لتسهيل رحيله.. ريال مدريد يخفض سعر رودريجو    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر ويطالب بضرورة احترام سيادة الدول    محافظ سوهاج يعقد اللقاء الجماهيري الأسبوعي للاستماع إلى شكاوى وطلبات المواطنين    حق الرد.. توضيح من وزارة الزراعة بشأن أسباب استقالة رئيس الاتحاد التعاوني للثروة المائية    مصر للطيران تستأنف رحلاتها المنتظمة إلى مدن الخليج العربي.. وتفعل خطة تشغيل استثنائية لضمان انسيابية الحركة الجوية    محافظ بني سويف يستقبل وفدًا يمنيًا ومصريًا للاطلاع على تجربة الإدارة المحلية الاستراتيجية    وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان مشروع تطوير قرية الغرقانة بمحمية نبق    عاجل- ترامب يطالب إسرائيل بوقف القصف فورًا ويصف استمرار العمليات ب "الانتهاك الجسيم" للهدنة    أمير الكويت يترأس اجتماعا لمجلس الدفاع الأعلى    ميرتس في بيان الحكومة: ألمانيا عادت إلى الساحة الأوروبية والدولية    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الحكومية المنبثقة منها جامعات أهلية    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    الأهلي يودع بطولة كأس العالم للأندية.. شاهد    السيطرة علي حريق في تروسيكل محمل بالأنانبيب في المنصورة بالدقهلية    الأرصاد: غدا الأربعاء طقس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 35    إحالة توربيني كفر الدوار إلى الجنايات بتهم خطف وهتك عرض أطفال    "عرض حال" و"زمكان" الليلة بمهرجان فرق الأقاليم المسرحية    استياء أسرة عبد الحليم حافظ من مهرجان موازين    افتتاح ندوة "نشر وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان" بمكتبة الإسكندرية    متحدث الصحة: مصر تمتلك أقوي برامج التطعيمات عالميا    طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة غينيا في إطار دعم برنامج "Kasr Al Ainy French – KAF"    حريق هائل في مخزن مواسير بلاستيك بسوهاج    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    باكستان تستأنف الرحلات الجوية بعد إعادة فتح المجال الجوي الخليجي    الأهلي يقترب من إعلان صفقة جديدة.. الغندور يكشف التفاصيل    شيرين رضا تنشر فيديو من أحدث ظهور لها.. والجمهور: "كليوباترا"    "وحشتينا".. إلهام شاهين أنيقة في أحدث ظهور لها    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    ب2240 جنيه.. قسط أرخص سيارة جديدة في مصر    طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة غينيا لدعم برنامج التعليم باللغة الفرنسية    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    في ذكرى رحيلة.. يوسف داود حضور لا يغيب    محافظ المنوفية يفتتح مركز الثقافة الإسلامية التابع للأوقاف    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    ضبط 10 آلاف قطعة لوليتا فاسدة ومخازن مخالفة في حملة رقابية ببني سويف    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية الحكومية الجديدة (التفاصيل)    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    محافظ الشرقية: 6 ملايين جنيه لرفع كفاءة الشوارع الداخلية في كفر صقر ضمن الخطة الاستثمارية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    رفع 43 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الشوارع    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    تداول 10 آلاف طن بضائع و532 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    منتخب مصر لكرة اليد يواجه ألمانيا في بطولة العالم للشباب 2025    باريس سان جيرمان يعلن انتقال لاعبه إلى كوبنهاجن الدنماركي    الشحات يكشف كواليس الفرصة الضائعة: ترددت لحظة.. ولو رجع الزمن كنت خلصت على طول    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    ثقف نفسك | هل تعرف هذه الأسرار العشر عن إيران؟.. حقائق ستفاجئك    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَنْ يراقب مَنْ في الصحافة السعودية؟

نواصل اليوم استعراض مجموعة جديدة من أهم الفقرات الثلاثين من فصل «من يراقب من؟»Who censors who? من كتاب جون برادلي «تعرية السعودية» Saudi Arabia Exposed
وكما أكدت في الحلقة السابقة أنه رغم كون الفقرات جريئة جدا بالنسبة للسعودية، إلا أنني قررت ترجمتها وتلخيصها في 30 فقرة تنشر مسلسلة تباعا لأني وجدت فيها فائدة لجميع التيارات الفكرية وللحكومة السعودية ممثلة في وزارة الثقافة والإعلام من حيث وجود نقد مبتكر لأمور الرقابة والصحافة السعودية بقلم مراقب أجنبي لا يسعي لمنصب ولا ترقية، وقد نغفل عن ملاحظتها بحكم موروثنا الثقافي والوهم الذي زرع في خلايا عقولنا المسمي «خصوصية» . وهي فقرات مفيدة لجميع الكتاب والمسئولين العرب لأن الهموم مشتركة تقريبا لوجود - للأسف- وزارات إعلام تراقب الصحافة في جميع الدول العربية. وتجرأت علي ترجمتها ونشرها في هذا الوقت تحديدا لأننا في السعودية نعيش في عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي دشن حكمه أيده الله بالعفو الكريم عن ثلاثة ناشطين سياسيين ويتميز عهده بالتطوير الإصلاحي وتشجيع الحوار الوطني وإنشاء هيئات لمراقبة حقوق الإنسان.
وقد ترك المترجم عمدا بعض المصطلحات الجدلية كما وردت في الأصل (مثل: الشرطة الدينية، وشرطة الأخلاق، الوهابية، إلخ) رغم تحفظ التيار الديني عليها لكي يعرف هؤلاء الأخوة كيف توصف هذه الأشياء من قبل المراقبين في الخارج. والمترجم ينقل فقط عن المؤلف وهو لا يدعم أو يساند رواياته ومزاعمه حول مختلف الأحداث خاصة عن مسئولية الشرطة الدينية عن حادث حريق مدرسة البنات في مكة المكرمة.والمترجم مستقل فكريا ولا يحب أن يصنف لحساب أي اتجاه. والتعليقات الموضعة بين هلالين(...) للمترجم.
(10) سر شعبية جريدة «الرياضية»
هناك نكتة قديمة ومستمرة حتي الآن بين الشباب السعودي وهي أن «جريدة «الرياضية» اليومية ذات اللون البرتقالي تتمتع بأكبر شعبية وتوزع أكبر كمية لأنها الجريدة السعودية الوحيدة التي «تنشر الحقيقة وأخبارها صحيحة 100%»!! وباستثنائها يتم إجبار السعوديين علي بلع ماتنشره الصحف الأخري من بروباجاندا حكومية!!!
(11) توزيع الصحف السعودية
تعاني الصحف السعودية من أزمة توزيع ومبيعات. فبينما كانت تبيع أفضلها بمعدل 120,000 نسخة في الثمانينات عندما كان تعداد السعودية 10 مليون نسمة فقط. فإن توزيع الصحف اليوم لا يزيد مطلقا في أحسن الأحوال عن ذلك الرقم رغم تضاعف عدد السكان. ورغم كون الإحصاءات والأرقام المتداولة غير موثوقة ولا يعتمد عليها مثل أي إحصاءات حكومية في العالم العربي، فإن الأرقام المتوفرة تدل علي أن كل 1000 سعودي يشترون 40 جريدة فقط وهي نسبة متواضعة جدا.
مبيعات الصحف طبعا تنحدر عالميا ولكن النتيجة الصحية لهذا الانحدار في الغرب هو زيادة التنافس عبر تطوير الجودة التحريرية حيث تحاول المطبوعات رفع مستوي المواد لكسب ثقة القراء.
ولكن، سبب انحدار مبيعات الصحف السعودية هو أنه يملكها رجال أعمال وِشخصيات نافذة لديهم أموال لتمويل تلك الصحف حتي لو لم تبع نسخة واحدة. ولكون أغلبية الصحف هدفها الجامح ليس الحصول علي ربح ولا إثارة نقاشات جادة ولكن نشر بروباجاندا حكومية مختارة بعناية لتساعد مالكها بطريقة أو أخري لكسب نفوذ ما. وسبب آخر لانحدار توزيع الصحف السعودية هو المنافسة الحادة من الفضائيات التي اكتسبت مصداقية كبيرة.
(12) جمعية الصحفيين السعودية
تأسست جمعية الصحفيين السعودية في 2003 وصاحبها صخب ودعاية كبيرة كأول هيئة مهنية سعودية مستقلة (تعليق المترجم: بل سبقها هيئات مهنية للمهندسين خاصة الحاسب الآلي وغيرها لا تحضرني الآن) ووصل لمجلس إدارتها بسرعة مجموعة مختارة من الصحفيين بطريقة لا يمكن وصفهاب «ديمقراطية» إلا من قبل الحكومة. وظهور هذه الهيئة مثير لأنه يمثل ظاهريا بداية تكون هيئات مجتمع مدني مستقلة. لكن للأسف، المحررون السعوديون لا يمكن اعتبارهم صحفيين مهنيين من حيث التدريب والخبرة والموهبة، لأن معظمهم دخل هذا المجال لأسباب نفعية شخصية وللحصول علي تميز اجتماعي، ولهذا، فإن هذه الجمعية أصبحت - كالمتوقع - آخر هيئة يمكن لأي شخص أن يتوقع منها السعي لتطوير الإعلام السعودي بصورة جادة.
(13) من أسرار الصحافة السعودية والخليجية
لقد أصبح من مصلحة المحررين أنفسهم تلفيق وتزوير أرقام توزيع الجرائد ولكن ليس فقط من اجل التباهي والزهو. وفي حالة تتكرر دائما في الخليج العربي، هناك جريدة يومية سعودية كانت تبيع مساحات الإعلان علي أساس أن توزيعها يتخطي 80,000 نسخة يوميا. لكن توزيعها الحقيقي كما اعترف لي مدير التسويق بنفسه عندما قابلته هو 16,000 نسخة فقط!! ونصف هذه النسخ تذهب للخطوط الجوية السعودية. ولهذا، اعترف لي بسر مهم وهو أن رقم توزيعها الحقيقي بعد خصم المرتجع والنسخ المجانية لايتجاوز 6,000 نسخة فقط. لكن لا ينبغي الخجل من هذه الأرقام في حد ذاتها رغم انها ستقلل من عدد الأمريكان (يتهكم برادلي) الذين يحاولون دخول مواقع الجرائد الخليجية (الناطقة بالإنجليزية) علي النت يوميا والتي يعتقدون، علي افتراض أنها مثيرة، بأنها تمثل الرأي العام في المنطقة. وسبب آخر يجعلنا نتحفظ علي اعتقاد القراء الأمريكان بماهية الصحافة السعودية الناطقة بالإنجليزية هو كون 90% من المحررين في الجرائد الخليجية الناطقة بالإنجليزية هم من شبه الجزيرة الهندية. وفي جريدة «عرب نيوز» الواقعة في جدة حيث عملت، يبتهج هؤلاء المحررون الهنود كثيرا عندما يقرأون أعمدة خبراء الشرق الأوسط في كبري الجرائد الأمريكية مثل توماس فيرديمان و دانيال بايبس ويجدونهم يستشهدون بافتتاحيات هده الصحف الخليجية الإنجليزية لأن هؤلاء الكتاب الأمريكان يتوهمون أن افتتاحيات الصحف الخليجية الناطقة بالإنجليزية تعكس تغيرًا في الفكر والعقلية العربية Mindset، ولكن معظم هذه الافتتاحات تعكس نفس العقلية الأنجلو أمريكية لأنني كنت أنا من يكتبها في «عرب نيوز» وإذا كنت في اجازة يكتبها زميل بريطاني آخر قادم من شمال انجلترا .
ولكن مع هذا فإن السبب الرئيسي، الذي يجعل المحررين في الخليج يعتبرون ارقام التوزيع سرية للغاية هو كون الشركات التي تملك تلك الصحف تربط المحتوي التحريري مع العائد الإعلاني. ولكنهم يفعلون ذلك ليس بالطريقة التي يتمناها العاقل وكما يحدث في الغرب والتي تكون مبنية علي افتراض ان الجريدة الجيدة التي تتمتع بشعبية كبيرة سوف تجذب حتميا اعلانات اكثر. ولكن هنا يعكسون العملية عندما تطلب الشركات المالكة للصحافة من رؤساء التحرير عمل «أي شيء» لجعل المعلنين سعداء. والنتيجة العامة لهذه السياسة الخرقاء، كما لا تحتاج شرح، هي كارثة مدمرة لكل من حرية الصحافة و جودة التقارير .
(14) كاتبة سعودية شجاعة اسمها نبيلة محجوب
وكدليل علي ما سبق، ينبغي تأمل ما حدث للكاتبة السعودية نبيلة محجوب وهي كاتبة مخضرمة في جريدة المدينة السعودية. لقد تم توقيفها عن الكتابة لأكثر من شهر في عام 2004 و السبب كما علمت من تقرير للصحفية السعودية الموهوبة مها عقيل: إن نبيلة كتبت عمودا ينتقد بصورة رمزية ومبهمة وجود فساد في مؤسسة مالية سعودية كبيرة لم تسمها وانتقدت مديرها العام بدون ذكر اسمه. ولكن هذا المدير العام عرف نفسه بالطبع، واتصل فورا بالجريدة وهدد بسحب صفقة الإعلانات لمؤسسته القوية إذا لم تعاقب نبيلة محجوب وقام رئيس التحرير المذعور بإبلاغ المحجوب عبر السكرتير بأنه تم توقيف مقالاتها حتي إشعار آخر!
(15) سطوة الإعلانات
وفي أي يوم طبيعي، تكون 30% من عدد الصفحات في أي جريدة ناطقة بالإنجليزية في الخليج محشوة بأخبار وإعلانات الشركات الكبري. بل وخرجت نكتة عن احتمال إعادة تسمية إحدي الجرائد الخليجية إلي «إل جي نيوز» LG NEWS علي سبيل المثال بسبب كثرة اعلانات تلك الشركة الكورية العملاقة LG التي يقال إنها تسيء استخدام سلاح الإعلانات.
(16) صحفيون رديئون
معظم السعوديين الذين حاولوا مؤخرا الحصول علي عمل في «عرب نيوز» في جدة كانوا من ضحايا 11 سبتمبر حيث عادوا من الولايات المتحدة وشعروا بالحيرة والتعاسة من طريقة الحياة في السعودية كما يشعر أي أجنبي بل في الحقيقة اكثر لأنه من الواجب عليهم الالتزام بالتقاليد التي تخلوا عنها في أمريكا. لقد كانوا عموما غير قادرين مهنيا علي فعل أي شيء باستثناء زيارة غرفة التجارة والصناعة للحصول علي أخبار سخيفة جاهزة أو عمل لقاءات تافهة مع قراصنة ال «سي دي» و ال «دي في دي» !! ولذلك، كان من النادر جدا ان تحتوي مقالاتهم علي أي فائدة أو إثارة، ولهذا كانوا يأتون ثم يغادرون بطريقة سريعة ومتتابعة. ولكن هناك استثناءات ممتازة مثل عصام الغالب الذي كان أول صحفي سعودي يدخل بغداد المدمرة وحصل علي مجد يستحقه مع سي ان انCNN وهناك ايضا سعيد حيدر مدير مكتب الدمام التي كانت مقالاته القوية عن وضع العمال في السعودية هي التي صنعت - جزئيا - الشهرة «الليبرالية» ل «عرب نيوز».
(17) لماذا يعاني الصحفيون السعوديون من البارانويا؟
الرقابة الحقيقية في السعودية لا تبدأ من قبل كبار المسئولين في الحكومة، بل للأسف تبدأ من الصحفيين وكتاب الأعمدة ومحرري صفحات الرأي أنفسهم الذين يقضي كل منهم وقتا معتبرا يفكر في أي شبهة معارضة محتملة من رئيسه المباشر بطريقة متسلسلة حتي قمة الهرم أي حتي رئيس التحرير الذي يقضي وقتا معتبرا في تنبؤ وتخمين Second Guessing رد فعل أو رغبة وزارة الإعلام وقيام الوزارة نفسها بتخمين رد فعل ورغبة كبار المسئولين الذين قد يفضلون اللون الأبيض اليوم، ولكن في اليوم التالي يفضلون اللون الأسود!! انها حالة «لانظام» رقابي متقنة perfect تشكلت بصورة فوضوية غير مقصودة وخلقت بيئة مناسبة تجعل حتي أفضل وأمهر الصحفيين والكتاب يعيشون في حالة بارانويا شديدة (أي جنون الارتياب والشك) يتم تبريرها عقلانيا بعدم وجود إرشادات وقوانين واضحة يمكن اتباعها، وهذه طريقة فعالة لفرض السيطرة والمراقبة من خلال حالة «اللانظام والغموض وعدم اليقين»!!! وبهذه الطريقة يحصر كبار المسئولين اجتماعاتهم مع رؤساء التحرير في جلسات استثنائية نادرة وغير دورية لتوبيخهم علي نجاح نادر لمقال نقدي قوي في الظهور والنشر رغم حالة الغموض الرقابية المحيرة هذه!! ونظير الالتزام بتلك المعايير الغامضة وتقليل مهمة وزارة الإعلام في الرقابة عبر ضمان عدم نشر أي مواضيع نقدية محرجة، يحصل بعض رؤساء التحرير المتملقين علي مرتبات هائلة، وحضور متميز في الإعلام الغربي ودعوات لمرافقة كبار المسئولين في الزيارات الخارجية التي يكتبون بعدها ثلاث جمل من المديح والتملق ويعقبها نسخة موحدة من التقرير لجميع الصحف.
الأوامر المباشرة نادرا ما تأتي من القمة عن طريق مكالمة هاتفية من مسئول كبير في وزارة الإعلام الي جميع رؤساء التحريرالذين يمكن ان يجدوا أنفسهم بدون عمل في اليوم التالي إذا لم يلتزموا. ففي الليلة التي سبقت الذكري الأولي لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية علي سبيل المثال طُلب من رؤساء التحرير عدم نشر اي مقال يوجد فيه رائحة أي تمجيد غير مباشر لتلك الأحداث، وعندما ظهر خبر مدهش لوكالة الأنباء السعودية نسب فيه إلي ولي العهد مقولة حكيمة ورائعة وهي أن «جورج دبليو بوش ينام مبكرا قبل مشاهدة نشرة الأخبار في التلفزيون ولذلك يجب عدم نقده بقسوة لجهله بمعانات الفلسطينيين وأي شيء آخر يحدث في العالم!!!»، ثم تم توزيعه لينشر في الصحافة السعودية فقط بعدما ظهر مفعول ناجح ورائع وقوي له في الصحافة الغربية.
(18) تأثير تكنولوجيا الاتصالات الإيجابي علي الإعلام السعودي
إذا كان السعوديون في الماضي لا يملكون سوي التهام المعلومات التي توضع في افواههم، فإن 80% من السعوديين لديهم الآن أطباق لاقطة في منازلهم و30% من السعوديين يستعملون النت والأرقام قابلة للزيادة كل يوم . وبينما يوجد عدد كبير من الفضائيات في الخارج مثل قناة «العربية»، التي تتمتع بالحصول السريع والحصري مثل «شبح» علي أخبار الهجمات الإرهابية، فإن معظم تلك الفضائيات باستثناء قناة الجزيرة القطرية يملكها سعوديون!! ولكن مع ظهور التكنولوجيا الحديثة التي أثبتت أنها عنصر مؤثر في الصراع بين حرية التعبير والرقابة بل وهناك من يجادل بحق أن الصحف خسرت السباق بسبب بسيط جدا وهو انتشار الرسائل النصية SMS عبر الهواتف النقالة التي تنشر أخبار وشائعات مهمة، وكذلك بسبب وجود الهواتف المحمولة، وأيضا بسبب توفر مواقع النت الإخبارية.
(19) تأثير زيادة الوعي في المجتمع علي الصحافة
ولكن بكل تأكيد الصحافة السعودية تطورت كثيرا عن تلك الأيام التي كان من الممكن فيها سجن رئيس التحريرلأسابيع بسبب سماح محرر صفحة ما بظهور رسم كاريكاتوري مهين للذات الإلهية ولكن هذا التطور نتج عنه فقط الحصول علي الحد الأدني من ثقافة النقد الجاد.
وحاليا عندما ينشر أي موضوع نقدي مهم فإن هذا لا يعكس شجاعة من رئيس التحرير أو وجود حرية تعبير بل علي الأغلب ينتج عن الضغوط الشديدة غير المباشرة الناتجة عن تأثير زيادة مستوي الوعي في المجتمع علي الكُتاب أنفسهم ليكتبوا مواضيع جادة تحترم عقول القراء الذين صاروا يحصلون علي الحقيقة من مصادر أخري غير صحافتهم!! ولهذا يحدث مثل هذا التطور النوعي رغما عن أنف الجميع.
وإذا أصبحت الجرائد السعودية في يوم ما تستحق القراءة فإن هذا ناتج عن قوي اجتماعية عولمية عاتية تجتاح البلد وليس بسبب قيام رؤساء التحرير بأي عمل إيجابي. وليس هناك تطور او انتعاش في وسائل الإعلام السعودية الأخري.
(20) مأساة الروائيين في السعودية
الحالة المرعبة لمناهج التعليم وخاصة العدوانية التامة للفنون والآداب نتج عنه عدم وجود كتب ثقافية حديثة تستحق القراءة باستثناء الكتب الدينية أو المقررات الجامعية.
اثنتان من أفضل الروايات مبيعا علي موقع «النيل والفرات» الإلكتروني هما لمؤلفين من السعودية. ولكن «مدن الملح» للكاتب الراحل عبد الرحمن منيف ورواية «العصفورية» لغازي القصيبي وزير المياه و الكهرباء ممنوعتان في السعودية (تعليق المترجم : حدث مؤخرا تطور نوعي هائل في الرقابة علي الكتب في «معرض الكتاب بالرياض» وسمح بهذه الكتب وكثير غيرها بالبيع والتداول). منع هذين الكتابين وكذلك منع كتب سعودية أخري لروائيين هامين يمثلون مجموعة صغيرة من المبدعين الطليعيين الذين يكتبون عن البيئة السعودية بتفاصيل واقعية!! يقول الباحث يوسف الديني : «من المذهل ان المملكة السعودية انتجت مجموعة من اهم الكتاب في الوطن العربي رغم عدم وجود مساندة مجتمعية وحكومية لهم ورغم البيئة الثقافية غير الصحية التي يعيشون فيها».
(21) بروز روائيين رغم كبت المجتمع المحافظ
النجاح الكبير للروائيين السعوديين في الخارج يسلط الضوء علي التوتر الموجود في المملكة بين الأيديولوجية الوهابية التيارات المتشددة منها المهيمنة ومبادئ حرية التعبير. كما انها توضح أيضا الانقسام المعتاد والفجوة بين ما هو مسموح رسميا وما يتم قراءته ومطالعته بكثرة خلف الأبواب المغلقة. هذا الانقسام يعتبر السبب المحتمل لفشل السعودية في تكوين مجتمع متماسك ثقافيا. وهذا لا يعني ان الناس يعيشون في الظلام ولا يملكون آراء بل علي العكس تماما.
(22) تجربة الروائي المبدع عبده خال
الروائي عبده الخال الذي ألف خمس روايات قال في حوارات صحفية منشورة معه إن رواياته لا تباع في السعودية لأنها تناقش الثالوت المحرم: الجنس، والسياسة، والدين. وأضاف محتجاً بحق: لكن هذا الثالوث هو الذي يشكل جوهر حياة الناس!!!
في الغالب تلك الروايات منعت سبب هيمنة الإيديولوجية الوهابية. ولكن، بالرغم من ذلك، لم يوقف هذا المنع والتحفظ بعض الروائيين والروائيات السعوديين.
خال مدرس في المرحلة الابتدائية وينشر رواياته خارج السعودية كباقي الكتاب السعوديين، وحسب تقرير صحفي منشور يناقش معاناة الروائيين السعوديين فإن خال قال إنه دفع 3,000 دولار عام 1995 لينشر 1,000 نسخة فقط (تعليق المترجم: هذا هو قدر الكتاب السعوديين لأننا من دولة نفطية غنية ولذلك يستغلنا الناشرون بل «المجرمون» العرب!!) من روايته الأولي وأحضر معه 12 نسخة فقط ليوزعها علي أصدقائه وبعض النقاد. وذكر خال هذه الحقائق بصراحة مذهلة في عدة حوارات صحفية منشورة معه، ونشر مؤخراً أنه وقع عقدا مع شركة نشر عربية في ألمانيا (دار الجمل) لنشر وتوزيع كتبه علي المكاتب التجارية والإلكترونية. الروايات السعودية تكتسب اعترافا وتقديرا خارج السعودية. وبالرغم من منعها داخليا، فإنه يتم تداولها بين الناس دائما في السعودية. وعندما يعود السياح السعوديون من مصر ولبنان، يحضرون معهم أكبر كمية ممكنة من الكتب الحداثية. وهناك كتب أخري يتم تصويرها وتوزيعها بطريقة سرية وغير رسمية.0
(23) الأديب محمود التراوري يحلل مشكلة الروائيين في السعودية
محمود التراوري، وهو كاتب ممتاز ومحرر أدبي مرموق في جريدة الوطن وفاز بجائزة الشارقة للإبداع عن روايته الجميلة «ميمونة» وهي تروي قصة عدة اجيال من عائلة افريقية هاجروا للسعودية للعمل وتشرح العنصرية التي تعرضوا لها ودور التجار المحليين في تجارة العبيد. وقد تأسست جائزة الشارقة عام 1998 عن طريق إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتشجيع الأدباء والفنانين في المنطقة وقامت بطبع 500 نسخة من رواية «ميمونة». تراوري صرح للصحافة أنه نشر بعض فصول الرواية في مواقع الكترونية (ربما لعدم السماح بها في البداية) وقدم نسخًا لبعض أصدقائه ليكتبوا عنها مراجعات في الصحف المحلية. وبينما تعتبر مراجعات الكتب في الصحافة السعودية غير مهنية بل رديئة تماما إلا أنها، مع هذا، تساهم في زيادة الوعي بأن اللغة يمكن استخدامها بفاعلية ولغرض جاد بخلاف كتابة قصائد شعرية تمجيدية واحتفالية وتملقية. وقدم تراوري أيضا نسخة من الرواية لنادي جدة الأدبي حيث تم تصويرها وتوزيعها علي 20 عضوا لتناقش في حلقة القراءة النقدية في النادي عام 2003. ولكن عندما استلم التراوري عشرات المكالمات والإيميلات من الناس يطالبون بنسخ من روايته لم يكن بقي لديه أي نسخة وكان منزعجا لأنه أدرك أن الكاتب في السعودية يجب ان يكون مؤلفا وناشرا وموزعا في نفس الوقت!!!
(24) شيزوفرينيا الثقافة السعودية!!
الشيزوفرينيا التي تميز الحياة السعودية لا يمكن توضيحها اكثر من مسابقات شد الحبل بين المسئولين مثل الأمير تركي الفيصل صاحب العقل الإصلاحي المتدين والمستنير الذي طالب الإعلام باستمرار بأن يقوم بدوره في الرقابة العامة، وبين مسئولين آخرين قاموا بفصل 3 رؤساء تحرير في سنة واحدة لنشرهم مواد «غير مقبولة» في نظرهم ويواصلون محاولة إسكات قلة من الكتاب الجادين والمثيرين للجدل الذين بدءوا يبرزون رغم تلك الظروف الثقافية غير الصحية. ومثل معظم أنماط الحياة في السعودية، الجميع ينهمكون في مبارزات وهمية ومسابقات شد حبال متخيلة.
(25) الإنجاز الوحيد في تاريخ الصحافة السعودية
(يتحفظ المترجم علي صحة بعض معلومات هذه الفقرة حيث قيل بتلفيق قصة مسئولية هيئة الأمر بالمعروف عن حريق مدرسة مكة).
الانتصار الواضح الوحيد في تاريخ الصحافة السعودية حتي الآن حدث بعدما شنت الصحف حملة غير مسبوقة لمحاسبة المسئولين عن وفاة 15 طالبة في حريق مدرسة بنات في مكة في مارس 2002، بعدما منعت الشرطة الدينية الرجال المارين من إنقاذ الفتيات من الاحتراق حتي لا يحصل اختلاط. المانشيت الرئيسي لجريدة عكاظ كان: «الطالبات قتلن بسبب الإهمال الفاضح»، تساءلت جريدة الاقتصادية بحسرة: «من نلوم؟؟»، وأضافت «هناك خطأ فظيع والمسئولة عنه هي رئاسة تعليم البنات». وقالت الندوة مستشهدة بتصريح احدي الناجيات «إنه بينما كانت الطالبات تحترقن خلف البوابات المقفلة، كان رجال الشرطة الدينية يتجادلون مع رجال المطافئ حول منطقة عمل ومسئولية jurisdiction كل منهم».
المارون هرعوا إلي المدرسة و معهم جراكن مياه ولكن تم منعهم من قبل الشرطة الدينية. أحد الصحفيين اطلق علي الهيئة «هيئة الأمر بالموت والنهي عن الحياة» في عموده اليومي. وفي النهاية تم فصل رئيس تعليم البنات وتم الغاء تلك المؤسسة بالكامل وتم تحويل جميع مسئولياتها لوزارة التربية والتعليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.