أكد السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية لشئون متعددة الأطراف والأمن الدولي، أن هناك حاجة لوضع إطار عمل مؤسسي يسهم في تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والفاعلين الإقليميين ودون الإقليميين في أفريقيا لدعم أنشطة بناء السلام بدول ما بعد النزاع والتعامل الفعال مع التحديات الناشئة المرتبطة ببناء السلام، وذلك في ضوء ارتباط هذه التحديات بعدد من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب وتهريب الأسلحة، وحركة المرتزقة إلى جانب التحديات البيئية التي تؤثر على عدد من الدول دون الإقليمية وانتشار الأوبئة والإمراض المتوطنة كوباء الإيبولا الذي أصبح يمثل أحد التحديات الخطيرة التي تهدد الأمن والاستقرار بالدول الخارجة من النزاعات في غرب أفريقيا. ورحب بدر، اليوم الإثنين، امام ورشة العمل حول تعزيز البعد الاقليمى لأنشطة بناء السلام نيابة عن وزير الخارجية، بالمشاركين في ورشة العمل، معربا في هذا السياق عن عميق التقدير لحرصهم على المشاركة في هذه الورشة التي تنظمها وزارة الخارجية بالتعاون مع مكتب دعم بناء السلام بسكرتارية الأممالمتحدة ومركز القاهرة الإقليمى للتدريب على تسوية المنازعات وحفظ السلام في أفريقيا حول تعزيز البعد الإقليمى لأنشطة بناء السلام. وأكد أن اجتماع اليوم يأتي في إطار حرص مصر والدبلوماسية المصرية على إعلاء الصوت الإفريقي في المحافل الدولية وآليات الأممالمتحدة، وذلك في إطار الأولوية التي توليها مصر للدول الأفريقية الشقيقة والجهود التي نقوم بها لخدمة قضايا أفريقيا وصون السلم والأمن في القارة، وفى مقدمتها مجالات حفظ السلام وبناء السلام والتسوية السلمية للمنازعات وأود في هذا السياق أن أشير إلى أن تحديات بناء السلام في أفريقيا تتمثل في تعزيز الحكم الرشيد وتداول السلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وهو ما تسعى مصر لمعالجتها من خلال آليات متعددة على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف في الاتحاد الإفريقي والأممالمتحدة. وقال مساعد وزير الخارجية إن انعقاد هذه الورشة يأتي أيضا في إطار دعم مصر لعملية المراجعة المقررة لهيكل الأممالمتحدة لبناء السلام عام 2015 وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ذات الصلة والتي تجرى كل خمسة أعوام بهدف مراجعة التقدم المحرز في تنفيذ توصيات لجنة بناء السلام فيما يتعلق بالأنشطة الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار والتنمية بدول ما بعد النزاع والعمل من أجل منع عودتها للانزلاق إلى مرحلة النزاع مجددا. وأكد أن مصر تسعى لأن توفر عملية المراجعة الثانية لهيكل بناء السلام في الأممالمتحدة فرصة لتعزيز دور لجنة بناء السلام في دعم ما يتم من جهود وطنية وإقليمية ودولية لضمان الانتقال السلس نحو السلام المستدام وتحقق التنمية بدول ما بعد النزاع. وتابع "ولقد ارتأت وزارة الخارجية المصرية تنظيم هذه الورشة ليس فقط لإثراء المناقشات الدولية في هذا المجال، بل أيضًا لأهمية الاستفادة من التجارب الأفريقية في الأممالمتحدة والبناء على ما اكتسبته القارة من خبرة ثرية وعلمية من واقع تجاربها الحقيقية في أنشطة بناء السلام لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يصغى لصوت ورؤية أفريقية بدلا من فرض أطروحات نظرية تنتهي للاصطدام بأرض الواقع". وأشار إلى أنه ورغم النجاحات التي تحققت على مدى السنوات الماضية في التعامل مع البعد الإقليمي لبناء السلام وتحقيق التنمية بدول ما بعد النزاع في أفريقيا، خاصة بعد إنشاء لجنة بناء السلام في الأممالمتحدة عام 2005 وإقرار الاتحاد الإفريقي لسياسة إعادة الإعمار والتنمية بدول ما بعد النزاع عام 2006، إلا أنه مازالت هناك حاجة لوضع إطار عمل مؤسسي يسهم في تعزيز التعاون بين الأممالمتحدة والفاعلين الإقليميين ودون الإقليميين في أفريقيا لدعم أنشطة بناء السلام بدول ما بعد النزاع والتعامل الفعال مع التحديات الناشئة المرتبطة ببناء السلام. وأضاف أن التعامل الفعال مع مثل هذه التحديات بات يتطلب وضع وتطوير إستراتيجيات جديدة لمعالجة جذور النزاعات ومسبباتها لحقيقة في أفريقيا، وتطوير منظومة شاملة لبناء السلام تتضمن تعزيز المشاركة العامة وجهود إنفاذ القانون والحكم الرشيد، والحد من مخاطر العودة إلى النزاعات مجددًا، فضلا عن تعزيز الروابط بين الأبعاد المتعلقة بتحقيق السلام والأمن والتنمية وبما يمكننا من ترجمة هذه الجهود إلى أفعال ملموسة على الأرض، لاسيما وأن الخبرات والتجارب التي اكتسبتها الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والمنظمات الأفريقية دون الإقليمية تشير إلى أن تحقيق السلام المستدام يتطلب دعم العمليات السياسية وبناء مؤسسات الدولة في حالات ما بعد النزاع، باعتبارهما عنصريين أساسيين لتشكيل منظومة إقليمية جديدة لبناء السلام. وذكر السفير هشام بدر أن مصر قد ساهمت بدور رئيسي في بلورة سياسات الأممالمتحدة لبناء السلام منذ قيام الجمعية العامة بإنشاء لجنة السلام عام 2005 لمتابعة حالات الدول الخارجة من النزاعات، إيمانًا منا بأن تحقيق السلم والأمن لا ينفصل عن دفع جهود التنمية وإعادة بناء القدرات الوطنية لهذه الدول، وبما يحقق هدف دعم هيكل بناء السلام في كل من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، كما أولت مصر اهتمامًا لدعم بناء القدرات الأفريقية للسلم والأمن، بما فيها المتعلقة ببناء السلام في مرحلة ما بعد النزاع. وأشار إلى أن مصر كانت في مقدمة الدول الداعمة لسياسة الاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بدول ما بعد النزاع منذ إقرارها عام 2006، كما ساهمت في إطلاق وتفعيل مبادرة التضامن الإفريقي منذ تدشينها في عام 2012، باعتبار سياسة إعادة الإعمار ومبادرة التضامن ركيزتين لتعزيز القدرات الأفريقية ولجهود تحقيق التنمية والتعاون جنوب جنوب في حالات ما بعد النزاع. وعبر عن تمنياته بمشاركة ناجحة ومناقشة مثمرة على مدى اليومين القادمين، وصولا إلى مدخلات نتطلع لقيام الجمعية العامة ولجنة بناء السلام بأخذها في الاعتبار ضمن عملية المراجعة المقررة عام 2015، وفي إطار تعزيز البعد الإقليمي في تناول المجتمع الدولي لسبل تحقيق السلام المستدام بحالات ما بعد النزاع، وبما يأخذ في الاعتبار رؤية وتجارب أفريقيا وأفضل الدروس المستفادة في بلورة وتنفيذ سياسات وتطبيقات بناء السلام على المستويين الدولي والإقليمي.