح المصري تجتمع لمناقشة تفاصيل الدورة ال 17 (صور)    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    بسبب «البدايات».. بسمة بوسيل ترند «جوجل» بعد مفاجأة تامر حسني .. ما القصة؟    ما حقيقة فيديو باسم سمرة مع إنجي علي في برنامج «أسرار النجوم»؟    البابا تواضروس يدشن كنيسة «العذراء» في الرحاب    رئيس هيئة الرعاية الصحية يتفقد المستشفيات والوحدات الصحية بالأقصر    وزير الصحة: الدولة حريصة على زيادة معدلات التشخيص المبكر للأمراض السرطانية    شروط وأحكام حج الغير وفقًا لدار الإفتاء المصرية    توقعات موعد عيد الأضحى 2024 في الجزائر: شغف وترقب    جهاز المنصورة الجديدة: بيع 7 محال تجارية بجلسة مزاد علني    صحة أسيوط: إحالة 7 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيقات العاجلة    "لا يتمتع بأي صفة شرعية".. الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب تصريحاته الأخيرة    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    الشيبي يهدد لجنة الانضباط: هضرب الشحات قلمين الماتش الجاي    مياه الشرب بالجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمناطق الحوامدية    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    رادار المرور يلتقط 1011 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    اليوم.. الاجتماع الفنى لمباراة الزمالك ونهضة بركان فى ذهاب نهائى الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم السبت 11-5-2024 والقنوات الناقلة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    إصابة 13 عاملًا في حادث انقلاب سيارة بالغربية    القوافل العلاجية تبدأ أعمالها فى مدينة حلايب اليوم ضمن "حياة كريمة"    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فاروق يوسف إسكندر» ... البريمو الذي أصبح سبنسة .. ونبوءة سعد الدين وهبة
نشر في القاهرة يوم 26 - 04 - 2011


سعد الدين وهبة (1925 -1997) ضابط البوليس الذي استقال من عمله بالشرطة وهو برتبة رائد سنة 1956، وقد اصدرمجلة البوليس قبل استقالته من الشرطة وبعدها اصدر مجلة «الشهر» وكان من كتابها الجيل الذي يضم سليمان فياض وأبوالمعاطي أبوالنجا ورجاءالنقاش- وظلت تصدر شهريا ما بين 1958 - 1962، وكان سعد الدين وهبة قد انتقل من وظيفة سكرتير تحرير جريدة «الجمهورية» جريدة ثورة 1952 إلي مدير تحريرها 1961 - 1964، حيث تتابعت مقالاته وأخذت مسرحياته تلفت الانتباه إليها المحروسة (1961) - كفر البطيخ (1962) كوبري الناموس (1964) سكة السلامة (1965) إلي جانب وكانت له جماهيرية وشعبية بين أبناء جيلنا، فضلا عن مسرحياته القصيرة التي كان ينشرها في جريدة الأهرام حتي أصبح كاتبا فيها خلال السبعينات، وكان أهم ما يميزه أنه مضي علي خطي توفيق الحكيم في «يوميات نائب في الأرياف» واستمد وقائع مسرحياته من عالم القرية التي عرفها بحكم مولده ونشأته في قرية دميرة مركز طلخا بمحافظة الدقهلية، حيث كان والده يعمل بدائرة الأمير عمر طوسون. وثانيا بحكم تنقله ضابطا للشرطة بين القري التي اضطر عمله إلي الاحتكاك بأهلها وكان يشبه نجيب محفوظ في مرحلة ما قبل «اللص والكلاب» في الاهتمام بحياة القرية قبل الثورة هادفا إلي تعرية الفساد الإداري والحكومي، ولذلك كان يلجأ إلي الرمز ابتداء من مسرحيته «المسامير» (1968) ومسرحية «الأستاذ» التي كتبت عام 1968 ولم تعرض إلا سنة (1981) ومسرحية «يا سلام سلم الحيطة بتتكلم» (1971)، وكان يقول: «هناك فكرة عامة في كل مسرحياتي أعتقد أنها أكثر المشكلات التي صادفت الشعب المصري علي امتداد تاريخه وهي مشكلة من الذي يحكم؟ وما العلاقة بين الحاكم والمحكوم؟! وبدأت معرفتي بسعد الدين وهبه بمسرحية «السبنسة»، ومازلت أذكر الصول درويش الذي كان يؤدي دوره المرحوم أحمد الجزيري، وحسن البارودي الذي كان يؤدي دور الشيخ سيد، وشفيق نور الدين الذي كان يؤدي دور العسكري صابر وفرودس حسن التي كانت تؤدي دور فردوس وتوفيق الدقن دور خبير القنابل وإبراهيم الشامي المأمور، وكمال حسين دور ممدوح وفؤاد شفيق الحكمدار رحم الله الجميع ومدفي عمر رجاء حسين التي كانت تقوم بدور سلمي، ومحمود الحديني «محفوظ»، وعبدالرحمن أبوزهرة «عبدالتواب»، وعادل هاشم «رشوان» وسميحة أيوب التي كانت تقوم باقتدار فني عظيم بدور «جليلة» كانوا هؤلاء عظماء المسرح القومي في الستينات ومازال بعضهم يضيئون حياتنا المسرحية بإبداعهم الادائي وكانت هذه المسرحية التي عرضت تنبأت بالثورة الشعبية التي عرفتها مصر في فجر الثالث والعشرين من يوليو عام 1952، وثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 والتي امتدت منها إلي الأقطار العربية، وتتذكر معها النهضة العظمي للمسرح المصري في الستينات وأولئك العباقرة الافذاذ من الكتاب والممثلين وما قدموه من قيم الحق والخير والجمال. والأحداث في السبنسة التي تدور واقعيا حول اكتشاف قنبلة ويقوم العسكري صابر «شفيق نور الدين» بالإبلاغ عن اكتشافه لها في «كوم الزبالة» المجاور لعشة الجميلة «سلمي» سميحة أيوب وأمها، وينقلب المركز ويأتي الحكمدار وخبيرالقنابل، ويعلن الخبير كاذبا طامعا في مكافأة أن قطعة الحديد قنبلة شديدة الانفجاروالخطورة تنسف كل ما يحيط بها، وتتكرر فصول المسرحية عارضة صور متعددة للفساد في كل شيء يمتد من الصغار حتي الكبار وتتجلي عبقرية أداء شفيق نور الدين «العسكري صابر» الذي وجد القنبلة وفؤاد شفيق الحكمدار خرب الذمة وسميحة أيوب الفلاحة النقية وسط المستنقع العفن من الفساد ويطمع فيها الجميع من اللحظة الأولي لظهورها وسط حشد من السادة لكن قبل أن يأتي السادة الذي تم إبلاغهم بالحادث ممثلا في اكتشاف القنبلة يعلن العسكري صابر أن القنبلة سرقت أثناء ذهابه لقضاء حاجته ولا يستغرق الصول درويش وقتا طويلا في حل المشكلة، فيتناول قطعة الحديد التي يضعها فوق الأوراق علي المكتب، ويعطيها للعسكري صابر زاعما أنها القنبلة ويظهر وجه المفارقة المضحكة أن خبير القنابل يعلن أنها قنبلة شديدة الخطورة وأن العسكري الذي اكتشفها يستحق الترقية، ويقوم الحكمدار فعلا بترقية العسكري صابر ويأتي العمدة بالابرياء الذين يلفق لهم تهمة وضع القنبلة الزائفة وتنتهي المهزلة بالقبض علي ثلاثة من الأبرياء بينهم شيخ المسجد الذي كان يفسر للمصلين قوله تعالي: «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة» ومنهم محفوظ العامل بمصنع الثلج «محمود الحديني» الذي طالب صاحب المصنع بالعدل ويتحرر ضمير العسكري صابر فيقرر إعلان الحقيقة فيتهم بالجنون وبالفعل يلبسونه قميص المجانين ويتم ترحيله مع المتهمين في القطار، لكن بعد أن يوقفهم ناظر المحطة في أماكن حسب درجات القطار، فالمتهمون وصابر المسكين في الموقع الذي يواجه السبنسة «أي في آخر عربات القطار وأدني درجاته» وقبيل أن يأتي القطار يصرخ صابر الذي أصبح رمزا لضمير الشعب المقهور مؤكدا أن الحال لن يستمر علي ما هو عليه، وأن الأحوال لابد أن تتحول ويتغير وضع القاطرة، فتنقلب الأوضاع والأحوال رأسا علي عقب، فتصبح السبنسة مع ركابها هي الدرجة الأولي بينما تتحول مكانة درويش أفندي والباشوات والبكوات إلي السبنسة، يعني أن البلد المظلوم المقموع لابد أن يثور، وأن القنبلة الحقيقية مختبئة في صدور المطحونين لابد وأن تنفجر وتنتهي المسرحية ونحن نسمع صوت صابر «شفيق نور الدين» كالنبوءة «برضه مش حتهرب يا درويش أفندي ولا أنت ولا الباشوات والبهوات بتوعك.. حتهربوا تروحوا فين؟!، القنبلة حتفرقع وتجيب عاليها واطيها، الأرض كلها قنابل، القطر مليان قنابل، بلدنا انزرعت كلها قنابل خلاص وحتفرقع وتجيب اللي قدام ورا واللي وراء قدام، البريمو حتقي سنبسة، والسبنسة حتبقي بريمو». ويدق جرس المحطة ويعلو صوت القطار، ولكن صوت صابر لا يضيع بالرغم من اغلاق الستارة فالمعني كان واضحا، فقد كان ادراكنا أن طوفان الظلم الذي عاناه الشعب المصري طوال 30 عاما من حكم مبارك وفساد الحكم هو الذي أدي إلي ثورة 25 يناير 2011 فقد كان الشعب يصرخ في ميدان التحرير «الشعب يريد اسقاط النظام» وانتصرنا مع ملايين من الشعب العربي التي التفت حول شعارات الحرية والعدل الاجتماعي وضرورة اسقاط الفساد وأن القنابل التي تحدث عنها العسكري صابر «شفيق نور الدين» انفجرت في فجر 25 يناير وامتدت منها إلي الأقطار العربية في ليبيا والبحرين واليمن وسوريا.. والافاق لاتزال مفتوحة لا نهاية لها. أما سعد الدين وهبة كاتب مسرحية السبنسة أولي المسرحيات التي شاهدتها في مسرح الأزبكية في الستينات، والمح علي الرف آخر كتب سعد الدين وهبه «معارك آخر العمر وموقف أمة» الذي حرره الأمير أباظة وإصداره الاتحادالعام للفنانين العرب الذي كان يرأسه سعد وهبة وفيه سلسلة مقالات معارك آخر العمر الذي تحدث فيه عن صراعه مع المرض اللعين، وقد صدر بعد وفاته تكريما لذاكره، والسؤال من ذا يذكر سعد الدين وهبه؟! وأبناء جيله وأساتذتهم من الأجيال التي أسعدنا زمننا بمعرفتهم.. حقا ما أصلح إجابة نجيب محفوظ في رواية «أولاد حارتنا» آفة حارتنا النسيان، رحم الله الجميع.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.