أعضاء بعليا الوفد يطالبون عبد السند يمامة بالاستقالة من رئاسة الحزب    تعليم أسيوط يحيل 3 مسئولين بالبرنامج العلاجي للطلاب الضعاف للتحقيق    نوبل عربية في الأول والأخير!    16 صورة ترصد حضور السيسي احتفال أكاديمية الشرطة بيوم الخريجين 2025    توفيق عكاشة يثير الجدل بشأن مفتاح حل القضية الفلسطينية، والنشطاء: الله يتدخل بعد الفرز    مواجهات نارية تنتظر الأهلي تحت قيادة الدنماركي ياس سوروب    مجموعة مصر، إثيوبيا تتخطى غينيا بيساو في تصفيات كأس العالم    ضبط مخزن بدون ترخيص بالإسكندرية يعيد تعبئة وتدوير زيوت السيارات بعلامات تجارية مقلدة    مدير صندوق مكافحة الإدمان يستقبل المدير التنفيذي للوكالة الأوروبية للمخدرات    دعوى قضائية بوقف نشر صور متهمات وقاصرات على المنصات الإلكترونية    مجلس جامعة حلوان يوجه التهنئة للفائزين بجوائز الجامعة لعام 2024 - 2025    قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي غرب النوبارية بأبو المطامير    ألمانيا تمنح الشرطة صلاحية إسقاط الطائرات المسيرة بعد حوادث مطار ميونيخ    محافظ الجيزة يعتمد حركة مديري ووكلاء الإدارات التعليمية    اسعار الحديد فى الشرقية اليوم الاربعاء 8102025    استعدادا للسوبر الأفريقي.. بيراميدز يستأنف تدريباته    التحالف الوطنى يقدم خدمات متنوعة ل 18 ألف مواطن فى برنشت بالعياط    هيئة الدواء المصرية تنضم إلى المنتدى العالمي للدراسات الإكلينيكية    وزارة الاتصالات: تنفيذ برنامج عالمى لأكاديمية إتش بى للابتكار فى مدارس WE    تكاثر السحب الممطرة على هذه المناطق.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالإتجار فى المخدرات بسوهاج    وزيرة التضامن تترأس اجتماع اللجنة العليا للأسر البديلة الكافلة    من هو عمر مؤنس ياجي الفائز بنوبل في الكيمياء؟ أمريكي أردني من أصل فلسطيني ومعه جنسية سعودية    قصر ثقافة حلوان فى ثوبه الجديد.. مسرح وقاعات أنشطة بأحدث التقنيات    شيرين عبد الوهاب.. صوت العاطفة وتحدي الصعاب في عيد الميلاد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 8 اكتوبر 2025 فى المنيا    أحمد عمر هاشم.. تعرف على أبرز 10 معلومات عن جهوده الدعوية    «نادية عمارة» تكشف الأسس الشرعية والاجتماعية لاختيار شريك الحياة    نائب محافظ الأقصر يشارك في احتفال مصنع سكر أرمنت بانتصارات أكتوبر | صور    خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو.. والريادة الثقافية والحضارية موطنها مصر    انطلاق برنامج مصر جميلة لاكتشاف المواهب الفنية والأدبية بالوادي الجديد    تموين قنا: ضبط 295 مخالفة تموينية متنوعة خلال أسبوع    طارق العوضي: البرلمان الحالي غير مؤهل للنظر في «الإجراءات الجنائية»    بلخي: إعادة بناء النظام الصحي في غزة ضرورة إنسانية عاجلة    الجامعه المصرية للتعلم الإلكتروني تحصد الميدالية الفضية في مجال الأنشطة الطلابية    علاج 1928 مواطنا مجانا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    «فصل الشتاء».. نصائح للوقاية من الأمراض الموسمية    بلخي: اجتماع اللجنة الإقليمية بالقاهرة يناقش إصلاحات جذرية لمستقبل الصحة في المنطقة    السيسي: الوضع الاقتصادي يتحسن يومًا بعد يوم.. ولسه الأفضل قادم    نجاة رئيس الإكوادور من هجوم على موكبه    عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم اليوم بمسجد الشرطة بالتجمع الخامس بعد صلاة المغرب    قدامي الزمالك في زيارة للمعلم حسن شحاتة للإطمئنان علي صحته .. صور    مشاركة دولية غير مسبوقة في بطولة مصر لهواة للجولف 2025    الإحصاء: 36.8 % زيادة بقيمة المبالغ المودعة فى صندوق توفير البريد 2024 / 2025    موقف عصام صاصا بعد اتهامه فى مشاجرة وصدور حكم بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ    رجال لا يكررون الخطأ مرتين.. 4 أبراج تتعلم بسرعة من التجارب    وفد لبنانى يزور هيئة الاعتماد والرقابة للاطلاع على تجربة مصر بالإصلاح الصحى    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    مصرع صغير وإصابة 3 آخرين في مشاجرة بالأسلحة النارية بسوهاج    «الشكاوى الحكومية» تتلقى 13.5 ألف شكوى واستغاثة صحية    يد - بعثة الأهلي إلى المغرب للمشاركة في بطولة إفريقيا    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    أكسيوس: ويتكوف وكوشنر يصلان شرم الشيخ للانضمام لمفاوضات إنهاء حرب غزة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 8-10-2025 بعد الارتفاع الكبير.. بكام سبيكة ال10 جرام؟    اعرف اسعار الدولار اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بدون كافيين فنجان هدوء لرجل حرب
نشر في البوابة يوم 15 - 02 - 2024

لم أكن أتخيل أنني قد ألقى ذلك المشهد "فاضي شوية نشرب قهوة في حتة بعيدة".. تتحدث الأغنية لمن لم يسمعها عن دعوة لصديق أو حبيب أن يترك حياته من أجل فنجان قهوة محاط بالثرثرة حول حياة كل منهما. تقدم الأغنية الثرثرة كما لو كانت طريقة مثلى لإفراغ القلب من الوجع. كأن ما تحكيه مما يسيئك يغادر قلبك عن طريق لسانك. ثم يشرع المطرب بعد ذلك في التندم على العمر الذي مضى دون أن يستغله كما يجب أن يكون هو وشريك القهوة. وجدت شابًا يهرب من كل الضوضاء للهدوء. راقبت هدوءه. تذكرت ذلك التي تكررت أمامي في روايات عربية كثيرة "الهدوء الصاخب". تعلمت كيف أراقب الصخب في الهدوء. كاذب من يقول أن كل حالات الصمت متشابهة. هناك صمت ميت وآخر يحاول الموت وثالث يعلو صوته على الكل.
هو رجل حرب. يدير اليوم بطريقته وسط معارك لا يصنعها بل تأتيه وكأنها تبحث عنه. أخبرني أن عمله يأتي بها إليه. يصيد عمله المتاعب من تلقاء نفسه. لكنه لا يشعر بالراحة حتى يحقق النصر لنفسه. وهو ماهر في التخطيط بصمت لا يلاحظه إلا القليلون. لا بسبب أنه من هؤلاء الذين لا يملكون حضورًا. بل لأنه من الأذكياء الذين لا يريدون إلا جذب الأذكياء. يعلم كيف يتصرف لجعلهم مدار حوله. هو يمانع بشدة أن يسكن مدار أحد أيًا كان قربه منه. لكنه من الذكاء بمكان ليكون بصحبة أشخاص لهم مداراتهم الخاصة. هو لا يحب التابعين. ولا يتذكر أسماؤهم مهما قضى الوقت الطويل معهم. يعاني كثيرًا من محاولة تذكر أسماء هؤلاء. ليس سعيدًا بذلك. لكنه يشعر بالرضا في قرارة نفسه عن غيابهم عن ذاكرته. كأنه يختار ذلك ولا يصرح به.
في هذه الأيام ليس منا من لم يلاحقه الوجع واكتئاب الأحداث الصعبة. كل بيت يعاني وكل فرد يحاول أن يجد لحظات حياة مستقرة. هي أيام تذكرني بصوت الفرحة في نبرات صديقة مدرستي الثانوية ابنة بيروت "ميرفت" حين حدثتني عن فوز والدتها بلقب ملكة جمال المخبأ في حرب لبنان. كانت فخورة بأن الحرب لم تقتل فيهم حب الجمال حتى تحت الأرض. وتحت القصف. وفي ضوء الشموع الخافتة. انتخبوا أمها ملكة جمال من أجل حب الحياة الجميلة في أقل تفاصيلها. حملني ذلك لصوت طفل من غزة وهو يلعب الكرة مع رفقائه في أحد الشوارع ويقول" فيش مدرسة صار لازم نلعب. زهقنا من الحرب". جمل بسيطة تعبر أن الإنسانية تستطيع أن تجد طريقها لأوقات تحبها في أكثر الأوقات ظلامًا ووجعًا.
وجدت على وجه رجل الحرب ابتسامة هادئة. كلامًا قليلًا. لكنه مدروس. ضحكات لا يعلو صوتها إلا قليلًا. للوهلة الأولى قد تظنه بريئًا لا خبرة لديه في الحياة لذا يراقب ويكرر عبارات محفوظة كأكلاشيه. وهو يريد ذلك. لكنه حين يفعل يظهر اختلافه. هو يجيد الذهاب بعيدًا في الأماكن الهادئة مع أشخاص يظنون أنهم يعرفونه. لكنهم يعرفون ما يريدهم هو أن يعرفوه. تأكدت خلال المرتين الأخيرتين التين رأيته فيهما أن هذا الشخص لا أحد يعرفه حقًا إلا نفسه. هو لا يتحدث ولا يطلب حتى الأشياء التي يريدها من أول مرة. لكنه يراقب ويفهم ويحرك الآخرين. كل هذا وهو في قلعة هدوئه بعيدًا يشرب القهوة ويدخن. أضحك كثيرًا حين أذكره. هو يجيد المفاجآت. تصرفاته تفاجئك بقوتها من قلب الهدوء. لأنها تصرفات تناسب التعامل مع الحرب لكنها ولدت في رحم الصمت.
*أستاذة بقسم الإعلام – آداب المنصورة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.