سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصر تستأنف نشاطها الدؤوب لاسترجاع الأموال المهربة للخارج في ظل عجز الاقتصاد المصرى وخبراء يؤكدون صعوبة استرداد الأموال في ظل محاولات مستمرة منذ 3 أعوام
في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري من أزمة سيولة وعجزًا في الموازنة العامة، وانخفاض مؤشرات الاقتصاد بصفة عامة، ممثلة في حجم الاحتياطي النقدي. وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس الجمهورية رجال الأعمال إلى التبرع لصالح الاقتصاد المصري، وحالة الفقر التي يعيشها أكثر من 40% من المصريين، إلا أن الدولة لم تنجح منذ قيام ثورة 25 يناير في استرداد الأموال المهربة من الخارج والتي تقدر بالمليارات. ووسط ما يتردد حول إنفاق 64 مليون دولار كبدل سفر وانتقالات وتوكيل مكاتب محاماة أجنبية من أجل تجميد الأموال المهربة، إلا أن الدولة فشلت في استرداد "قرش واحد" حتى الآن وسط تساؤلات كثيرة من النخبة السياسية والمواطنين في الشارع المصري، من المصير المجهول الذي ينتظر رجوع الأموال من عدمه. من جانبه أكد المستشار يوسف عثمان، مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع، أن قيمة الأموال المهربة لرموز نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في بريطانياوسويسرا وإسبانيا تقدر بمبلغ مليار ونصف المليار دولار. وأوضح "عثمان" أن هناك تطورات جديدة بشأن هذا الملف، مؤكدًا أنه تم إبرام اتفاقيات مع بعض دول الاتحاد الأوربي باستمرار تمديد الأموال المهربة لنظام مبارك لحين صدور أحكام قضائية نهائية ضد المتهمين بالكسب غير المشروع وإرسال ما يفيد ذلك إلى تلك الدول. وأكد عثمان أن قطاع الكسب بالوزارة يجري حاليًا مفاوضات على عدة محاور، للتواصل مع دول الاتحاد الأوروبي لتحريك ملف الأموال المهربة بخطوات سريعة، خاصة في الدول التي لم يعلن عن قيمة الأموال المهربة بداخلها، فضلا عن إزالة العقبات التي تواجه الملف بشأن بعض القوانين الحاكمة في تلك البلاد واختلافها عن مصر، والتي تضع اشتراطات معينة بصدور أحكام باتة ونهائية ضد أصحاب تلك الأموال. وأشار مساعد وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع إلى أنه سيحضر عدة مؤتمرات عربية ودولية لتسهيل التعاون القضائي مع الدول الأوربية المهرب إليها أموال رموز نظام "مبارك"، مؤكدًا أن هناك بعض الدول الأوربية لم يتم التوصل بعد إلى قيمة الأموال المهربة بداخلها. وأكد "عثمان" أن إدارة الكسب غير المشروع لم تفتح ملف الأموال المهربة إلى الخارج لرموز نظام الإخوان، لافتا إلى أنه لم يحسم بعد ما إذا كان هناك أموال مهربة للإخوان خارج البلاد من عدمه. بينما قال الدكتور شوقى السيد أستاذ القانون الدستورى، إن قضية استرداد أموال رموز نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك كانت تواجه خللا لدى الأجهزة المعنية باستردادها، فعلى مدى 3 سنوات فشلت كل اللجان التي تم تشكيلها في إعادة جنيه واحد من هذه الأموال. وأكد السيد أنه لابد من الإلمام بالقوانين الداخلية وقوانين الدول المتواجد بها تلك الأموال إضافة إلى اتفاقية مكافحة الفساد الخاصة بالأممالمتحدة والموقعة عليها مصر، قبل البدء في اتخاذ أي إجراءات تتعلق باسترداد هذه الأموال. بينما قال المستشار نور الدين على "الخبير الدستوري وعضو هيئة قضايا الدولة"، إن القائمين على ملف استرداد الأموال المهربة من الخارج يديرونه بشكل عشوائي وغير مدروس، مضيفًا أن العبث كله في عدم تقدير حجم تلك الأموال المهربة وعدم معرفة طرق استردادها. وأوضح "نور الدين"، أنه لا يوجد تقدير لحجم تلك الأموال ولم يعلن عن خطط وآليات لاستردادها، وكيفية تهريبها، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد المصري أزمة في عجز الموازنة العامة وانخفاض مؤشرات الاقتصاد بصفة عامة. وتابع، "أن ما أعلنته سويسرا عن تجميد 350 مليون فرنك سويسرى بما يساوى 500 مليون دولار، يعتبر مبلغا زهيدا ولا يستحق صرف ملايين من الجنيهات على مكاتب المحاماة بالخارج لاسترداده، مؤكدا أن الدولة تسير وراء سراب ووهم استرداد الأموال المهربة طالما لم تضع خطة منظمة، ولا تستند إلى تحريات دقيقة من الأجهزة المختصة ". وأشار الدكتور صلاح الدين فوزى عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي والفقيه الدستوري، إن قانون استرداد الأموال المنهوبة من الخارج، سيساعد اللجنة المشكلة لاتخاذ كل الإجراءات القانونية للعمل على استرداد الأموال العامة ومساعي كبيرة للغاية مع الدول المودع فيها الأموال لتسهيل عملية الاسترداد. وأكد فوزى أن من الأدوات التي تساعد اللجنة على إنجازها في استرداد الأموال، وجود أحكام قضائية نهائية بأحقية مصر في هذه الأموال، مؤكدا أن القانون يسمح لوزارة المالية بفتح حساب بالبنك المركزي المصري باسم "حساب الأصول المستردة" تودع فيه الأموال التي يتم استردادها، ويكون التصرف فيها وفقا للقواعد التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض من رئيس مجلس الوزراء، يساعد في بناء مصر لمستقبل أفضل. وأضاف عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، أن فكرة إنشاء الحساب البنكي يجعل الأموال المستردة ضمن الأموال العامة للدولة التي تساعد في إنشاء المشروعات العملاقة، مثل مشروع قناة السويس الجديد وغيره التي تعود على مصر بالخير. وشدد على دور الأجهزة المعنية في إعداد ملف متكامل حول حجم الأموال المهربة، وآلية استردادها وهذا الدور يقع على عاتق الأجهزة الرقابية ووزارة الخارجية، والمخابرات العامة، والأمن الوطني والرقابة الإدارية والأموال العامة، موضحا أن تلك الجهات لديها من الأدوات والآليات والقدرات الفنية والسياسية التي تستطيع تتبع الأموال والدول المهربة إليها. وأضاف "على" أنه بعد أن تقوم تلك الجهات الرقابية بإعداد ملف متكامل عن حجم الأموال والدول المهربة إليها، يأتي الدور القانوني المتمثل في إدارة الكسب غير المشروع والتعاون الدولي بوزارة العدل وإدارة التعاون الدولي بالنيابة العامة بتنفيذ بنود اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صدقت عليها مصر، فضلا عن مخاطبة الدول المهرب إليها أموال النظام الأسبق، بإعادة تلك الأموال، إضافة إلى رفع دعاوى قضائية في تلك الدول أمام قضائها لاسترداد تلك الأموال. وأكد أن الحكومة المصرية تلجأ إلى الاستعانة بمكاتب محاماة في الخارج متخصصة في مجال استرداد الأموال المهربة على درجة من الكفاءة لرفع من خلالها الدعاوى القضائية، حيث إنه لا يجوز رفع دعاوى قضائية أمام المحاكم الأجنبية بشكل مباشر، وإنما يتعين توكيل محام وطني معتمد في تلك المحاكم الأجنبية ليتولى رفع الدعاوى القضائية أمامها، وتقوم الحكومة المصرية بمد مكاتب المحاماة بكل المستندات والمعلومات اللازمة بشأن أصحاب تلك الأموال المهربة، وكيفية تهربيها وأحقية الدولة المصرية في استردادها، متسائلا: كيف يتم التعاقد مع تلك المكاتب ورفع دعاوى قضائية والحكومة ليس لديها ملف كامل عن حجم الأموال المهربة، وتحرياتها الأمنية ناقصة في هذا الشأن؟ وقال "على" إن ملف استرداد الأموال المهربة يدار من خلال وزارة العدل والنيابة العامة بشكل أساسي، ولم يتم إسناده إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرته رغم قدرتها على التعامل مع هذا الملف بكفاءة عالية، واستطاعتها تحريك المياه الراكدة، مضيفا أن "قضايا الدولة" استطاعت الحصول على أحكام لصالح مصر بقيمة 15 مليار جنيه، موضحًا أن الهيئة تستطيع الآن بعد التعديلات الدستورية الجديدة الإنابة عن الدولة دون الرجوع إلى الجهة الإدارية. وأشار إلى ضرورة صدور أحكام قضائية باتة ونهائية على المتهمين بالفساد والتي صدر قرار بالتحفظ على أموالهم وتجميدها، واستعادة أموالهم المهربة إلى الخارج وهم مبارك ورموز نظامه الأسبق، ليتم تقديمه للدول الأجنبية كمستند رسمي يثبت أن تلك الأموال المهربة مسروقة وتم الاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة. ونوه "نور الدين" أن في حالة إسناد الملف لهيئة قضايا الدولة فستقوم الهيئة بمتابعة القضايا المرفوعة أمام القضاء الأجنبي في الدول التي تم تهريب أموال "مبارك ورموز نظامه إليها من خلال مكاتب المحاماة الموكل إليها متابعة تلك القضايا في الخارج، والتنسيق معها ومدها بكل المعلومات والمستندات اللازمة، إضافة إلى الاتصال بوزارة الخارجية والتنسيق معها لمدها المعلومات اللازمة عن طبيعة النظام القضائي والقانوني في تلك الدول الأجنبية، فضلا عن الاتفاقيات الدولية المصدقة عليها مصر في هذا الصدد. وقال صابر عمار "الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب" إن استرداد الأموال المهربة من الخارج مرتبط بصدور أحكام قضائية نهائية ضد رموز نظام "مبارك ". وأوضح "عمار" أن ما يتم في ملف استرداد الأموال المهربة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن مجرد إجراءات تحفظية، أي التحفظ على الأموال المهربة داخل الدول الأوربية حتى يتسنى لمصر استعادتها بعد صدور أحكام قضائية ضد المتهمين، مؤكدا أن معظم الدول الأوربية المهرب إليها أموال رموز نظام "مبارك " تشترط صدور أحكام قضائية ضدهم تثبت إدانتهم، وحصولهم على تلك الأموال عن طريق غسيل الأموال، أو بطرق أخرى غير مشروعة. وأشار إلى أنه لا يمكن الحكم على فشل الدولة من عدمه في قضية استرداد الأموال المهربة إلا بعد صدور أحكام قضائية نهائية على المتهمين. وكان قسم التشريع بمجلس الدولة قد انتهى من مراجعة قانون استرداد الأموال المنهوبة من الخارج منذ أيام لاعتماده من رئيس الجمهورية. ونص القانون على تشكيل لجنة ذات اختصاص قضائي يترأسها وزير العدل، وتضم في عضويتها كلا من مساعدي وزير العدل لشئون الكسب غير المشروع والتعاون الدولى، والنائب العام المساعد، وممثلين عن وزارات الخارجية والداخلية والمالية، وقسم المنازعات بهيئة قضايا الدولة، إلى جانب ممثلين عن المخابرات العامة والرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات ووحدة مكافحة غسيل الأموال، وأخيرا الرقابة المالية، ويترأس اللجنة وزير العدل وتضم ممثلين عن الخارجية والداخلية والمالية والمخابرات العامة والرقابة الإدارية وآخرين.