وفجأة أجدني مصرا أن أعود الي قرية المآذن - وحكاية تلك القرية التي نشرت في جريدتنا - القاهرة .. العدد 504 - الصادر في 5/1/2010 - لأن الوضع تغير وزاد عن المعقول والمقبول! ونعود من جديد لنؤكد شيئاً مهماً للغاية وهو أن المسلم يمكنه أن يصلي في أي مكان يحب وأي لحظة يختارها ومن تلك البساطة في أداء العبادة (التي لم نعد نفهم لما نقوم بها سوف ننهي المقال بمناقشة تلك النقطة. فنجد أن الصلاة لم تكن أبدا شرطا أن تكون في المسجد وإنما في أي مكان يجوز فيه الصلاة شرط طهارة المكان والإنسان.. ومن تلك النقطة نفهم ونعي أن بناء المسجد هو في ذاته - بناء بسيط - بناء سهل البناء من غير ديكورات وزخارف حتي أن بعض الفقهاء قالوا - إن الزخارف التي تزين بعض المساجد لا تجوز لأنها تفقد المصلي تركيزه وانتباهه تجاه الصلاة. مداخلة (عندما تم افتتاح مسجد الفتح بميدان رمسيس .. اتجهت إليه لكي اصلي العصر .. فلم اسرع الي الصلاة .. لأن الخط العربي والنقوش العربية شغلتني .. وجعلتني أدخل إلي الصلاة كي انهي الصلاة سريعا لكي اتفرغ لمشاهدة زخارف المسجد .. حدث هذا منذ أكثر من عقدين من الزمان). أما الآن فالوضع تغير ووسائل الابحار في المساجد قد زادت وتوسعت وكان المسجد الذي بجوار بيتي هو الذي بدأ بإدخال وسائل الترفيه الحديثة من حيث المياه الساخنة للوضوء في الشتاء .. ثم توسعت عملية تحديث المساجد من حيث الاستعانة بالمعطيات العلمية الغربية .. حيث انتشرت عملية تكييف المساجد وصرف أموال طائلة علي عملية تركيب وتشغيل المكيفات وفي القرية نساء تأكل بثديها .. ولا أحد يبالي أو يهتم .. ان ما يحدث يتنافي مع الاسلام وقواعده واهدافه فنجد أن قانون الفهلوة والأونطة والنصب والتحايل بمعني الضحك علي الذقون - هي السمة الغالبة علي الناس وأصبح الجميع يعمل بالتجارة تأكيداً وعملا بالحديث الشريف (التجارة بها تسعة أعشار الرزق) .. وهو الحديث الوحيد الذي يتعامل معه الناس بكل اهتمام. ومن تلك النقطة تحول حديث الناس من الحلال والحرام .. الي حديث المصالح - أي بمعني هذا فيه مصلحتي .. أو به خسارة لي .. وضاعت أشياء كثيرة من الانسان من خلال سعيه الي شكلنة الدين - فشكلنة الدين تجري علي قدم وساق - من حيث لحية وجلباب قصير بالنسبة للرجل .. ونقاب ورداء اسود بالنسبة للمرأة - وارتكن الجميع الي الشكل فالذي لديه لحية ويرتدي جلباباً بكستانياً يعامل بكل احترام .. ويحمل لقب (حاج) وإن كان يتحايل علي كل شئ يفعله ويقوم به. النقاب والهروب واصبح النقاب وسيلة للهروب بالنسبة للمرأة من فضيلة الالتزام فأصبح اسهل شيء هو أن ترتدي المرأة (الفتاة) النقاب وإن كانت لا تدري لما فعلت ما فعلت واصبح المجتمع المصري مثل قطعة الاسفنج التي تمتص كل ما يوضع عليها من سوائل وان كانت (مية نار) سوف تحرق المجتمع بكل ما فيه - لأنه توجد فئة لها مصلحة من هذا الوضع المتردي - لأن الشئ بقيمته وليس لنتائجه أو لذاته ومن عملية شكلنة المجتمع .. أصبح بلا ماهية تميزه عن باقي الأمم فالاسلام كدين .. هو دين نتائج بمعني إن كنت تصلي فأين نتائج الصلاة وإن كنت تصوم فأين نتائج الصوم (وهي 1- تلقي السلام علي من تعرف ومن لا تعرف. 2- أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك. 3- أن تعمل علي رقي نفسك ومن ثم علي رقي بلدك ومن ثم علي رقي دينك. 4- أن تعلم جيدا أن المسلم هو مرآة لدينه بمعني أن الآخر يبحث عن النموذج الذي يطبق قواعد وأهداف الاسلام. لأنه يعلم ما في القرآن والسنة لكن ينقصه النموذج الذي يطبق القرآن والسنة من حيث الجوهر وليس من حيث الشكل 5- يجب أن نعلم جيدا أن الاسلام - دين اليوم والغد والمستقبل ولم يكن دين الأمس والحديث الشريف يقول لنا فيما ما معناه (اذا شاهد أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها). ومن هنا فقط نجد أن الاسلام يدعو الي التقدم والرقي والحضارة وابدا لم يكن الاسلام يدعو الي البداوة. والثبات عند مرحلة ثابتة - لأن الثبات عند مرحلة واحدة سوف تحول تلك الأمة الي مفعول بها لا حول لها ولا قوة - ولأن تكون أبداً امة فاعلة وكل ما تحاول أن تفعله هو أن تدعي وتعيش وتمشي جنب الحيط - كما هو حادث الآن. أن تعامل المسلم مع معطيات العلم والحياة .. حول تلك المعطيات وتلك الحياة الي براهين وأدلة سوف تشهد عليه يوم الحساب حيث كان يجب أن يكون هو صاحب العلم والعلوم والتقدم والحضارة لأن لديه كل معطيات التقدم والتحضر والرقي لكنه ارتكن علي أن الاسلام هو اللحية والجلباب والنقاب .. كما أوحت له الحضارة الوهابية واقتنع بذلك وأخذ يقلد وينشر الحضارة الوهابية وهو سعيد غاية السعادة. وتنسي أن الضعيف يقلد القوي والمكسح يقلد الأعرج والأعمي يقلد الأعور .. والأعور يقلد أبو عيون جريئة. مداخلة (منذ فترة جلست مع شاب أتي من السعودية يرتدي الجلباب والسروال والشبشب الجلد أبو صابع واللحية غير المهذبه .. فقدم أحد المثلجات فشربها ونحن نتحدث ولما انتهي من العصير وقف واتجه الي الشارع وقذف بالفارغة الي حيث الشارع رغم انه يوجد بجوار الكرسي الذي يجلس عليه سلة زبالة فلما عاتبته بغضب .. خرج الي الشارع وعاد بالفارغة ووضعها في سلة الزبالة وهو يقول اصل احنا في مصر. إلي وزير الأوقاف ووزير الكهرباء ان عملية تكييف المساجد التي تعم مساجد قريتنا (منية سندوب) وقري أخري .. تتعارض مع اصل الدين لأنه كيف يكون في القرية أو الحي الذي به المسجد .. إنسان مريض .. ولا يجد أو لا يقدر علي العلاج ويتم هذا البذخ .. وكيف يكون الجهل والبطالة تعم في كل مكان ويتم هذا التبذير .. وكيف .. أصرف كل تلك الأموال .. والفقر .. يعاني منه نفر ليس بالقليل من أهالي القرية. وكيف يكون معظم شباب القرية عاطلاً عن العمل .. ونصرف كل تلك الأموال علي المساجد .. ولا نقيم مصنعا يعمل به الشباب العاطل - ومن ثم تستقيم حياته .. ومن ثم يمارس طقوسا دينية بكل همة ونشاط وحب. لأن العاطل عن العمل .. سوف يكون عاطلا .. عن طقوس حياته ودينه. لكن طقوس العمل عنده معطلة وهناك قول مهم لأبي - قاله لي كثيرا .. يا حسين الشغل بيطول العمر..) وهذه مقوله صادقة تماما- لذا .. لابد أن يعيد وزير الأوقاف النظر في صرف كل تلك الأموال علي تكييف وبناء المساجد. وفي المقابل - اين وزير الكهرباء والمفتي وشيخ الأزهر .. من كمية الأموال المهدرة في تكييف المساجد .. حيث اننا نعلم أن أجهزة التكييف تسحب كمية كهرباء عالية جدا .. فلماذا لا أي مسجد يركب أجهزة تكييف وبهرجة في الإنارة تحاسب إدارة هذا المسجد علي الكهرباء المستخدمة في عملية التكييف والبهرجة؟ لأن الأصل المسجد والذي هو بيت الله هو البحث عن الراحة الروحية للشخص المصلي .. أي أن الذي يصلي .. غاصب من شئ ما .. حاقد علي شيء ما .. كاره لشيء ما - لديه كبر علي شخص (ما) لن تكون له صلاة . وفي المقابل نجد أن الشقة الخاصة بالرجل - والتي يذهب إليها بعد عناء يوم طويل بحثا عن الراحة الجسديه. إذن المسجد هو بيت الراحة الروحية والتي يمكن أن تأتي في أي ظرف - وفي اي مكان بعكس الراحة الجسدية.