لم تكد صناعة السينما تلتقط انفاسها من الخسائر الضخمة التي لحقت بها بسبب الازمة الاقتصادية العالمية حتي تعرضت لازمة اخري بسبب انفلونزا الخنازير وما صاحبها من تحذيرات من التواجد في التجمعات وهو ما ادي الي احجام المواطنين عن الذهاب الي دور العرض السينمائي، ولأن المصائب لا تأتي فرادي فإن صناعة السينما تعرضت لكارثة اخري خطيرة وهي القرصنة علي الافلام وسرقتها وتحميلها علي الانترنت او بيعها في الشوارع DVD وCDرغم ان تلك الظاهرة ليست امرا جديدا فهي موجودة منذ الثمانينيات حينما كانت تسرق الافلام علي شرائط فيديو الا انها هذا العام قد جاءت بشكل جديد حيث تمت سرقة احد الافلام اثناء اعداد المونتاج، وهي نسخة عالية الجودة لا تقل كفاءة عن النسخة المعروضة في دور السينما، مما اثر علي شباك التذاكر وادي لتدمير ايرادات بعض الافلام. والجدير بالذكر ان هذا التأثر في ايرادات هذه الصناعة المهمة لم يقتصر فقط علي تلك الازمات السابقة فحسب وانما توجد هناك عوامل اخري زادت "الطينه بلة" ومنها الاجازات الدراسية التي لم تبدأ الا متأخرا، وكذلك قدوم شهر رمضان خلال اغسطس مما يعني انحسار الموسم الصيفي للسينما الي شهر واحد فقط بدلا من ثلاثة اشهر. وهذا الوضع الحرج الذي تواجهه صناعة السينما حاليا في ظل محاصرة الازمات لها جعلنا نتوجه لبعض السينمائيين والعاملين بتلك الصناعة لمعرفة وجهة نظرهم وكيفية الخروج من هذا المأزق. في البداية، فإن المخرج عادل أديب "عضو مجلس ادارة شركة جودنيوز للانتاج الفني" يتحدث عن القرصنة التي تتعرض لها صناعة السينما حاليا ويؤكد انها ظاهرة موجودة في جميع بلاد العالم وليس في مصر فقط حتي ان الولاياتالمتحدةالامريكية تتعرض لخسائر تفوق ال5.2 مليار دولار نتيجة لما تتعرض له افلامها من قرصنة في الصين حيث تؤثر القرصنة علي ايرادات الافلام بدور العرض وعلي التوزيع الخارجي في ظل امتناع الموزعين عن الحصول علي نسخ الافلام باسعارها الحقيقية وبشرائها بأسعار زهيدة للغاية باعتبار انها اصبحت "مضروبة" وموجودة بالاسواق. ويضيف اديب: قرصنة الافلام اليوم تتم باساليب تشكل خطورة علي تلك الصناعة وذلك لانها اصبحت تسرق من المونتاج وتنقل بصورة قريبة من المعروضة في دور العرض السينمائي، فهي صورة نظيفة ولا توجد بها عيوب كما كان في السابق وهاذ ما شاهدناه هذا الموسم في العديد من الافلام مثل فيلم "دكان شحاتة"الذي تم سرقته من المونتاج، وكذلك فيلم "الفرح" الذي وجدنا نسخة له بموسيقي تصويرية تجريبية اثناء تصوير الفيلم وقبل الانتهاء من وضع الموسيقي الاصلية له. ويستطرد اديب قائلا: من اساليب القرصنة الاخري نقل نسخة من الفيلم اثناء عرضه في دور السينما الصيفي و"التعبانة" وايضا نسخ الافلام وسرقتها داخل المهرجانات فمثلا في مهرجان "كان" واثناء عرض احد افلامنا وجدنا شخصا يجلس بآخر كرسي ويحمل كاميراDVD. ويضيف رغم كثرة الحديث عن القرصنة وما تسببه من خسائر فإنه لم يحدث اي تحرك ايجابي من جانب الدولة للتصدي لها والقضاء عليها. ويقترح فوزي انشاء جهاز مستقل لمكافحة القرصنة بجانب تغليظ العقوبات الخاصة علي من يقوم بسرقة الافلام وبيعها علي الارصفة. ومن جانبه، يؤكد الدكتور ناصر جلال "استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ومدير الملكية الفكرية بوزارة الثقافة" ان صناعة السينما هذا العام تمت محاصرتها بالعديد من الازمات التي اثرت بشكل سلبي عليها بدءا من الازمة الاقتصادية العالمية ثم انفلونزا الخنازير وانتهاء باعمال القرصنة وسرقة الافلام التي تسببت في انهيار شباك الايرادات بالنسبة لعدد من الافلام هذا العام.. ايضا اسهم في الازمة تأخر امتحانات الثانوية العامة ونتيجتها ومراحل التنسيق وقدوم شهر رمضان الامر الذي جعل الفترة المتاحة لمشاهدة الافلام المعروضة في الموسم الصيفي لا تزيد علي شهر واحد فقط مقارنة بالاعوام السابقة التي كان يمتد الموسم الصيفي بها لاكثر من ثلاثة أشهر "من يولية حتي سبتمبر مما أدي لانخفاض ايرادات الموسم الصيفي. وعن القرصنة يوضح د. جلال ان اهم صورها تتمثل في نسخ الافلام علي DVD ومؤكدا ان تلك النسخ المقرصنة يتم بيعها علي الأرصفة امام دور العرض عند بعض بائعي الجرائد. ويري د. جلال ان هناك اسبابا كثيرة تؤدي لتفشي وانتشار ظاهرة القرصنة منها: تقاعس عمليات الضبط والمداهمة ومصادرة المواد المنسوخة أو المقرصنة بسبب عدم وجود الكوادر المؤهلة لذلك ،فشرطة المصنفات الفنية غير قادرة علي تغطية كل انحاء الجمهورية بجانب عدم فاعلية المكاتب العاملة في مجال الحفاظ علي حقوق المؤلف في مصر. ويؤكد د. جلال ان السينما هي الصناعة الوحيدة التي لا تزيد تكاليفها مع زيادة عدد المشاهدين، كما أن صادراتها لا تكلف الدولة أي شيء لان كل ما ينتج يمكن ان يصدر، مشيرا إلي أنه في ظل العولة أصبحت دول كثيرة تقوم بدفع مليارات الجنيهات لكي تفرض ثقافتها. ويقول إن أدوات العمل الثقافي أصبحت تسحب من مصر واحدة تلو الأخري، فالمسلسلات والأغنيات أصبحت تنتج في كل الدول العربية ولم يبق لنا اليوم سوي الفيلم السينمائي الذي يجب ان نسعي للحفاظ عليه.