سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مصطفى عوض في حواره ل«البوابة نيوز»: تصميم الأفيش المسرحي يبدأ من الفكرة ويتطور مع تقنيات العصر.. نواجه صعوبات الوصول لصورة بصرية مناسبة للعرض.. والصناعة تتجه لمصير قاتم والمنتجون لا يقدرونه
يُعد «الأفيش» بمثابة الإعلان الموجز، والقصير، والمشوق للعمل الفني سواء كان مسرحية أو فيلما أو مسلسلا أو أي عمل آخر، وهذا تفسير لوجوده فى الشوارع، والميادين، والأماكن الإعلانية العامة، والخاصة، وكذلك الجرائد، والمجلات، ووسائل النقل والمواصلات وداخل محطات مترو الأنفاق، ووجهات المسرح، والسينما أيضًا. بدأت فكرة صناعة الأفيش فى القرن التاسع عشر، وظهرت فى مصر منذ بداية الثلاثينيات، والأربعينيات، حتى ازدهرت بعد ذلك من فترة الخمسينيات، والستينيات، والسبعينيات، لأنها اعتمدت بشكل أساسى على مهارة الرسم اليدوي، والخطاطين، مما ساهم فى خلق نوع من التواصل مع الجمهور. ومع ظهور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وبرامج الفوتوشوب أيضًا فى بداية الثمانينيات وتستمر حتى وقتنا هذا، أصبحت الأفيشات الحديثة قطعة فنية تعتمد بشكل أساسى على الصورة الفوتوغرافية، لأنها تجسد روعة العمل الفنى وتبرز مهارة وإبداع مصممه، ويعتقد البعض أن صناعة الأفيش فى مصر حاليًا تتجه للأسوأ، نظرا لسوء اختيار المصممين فى جميع المؤسسات الحكومية أو الخاصة. التقت «البوابة نيوز» مصمم الأفيش بوزارة الثقافة الفنان مصطفى عوض، للتعرف على فن هذه الصناعة والصعوبات التى تواجهها فى ظل التطور التكنولوجى الحالي، وإلى أين تتجه بنا الآن، فإلى نص الحوار.. الفنان مصطفى عوض مصمم الأفيش بوزارة الثقافة ■ ماذا يعنى الأفيش؟ وما هى أهميته والعائد منه؟ - فى البداية الأفيش هو اللوحة الفنية التى تستخدم بهدف الدعاية والتعريف بالعمل الفنى المقدم، سواء فى السينما، والمسرح، والفنون تشكيلية أو حتى الإعلان عن أى منتج فى إطار الصناعات الثقافية؛ ويتضمن الأفيش موجزًا لكل ما فى داخل العمل الفنى من فكرته، وأبطاله، ومخرجه، ومؤلفه، وتتعدد أماكن نشر هذه الملصقات، فبعضها يُوضع فى الشوارع، والسينمات، ووسائل النقل ومحطات مترو الأنفاق. تكمن أهمية «الأفيش» كفكرة فى نقل صورة واقعية من أبطال العمل الفنى إلى عقول المشاهدين، فاعتمد بعضها على الإثارة البصرية لجذب أكبر فئة من الجمهور؛ ويرجع تاريخ الأفيش عندما شهدت محافظة الإسكندرية على بداية مولد هذا الفن، واستضاف مقهى يُدعى «زواني» أول عرض سينمائى فى مصر عام 1896م، بعد شهر واحد فقط من انطلاق أول عرض فى العالم عام 1895 بفرنسا. واحتضنت المحافظة فى ذلك الوقت أول مطبوعة سينمائية فى مصر، وأطلق عليها «معرض السينما» آنذاك، التى تعود للناقد والمؤرخ السيد حسن جمعة فى العام 1924، وبعد عامين فقط فى القاهرة صدرت مجلة «نشرة أولمبيا للسينما الفوتوغرافية» عام 1926؛ ويعود بالفضل فى دخول «صناعة الأفيش» إلى مصر، اليونانيين الذين نقلوا حرفتهم إلى الإسكندرية، لتصبح ملاصقة لفنى الرسم، والتصوير الفوتوغرافى. أفيش عرض إيزيس الشرق ■ ما هى الصعوبات التى تواجه مصممى الأفيش؟ - هناك صعوبات عديدة تواجه مصمم الأفيش أثناء العمل من أهمها إيجاد الفكرة، التى يقوم عليها التصميم، فأنا لا أحب أن أصنفها بمشكلة، لكنها بمثابة العصف الذهنى الذى يتعرض له مصمم الأفيش قبل البداية فى العمل، لأن الفكرة أساس الموضوع ذاته، وتعد بمثابة خط النجاح الأول للتصميم، تعقبها مباشرة صعوبة تنفيذها واختيار التقنية التى تتلاءم معها، حتى تصل إلى صورة بصرية مناسبة للعرض بحرفية وعند الانتهاء تواجه جميع المصممين المشكلة الأكبر وذلك فى العروض السينمائية أو المسرحية وهى ترتيب صور الفنانين، ووضع أسمائهم وهى من أبرز المشكلات سريعًا. أفيش مسرحية شارع محمد علي ■ عُرف فن الأفيش فى المسرح قبل ظهوره فى السينما بسنوات طويلة على يد المخرج المسرحى برودوانى كيف ترى ذلك؟ - بالفعل عُرف فن الأفيش فى المسرح قبل ظهوره فى السينما، وكان الفضل يرجع إلى المخرج المسرحى برودواني، ويعيش المسرح خلال تلك الفترة أوج أمجاده، الذى امتلأ بالجماهير فى نهايات القرن التاسع عشر، مما دفع أصحاب هذه المسارح إلى التجديد فى كل شكل يتعلق بهذا الفن الاستعراضى المسرحي، ومن بين أفكار التجديد هذه، فكرة طرأت على ذهن «جاك كولبى» صاحب مسرح «new fun» الذى قام بوضع صورة بالحجم الكبير على مدخل المسرح، وسرعان ما أتجه أصحاب المسارح الأخرى لتقليد فكرته، إذ لاقت رواجًا كبيرًا؛ وكان من أشهر رسامى هذه الملصقات: «أدوين سورسبي، مايكل جلاسنر»، وتفنن الرسامون فى إبداع لوحات فنية فى صورة ملصقات دعائية. أفيش مسرحية زقاق المدق ■ كيف تساهم صناعة تصميم الأفيش المسرحى فى تسويق المنتج الثقافى؟ - ترتبط عملية التسويق المنتج الثقافى بتصميم الدعاية الخاصة بهذا المنتج، فمصمم الدعاية يحمل عبئا ثقيلا للخروج بشكل دعائى مبهر للمنتج الثقافى، حتى يساعد ويسهل على المُسوق مهمته، فهى تُساهم بشكل كبير فى نجاح العمل ذاته. ■ كيف ترى صناعة فن الأفيش الآن فى ظل التطور التكنولوجى الذى يواكب أحداث العصر مقارنة بالماضي؟ وهل أثرت عليها؟ - بالفعل أضافت التكنولوجيا الكثير فى فن صناعة الأفيش، حتى أصبح الأمر أكثر سهولة ويسر عما سبق، ولكن عن شخصى أميل للأفيش المرسوم، وأرى أنه هو أكثر أصولية فى العمل الفنى وهذا يطلق عليه قطعة أصلية «Master Piece». أفيش عرض ليل الجنوب ■ يقول الناقد سمير الجمل إن معظم أفيشات السينما المصرية مأخوذة من أفلام أجنبية فى صورتها وشكلها ولا يوجد إبداع حقيقي، فما تعليقك على ذلك؟ - إذا كان المقصد هنا هو تصميم الأفيشات الجديدة فأنا أتفق مع هذا الرأى تمامًا، لأنه بشكل كبير يتجه المصمم فى العمل على اقتباس فكرة لملصق أجنبى وتمصيرها، وهذا أعتبره مسخا للعمل الفنى وفقرا فى إيجاد أفكار جديدة، لذلك أتصور أنه فى بداية صناعة الأفيش كان الأمر أقوى بكثير، وكان على أيدى الرسامين اليونانيين بمصر، حتى أمتهنها أبناء مصر بعد ذلك أمثال «حسن الثغر» صاحب وكالة الثغر للإعلان، التى قامت بمعظم صناعة الأفيشات المرسومة خلال فترة السبعينيات. أفيش عرض قلعة الموت ■ أين تتجه صناعة فن الأفيش المسرحى بنا الآن؟ - لقد تحدثت كثيرًا فى هذا الأمر وهو صناعة الأفيش المسرحى فى مصر تتجه من سيئ إلى أسوأ، لأن المُنتجين فى مصر، سواء القطاع الحكومى أو الخاص لا يقدرون قيمة وأهمية الأفيش المسرحي، والقليل منهم الذى يعى أهمية هذا النوع من الفن، ولو تحدثت عن القطاع الحكومى فهناك قصور فى التصميمات التى لا تليق أن تُمثل واجهة مصر بفنها العريق، وهذا يرجع دائمًا لعدم حُسن اختيار العناصر التى تقوم بالعمل الفنى ويستند الأمر إلى موظف لا يُجيد أسس التصميم وغير مؤهل فنيًا لمجرد أنه موظف يعمل بمؤسسة حكومية متجهًا لبعض دورات الجرافيك والكمبيوتر حتى يستطيع إقناع مديره بأنه مصمم جرافيك جيد، ومن هنا تكمن المشكلة، وفى الوقت الراهن نستطيع أن نشاهد بأنفسنا كم العبث الموجود على واجهات المسارح الحكومية أو المطبوعات، التى تُصرف عليها أموال طائلة دون جدوى، لذلك يجب على المسئولين بالقطاع الحكومى اختيار العناصر المؤهلة علميا ومهنيا حتى ترتقى صناعة الأفيش فى مصر. الفنان مصطفى عوض ■ كيف ترى تمثيل مصر خارجيا فى تصميم الأفيش للصناعات الثقافية؟ - تمثيل مصر خارجيًا بشكل عام يُعد إضافة فى التواصل الدولى وخصوصًا على المستوى الثقافى، لأن الثقافة بدورها القوى الناعمة، التى تستخدمها الشعوب مع بعضها البعض لزيادة التقارب، وعندما يصبح الأمر مرتبط بالصورة البصرية يكون هنا أفضل، لأن التواصل المرئى ينقل الصورة بشكل يجعل المتلقى يتحمس إلى رؤية المزيد ومعرفة الأكثر. مصمم الأفيش الفنان مصطفى عوض ■ هل هذه المشاركة الأولى لمصر فى تصميم الأفيش للصناعات الثقافية بالخارج؟ وما هو الهدف منها؟ - عندما تلقيت دعوة رسمية عن طريق وزارة الخارجية من حكومة مدينة سكتلان بالمكسيك، للمشاركة بتصميمات بوسترات لدعم قضية مكافحة سرطان الأطفال، فى إطار معرض دولى يشترك فيه 55 مصممًا من جميع أنحاء العالم وقبول تصميماتى من قبل لجنة الاختيار، مع اختيار مصر متمثلة فى شخصى أن تكون ضيف شرف افتتاح المعرض بحضور أعضاء سفارة مصر بالمكسيك، مع حاكم ولاية سكتلان، وكان افتتاحًا مبهرًا ومشرف بتواجد مصرى مؤثر فى المعرض، وبعد ذلك أُخطر بأنه سيقديم محاضرة للطلبة فى الجامعة من دارسى فنون الجرافيك والإعلان، وقدمت مقترح لاسم للمحاضرة بعنوان «تصميم الأفيش للصناعات الثقافية» وأتصور أنها المشاركة الأولى بهذا الاسم، التى لاقت نجاحًا باهرًا من الأساتذة والطلاب ورؤساء الجامعات هناك، بالإضافة إلى «فيديو كونفرانس» مع خبراء من مصر أثناء التواجد هناك خلال المحاضرات مثل المخرج وليد عوني، والمخرج أحمد السيد، محمد عبدالدايم، الخبير فى علم الإدارة الثقافية والتسويق الثقافى، حتى لاقى نجاحًا كبيرًا أيضًا فى تحقيق التواصل بشكل أكبر وأعمق ونقل الخبرات بلا حدود، وعندما تم أعلنت المحاضرة طالبت إلقاء نفس المحاضرة فى أكثر من جامعة بالمكسيك. ومن أهم أهداف هذه المشاركة وصول الثقافة المصرية بشكل حقيقى إلى دولة المكسيك، وعلى الجانب الآخر هم يتطلعوا للكثير من المشاركات المصرية مثل: «التواصل فى فنون السينما، والمسرح، والفنون التشكيلية، والرقص الحديث.. وغيرها من الفنون»، ولكن هذا يحتاج إلى اهتمام أكثر من الجانب المصرى للتواصل مع الدول الأكثر بعدًا عن الثقافة المصرية، وهذا يتحقق من خلال التواصل الفعلي، وعلى مستوى الجانب المكسيكى هم ينتظرون الكثير من التعاون الثقافى مع مصر، حتى انتقلت هذه المحاضرة بعد ذلك بدعوة من الدكتور هانى أبوالحسن سلام، أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، فى أبريل الماضى لطلاب المسرح بهدف الاستفادة منها ومواكبة الطلاب بعد تخرجهم لسوق العمل. أفيش مسرحية ليلتكم سعيدة ■ ما هى الرسالة الذى يحملها الفنان مصطفى عوض لصُناع الأفيش؟ - لدى مقولة دائما تتعلق بالتصميم الدعائى وهي: «عليك أن تقوم بتصميم مطبوعة ذات طابع خاص وتتميز بفكرة فى التصميم والتنفيذ ليحتفظ بها الجمهور بدلا من أن تكون فقيرة وتلقى فى القمامة، لأنه ببساطة شديدة يجب أن تحترم جمهورك، والجمهور المرتاد للعروض الثقافية مختلف يستطيع أن يميز العمل الفنى بشكل كبير ومن ضمن تقييمه تكون المطبوعة التى تحمل عنوان العمل الفني؛ منذ أن تخرجت فى كلية الفنون التطبيقية عام 2001، التحقت بالعمل فى وزارة الثقافة وطوال هذه الفترة أعمل بمهنية شديدة واجتهاد لخروج تصميماتى للنور بشكل مشرف للممؤسسة التى أعمل بها، وأود أن أوجه رسالة لكل المسئولين فى وزارة الثقافة تحديدًا، أن يُجيدوا اختيار الأشخاص الذين نتطلع بتصميم الدعاية لمؤسساتهم.