- الشارع اليمني يعيش حالة من اليأس بسبب الصراعات - جميع القوى الدولية لديها قوات في محيط باب المندب ماعدا القوى العربية أكد الدكتور عبدالملك منصور، الوزير اليمني السابق، ومندوب اليمن لدى جامعة الدول العربية "سابقًا" أن الوضع في اليمن يؤكد أن ميزان القوى في اليمن تغير، ومال إلى الحوثيين، مشيرًا إلى أن الرئيس اليمني عبدربه هادي منصور، قادر على أن يعدل الميزان. ودعا الوزير اليمني السابق الأطراف اليمنية إلى التنبه خوفًا من اشتعال حرب أهلية في اليمن. وأكد منصور، أن بلاده مؤهلة لأن تكون صورة جديدة من لبنان، سواء في وضعها السياسي أو الاستقطابات السياسية. ودعا في حوار مع "البوابة نيوز" رئيس الوزراء خالد بحاح، إلى أن يفصح عن الحقائب الوزارية التي تم الاتفاق عليها، وذلك حتى يقضي على حالة اليأس التي يعيشها الشارع اليمني. وفيما يتعلق بالمطالب الجنوبية بالانفصال، قال منصور: إنها حق مشروع، وأنه كما أنه لا دين بالإكراه، فكذلك لا إكراه في الوحدة. وحول المطالب بوجود قوات عربية في محيط مضيق باب المندب، قال منصور إن كل القوى الدولية لديها قوات في محيط باب المندب فيما عدا القوى العربية وإلى نص الحوار: * الحالة اليمنية أصبحت الآن تعيش أزمة كبرى سواء في ظل التحرك الحوثي من جانب وتوسعه، أو التصعيد في الجنوب من قبل الحراك الجنوبي، فيكف لك أن تصف لنا ما يجري الآن في اليمن؟ - الحقيقة أن الحوثيين قوة موجودة على الساحة، والاستهانة بهم أمر خاطئ، وفي نفس الوقت فإن تخوينهم قد يكون خطأ، فالمفروض التعامل مع هذا الأمر بموضوعية، والإصلاح كذلك قوة موجودة ولها تأثير على الساحة اليمنية، ووجودهم السياسي أقدم من الحوثي، والمفروض أن كل القوى اليمنية التي اشتركت في الحوار الذي قاده الرئيس عبدربه منصور هادي، أن يتعاونوا سويًا لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. وما يظهر الآن أن ميزان القوى مال بعض الشيء، لكن في تقديري أنه بيد الرئيس أن يعدل الميزان، ويصلح الأمور بحيث يساهم في خدمة الوطن، وألا تميل الكفة إلى أي جهة، وهو كما يبدو لي أنه يجاهد من أجل هذا، فقد عمل على إنشاء ما سمي باتفاق الشراكة والسلم، وقعه الأطراف كلها بما فيهم قوة الحوثي، والجميع وقع عليها بما في ذلك القوة الناشئة التي تسمى الحراك الجنوبي، إنما حصل تأخير في التنفيذ. لكن وبعد أن اتفق على تسمية رئيس الوزراء وسمى "خالد بحاح" رئيسًا للوزراء، فإن الباب الآن مفتوح لاستكمال باقي الخطوات، لكن الأمر يحتاج فقط بعض الوقت. * لكن رغم توقيع كل الأطراف على اتفاق السلم والشراكة الوطنية إلا أن الحوثيين لم يلتزموا بهذا الاتفاق واستمروا في تمددهم واستحواذهم على المحافظات والمدن اليمنية المختلفة؟ - أتابع هذا؛ لكن حين تطلع على مبررات الناس تجد أنه نشأت قوة جديدة للقاعدة، تحت مسمى أنصار الشريعة، وهم يقتلون يوميًا من الحوثيين. لكن المتابع أيضًا يجد أن هذه العمليات جرت تزامنًا مع توسع الحوثيين في مختلف المحافظات اليمنية، في الحديدة، والبيضة، وحجة التي استولوا عليها بشكل كامل. هذا صحيح؛ هناك توسع حوثي لكن يقابله ضرب في الحوثي، من قبل أنصار الشريعة، وهذا يجعل الوضع غير مستقر، وتشكيل حكومة في هذا الوضع أمر غاية في الصعوبة، وأتمنى لهم النجاح، وحتى يتسنى للبلد أن يستقر فالاستقرار هو الخطوة الأولى لبناء اليمن. * من خلال حديثك نلمس حالة من التعاطف مع الحوثي فهل هذا صحيح؟ - أنا متعاطف مع اليمن، ومشفق على اليمن بشكل عام، فاليمن يتصارع، وليس صراعًا سياسيًا وفق اللعبة السياسية المتعارف عليها من قبل الجماهير، فالغلبة في السياسة بالأصوات والناخبين، لكن هناك فما يجري أن الغلبة بالسلاح، وهذه لا تقود لنتائج حاسمة، فالذي ينتصر اليوم يتكالب عليه المهزوم، ويغلبه بعد غد، وهكذا يستمر الصراع إلى مالا نهاية، والخاسر الوحيد هو اليمن. * هل يمكن القول الآن إن الصراع الحوثي - القاعدي في بعض المحافظات اليمنية بداية للحرب الأهلية في اليمن لو لم تتم السيطرة على الوضع؟ - بالتأكيد، فلابد من الانتباه لذلك. * برأيك هل يمكن أن يكون هناك ارتباط بين جماعة الإصلاح وأنصار الشريعة أو أنهم أداة في يد "الإصلاح" لحرب الحوثيين الآن؟ - أنصار الشريعة موجودون من 1999 حين خطفوا مجموعة من السياح وقتلوهم، ثم حاصرهم الجيش، ومن وقتها وهم موجودون، لكن المشكلة التي اشتعلت بين الحوثيين وغيرهم ستؤدي إلى أن الإصلاح، والذي أكد بأنه لن يقاتل، ربما يخرج الشباب المنتمي له أو من غير المنتمين له قد ينضمون للقاعدة لقتال الحوثي، وهذه ستكون مشكلة كبرى، فالشباب الذين لا يتركون مع الحوثي سيبحثون عمن يقاتل. * إذا هذا هو ما يجري على الأرض الآن..؟ - لا أنا أتوقع ذلك تحليلًا. * لكن قيادات حوثية قالت إن الإصلاح الآن بدأوا في قتالهم عبر القاعدة..؟ - كل شيء جائز وكل الاحتمالات واردة، لأنها في جو مفتوح، والسلاح متوفر، والأجواء مفتوحة والتدخلات ممكنة، وكل شيء ممكن. * الحديث عن ارتباط الحوثي بإيران أمر معروف أكدته قيادات إيرانية مؤخرًا، حيث قالت إنهم يقفون مع الحوثيين ومطالبهم.. كيف ترى التواجد الإيراني على الساحة اليمنية الآن؟ - منذ وقت مبكّر، ومن بداية الرئيس عبدربه منصور هادي، ألقى كلمة قال فيها إنه يناشد إيران بأن تكف عن التدخل في الشأن اليمني، بعدها تم إلقاء القبض على باخرة يمنية فيها سلاح اسمها "جيهان"، ثم سرعان ما ألقي القبض على أخرى، بنفس الاسم وتحمل أسلحة أيضًا، ثم تم القبض على عناصر قيل إنها من إيران أو حزب الله في لبنان، وأنا لا أعلم صحة هذا الأمر من عدمه، إلا أنه يوتر الجو، وفيه كثير من الشك بين إيران وجيرانها. والحقيقة.. على جيران اليمن أن يتفهموا وضعهم، وعندي في الحقيقة أمل بأن تتفاهم الأمم الثلاث فيما بينها "الأمة العربية، الأمة التركية، والأمة الإيرانية"، فهذه الأمم الثلاث لديهم حضارة أصيلة وثقافة رائعة، وشعر راق، وخيال، إلا أنهم دائمًا مختلفون ولا أدري ما السبب. * بسبب البحث عن نقاط النفوذ والاستحواذ؟ - لكن لِمَ لا يتفاهمون ويقسمون الأمور فيما بينهم، بدلًا عن الحرب وصرف أموالهم على لا شيء، فالرئيس الراحل صدام حسين صرف 8 سنوات من عمر العراق في الحرب مع إيران، ثم الحرب الثانية، ومليارات ضاعت فيها، كان يمكن توجيهها للتنمية والإصلاح. * كلام جيد على المستوى النظري، لكن على أرض الواقع يصعب ذلك، فإيران تبحث عن نفوذ لها في الوطن العربي وتركيا تحلم باستعادة حلم الخلافة؟ - الطموح مشروع لكن على كل طامح التوصل بطرق مشروعة بلا غدر ولا عنف ولا خداع، ومجالات التفوق عديدة، سواء عبر الاقتصاد، الثقافة، وغيرها فيجب أن نتسابق مثلًا على من منا وصلت فيها الأميّة إلى "صفر" وبها يجري التفاخر، لكن إذا كانت الأميّة هائلة ومعدلات التنمية متدهورة والاقتصاد منهار، فبم يتفاخرون وعلى ماذا يتناحرون..! * قلت لا يمكن تغيير الجغرافيا لكن هل يمكن القول بأن قدر اليمن وضعه في نطاق جغرافي هو سبب في إشكالياته؟ - اليمن منذ ما بعد الإسلام، والمذاهب التي تربت في إطار الفكر الإسلامي كلها مرت على اليمن وكانت ما بين مذهب مر واستقر، ومذهب مر وعبر، إلى أن استقر المذهب الرافعي وهو مذهب الأغلبية، والزيدي، وهو مذهب الأقلية في الشمال، وبينهما من التعايش والوئام ما يلفت النظر إلا أنه بين فترة وأخرى توجد فتنة. * لكن تواجد اليمن في هذا الإطار دفع البعض للقول بأن ما يجري على أراضيه هي صراع وحرب طائفية تجري على أراضيه بين المملكة السعودية وإيران، فما رأيك في ذلك؟ - الصراع بين المملكة السعودية وإيران نلمسه بوضوح في لبنان، فالتزام بين المفاهيم الإيرانية ومفاهيم السعودية واضح جدًا، ولا أقول المصالح فلا أظن أن المصالح تصالحت في لبنان لكن تزاحمت في إطار مَن منهم يقدر على استقطاب الشارع أكثر. ربما يفكر البعض أن ما يجري اليوم هو مقدمة لإيجاد صيغة لبنانية في اليمن، وهذا ربما يكون مطروحًا وقد يكون في هذه الصيغة حل للإشكالات القائمة، حتى تتعايش الطوائف، حيث إن اليمن اليوم وأمس لا يتحدث عن الطائفية بوضوح، فَلَو أنهم تحدثوا بوضوح دون استحياء، ففي لبنان أصبحت القسمة واضحة بين الطوائف، فالرئيس ماروني، ورئيس مجلس النواب مسلم شيعي، ورئيس الوزراء مسلم سني، وهذه الرئاسات الثلاث موزعة أيضًا في العراق بين الكرد، والسُّنة، والشيعة. ويبدو لي أن النموذج الذي وصل له الحوار اليمني بالفيدرالية، يقوم بالتقسيم على أساس جغرافي في ستة أقاليم، ومازال الأمر يبحث الآن في لجنة الدستور، وأرى لو قُسِّم اليمن على أساس فيدرالي أقاليم، فإن الأمور كلها ستتغير. * لكن الحوثيين كانوا رافضين لهذه التقسيمات، حتى أن من بين مطالبهم كان منفذ مائي، وحتى الآن في تشكيل الحكومة ومطالبهم بحقائب وزارية؟ - هذا في حد ذاته إيجابي؛ لأنه معناه أن المستقبل لن يكون الحوثيون متقوقعين على أنفسهم، وبالتالي لن يكون لهم مطالب بالانفصال، لكن سيسعون للشراكة وهذا أمر طبيعي لأنهم سيكونون حزبًا سياسيًا، وهي أمور تبشر بالخير لأننا سنقول في المستقبل بأنه على كل الجماعات التي لديها سلاح تُسلمه للحكومة، حتى لا يبقى في اليمن إلا مسلح واحد وهو الحكومة اليمنية وقواتها المسلحة. * تشكيل الحكومة ما مآلاتها في ظل الوضع الراهن؟ - أنا من منطلق الأمنية أتمنى من الله أن يوفق رئيس الجمهورية في تشكيل الحكومة، وأعتقد أنه من المهم أن يعلن عن عدد معين من الوزارات التي جرى التوافق عليها، وذلك لأن الناس ملت من الانتظار، والانتظار صعب في ظل الاختلاطات والقلق العالمي، بفعل باب المندب، ومَن ينتظرون صفقات البترول العالمية، ولذلك أود منهم أن يسرعوا. * إذا كان رئيس الوزراء الآن ومن قبله رئيس البلاد "جنوبي"، فلماذا يطالب الجنوبيون بالانفصال الآن؟ - بسبب الظلم سواء كان الحاكم "جنوبي" أو "شمالي"، وهذا بسبب الاستئثار بالثروات، والوظائف العامة التي توزع بعدالة، وغيرها من الأمور التي أدت إلى أن المواطن الجنوبي بدأ يطالب بالانفصال حتى لو كان رئيس الجمهورية "جنوبي"، وهذه لابد لها من معالجة نفسية حقيقية، وليس ب( الطبطبة) إنما بالأرقام فينظرون على الأرض من أخذ منه بيته ويعاد له، من أخذت وظيفته يعاد لهم، وليس مجرد القول بفيدرالية وحكم ذاتي.. وحتى الدين لا إكراه فيه فما بالنا بذلك. * يعني ذلك أنك مع مطلبهم؟ - ليس هناك وحدة بالإكراه، وأنا ضد الاستبداد بكافة صوره، نريد للمواطن أن يكون حرًا، وأن يكون صاحب قراره، فإذا كان رافضًا للوحدة فليس هناك أزمة في ذلك، لكن يبقى السؤال حول كيفية الوصول إلى ذلك، فليس بالعنف ولا بحمل السلاح، إنما بالنضال السياسي، عمل أحزاب، مظاهرات، إضراب، وعلى الدولة في المقابل أن تواجهها بالحكمة وليس بالرصاص، وبعدها يجري التحاور حتى يتم الوصول إلى نتيجة. وأرى أن الحوار الوطني كان ناضجًا، ونظر للقضية الجنوبية وألزم الحكومة أن تقدم اعتذارًا لمواطني صعدة والجنوب على أساس ما تم من ظلم عليهم أثناء الحروب، وإذا تم ذلك فيجب أن يتحول الاعتذار الرسمي إلى اعتذار عملي. * وإذا لم يتم ذلك؟ - يجب أن يتم، وعلى الجنوبيين أن يناضلوا نضالًا سلميًا للوصول للنتائج التي يريدونها، لابد من الاتفاق والحوار السلمي للاتفاق على الفصل والوصل. * ماذا عن باب المندب وتهديد الحوثي له، خاصة أن أطرافًا جنوبية طالبت بإنزال قوات عربية من أجل حمايته من الامتداد الحوثي وبالتبعية السيطرة الإيرانية؟ - القوى الدولية موجودة أصلًا في كل بحر من البحار في المرأة الإقليمية والدولية، الولاياتالمتحدة، وغيرها من الدول الكبرى حتى الصين، الهند، والذي جعل لهذا التواجد مبررًا هو القراصنة الصوماليون والذين كانوا يهددون هذه المنطقة، الآن القوات الدولية موجودة من أجل القراصنة ما عدا العرب، بين البحر الأحمر، المحيط الهندي والمضيق، وبالتالي فإن كل القوى الدولية موجودة وكل القوى الكبرى لديها قواعد قائمة على أساس قانوني، وكذلك الذين يدعون لقوى دولية بأن تأتي للمضيق فإن هذا الأمر تم فعلًا.