محافظ أسيوط: فيضان النيل تحت السيطرة.. ولا خطر على السكان    الوثائقية: اللواء عبد المنعم الوكيل نفذ عملية عبور ناجحة واستولى على خط بارليف    إرث أكتوبر العظيم    محمد كامل يُعلن أول قراراته: الحشد والتثقيف استعدادًا للإنتخابات    المحاسب الضريبى أشرف عبد الغنى: الإرادة السياسية للرئيس السيسى سر نجاح التيسيرات الضريبية    سعر الذهب في مصر.. عيار 21 يقفز والجرام يقترب من 5300 جنيه    لمدة 6 ساعات.. قطع المياه عن هذه المناطق بالجيزة خلال ساعات    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف جوي إسرائيلي على وسط غزة    القاهرة الإخبارية: ترحيب إسرائيلي مرتقب بتهديدات ترامب ضد حماس    وكيل جهاز المخابرات السابق: ما يثار أن مصر كانت تعلم بعملية طوفان الأقصى مجرد افتراء    قائد الجيش اللبناني يزور مقر اليونيفيل ويعقد لقاء موسعا لتعزيز التعاون وتنفيذ القرار 1701    الاتحاد الأوروبي يطلق قواعد موحدة للشركات الناشئة في 2026 لتعزيز النمو    الاتحاد السكندري يقتنص فوزًا ثمينًا من المقاولون العرب    ضبط عنصرين جنائيين لقيامهما بالنصب على عملاء البنوك    منة شلبي تغيب عن مؤتمر "هيبتا.. المناظرة الأخيرة" لأسباب عائلية    وزير الخارجية يثمن مساندة هايتي للدكتور خالد العناني في انتخابات منصب مدير عام اليونسكو    تعرف على فعاليات اليوم الثالث من مهرجان القاهرة الدولي للمونودراما الثامن    إيقاف عرض عدد من المسلسلات التركية.. والعبقري" من بينها    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    تعرف علي موعد إضافة المواليد علي بطاقة التموين في المنيا    «حاجة تليق بالطموحات».. الأهلي يكشف آخر مستجدات المدرب الجديد    وزير الرياضة يحضر تتويج مونديال اليد.. ويهنئ اللاعبين المصريين على أدائهم المميز    محمد صلاح يلتقط صورة تذكارية مع الكرة الرسمية لكأس العالم 2026    البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس نقابة الصحفيين داخل مقر جريدة الوفد    غلق وتشميع 20 مقهى ومحل ورفع 650 حالة إشغال في الإسكندرية    افتتاح مسجد فانا في مطاي وإقامة 97 مقرأة للجمهور بالمنيا    «طب قصر العيني» تحتفل باستقبال أول دفعة للطلاب بالبرنامج الفرنسي «Kasr Al Ainy French – KAF»    «السكان» تشارك فى الاحتفال بيوم «عيش الكشافة» بمدينة العريش    87 مليون جنيه لمشروعات الخطة الاستثمارية الجديدة بتلا والشهداء في المنوفية    صور الشهداء والمحاربين القدماء بعربات مترو الأنفاق والقطار الكهربائي بمناسبة احتفالات حرب أكتوبر    حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة... تعرف عليها    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    «لرفع العقوبات».. حاخام يهودي يعلن رغبته في الترشح ل مجلس الشعب السوري    القهوة بالحليب.. هل هي خيار صحي لروتينك الصباحي؟ (دراسة توضح)    استشاري مناعة: أجهزة الجيم ملوثة أكثر من الحمامات ب74 مرة (فيديو)    نتائج الجولة الخامسة من الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية    الإسماعيلي يواصل التعثر بهزيمة جديدة أمام سموحة    أموريم: مانشستر يعيش ضغوطات كبيرة    مبابى لاعب سبتمبر فى ريال مدريد متفوقا على فينيسيوس جونيور    محاكمة سارة خلفية وميدو وكروان مشاكل.. أبرز محاكمات الأسبوع المقبل    تعرف على أنشطة رئيس مجلس الوزراء فى أسبوع    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    الحلو وثروت وهانى شاكر يحيون حفل ذكرى انتصارات أكتوبر بالأوبرا    سبب غياب منة شلبي عن مؤتمر فيلم «هيبتا: المناظرة الأخيرة»    سنوات مع صلاح منتصر..حكايات ملهمة لتجربة صحفية فريدة    الزهايمر.. 5 عادات يومية بسيطة تحمي الدماغ من المرض الخطير    تعرف على آداب وسنن يوم الجمعة    5 قرارات أصدرتها النيابة فى اتهام شاب ل4 أشخاص بسرقة كليته بالبدرشين    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم الجمعة 3102025    البابا تواضروس يلتقي كهنة إيبارشيات أسيوط    عاجل- سكك حديد مصر تُسيّر الرحلة ال22 لقطارات العودة الطوعية لنقل الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    المصري يواجه البنك الأهلي اليوم في الجولة العاشرة من دوري نايل    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ يراقب مَنْ في الصحافة السعودية؟

نواصل اليوم استعراض مجموعة جديدة من أهم الفقرات الثلاثين من فصل «من يراقب من؟»Who censors who? من كتاب جون برادلي «تعرية السعودية» Saudi Arabia Exposed
وكما أكدت في الحلقة السابقة أنه رغم كون الفقرات جريئة جدا بالنسبة للسعودية، إلا أنني قررت ترجمتها وتلخيصها في 30 فقرة تنشر مسلسلة تباعا لأني وجدت فيها فائدة لجميع التيارات الفكرية وللحكومة السعودية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام من حيث وجود نقد مبتكر لأمور الرقابة والصحافة السعودية بقلم مراقب أجنبي لا يسعي لمنصب ولا ترقية، وقد نغفل عن ملاحظتها بحكم موروثنا الثقافي والوهم الذي زرع في خلايا عقولنا المسمي «خصوصية» . وهي فقرات مفيدة لجميع الكتاب والمسئولين العرب لأن الهموم مشتركة تقريبا لوجود - للأسف- وزارات إعلام تراقب الصحافة في جميع الدول العربية. وتجرأت علي ترجمتها ونشرها في هذا الوقت تحديدا لأننا في السعودية نعيش في عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي دشن حكمه أيده الله بالعفو الكريم عن ثلاثة ناشطين سياسيين ويتميز عهده بالتطوير الإصلاحي وتشجيع الحوار الوطني وإنشاء هيئات لمراقبة حقوق الإنسان.
وقد ترك المترجم عمدا بعض المصطلحات الجدلية كما وردت في الأصل (مثل: الشرطة الدينية، وشرطة الأخلاق، الوهابية، إلخ) رغم تحفظ التيار الديني عليها لكي يعرف هؤلاء الأخوة كيف توصف هذه الأشياء من قبل المراقبين في الخارج. والمترجم ينقل فقط عن المؤلف وهو لا يدعم أو يساند رواياته ومزاعمه حول مختلف الأحداث خاصة عن مسئولية الشرطة الدينية عن حادث حريق مدرسة البنات في مكة المكرمة.والمترجم مستقل فكريا ولا يحب أن يصنف لحساب أي اتجاه. والتعليقات الموضعة بين هلالين(...) للمترجم.
(10) سر شعبية جريدة «الرياضية»
هناك نكتة قديمة ومستمرة حتي الآن بين الشباب السعودي وهي أن «جريدة «الرياضية» اليومية ذات اللون البرتقالي تتمتع بأكبر شعبية وتوزع أكبر كمية لأنها الجريدة السعودية الوحيدة التي «تنشر الحقيقة وأخبارها صحيحة 100%»!! وباستثنائها يتم إجبار السعوديين علي بلع ماتنشره الصحف الأخري من بروباجاندا حكومية!!!
(11) توزيع الصحف السعودية
تعاني الصحف السعودية من أزمة توزيع ومبيعات. فبينما كانت تبيع أفضلها بمعدل 120,000 نسخة في الثمانينات عندما كان تعداد السعودية 10 مليون نسمة فقط. فإن توزيع الصحف اليوم لا يزيد مطلقا في أحسن الأحوال عن ذلك الرقم رغم تضاعف عدد السكان. ورغم كون الإحصاءات والأرقام المتداولة غير موثوقة ولا يعتمد عليها مثل أي إحصاءات حكومية في العالم العربي، فإن الأرقام المتوفرة تدل علي أن كل 1000 سعودي يشترون 40 جريدة فقط وهي نسبة متواضعة جدا.
مبيعات الصحف طبعا تنحدر عالميا ولكن النتيجة الصحية لهذا الانحدار في الغرب هو زيادة التنافس عبر تطوير الجودة التحريرية حيث تحاول المطبوعات رفع مستوي المواد لكسب ثقة القراء.
ولكن، سبب انحدار مبيعات الصحف السعودية هو أنه يملكها رجال أعمال وِشخصيات نافذة لديهم أموال لتمويل تلك الصحف حتي لو لم تبع نسخة واحدة. ولكون أغلبية الصحف هدفها الجامح ليس الحصول علي ربح ولا إثارة نقاشات جادة ولكن نشر بروباجاندا حكومية مختارة بعناية لتساعد مالكها بطريقة أو أخري لكسب نفوذ ما. وسبب آخر لانحدار توزيع الصحف السعودية هو المنافسة الحادة من الفضائيات التي اكتسبت مصداقية كبيرة.
(12) جمعية الصحفيين السعودية
تأسست جمعية الصحفيين السعودية في 2003 وصاحبها صخب ودعاية كبيرة كأول هيئة مهنية سعودية مستقلة (تعليق المترجم: بل سبقها هيئات مهنية للمهندسين خاصة الحاسب الآلي وغيرها لا تحضرني الآن) ووصل لمجلس إدارتها بسرعة مجموعة مختارة من الصحفيين بطريقة لا يمكن وصفهاب «ديمقراطية» إلا من قبل الحكومة. وظهور هذه الهيئة مثير لأنه يمثل ظاهريا بداية تكون هيئات مجتمع مدني مستقلة. لكن للأسف، المحررون السعوديون لا يمكن اعتبارهم صحفيين مهنيين من حيث التدريب والخبرة والموهبة، لأن معظمهم دخل هذا المجال لأسباب نفعية شخصية وللحصول علي تميز اجتماعي، ولهذا، فإن هذه الجمعية أصبحت - كالمتوقع - آخر هيئة يمكن لأي شخص أن يتوقع منها السعي لتطوير الإعلام السعودي بصورة جادة.
(13) من أسرار الصحافة السعودية والخليجية
لقد أصبح من مصلحة المحررين أنفسهم تلفيق وتزوير أرقام توزيع الجرائد ولكن ليس فقط من اجل التباهي والزهو. وفي حالة تتكرر دائما في الخليج العربي، هناك جريدة يومية سعودية كانت تبيع مساحات الإعلان علي أساس أن توزيعها يتخطي 80,000 نسخة يوميا. لكن توزيعها الحقيقي كما اعترف لي مدير التسويق بنفسه عندما قابلته هو 16,000 نسخة فقط!! ونصف هذه النسخ تذهب للخطوط الجوية السعودية. ولهذا، اعترف لي بسر مهم وهو أن رقم توزيعها الحقيقي بعد خصم المرتجع والنسخ المجانية لايتجاوز 6,000 نسخة فقط. لكن لا ينبغي الخجل من هذه الأرقام في حد ذاتها رغم انها ستقلل من عدد الأمريكان (يتهكم برادلي) الذين يحاولون دخول مواقع الجرائد الخليجية (الناطقة بالإنجليزية) علي النت يوميا والتي يعتقدون، علي افتراض أنها مثيرة، بأنها تمثل الرأي العام في المنطقة. وسبب آخر يجعلنا نتحفظ علي اعتقاد القراء الأمريكان بماهية الصحافة السعودية الناطقة بالإنجليزية هو كون 90% من المحررين في الجرائد الخليجية الناطقة بالإنجليزية هم من شبه الجزيرة الهندية. وفي جريدة «عرب نيوز» الواقعة في جدة حيث عملت، يبتهج هؤلاء المحررون الهنود كثيرا عندما يقرأون أعمدة خبراء الشرق الأوسط في كبري الجرائد الأمريكية مثل توماس فيرديمان و دانيال بايبس ويجدونهم يستشهدون بافتتاحيات هده الصحف الخليجية الإنجليزية لأن هؤلاء الكتاب الأمريكان يتوهمون أن افتتاحيات الصحف الخليجية الناطقة بالإنجليزية تعكس تغيرًا في الفكر والعقلية العربية Mindset، ولكن معظم هذه الافتتاحات تعكس نفس العقلية الأنجلو أمريكية لأنني كنت أنا من يكتبها في «عرب نيوز» وإذا كنت في اجازة يكتبها زميل بريطاني آخر قادم من شمال انجلترا .
ولكن مع هذا فإن السبب الرئيسي، الذي يجعل المحررين في الخليج يعتبرون ارقام التوزيع سرية للغاية هو كون الشركات التي تملك تلك الصحف تربط المحتوي التحريري مع العائد الإعلاني. ولكنهم يفعلون ذلك ليس بالطريقة التي يتمناها العاقل وكما يحدث في الغرب والتي تكون مبنية علي افتراض ان الجريدة الجيدة التي تتمتع بشعبية كبيرة سوف تجذب حتميا اعلانات اكثر. ولكن هنا يعكسون العملية عندما تطلب الشركات المالكة للصحافة من رؤساء التحرير عمل «أي شيء» لجعل المعلنين سعداء. والنتيجة العامة لهذه السياسة الخرقاء، كما لا تحتاج شرح، هي كارثة مدمرة لكل من حرية الصحافة و جودة التقارير .
(14) كاتبة سعودية شجاعة اسمها نبيلة محجوب
وكدليل علي ما سبق، ينبغي تأمل ما حدث للكاتبة السعودية نبيلة محجوب وهي كاتبة مخضرمة في جريدة المدينة السعودية. لقد تم توقيفها عن الكتابة لأكثر من شهر في عام 2004 و السبب كما علمت من تقرير للصحفية السعودية الموهوبة مها عقيل: إن نبيلة كتبت عمودا ينتقد بصورة رمزية ومبهمة وجود فساد في مؤسسة مالية سعودية كبيرة لم تسمها وانتقدت مديرها العام بدون ذكر اسمه. ولكن هذا المدير العام عرف نفسه بالطبع، واتصل فورا بالجريدة وهدد بسحب صفقة الإعلانات لمؤسسته القوية إذا لم تعاقب نبيلة محجوب وقام رئيس التحرير المذعور بإبلاغ المحجوب عبر السكرتير بأنه تم توقيف مقالاتها حتي إشعار آخر!
(15) سطوة الإعلانات
وفي أي يوم طبيعي، تكون 30% من عدد الصفحات في أي جريدة ناطقة بالإنجليزية في الخليج محشوة بأخبار وإعلانات الشركات الكبري. بل وخرجت نكتة عن احتمال إعادة تسمية إحدي الجرائد الخليجية إلي «إل جي نيوز» LG NEWS علي سبيل المثال بسبب كثرة اعلانات تلك الشركة الكورية العملاقة LG التي يقال إنها تسيء استخدام سلاح الإعلانات.
(16) صحفيون رديئون
معظم السعوديين الذين حاولوا مؤخرا الحصول علي عمل في «عرب نيوز» في جدة كانوا من ضحايا 11 سبتمبر حيث عادوا من الولايات المتحدة وشعروا بالحيرة والتعاسة من طريقة الحياة في السعودية كما يشعر أي أجنبي بل في الحقيقة اكثر لأنه من الواجب عليهم الالتزام بالتقاليد التي تخلوا عنها في أمريكا. لقد كانوا عموما غير قادرين مهنيا علي فعل أي شيء باستثناء زيارة غرفة التجارة والصناعة للحصول علي أخبار سخيفة جاهزة أو عمل لقاءات تافهة مع قراصنة ال «سي دي» و ال «دي في دي» !! ولذلك، كان من النادر جدا ان تحتوي مقالاتهم علي أي فائدة أو إثارة، ولهذا كانوا يأتون ثم يغادرون بطريقة سريعة ومتتابعة. ولكن هناك استثناءات ممتازة مثل عصام الغالب الذي كان أول صحفي سعودي يدخل بغداد المدمرة وحصل علي مجد يستحقه مع سي ان انCNN وهناك ايضا سعيد حيدر مدير مكتب الدمام التي كانت مقالاته القوية عن وضع العمال في السعودية هي التي صنعت - جزئيا - الشهرة «الليبرالية» ل «عرب نيوز».
(17) لماذا يعاني الصحفيون السعوديون من البارانويا؟
الرقابة الحقيقية في السعودية لا تبدأ من قبل كبار المسئولين في الحكومة، بل للأسف تبدأ من الصحفيين وكتاب الأعمدة ومحرري صفحات الرأي أنفسهم الذين يقضي كل منهم وقتا معتبرا يفكر في أي شبهة معارضة محتملة من رئيسه المباشر بطريقة متسلسلة حتي قمة الهرم أي حتي رئيس التحرير الذي يقضي وقتا معتبرا في تنبؤ وتخمين Second Guessing رد فعل أو رغبة وزارة الإعلام وقيام الوزارة نفسها بتخمين رد فعل ورغبة كبار المسئولين الذين قد يفضلون اللون الأبيض اليوم، ولكن في اليوم التالي يفضلون اللون الأسود!! انها حالة «لانظام» رقابي متقنة perfect تشكلت بصورة فوضوية غير مقصودة وخلقت بيئة مناسبة تجعل حتي أفضل وأمهر الصحفيين والكتاب يعيشون في حالة بارانويا شديدة (أي جنون الارتياب والشك) يتم تبريرها عقلانيا بعدم وجود إرشادات وقوانين واضحة يمكن اتباعها، وهذه طريقة فعالة لفرض السيطرة والمراقبة من خلال حالة «اللانظام والغموض وعدم اليقين»!!! وبهذه الطريقة يحصر كبار المسئولين اجتماعاتهم مع رؤساء التحرير في جلسات استثنائية نادرة وغير دورية لتوبيخهم علي نجاح نادر لمقال نقدي قوي في الظهور والنشر رغم حالة الغموض الرقابية المحيرة هذه!! ونظير الالتزام بتلك المعايير الغامضة وتقليل مهمة وزارة الإعلام في الرقابة عبر ضمان عدم نشر أي مواضيع نقدية محرجة، يحصل بعض رؤساء التحرير المتملقين علي مرتبات هائلة، وحضور متميز في الإعلام الغربي ودعوات لمرافقة كبار المسئولين في الزيارات الخارجية التي يكتبون بعدها ثلاث جمل من المديح والتملق ويعقبها نسخة موحدة من التقرير لجميع الصحف.
الأوامر المباشرة نادرا ما تأتي من القمة عن طريق مكالمة هاتفية من مسئول كبير في وزارة الإعلام الي جميع رؤساء التحريرالذين يمكن ان يجدوا أنفسهم بدون عمل في اليوم التالي إذا لم يلتزموا. ففي الليلة التي سبقت الذكري الأولي لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية علي سبيل المثال طُلب من رؤساء التحرير عدم نشر اي مقال يوجد فيه رائحة أي تمجيد غير مباشر لتلك الأحداث، وعندما ظهر خبر مدهش لوكالة الأنباء السعودية نسب فيه إلي ولي العهد مقولة حكيمة ورائعة وهي أن «جورج دبليو بوش ينام مبكرا قبل مشاهدة نشرة الأخبار في التلفزيون ولذلك يجب عدم نقده بقسوة لجهله بمعانات الفلسطينيين وأي شيء آخر يحدث في العالم!!!»، ثم تم توزيعه لينشر في الصحافة السعودية فقط بعدما ظهر مفعول ناجح ورائع وقوي له في الصحافة الغربية.
(18) تأثير تكنولوجيا الاتصالات الإيجابي علي الإعلام السعودي
إذا كان السعوديون في الماضي لا يملكون سوي التهام المعلومات التي توضع في افواههم، فإن 80% من السعوديين لديهم الآن أطباق لاقطة في منازلهم و30% من السعوديين يستعملون النت والأرقام قابلة للزيادة كل يوم . وبينما يوجد عدد كبير من الفضائيات في الخارج مثل قناة «العربية»، التي تتمتع بالحصول السريع والحصري مثل «شبح» علي أخبار الهجمات الإرهابية، فإن معظم تلك الفضائيات باستثناء قناة الجزيرة القطرية يملكها سعوديون!! ولكن مع ظهور التكنولوجيا الحديثة التي أثبتت أنها عنصر مؤثر في الصراع بين حرية التعبير والرقابة بل وهناك من يجادل بحق أن الصحف خسرت السباق بسبب بسيط جدا وهو انتشار الرسائل النصية SMS عبر الهواتف النقالة التي تنشر أخبار وشائعات مهمة، وكذلك بسبب وجود الهواتف المحمولة، وأيضا بسبب توفر مواقع النت الإخبارية.
(19) تأثير زيادة الوعي في المجتمع علي الصحافة
ولكن بكل تأكيد الصحافة السعودية تطورت كثيرا عن تلك الأيام التي كان من الممكن فيها سجن رئيس التحريرلأسابيع بسبب سماح محرر صفحة ما بظهور رسم كاريكاتوري مهين للذات الإلهية ولكن هذا التطور نتج عنه فقط الحصول علي الحد الأدني من ثقافة النقد الجاد.
وحاليا عندما ينشر أي موضوع نقدي مهم فإن هذا لا يعكس شجاعة من رئيس التحرير أو وجود حرية تعبير بل علي الأغلب ينتج عن الضغوط الشديدة غير المباشرة الناتجة عن تأثير زيادة مستوي الوعي في المجتمع علي الكُتاب أنفسهم ليكتبوا مواضيع جادة تحترم عقول القراء الذين صاروا يحصلون علي الحقيقة من مصادر أخري غير صحافتهم!! ولهذا يحدث مثل هذا التطور النوعي رغما عن أنف الجميع.
وإذا أصبحت الجرائد السعودية في يوم ما تستحق القراءة فإن هذا ناتج عن قوي اجتماعية عولمية عاتية تجتاح البلد وليس بسبب قيام رؤساء التحرير بأي عمل إيجابي. وليس هناك تطور او انتعاش في وسائل الإعلام السعودية الأخري.
(20) مأساة الروائيين في السعودية
الحالة المرعبة لمناهج التعليم وخاصة العدوانية التامة للفنون والآداب نتج عنه عدم وجود كتب ثقافية حديثة تستحق القراءة باستثناء الكتب الدينية أو المقررات الجامعية.
اثنتان من أفضل الروايات مبيعا علي موقع «النيل والفرات» الإلكتروني هما لمؤلفين من السعودية. ولكن «مدن الملح» للكاتب الراحل عبد الرحمن منيف ورواية «العصفورية» لغازي القصيبي وزير المياه و الكهرباء ممنوعتان في السعودية (تعليق المترجم : حدث مؤخرا تطور نوعي هائل في الرقابة علي الكتب في «معرض الكتاب بالرياض» وسمح بهذه الكتب وكثير غيرها بالبيع والتداول). منع هذين الكتابين وكذلك منع كتب سعودية أخري لروائيين هامين يمثلون مجموعة صغيرة من المبدعين الطليعيين الذين يكتبون عن البيئة السعودية بتفاصيل واقعية!! يقول الباحث يوسف الديني : «من المذهل ان المملكة السعودية انتجت مجموعة من اهم الكتاب في الوطن العربي رغم عدم وجود مساندة مجتمعية وحكومية لهم ورغم البيئة الثقافية غير الصحية التي يعيشون فيها».
(21) بروز روائيين رغم كبت المجتمع المحافظ
النجاح الكبير للروائيين السعوديين في الخارج يسلط الضوء علي التوتر الموجود في المملكة بين الأيديولوجية الوهابية التيارات المتشددة منها المهيمنة ومبادئ حرية التعبير. كما انها توضح أيضا الانقسام المعتاد والفجوة بين ما هو مسموح رسميا وما يتم قراءته ومطالعته بكثرة خلف الأبواب المغلقة. هذا الانقسام يعتبر السبب المحتمل لفشل السعودية في تكوين مجتمع متماسك ثقافيا. وهذا لا يعني ان الناس يعيشون في الظلام ولا يملكون آراء بل علي العكس تماما.
(22) تجربة الروائي المبدع عبده خال
الروائي عبده الخال الذي ألف خمس روايات قال في حوارات صحفية منشورة معه إن رواياته لا تباع في السعودية لأنها تناقش الثالوت المحرم: الجنس، والسياسة، والدين. وأضاف محتجاً بحق: لكن هذا الثالوث هو الذي يشكل جوهر حياة الناس!!!
في الغالب تلك الروايات منعت سبب هيمنة الإيديولوجية الوهابية. ولكن، بالرغم من ذلك، لم يوقف هذا المنع والتحفظ بعض الروائيين والروائيات السعوديين.
خال مدرس في المرحلة الابتدائية وينشر رواياته خارج السعودية كباقي الكتاب السعوديين، وحسب تقرير صحفي منشور يناقش معاناة الروائيين السعوديين فإن خال قال إنه دفع 3,000 دولار عام 1995 لينشر 1,000 نسخة فقط (تعليق المترجم: هذا هو قدر الكتاب السعوديين لأننا من دولة نفطية غنية ولذلك يستغلنا الناشرون بل «المجرمون» العرب!!) من روايته الأولي وأحضر معه 12 نسخة فقط ليوزعها علي أصدقائه وبعض النقاد. وذكر خال هذه الحقائق بصراحة مذهلة في عدة حوارات صحفية منشورة معه، ونشر مؤخراً أنه وقع عقدا مع شركة نشر عربية في ألمانيا (دار الجمل) لنشر وتوزيع كتبه علي المكاتب التجارية والإلكترونية. الروايات السعودية تكتسب اعترافا وتقديرا خارج السعودية. وبالرغم من منعها داخليا، فإنه يتم تداولها بين الناس دائما في السعودية. وعندما يعود السياح السعوديون من مصر ولبنان، يحضرون معهم أكبر كمية ممكنة من الكتب الحداثية. وهناك كتب أخري يتم تصويرها وتوزيعها بطريقة سرية وغير رسمية.0
(23) الأديب محمود التراوري يحلل مشكلة الروائيين في السعودية
محمود التراوري، وهو كاتب ممتاز ومحرر أدبي مرموق في جريدة الوطن وفاز بجائزة الشارقة للإبداع عن روايته الجميلة «ميمونة» وهي تروي قصة عدة اجيال من عائلة افريقية هاجروا للسعودية للعمل وتشرح العنصرية التي تعرضوا لها ودور التجار المحليين في تجارة العبيد. وقد تأسست جائزة الشارقة عام 1998 عن طريق إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتشجيع الأدباء والفنانين في المنطقة وقامت بطبع 500 نسخة من رواية «ميمونة». تراوري صرح للصحافة أنه نشر بعض فصول الرواية في مواقع الكترونية (ربما لعدم السماح بها في البداية) وقدم نسخًا لبعض أصدقائه ليكتبوا عنها مراجعات في الصحف المحلية. وبينما تعتبر مراجعات الكتب في الصحافة السعودية غير مهنية بل رديئة تماما إلا أنها، مع هذا، تساهم في زيادة الوعي بأن اللغة يمكن استخدامها بفاعلية ولغرض جاد بخلاف كتابة قصائد شعرية تمجيدية واحتفالية وتملقية. وقدم تراوري أيضا نسخة من الرواية لنادي جدة الأدبي حيث تم تصويرها وتوزيعها علي 20 عضوا لتناقش في حلقة القراءة النقدية في النادي عام 2003. ولكن عندما استلم التراوري عشرات المكالمات والإيميلات من الناس يطالبون بنسخ من روايته لم يكن بقي لديه أي نسخة وكان منزعجا لأنه أدرك أن الكاتب في السعودية يجب ان يكون مؤلفا وناشرا وموزعا في نفس الوقت!!!
(24) شيزوفرينيا الثقافة السعودية!!
الشيزوفرينيا التي تميز الحياة السعودية لا يمكن توضيحها اكثر من مسابقات شد الحبل بين المسئولين مثل الأمير تركي الفيصل صاحب العقل الإصلاحي المتدين والمستنير الذي طالب الإعلام باستمرار بأن يقوم بدوره في الرقابة العامة، وبين مسئولين آخرين قاموا بفصل 3 رؤساء تحرير في سنة واحدة لنشرهم مواد «غير مقبولة» في نظرهم ويواصلون محاولة إسكات قلة من الكتاب الجادين والمثيرين للجدل الذين بدءوا يبرزون رغم تلك الظروف الثقافية غير الصحية. ومثل معظم أنماط الحياة في السعودية، الجميع ينهمكون في مبارزات وهمية ومسابقات شد حبال متخيلة.
(25) الإنجاز الوحيد في تاريخ الصحافة السعودية
(يتحفظ المترجم علي صحة بعض معلومات هذه الفقرة حيث قيل بتلفيق قصة مسئولية هيئة الأمر بالمعروف عن حريق مدرسة مكة).
الانتصار الواضح الوحيد في تاريخ الصحافة السعودية حتي الآن حدث بعدما شنت الصحف حملة غير مسبوقة لمحاسبة المسئولين عن وفاة 15 طالبة في حريق مدرسة بنات في مكة في مارس 2002، بعدما منعت الشرطة الدينية الرجال المارين من إنقاذ الفتيات من الاحتراق حتي لا يحصل اختلاط. المانشيت الرئيسي لجريدة عكاظ كان: «الطالبات قتلن بسبب الإهمال الفاضح»، تساءلت جريدة الاقتصادية بحسرة: «من نلوم؟؟»، وأضافت «هناك خطأ فظيع والمسئولة عنه هي رئاسة تعليم البنات». وقالت الندوة مستشهدة بتصريح احدي الناجيات «إنه بينما كانت الطالبات تحترقن خلف البوابات المقفلة، كان رجال الشرطة الدينية يتجادلون مع رجال المطافئ حول منطقة عمل ومسئولية jurisdiction كل منهم».
المارون هرعوا إلي المدرسة و معهم جراكن مياه ولكن تم منعهم من قبل الشرطة الدينية. أحد الصحفيين اطلق علي الهيئة «هيئة الأمر بالموت والنهي عن الحياة» في عموده اليومي. وفي النهاية تم فصل رئيس تعليم البنات وتم الغاء تلك المؤسسة بالكامل وتم تحويل جميع مسئولياتها لوزارة التربية والتعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.