حتي وقت قريب لم يكن مصطلح القرصنة السينمائية موجوداً ومتداولاً بين المشتغلين والمهتمين بالفن السابع في مصر وكل ما كان معروفاً هو عمليات النسخ التي يقوم بعض من أصحاب نوادي الفيديو آنذاك حيث كان بعض من أصحاب تلك النوادي يقومون بنسخ عدة شرائط للافلام والمسرحيات الناجحة حتي يقوموا بتأجيرها للمشتركين في هذه النوادي أيام مجدها ومع دخول أجهزة الكمبيوتر وانتشارها السريع ومهارة كثير من الشباب في التعامل مع برامجها بل ووجود كثير من أجهزة الكمبيوتر داخل المنازل وصعوبة أو استحالة مراقبة جميع مستخدميها ظهرت هذه الظاهرة محل حديثنا ومقام همنا ألا وهي القرصنة علي الافلام السينمائية وبخاصة الجديدة منها وقيام كثير من الافراد بتحميلها علي مواقع الانترنت ومن ثم يستطيع أي مستخدم عادي للشبكة العنكبوتية أن يشاهد هذه الافلام آن عرضها في دور العرض السينمائي وبالمجان وبطبيعة الحال أثر ذلك علي إيرادات الافلام وكان لة تأثير بالغ السوء علي شركات الإنتاج التي وجدت في هذه الظاهرة تحطيماً بطيئاً لها وجوراً علي حقها الشرعي في حصاد كل ما يأتي من إنتاج افلامها عبر اي وسيلة عرض أياً كانت... إن لشركات الانتاج كل الحق في ذلك ولا شك ولكن السؤال هنا هل عمليات القرصنة السينمائية هذه تؤثر بالسلب فقط علي شركات الانتاج أم أن لها تأثيرات سلبية أخري؟ تأثير سلبي في حقيقة الأمر قد لا يلتفت الكثيرون إلي أن التأثير السلبي لعمليات القرصنة هذه تمتد آثارها لتصيب المتلقي السينمائي أيضاً فتأثيرها لا ينحصر فقط علي الشركات المنتجة للافلام . وبشيء من التوضيح نقول .. إن كثيراً من محبي الفن السابع قد استبشروا خيراً بدخول تقنية DVD سواء من حيث أجهزة العرض أو الأسطوانات المدمجة والمشاهدين الذين جربوا التعامل مع الاسطوانات الاصلية (DVD)ومشاهدة الافلام بواسطة هذه الأسطوانات الأصلية يعرفون البون الشاسع بين هذه الاسطوانات الاصلية وبين الاسطوانات المزورة والتي تباع علي الارصفة علي مرأي ومسمع الجميع فنقاء الصورة وجودة الصوت والقدرة علي التحكم في هذه الاسطوانات أثناء المشاهدة هي كلها أمور مفتقدة عند التعامل مع هذه الأسطوانات الكريهة المزورة هذا غير تأثيرها السيئ علي جهاز العرض الذي يستخدم في المشاهدة والذي قد يتعرض للتلف بسبب هذه الاسطوانات المشوهة شكلاً وموضوعاً . وليت الامر متوقف عند هذا الحد بل إن وجود هذه الاسطوانات المزورة في الاسواق وبهذه الصورة السرطانية قد منع ظهور تجارة مشروعة وقانونية لأشرطة ال DVD وبامتناع ظهور هذه التجارة المشروعة لعمليات بيع وشراء الاسطوانات الاصلية للأفلام تم حرمان كثير من المشاهدين والمتابعين للفن السابع من متابعة ما فاتهم مشاهدته من أفلام وبمعني أكثر تفصيلاً ..... إن الكثيرين من محبي ومتابعي الفن السابع كانوا يحلمون بمشاهدة ما فاتهم من أمهات الافلام وكلاسيكيات السينما المصرية والعالمية مما قد يتعذر الحصول عليه فحتي وقت قريب ورغم وجود شرائط VHS وهي شرائط الفيديو .. حتي هذه الوسيلة لم تكن تيسر مشاهدة هذه الافلام محل حديثنا فلم تكن طبيعتها ولا طبيعة نوادي الفيديو التي تقوم بعمليات التأجير تسمح بالنسخ الأصلي لكلاسيكيات السينما وبخاصة السينما العالمية لأن السمة التجارية هي التي تتسم بها تجارة الفيديو في مصر ومع ظهور تكنولوجيا DVD كان المأمول لكثير من مشاهدي السينما ومتابعي تاريخها أن يجدوا في هذه التقنية الجديدة مأملاً لهم وكان المتوقع -- وياله من خيال رومانسي أن تتحول نوادي الفيديو إلي نواد لبيع اسطوانات الافلام الأصلية مما كان يتيح لكثير من المهتمين بالسينما تكوين مكتبة سينمائية كثيراً ما حلموا بها لكن للأسف ضاع هذا الحلم مع استفحال عمليات القرصنة التي تمارس ليلاً ونهاراً .. وهذا معناه ان المتضرر من عمليات القرصنة هذه ليست فقط شركات الانتاج بل وأيضاً المشاهد -- المحترم -- والذي كان يريد ان يشاهد افلاماً كثيراً ما قرأ عنها ولا يجد سبيلاً للحصول عليها... والسؤال ألا يستطيع هذا المشاهد ان يتجاوز كل هذا ويفعل مثلما يفعل الرومان ويشاهد ما يرغب من أفلام عبر الانترنت أو الاسطوانات المزيفة؟ والاجابة علي هذا التساؤل هنا بالنفي لسببين : أولا : إن كثيرا من هؤلاء المهتمين لا يجيدون التعامل مع عمليات Down load التي من خلالها تتم القرصنة هذا غير انها عملية تأخذوقتاً طويلاً والنتيجة في النهاية لا تكون مرضية بأي حال من الاحوال للمشاهد الذي يملك ذوقاً وحساً سينمائياً . ثانياً : كان المأمول من وجود بيع وشراء قانوني للاسطوانات الاصلية أن يجد هذا المشاهد المحترف غايته في الحصول علي المجموعات الكاملة لبعض المخرجين العالميين أو لبعض الاتجاهات السينمائية السالفة والحالية وهذا مما قد يتعذر عمله لكن إذا كانت طباعة وتوزيع الافلام السينمائية تتم بصورة مشروعة لوجد المشاهد نفسه امام منظومة ممنهجة تتيح لة دخول أماكن تبيع هذه الاسطوانات الأصلية بل ويستطيع أيضاً أن يطلب من القائمين عليها أسماء ومجموعات للأفلام التي يرغب في مشاهدتها ومع وجود تقنين وتنظيم ممنهج للعملية ككل يصبح هذا الأمر واقعياً مثل طلب أي عميل لأي سلعة بصورة شخصية من جهة اختصاص لا يستطيع هو بمجهوده الفردي الوصول لصانعيها الحقيقيين . أسطوانات علي الأرصفة أحياناً لا أصدق ما أراه بعيني مرصوصاً علي الارصفة فهذه الاسطوانات المزورة والتي تعرض عياناً بياناً علي مرأي ومسمع الجميع هي سلعة مسروقة والسارق معروف والمسروق منه معلوم ومحل السرقة موجود علي الرصيف ومع ذلك لا يتحرك أحد لكي ينقذ المشاهد الذي يبحث عن ضالته السينمائية وسط هذا الركام التجاري الذي لا يعرف شيئاً عن الافلام السينمائية الحقيقية والرائعة والتي من المؤكد هي غير موجودة علي هذا الرصيف الذي يرص عليه هذا الركام من الأفلام التجارية البحتة والتي مع رصها هذا منع ظهور أماكن أخري مشروعة لبيعها والتعامل الحضاري معها. أعود مرة أخري وأؤكد أن المتضرر من عمليات القرصنة السينمائية سواء علي الانترنت أو علي الرصيف ليس فقط أصحاب شركات الإنتاج ولكن المتضرر الأول هو هذا المشاهد الذي يحلم بتكوين مكتبة سينمائية محترمة وجامعة ولكنه لا يجد أمامه معروضاً إلا هذه النوعية من الافلام التجارية (العربية والاجنبية) علي أسطوانات مزورة تسيء إلي الفيلم وإلي منتجه وإلي المشاهد وما يعانيه من هذا الأسطوانات الفاسدة أثناء المشاهدة، والموضوع يحتاج إلي تشريع وقانون ومتابعة فهل من مجيب ؟