من منكن لا تعشق طفلها؟ من منكن لا ترغب في إظهار ذلك له؟ ولربما العقاب الأكبر الذي قد يفرض عليه هو الشعور بأن والديه لا يحبانه. أنت تحبينه وغريزتك تشدك بعيدًا عن كل ما قد يظهر له عكس هذا الشعور وبالتالي يصعب عليك أن تفرضي عليه الحدود والقواعد وأن تطبقيها. عندما ترفضين له طلبًا أو لا تنصاعين لرغباته يعتريك شعور بالذنب وبأنك قاسية القلب وبأنك تجرحين مشاعره عن قصد وبأنك ستكونين المذنبة طيلة حياتك. أليس هذا ما تشعرين به؟ أنت على خطأ! لابد من فرض الحدود على طفلك حتى وإن شعرت بأن ذلك سيجرح مشاعره. كم من مرة تسمعين العبارات التالية: "هل أستطيع الحصول على المزيد من السكاكر؟" و"هل بإمكاني مشاهدة التلفاز لخمس دقائق إضافية؟" و"هل بإمكاني أن أعود إلى المنزل بعد منتصف الليل؟". وعندما تلفظين كلمة "كلا" يكون الرد دائمًا: "أنت لا تفهمينني، أنت لا تحبينني" وهنا تشعرين برغبة في البكاء وبالحزن وبالذنب الذي يتآكلك. هذه الأسباب التي تدفع بالكثير من الآباء والأمهات إلى التناوب على لعب دور الشرطي الجيد والشرطي السيئ. فيصبح أحدهما العدو ليتسنى للطرف الآخر أن يبقى مصدر الحب غير المشروط. تذكري دائمًا أن القواعد ليست سيئة وإياك أن تشعري بالذنب عندما تطبقينها فمن خلالها تعلمين طفلك الدرس الأهم في الحياة: تترتب عواقب معينة على كل أعمالنا سواء اتبع الإنسان هذه العواقب أم لم يتبعها. من منا لا يخرق القواعد من وقت لآخر؟ وقد يكون ذلك ضروريًا في بعض الأحيان. ولكنك قادرة على تحمل مسئولية أفعالك كونك تدركين عواقبها. وفي المقابل عندما تمتنعين عن معاقبة طفلك تكونين قد سلبته درسًا مهمًا في المسئولية. ليس عليك أن تكوني قاسية جدًا وإياك واللجوء إلى العنف. ولا تشعري بالذنب فأنت تطبقين القواعد ولكن انتبهي فهناك قواعد معينة لتطبيق هذه القواعد. بهدف تسهيل حياتك (لكن هذا لا يعني أن تصبح حياتك في منتهى السهولة) لا بد من أن تكون القواعد التي تفرضينها واضحة وعادلة وصريحة. لا تفاجئي طفلك بقاعدة جديدة كل يوم ولا تعدلي القواعد المفروضة مسبقًا لئلا تخسري سلطتك. احرصي على أن تكون القواعد التي تفرضينها واقعية. على سبيل المثال، من الضروري أن ينظف طفلك غرفته كل يوم ولكن ليس بالضرورة أن تكون لامعة نظيفة كما أن الخلود إلى النوم باكرًا أمر صحي ولكن هذا لا يعني أن ينام في الساعة السادسة! وبمجرد أن تصبحي واثقة من القواعد التي تفرضينها احرصي على توضيحها لطفلك عندما يقتضي الأمر. لا بد من أن يدرك طفلك مثلًا الأسباب التي تجعل الخلود إلى النوم باكرًا أمر ضروري ولكن انتبهي إلى أن التوضيح لطفل في الرابعة من عمره أو لطفل في العاشرة من عمره يختلف كل الاختلاف. كل ما عليك فعله هو توضيح القواعد: "عليك أن تنهي واجباتك المنزلية قبل أن تبدأ اللعب ليكون لديك وقت كاف لذلك"، نقطة على السطر! وعندما تحددين القواعد عليك توضيحها مرة واحدة فقط، لا تكرري نفسك وإياك أن تبرري نفسك: "ليس ذلك خطأي ولكنك تعرف أن والدك يغضب عندما". لا بد من أن يتشارك كلا الوالدين وجهة النظر نفسها عند اتخاذ أي قرار ولعل أكبر الأخطاء هي أن ينحاز أحد الوالدين إلى صف الطفل فعندها يبدأ هذا الأخير باستغلال هذا الانقسام للحصول على مراده. كما يؤدي هذا الانقسام إلى مشاكل بين الزوجين. ولننتقل الآن إلى النقطة الأهم: عندما يبدأ الأطفال جدلًا لا ينتهي حول القواعد، ما العمل؟ ما العمل عندما تنهال عليك العبارات التالية: "هذا ليس عدلًا! يسمح والديّ صديقي له بتناول الشوكولا قبل الغداء كما يسمحان له بالسهر حتى الساعة العاشرة" الخ... يبدو أن الأطفال خلقوا محامين! ومهمتهم إيجاد ثغرات في القواعد التي تفرضينها وبالتالي لا بد من أن تكوني على ثقة تامة بهذه القواعد وبأنها واقعية. وكونك تمنعين كل جدال حولها، ينشأ لديك شعور بالرغبة في الرد لأنك ترغبين في أن تعاملي طفلك على قدم المساواة؛ غير أن ردك سيقودك إلى جدال لا ينتهي في محاولة منه لجعلك تغيرين رأيك على الرغم من أنك على ثقة أنك عادلة. مجرد قبولك بخوض هذا الجدال مع أطفالك يعني أنك قد تغيرين رأيك مما سيدفعهم إلى التمادي أكثر فأكثر فيصبحون أشبه بمندوبي المبيعات وهم على وشك إبرام صفقة عندما يلمسون هذا التراجع من قبلك. إن إنهاء الجدال بعد التوضيح والتفسير حق لك وواجب عليك بصفتك أم. لطالما كان والدي يقول لنا: "هذا أمر غير قابل للنقاش". قد يحول أطفالك هذا الموقف إلى مأساة تجنبي أن تكوني جزءًا منها وتذكري دائمًا أن السلطة لك أنت! تجدر الإشارة إلى أن بعض القواعد تتغير مع الوقت كميعاد النوم وموعد العودة إلى المنزل ليلًا. كوني واقعية فيما تمارسين دورك كولي أمر. يعجبني قول: "هذا منزلي وأنا من أفرض القواعد". القواعد المرتبطة باحترام الآخرين لا تتغير أبدًا كونها درس مهم يلي دروس تعلم المسئولية! تعلّم احترام الآخرين بغض النظر عن عمرهم أو ثروتهم أو أهميتهم عنصر أساسي ليصبح الفرد إنسانًا محترمًا وتذكري ذلك في كل مرة تشعرين بالرغبة في اختيار طريق الاستسلام كونه الأسهل! فرض القواعد صعب ومقرف أحيانًا غير أن ذلك يحدث عالمًا من الفرق.