القطبيون يتصارعون على إدارة التنظيم.. وأبناء مدرسة البنا يخططون لإنشاء "جماعة موازية" "المغير" يخلف "عزت".. و"دويدار" زعيما لكتلة "حسين".. وصهر الشاطر مرشدا لجماعة البنا. لم يسقط زلزال 30 يونيو الرئيس المعزول محمد مرسي فحسب بل أسقط أسطورة جماعة الإخوان الإرهابية التى ظلت ماثلة أمام الجميع طوال فترات حكم ملوك ورؤساء مصر منذ تأسيسها عام 1928 وكأن الجميع اتفق على أن حسن البنا وأحفاده من المتأسلمين كارهى مصر وغير المعترفين بوطنية أو انتماء إلا لجماعتهم فقط. ارتباك شديد الآن يعيشه مكتب إرشاد الإخوان فى ظل غياب محمد بديع مرشد الجماعة المقبوض عليه مع نائبه المهندس خيرت الشاطر، حيث اشتعلت الحرب مجددا بين أبناء المدرسة القطبية وأبناء مدرسة حسن البنا، فبعد أن توقفت تلك الحرب مؤقتا بعد الانتخابات الرئاسية وفوز مرسى، مكلفة الإخوان اثنين فقط من أبرز قياداتها وهما الدكتور محمد حبيب –نائب المرشد العام السابق – والدكتور كمال الهلباوى– المتحدث الرسمى باسم التنظيم الدولى فى أوروبا، عادت الحرب مجددا لتشتعل ولكن هذه المرة بين شباب الإخوان الذى أعلن عدد كبير منهم اعتزال الجماعة بعد أن أصبحت إرهابية بحكم القانون، فى حين بقى فصيلان يتصارعان الآن داخل البيت الإخوانى من أجل السيطرة عليه وإعادة تصحيح مساره كل وفقا لرؤاه. الفصيل الأول هو مدرسة سيد قطب الذى يمثلها مكتب الإرشاد الحالى والتى تعانى هى الأخرى من صراعات داخلية كبرى أدت إلى انقسامها ما بين مؤيدين لمحمود عزت المرشد المؤقت الحالى والمختفى عن الأنظار منذ فترة كبيرة ويقود هذا الفصيل الثنائى الشبابى الأشهر حاليا أحمد المغير وعبدالرحمن عز، وفصيل شبابى أخر يدعم محمود حسين أمين عام الجماعة والمرشد الفعلى الحالى للإخوان والذى يقود كل اجتماعات التنظيم الدولى فى تركيا ولندن وماليزيا ويقوده عزالدين دويدار ومحمد الصنهاى وعدد كبير من شباب الجماعة. ويعتبر المحور الأساسى للخلاف فى المدرسة القطبية هو فكرة حمل السلاح، حيث ترى مجموعة محمود عزت أن حمل السلاح ضد الدولة تحت بند الجهاد أصبح الحل الوحيد للخروج من الأزمة الحالية وإنقاذ الإسلام من الحرب عليه– على حد تعبيرهم، ويقود الدعوة إلى هذه الفكرة القيادى الإخوانى الشاب أحمد المغير الذى يؤكد مرارا وتكرارا أن مكتب الإرشاد الحالى قد حاد عن فكر حسن البنا الذى وضع الجهاد أساسا من أهم أساسات الجماعة لا العمل السياسى الذى أوقف ركب الإخوان نحو أستاذية العالم – وفقا لحديثه. وعلى الجانب الآخر ترى مجموعة محمود حسين أن فكرة إعلان الجهاد تعد آخر مسمار فى نعش الإخوان ليس فى مصر وحسب بل فى العالم أجمع وبالتحديد أمريكا وأوروبا فهذه الدول لن تتوانى وقتها فى إدراج الإخوان على لائحة الإرهاب الدولى. وتواجه المدرسة القطبية-المنقسمة على ذاتها- مدرسة البنا بقيادة بعض رجال الإخوان الذين أعلنوا انشقاقهم عن الجماعة بعد تمكين التيار القطبى وتميل تلك المدرسة إلى فكرة الاعتذار للشعب عما اقترفته الجماعة من أخطاء فى عام حكمهم لمصر، ويمثل هذه الجبهة بشكل فعلى الدكتور محمد الحديدى صهر خيرت الشاطر وأحد أبرز الإصلاحيين داخل الإخوان بجانب الدكتور كمال الهلباوى والدكتور محمد حبيب اللذين يقودان تلك المدرسة حتى رغم انشقاقهما عن الجماعة. وعن تفاصيل تلك المعركة، علمت «البوابة»، من مصادرها أن هناك انقساما حقيقيا داخل الإخوان لم تشهده الجماعة منذ تاريخها، حيث أصبح الخلاف ثلاثيا قويا بين القطبيين أنفسهم وبين القطبيين وأبناء حسن البنا، ويبقى من الممكن أن تنقسم جماعة الإخوان إلى 3 كيانات. الكيان الأول يقوده عزت والمغير ويعلن رسميا الحرب المسلحة على الدولة المصرية بعد حشد أنصاره فى الجماعة من أجل الثورة على مكتب الإرشاد الحالى وتغييره وفقا لما يتراءى لهذا التيار، وقد أعلن المغير عن هذا الأمر على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، والكيان الثانى يقوده محمود حسين وهو الحاكم حاليا داخل الإخوان بعد اعتقال معظم قيادات مكتب الارشاد ويميل هذا الكيان إلى سياسة التظاهر السلمى واستعطاف أوروبا وأمريكا من أجل إنقاذ الجماعة من المقبرة التى تنتظرها بعد ثورة 30 يونيو، والكيان الثالث والأهم هو الخاص بأحفاد فكر حسن البنا والذى يقودهم الدكتور كمال الهلباوى وصهر خيرت الشاطر الدكتور محمد الحديدي. وعلمت البوابة، أن الحديدى قد عقد جلسات مكثفة فى شقة الدكتور كمال الهلباوى للتباحث حول كيفية إنقاذ الإخوان – على حد تعبيره، من براثن القطبيين وإعادة مشروع حسن البنا مرة أخرى. وعلى إثر تلك الاجتماعات، قرر الحديدى إلى تأسيس جماعة موازية لجماعة الإخوان تنبذ أفكار سيد قطب وتتبنى خطاب البنا، ومن المقرر أن تعلن تلك الجمعية القانونية الجديدة التى رفضت تأسيسها وزارة التضامن اعتزال الإخوان إلى الحياة السياسية وتفرغهم للعمل الدعوى والتربوى، وتبقى موافقة وزارة التضامن هى الفيصل الوحيد فى إعلان أول انقسام تاريخى حقيقى فى صفوف الجماعة منذ تأسيسها. وفى هذا الصدد، يقول الدكتور كمال الهلباوى – القيادى الإخوانى المنشق – عن هذه الكيانات المحتمل انشقاقها عن الإخوان وتشكيل مكتب إرشاد موازٍ: جماعة الإخوان لا يمكن أن تعود إلى المشهد فى الوقت الحالى بأى حال من الأحوال حتى الوجه الإصلاحى الذى يسعى إليه بعض شباب الإخوان من المعتدلين المؤيدين لفكر حسن البنا الحقيقى، وخاصة بعد أن لفظ الشعب مجرد اسم الإخوان وأصبحت الدولة رافضة لفكرة وجود الجماعة بأى صورة بدليل رفض وزارة التضامن الاجتماعى طلب الدكتور محمد الحديدى بإنشاء جمعية بمساعدة شباب الإخوان تكون مختصة فقط بالعمل الدعوى والتربوى والاجتماعى. وأضاف الهلباوى ل"البوابة": لا مكان لأى كيان إخوانى فى هذا التوقيت، ولكن هناك تيارات أخرى تحمل نفس أفكار البنا الإصلاحية فى النظر إلى بعض الأمور أبرزها تيار مصر رائدة التنوير الذى أسسه مختار نوح القيادى الإخوانى المنشق لنقد الأفكار الخاطئة عن الإسلام والقيام بعمل مشروع إسلامى حقيقى تتبناه مصر فى الفترة الحالية كبديل للمشاريع الإسلامية للمتطرفين. وقال عمرو عمارة – منسق حركة الإخوان المنشقين- ل"البوابة": حاولنا من قبل سحب الثقة من مكتب الإرشاد الحالى وعمل دور إصلاحى كبير ولكن الدولة ترفض وجود الإخوان وهذا أمر متوقع وخاصة بعد جرائم الجماعة طوال عام من الحكم جعلت المصريين فيه يلعنونها ويرفضونها بأى شكل من الأشكال حتى لو فى دور إصلاحى بعيد عن العمل السياسى والدعوى والاكتفاء بالعمل التربوى والاجتماعى. جدير بالذكر أن محاولة إنشاء كيانات موازية لجماعة الإخوان بدأت بعد الثورة مباشرة من خلال حركة إخوان بلا عنف التى طلبت المرشد العام بالاستقالة وتمكين أصحاب الفكر المعتدل من قيادة الإخوان أو إنشاء جماعة موزاية للإخوان تعرف باسم جمعية حسن البنا، كما اقترح عمرو عمارة أيضا منسق عام حركة الإخوان المنشقين انتخاب مكتب إرشاد موازٍ يعزل مكتب الإرشاد الحالى ويقود الجماعة نحو المصالحة الوطنية الشاملة.