يحتفل العالم اليوم في مختلف بقاع العالم في يوم السبت الأول من شهر يوليو من كل عام باليوم الدولي للتعاونيات 2014 تحت شعار "المشاريع التعاونية تحقق التنمية المستدامة للجميع"، وذلك بهدف زيادة الوعي حول التعاونيات ودورها وأهميتها وتشجيع وتعزيز الجهود الدولية والوطنية نحو رفع الكفاءة الاقتصادية، والمساواة، والسلام العالمي. كما يهدف الاحتفال بهذا اليوم إلى تعزيز وتوسيع الشراكات بين الحلف التعاوني الدولي والجهات والمنظمات الفاعلة، بما في ذلك الحكومات على المستويات المحلية والوطنية والدولية. وهناك أزيد من مليار شخص منخرطون في التعاونيات عبر العالم. وتشير التقديرات إلى أن التعاونيات توفر أكثر من 100 مليون وظيفة على مستوى العالم. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت في قرارها 90/47 في عام 1992، الاحتفال باليوم الدولي للتعاونيات في يوم السبت الأول من يوليو من كل عام. وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى أن هذا العام يحل اليوم الدولي للتعاونيات مصادفا لوقت بالغ الأهمية. فالأممالمتحدة بصدد العمل على وضع الأسس اللازمة للنجاح في عام 2015 على ثلاث جبهات رئيسية هى : بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية؛ والتوصل إلى اتفاق جديد ذي جدوى بشأن تغير المناخ؛ واعتماد خطة بعيدة المدى من أجل التنمية المستدامة الشاملة للجميع. وبوسع المشاريع التعاونية أن تساعد في النهوض بهذه الأهداف. فهى تساعد المجتمعات المحلية في كل من البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية على توليد الطاقة، وإدارة إمدادات المياه، وتوفير الخدمات الأساسية الأخرى. وأكد مون أن التعاونيات ذات أهمية خاصة للقطاع الزراعي والأمن الغذائي والتنمية الريفية. وأما في القطاع المالي، فالتعاونيات تقدم خدماتها لأكثر من 857 مليون نسمة، منهم عشرات الملايين ممن يعيشون في حالة فقر. ولما كانت التعاونيات مشاريع يملكها أعضاؤها ويسيرونها ويستفيدون من خدماتها، فهى قادرة على إحلال العدالة الاجتماعية والإنصاف في الصميم من النمو الاقتصادي، بينما تساعد في الوقت نفسه على المواءمة بين إنتاج السلع وتقديم الخدمات بحيث تلبي احتياجات المجتمعات المحلية وتطلعاتها. وبمناسبة حلول اليوم الدولي للتعاونيات، لنلتزم جميعا بزيادة العمل التعاوني من أجل تمكين الناس والخطو نحو مستقبل أكثر استدامة. ويعرف للتعاونيات أهميتها بوصفها رابطات ومؤسسات، يستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلا، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا. وبات من المسلم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشئون الوطنية والدولية. كما بات من المسلم به أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديمقراطية، وبأنها مستقلة محليا ولكنها متكاملة دوليا، وبأنها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسئوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافا اقتصادية فسحب ولكن تشمل أيضا أهدافا اجتماعية وبيئية، من قبيل القضاء على الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي. وتثمن الأممالمتحدة أهمية دور التعاونيات في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وإسهامها في الحد من الفقر، وتوليد العمالة، وتحقيق الاندماج الاجتماعي باعتبارها شريكا قويا، تعمل الحركة التعاونية مع الأممالمتحدة كل يوم على تمكين الناس، وتعزيز كرامة الإنسان، والمساعدة في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. وتشير التقديرات إلى أن هناك أزيد من مليار شخص منخرطون في التعاونيات عبر العالم، كما أن التعاونيات توفر أكثر من 100 مليون وظيفة على مستوى العالم. ولقد حققت التعاونيات الكثير من النجاحات الكبيرة في مجالات التنمية الإقتصادية والإجتماعية على المستوى العالمي منذ قيام تعاونية روتشيديل الناجحة، والتي تتوجت بقيام وقيادة الحلف التعاوني الدولي الذي يضم كافة المنظمات والاتحادات التعاونية على مستوى العالم. ففي كولومبيا هناك أكثر من 3.3 مليون شخص أعضاء في التعاونيات، ويمثلون 8.01 % من السكان، وأكثر من 17941 جمعية تعاونية بعضوية تبلغ 9.1 مليون عضو في الأرجنتين، وأكثر من 10 ٪ من السكان بكوستاريكا أعضاء في تعاونيات. وفي كندا كل فرد من 3 أفراد هو عضو في جمعية تعاونية (33 ٪) من عدد السكان، وقد تجاوز عدد الأعضاء في التعاونيات بمقاطعة كيبك أكثر من 5 ملايين عضو (ما يقارب نصف السكان). وفي بلجيكا هناك أكثر من 30 ألف منظمة تعاونية، وفنلندا مجموعة (Finland S-Group) تضم في عضويتها 1468572 وهو ما يمثل 62 ٪ من الأسر الفنلندية، وهناك 20 مليون شخص أعضاء في المنظمات والجمعيات التعاونية في ألمانيا (1 من 4 أفراد)، وفرد من كل 3 في اليابان عضو في التعاونيات. أما في كينيا فكل فرد من 5 أفراد عضو في جمعية تعاونية، أي 5.9 مليون مواطن كيني مستفيدين بشكل مباشر و20 مليون كيني مستفيدين بشكل غير مباشر بجني رزقهم من خلال التعاونيات. وفي الهند أكثر من 239 مليون شخص أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية، وفي ماليزيا 5.5 مليون شخص أو 20 ٪ من مجموع السكان أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية. كما أن في سنغافورة 50 ٪ من السكان (1.6 مليون شخص) أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية، وفي الولاياتالمتحدة، كل 4 أفراد من 10 أفراد أمريكان أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية أي 25 ٪ من السكان. أما من حيث المشاركة الفعالة والكبيرة للتعاونيات في الاقتصادات الوطنية، فلقد شاركت التعاونيات في البرازيل في العمليات الإنتاجية وساهت في إنتاج 72 ٪ من إنتاج القمح، و 44 ٪ من الخضروات، 43 ٪ من فول الصويا، 39 ٪ من الحليب، 38 ٪ من القطن، 21 ٪ من البن و 16 ٪ من الذرة، بالإضافة إلى تصدير منتجات زراعية للولايات المتحدة بأكثر من 1.3 مليار دولار. وفي بوليفيا تعاملت التعاونيات وحدها في أكثر من 25 ٪ من المبالغ المرصودة للتسليف والإقراض في عام 2002. أما في كولومبيا شاركت 6462 منظمة تعاونية في تحقيق 5.25 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2005، كما توفر التعاونيات خدمات الرعاية الصحية ل15.5 ٪ من عدد السكان، وتنتج التعاونيات 33.78 ٪ من البن الكولومبي، وتوفير خدمات الرعاية الصحية لنسبة 25 ٪ من السكان، وتوفر 23 ٪ من الوظائف في قطاع الصحة، 18 ٪ من الوظائف في قطاع النقل، 13 ٪ في عامل القطاع الصناعي، 11 ٪ في القطاع المالي وبنسبة 9 ٪ في القطاع الزراعي. وفي كندا شاركت التعاونيات في عمليات إنتاج 35 ٪ من سكر maple من جملة إنتاج السكر في العالم. وفي بنين قدمت تعاونيات الادخار والائتمان 16 مليون دولار كقروض في المناطق الريفية في عام 2002. في كوت ديفوار شاركت وأسهمت واستثمرت التعاونيات أكثر من 26 مليون دولار لإنشاء المدارس، وبناء الطرق الريفية وإنشاء العيادات الصحية. وفي كينيا شاركت التعاونيات في تحقيق 45 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي و31 ٪ من الودائع والمدخرات الوطنية، و70 ٪ من سوق البن، ومنتجات الألبان بنسبة 76 ٪، 90 ٪ البايريثروم، و 95 ٪ من القطن، حيث يعمل أكثر من 250 ألف شخص في تعاونيات. هذه نماذج لإسهامات المنظمات التعاونية العالمية في كندا وأمريكا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وكلها مساهمات تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالتنمية المستدامة، ومن الأسباب الأساسية لهذا النجاح المشهود الاهتمام بتطبيق المفاهيم الأساسية التي اهتم بها التعاونيون في جميع أنحاء العالم، ومنها "أعدوا التعاونيين قبل إنشاء التعاونيات". هذه الأسس والمفاهيم تمثل الضمانات التي تمكن من قيام التعاونيات على مبادئ التعاون وقيمه وأسسه السليمة، فيتحقق لهذه التعاونيات الاستقرار المنشود وتؤدي دورها المطلوب وبالتالي تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها. إن الفكرة التعاونية إذا ما أعيدت صياغاتها في الواقع العملي وفقا لهذا الشعار العلمي الذي يعني التثقيف والتوعية بالنظام التعاوني وأهدافه ووسائله ومبادئه المميزة، ووفقا للظروف البيئية والموارد واستعدادات المواطنين سيكون لهذه الفكرة ضمانات من مبادئها العامة في الاستقرار والاستمرار والنجاح الأكيد. كما أن هذا الوضع سوف يجعل الفكرة التعاونية أداة علمية وعملية فاعلة في المجتمع السوداني وفي حياة المواطنين، وتغييرها للأفضل دوما. إن التعاونيات المؤسسة بصورة علمية صحيحة والتي تقوم وفقا لاحتياج فعلي يشعر به مؤسسوها ستساهم بفاعلية في تحقيق السلام الشامل العادل وازدهار العمران والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتوازنة مع المحافظة على القيم والأخلاق كما أنها تمتلك مقومات العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين الناس وبذلك يتحقق شعار تعاوني آخر هو (الفرد في خدمة الجماعة والجماعة في خدمة الفرد). إلا أن التعاونيات في هذه الحالة تحتاج إلى متابعة في التطبيق وأن تفرد لها الحكومات حيزا سياسيا واهتماما حقيقيا ينعكس في أداء وفعالية الأجهزة التنفيذية في كل المستويات.