صدر حديثا عن برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية العدد الأول من سلسلة "كراسات قبطية" لعالم القبطيات المصري الأسترالي الدكتور يوحنا نسيم يوسف بعنوان "مقدمة في علوم الدراسات القبطية"، ضمن مطبوعات إدارة المشروعات الخاصة بالمكتبة. وتؤسس السلسلة الجديدة لمرحلة جديدة تدفع بمزيد من الاهتمام العلمي بهذا المجال الحيوي وتلك الحقبة المهمة من تاريخ وتراث مصر الثري عبر آلاف السنين، والتي لم تنل قدرًا كافيًا من الدراسة والبحث، رغم أن التراث القبطي يزخر حضاريًّا وتاريخيًّا بإنتاج فكري وعلمي واجتماعي فريد ما زال الكثير منه قائمًا ومحفوظًا في العادات والتقاليد والاحتفالات الدينية والموسيقى والشهور القبطية الزراعية، وغيرها من المظاهر التي يشترك فيها ويمارسها المصريون جميعًا، بصرف النظر عن انتماءاتهم العقائدية أو الثقافية. وتأتي السلسلة فراغًا كبيرًا في المكتبة العربية، وتحاول أن تعيد الاعتبار إلى حقبة تاريخية شبه مجهولة من تاريخ مصر وتراث أوشك على الاندثار وهو التراث القبطي، في إطار الشعار الذي تتبناه المكتبة وهو "التراث القبطي تراث كل المصريين"، باعتبار أنه لا يقتصر على عقيدة بعينها ولا على فئة دون غيرها. ويهدف الكتيب إلى اعطاء فكرة موجزة عن بعض أفرع القبطيات، وقد راعى أن يتضمن آخر كل فصل أهم وأحدث المراجع الأجنبية التي تساعد من يريد المزيد، إضافة إلى إلقاء الضوء على بعض جوانب الثقافة القبطية كتمهيد للدراسين والمهتمين بالتخصص. وقد اختار المؤلف الدكتور يوحنا نسيم يوسف، أستاذ القبطيات بالجامعة الكاثوليكية بأستراليا ثمانية مواضيع، تاركا العديد من المواضيع لوقت تال، فلم يناقش موضوعات الأخشاب أو المعادن أو النسيج أو العاج، وكذلك النصوص غير الأدبية مثل العقود والايصالات، ولم يناقش في الفنون سوى الأيقونات تاركا الرسوم الجدارية أو الرسوم في المخطوطات جانبًا. وفي كل موضوع أعطى فكرة موجزة ثم بعض المراجع المهمة. وتحدث عن القبطيات كعلم، حيث بدأ اهتمام الغرب بالأقباط غداة مجمع فلورنسا الذي عُقد في الفترة من 1438م - 1445م والذي دعيت فيه لأول مرة بعثة من الكنيسة القبطية للحضور كمراقبين. وبعدها بدأ توافد الإرساليات الأجنبية وإن كان عند الكثير منهم أحكام مسبقة عن الأقباط والمصريين إلا أنه من المفيد الاطلاع على كتاباتهم، وقد تسابق كل من المراسلين الكاثوليك والبروستانت في المجئ إلى مصر. كما يتناول بدايات التاريخ الكنسي مع يوسابيوس القيصري (وهو أسقف قيصرية في فلسطين)، ويعتبر أبا التاريخ الكنسي، وهو تلميذ بامفيلوس ومن أشد المعجبين بأوريجانوس، وقد كتب تاريخه من بداية الكنيسة وحتى هزيمة ليكينيوس. وتبوأ قسطنطين الإمبراطورية كحاكم وحيد سنة (324م). ويعتبر كتابه تجميعًا غنيًا لوقائع تاريخية ومستخرجات من الكتابات الكنسية المبكرة، ويتكون هذا العمل من عشرة كتب ويهدف الكاتب إلى إعطاء قوائم بالأساقفة والمجتمعات الميسحية المهمة إضافة إلى أكبر العلماء المسيحين؛ وبالتالي الهراطقة والعقاب الإلهي للشعب اليهودي واضطهادات المسيحيين والشهداء الذين قدموهم. ويعتبر أهم عمل تاريخي للكنيسة المبكرة.