يمثل هذا الانتهاك الجديد لأحكام الإعلان الثلاثى لعام 2020، تحديا عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا وذلك عشية إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، حيث أغلقت أذربيجان جسر هاكارى على الحدود بين ناجورنو كاراباخ وأرمينيا، الواقع فى منطقة سيطرة قوات حفظ السلام الروسية، على ممر لاتشين LATCHINE. وأعلنت باكو إغلاق الطريق من أجل إقامة نقطة تفتيش لأسباب أمنية، على أساس أنه تم رصد عمليات نقل أسلحة من أرمينيا إلى ناجورنو كاراباخ. وفى ليلة 24 أبريل 2023، التى توافق تاريخ إحياء ذكرى الإبادة الجماعية للأرمن، بدأ العمل على إقامة نقطة حدودية وهذا التأسيس هو استمرار للحصار الذى فرضته أذربيجان لأكثر من 4 أشهر على ممر LATCHINE، الطريق الوحيد الذى يربط بين أرمينيا وناجورنو كاراباخ. وبالفعل هذا الإجراء يتعارض تماما مع شروط اتفاقية وقف إطلاق النار الثلاثية بين أرمينياوأذربيجانوروسيا، الموقعة فى 10 نوفمبر 2020، لإنهاء الحرب التى استمرت 44 يوما فى ناجورنو كاراباخ وتضمنت البنود الرئيسية للاتفاقية نشر قوات حفظ سلام روسية على طول خط التماس للإشراف على وقف إطلاق النار وحماية الطرق التى تربط ناجورنو كاراباخ بأرمينيا حتى عام 2025. وفى الوقت نفسه، دعونا نتذكر أن حدود أرمينيا نفسها ما زالت مهددة فى سيادتها، حيث تخترق القوات المسلحة الأذربيجانية ما يقرب من 250 كيلومترا من الحدود التى تخترق، فى نقاط كثيرة، أراضى أرمينيا ذات السيادة على 15 إلى 30 كم. تم الإبلاغ عن عمليات إطلاق النار بانتظام وتسببت بالفعل فى العديد من القتلى والجرحى منذ استئناف التوترات فى سبتمبر 2022. وفى هذا السياق، فى صباح يوم 23 أبريل 2023، أكدت وزارة الدفاع الأرمينية مقتل جندى من قبل القوات الأذارية. وأطلقت القوات المسلحة النار على موقع أرمينى فى قرية سوتك شرقى بحيرة سيفان. خلقت هذه التوغلات والمستوطنات والخسائر، حالة من الصراع الدائم الذى لا يزال يتصاعد: منذ ديسمبر 2022، مع حصار باكو على ممر LATCHINE، والآن، مع إقامة نقطة تفتيش آذارية. الجانب الأذربيجانى إن قيام السلطات الأذربيجانية بتركيب هذا الحاجز، المبرر، حسب قولها، بالمسائل الأمنية، يمثل تفاقما للتوترات الشديدة بالفعل بين أرمينياوأذربيجان، إن الإشارة التى أرسلتها باكو واضحة للغاية: إنها مسألة تتعلق ببساطة بمحو المشكلة المتبقية فى إقليم كاراباخ الأرمينى «آرتساخ» على الخريطة وحل المسألة الأرمينية بشكل نهائى من خلال تسريع استعادة المناطق المستهدفة. وتنعكس هذه السياسة على الفور على الوضع الإنسانى المتدهور للغاية، مع إنشاء هذا الحاجز، تتبلور الرسالة الكارثية التى وجهت إلى الأرمن المقيمين فى ناجورنو كاراباخ، والتى تكررت لعدة أشهر فى خطاب إلهام علييف، «الحقيبة أو التابوت» فجأة، فى حين أن أرمينيا ككل والوفود الدولية - لا سيما وفود مجموعة الصداقة الفرنسية الأرمينية فى مجلس الشيوخ، بقيادة السناتور جيلبرت لوك ديفيناز وفى الجمعية الوطنية بزعامة النائبة آن لورانس بيتيل - تأتى للتأمل فى النصب التذكارى للإبادة الجماعية Tsitsernakaberd فى إيريفان، ويتخذ علييف إجراءات، يمكن للسكان الأرمن فى كاراباخ الآن استخدام الممر لمغادرة كاراباخ باتجاه أرمينيا ولكن لم يعد بإمكانهم العودة إلى ديارهم، الطريق المعاكس مغلق أمامهم. وهنا نرى بوضوح كل شيء، أذربيجان، التى نفذت سياسة التخويف والإرهاب والمضايقة، تدفع السكان الأرمن فى ناجورنو كاراباخ إلى مغادرة هذه المنطقة بشكل دائم، منذ حصار ممر LATCHINE، على الرغم من الصمت الإعلامى والدبلوماسى، فإن المخاطر الإنسانية كبيرة، 120 ألف شخص يجدون أنفسهم فى حالة نقص، معزولين عن العالم، فى حالة من عدم الاستقرار وفى عزلة كبيرة وتامة. المجتمع الدولى يندد بالقرار غير القانونى وترتفع الأصوات لكن لم يتم حتى الآن تطبيق عقوبات على أذربيجان، ودعت باريس باكو إلى التعهد بالتزاماتها الدولية، مشيرة إلى أن القرار الذى أصدرته قبل شهرين محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة فى الأممالمتحدة، له قوة ملزمة بالنسبة لأذربيجان وأدانت ريناتا ألت، رئيسة لجنة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية فى البوندستاج، قيام أذربيجان بإنشاء نقطة تفتيش على ممر LATCHINE، واصفة إياه بأنه انتهاك للقانون الدولى.
ونشرت هذا البيان على تويتر، وقالت إن نقطة التفتيش الأذربيجانية الجديدة على جسر هاكارى فى ناجورنو كاراباخ تتعارض مع القانون الدولى وتجعل من الصعب على الأفراد والإمدادات التنقل بحرية فى المنطقة، يجب أن تحترم أذربيجان حقوق الإنسان وأن تنفذ على الفور متطلبات القانون الجنائى الدولى. الجانب الأرمنى من جانبها، تطالب أرمينياروسيا بتنفيذ الاتفاق، الذى ينص على أن ممر LATCHINE يجب أن يكون تحت سيطرة قوات حفظ السلام الروسية، فى اجتماع حكومى، طالب رئيس الوزراء الأرمينى نيكول باشينيان يوم الخميس، 27 أبريل، بأن تتحكم بعثة حفظ السلام الروسية فى ممر LATCHINE وتضمن عملها، لا أحد باستثناء الاتحاد الروسى له الحق فى السيطرة على الممر، لتجنب التطهير العرقى لأرمن ناجورنو كاراباخ الذى يتذكر أنه كان الهدف من باكو. ومع ذلك، يتم كل شيء باتفاق ضمنى لقوات حفظ السلام التى نشرتها روسيا، والتى كانت، منذ بداية صراع عام 2020، جزءا من من أشكال الازدواجية المخفية بالكاد. لن يتم حل ميزان القوى، الذى تسيطر عليه روسيا، فى ظل حكم بوتين الذى يستخدم كاراباخ كأداة للتأثير على كل من أرمينياوأذربيجان. فى الوقت نفسه، تشير روسيا مرة أخرى بحزم إلى أرمينيا برفضها رؤيتها تهرب من دائرة النفوذ الروسى. أرمينيا، العالقة فى رذيلة ولم تعد قادرة على الاعتماد على الحماية الروسية وحدها، تواصل التوجه نحو الكتلة الغربية. إذا تم نشر بعثة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبى حاليا على حدود أرمينيا، فقد دعا نيكول باشينيان أيضا إلى وجود دولى موسع فى كاراباخ وفى ممر LATCHINE، وهو جوهر التوترات. وتأتى تلك التصريحات فى الوقت الذى وصلت فيه وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، يوم الخميس 28 أبريل إلى باكو قبل أن تنضم إلى أرمينيا حيث اجتمعت بدورها فى ذكرى الإبادة الجماعية. فى هذا الوقت الذى تحيى فيه فرنساوأرمينيا والعالم بأسره ذكرى 1500000 ضحية للإبادة الجماعية عام 1915، سيكون أجمل عمل للذاكرة هو وقف التطهير العرقى الجارى فى ناجورنو كاراباخ، لأنه كما علمنا، إيلى ويزل الحائز على جائزة نوبل للسلام، أحد الناجين من الهولوكوست: «اللامبالاة ليست بداية، إنها نهاية لدينا إبادة جماعية ثانية». معلومات عن الكاتب: أنك أسو.. دكتوراه فى الآداب، وخبيرة بمؤسسة أوشفيتز فى بروكسل، وأستاذة جامعية متخصصة فى تحليل الخطاب السياسى وتاريخ الإبادة الجماعية. مؤلفة للعديد من الكتب حول هذا الموضوع، وتعمل أيضا مراسلة لثلاث مجلات، وهى: مجلات Nouvelles d'Armenie Magazine، Armenews،FranceArmenia تنضم إلى الحوار بهذه المقال الذى تتناول فيه التوترات المتصاعدة فى منطقة ناجورنو كاراخ.