قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتتراوح بين 4% و4.25%، في خطوة تُعد الأولى من نوعها خلال العام الجاري بعد خمسة اجتماعات متتالية أبقى خلالها على المعدلات دون تغيير. وأشار المجلس – وفق البيان الصادر عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة – إلى أنه يتوقع إجراء خفضين إضافيين في أسعار الفائدة قبل نهاية العام الحالي، في إطار توجه تدريجي نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا بعد فترة طويلة من التشديد لمواجهة التضخم. وأوضح الاحتياطي الفيدرالي أن قراره جاء استنادًا إلى مؤشرات تباطؤ في سوق العمل وتراجع تدريجي في معدل التضخم الأساسي، مؤكدًا أن السياسة النقدية لا تزال تهدف إلى تحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار. ويُعد هذا القرار تحولًا مهمًا في السياسة النقدية الأمريكية، إذ يأتي بعد سلسلة من الزيادات القوية في أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين لمواجهة موجة التضخم التي سجلت أعلى مستوياتها منذ أربعة عقود. ويرى محللون أن الخفض الحالي يعكس ثقة الفيدرالي في قدرة الاقتصاد الأمريكي على تجنب الركود العميق، مع مواصلة السيطرة على الأسعار. ومن المتوقع أن يكون لقرار الخفض انعكاسات مباشرة على الأسواق العالمية، حيث ستتأثر أسعار الدولار والعوائد على السندات، فضلًا عن تدفقات رؤوس الأموال إلى الاقتصادات الناشئة. كما يُرجح أن تستفيد قطاعات مثل العقارات والأسهم من تراجع تكاليف الاقتراض، بينما قد يواجه القطاع المصرفي ضغوطًا على هوامش الربح. في المقابل، حذر خبراء من أن التسرع في تخفيف السياسة النقدية قد يبعث برسائل مختلطة إلى الأسواق، خاصة إذا ما شهد التضخم ارتدادًا صعوديًا خلال الأشهر المقبلة، وهو ما قد يضع الفيدرالي أمام معضلة جديدة بين دعم النمو وكبح الأسعار. ويتابع المستثمرون عن كثب إشارات الفيدرالي حول المسار المستقبلي للفائدة، إذ يترقبون ما إذا كان البنك سيواصل التخفيضات بوتيرة سريعة خلال العام المقبل، أم أنه سيبقي على سياسة حذرة تجنبًا لزعزعة الاستقرار المالي.