تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، العديد من التصريحات، التي حذرت من ارتفاع معدلات الجريمة، خلال تسليم جرعات اللقاحات، ووجود خطط لاستهداف الشحنات والمخازن، وذلك بالتزامن مع انطلاق سباق اللقاحات في العالم، للخروج من جائحة "كورونا"، التي أثرت سلبًا على حياة الملايين حول العالم. تلك التحذيرات التي تم رصدها من قبل المرصد، سبقها سلسلة من التقارير، التي قام بإعدادها لكشف الروابط المتشابكة، والمعقدة بين العناصر الإجرامية والجماعات الإرهابية، الأمر الذي يدعم تلك المخاوف، خاصة مع وجود شواهد تاريخية على استهداف الجماعات الإرهابية للقاحات الخاصة بشلل الأطفال، على سبيل المثال: في باكستان وأفغانستان ونيجيريا؛ وسلط مرصد الأزهر الضوء على التهديدات المحيطة بلقاحات كورونا من قبل الجماعات الإرهابية في تقريره الأخير، الذي جاء تحت عنوان: "لقاح كورونا في مرمى تهديدات الجماعات الإرهابية". وأوضح المرصد: يعد العلمُ والجهلُ سلاحين متناقضين، فأحدهما يبني والآخر يهدم؛ لذا نجد أن السلاح الثاني هو المفضل دومًا لدى الجماعات المتطرفة؛ لكونه يساعدها على تهيئة بيئة خصبة للنفاذ بأفكارها داخل العقول المستهدفة، لجذب المزيد من العناصر لتدعيم صفوفها، وبالتالي ضمان استمرار فكرها المتطرف. وأشار، إلى أن تلك الجماعات لا تتوانى في بذل قصارى جهدها لوقف مسيرة العلم، في أيِّ مجتمع تتواجد به، فتقوم باستهداف الفرق الطبية، والحيلولة دون تقديم العلاج المناسب للمرضى، وزعم أن المرض ابتلاء من الله وعقاب لمن يحيدون عن طريقه، كما حدث عند ظهور جائحة "كورونا"، أو أن الدواء حيلة لإلحاق الأذى بالمسلمين، لإثارة الذعر في قلوبهم حيال الدواء.. إلخ!. وبين المرصد، أن المبررات التي تصوغها تلك الجماعات كثيرة، وهدفها استمرار المجتمعات التي تقبع تحت وطأة إرهابهم في ظلام الجهل، الذي يزرع الغلو والتطرف، لتظل تلك المجتمعات في نفس الدائرة المفرغة، التي يصعب الخروج منها دون علم صحيح وأجيال تعي أهمية هذا العلم وتتسلح به في وجه التطرف والجهل. تحذيرات من استهداف اللقاحات ومع انطلاق سباق اللقاحات في العالم للخروج من جائحة (كورونا) التي أثَّرت سلبًا على حياة الملايين حول العالم؛ انطلقت عدة تحذيرات من ارتفاع معدلات الجريمة خلال تسليم جرعات اللقاحات، لعل أبرزها ما حذر منه رئيس الشرطة الدولية "الإنتربول"، يورغن ستوك، من احتمال وقوع سرقات وعمليات اقتحام مخازن وهجمات أثناء نقل تلك اللقاحات. كما لفت تقرير لصحيفة "ذا صن" البريطانية إلى تحذير أجهزة الاستخبارات والأمن في المملكة المتحدة، من خطط لاستهداف شحنات لقاح كورونا وهو ما دفع الحكومة لتتبع مواقع الشاحنات عبر الأقمار الاصطناعية، وتزويد المركبات الناقلة بأنظمة إنذار وإغلاق تحسبًا لأيِّ هجوم محتمل. وبالانتقال إلى ألمانيا، نجد أن رئيس مؤتمر وزراء الداخلية، غيورغ ماير، حذَّر أيضًا من تعرض عمليات نقل لقاحات كورونا، ومراكز التطعيم لهجمات مع تصاعد التطرف في صفوف المناهضين للتلقيح رغم خطورة الوضع في البلاد والدعوة لتشديد إجراءات العزل العام. تلك التحذيرات المعلنة دفعت مرصد الأزهر- الذي سبق أن أعد سلسلة من التقارير حول الروابط المتشابكة والمعقدة بين العناصر الإجرامية والجماعات الإرهابية، والتي أسفرت عن أعنف الهجمات الدموية، إلى جانب عدد من المقالات حول استغلال الجماعات الإرهابية للجائحة لفرض نفوذها على الأرض- إلى التعمق أكثر في أبعاد تلك القضايا وبيان مدى إمكانية استفادة الجماعات الإرهابية منها، للحيلولة دون وصول لقاحات كورونا إلى المناطق التي تسيطر عليها إلى جانب استهداف مراكز التلقيح في عدد من الدول، لوقف عمليات السيطرة على الوباء؛ بهدف تدعيم فكرها المتطرف الذي سبق أن أعلنت عنه في بداية الجائحة عندما اعتبرتها عقاب من الله لما أسمتهم ب "الكفار". ويتزامن تناول مرصد الأزهر لتلك المخاطر المحيطة بلقاحات كورونا مع ما كشفت عنه صحيفة "ذا صن" البريطانية من احتمالية استهداف العصابات الإجرامية التي تبحث عن المال للباحثين والمنظمات العاملة، في مجال تطوير لقاحات فيروس "كورونا"، خاصة مع تمكن هؤلاء المجرمين والمتسللين الذين لا يستبعد أن يكونوا من الجماعات المتطرفة من معرفة العلماء المستهدفين من خلال (الذكاء مفتوح المصدر) وهو المعلومات المتاحة مجانًا على منصات التواصل الاجتماعي، ومعلومات المقالات العلمية التي تتحدث عن الجائحة، وسيرة العلماء المشاركين في تصنيع اللقاحات، وهو ما قد يتسبب في فقدان المزيد من الأرواح إذا تعطلت أو أربكت عملية تصنيع اللقاحات ونقلها. هذه التطورات المتلاحقة جراء الجائحة وردود فعل المعترضين على اللقاحات من المتطرفين والإرهابيين، دفعت إليوت ستيوارت، وهو محلل في شئون الشرق الأوسط، في تقرير نشرته مجلة "ذا ناشونال انتريست" الأمريكية، للتأكيد على أن المتطرفين والمنظمات الإرهابية أكبر المستفيدين من الجائحة؛ حيث يرى "ستيوارت" أن لهذه الجماعات الدافع والوسيلة لتقويض الجهود المبذولة لمواجهة فيروس كورونا، موضحًا أن تنظيم "داعش" صاحب الدافع الأكبر؛ حيث يحتفي بجائحة كورونا باعتبارها عقابًا من الله ضد أعدائه من "الكفار"! وبالفعل لدى العودة إلى بداية ظهور الجائحة نجد أن التنظيم الإرهابي استغل الاضطرابات الواقعة جراء تفشي الفيروس؛ لتعزيز رؤيته المتطرفة عالميًّا، واجتذاب عناصر جدد وتحقيق مكاسب على الأرض بعد هزائمه في سوريا والعراق، وهو ما حذَّر منه مرصد الأزهر مرارًا في إصداراته الأخيرة؛ لذا كلما طال أمد الجائحة وما تسببه من مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية، ازدادت فرص تحقيق "داعش" للمكاسب المادية والمعنوية. وقد أدَّت تلك الرؤية المتطرفة لتنظيم "داعش" الإرهابي حيال الجائحة إلى إثارة موجة من التوقعات حول قيامه، وغيره من تنظيمات إرهابية بعرقلة الجهود المبذولة لمواجهتها لكي يطيل أمد الأزمة. ويؤكد مرصد الأزهر، أن تهديدات الجماعات الإرهابية مثل تنظيم "داعش" الإرهابي، لن تتوقف عند حدود المناطق المتواجد بها فروعها؛ بل الذئاب المنفردة التابعة لها التي تُكشِّر عن أنيابها في كل مناسبة تمثل تهديدًا حيًّا لدول بعيدة جغرافية عن أماكن تواجد فروعه. كما أن استمرار تفشي الوباء في مناطق سيطرة التنظيم وغيره، يشكل تهديدًا أيضًا للعالم أجمع؛ فقد أثبتت التجربة التي عرضناها حيال مرض شلل الأطفال أن تلك الأمراض المعدية لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولعل ذلك وضَح مؤخرًا مع اكتشاف سلالات جديدة لفيروس كورونا في أوروبا، ثم بدأت الأخبار تتداول عن وجود عينات من تلك السلالات في دول خارج القارة الأوروبية في فترة وجيزة. وشدد المرصد، على ضرورة تأمين كافة الخطوات الخاصة بلقاحات فيروس "كورونا" عالميًّا من مرحلة الإنتاج إلى التطعيم، خاصةً في تلك الدول التي تعاني من وطأة الإرهاب؛ محذرًا من أيِّ تباطؤ أو مماطلة حيال تنفيذ برامج مكافحة الإرهاب؛ لأن المستفيد الحقيقي من استمرار الجائحة وتداعياتها هو الجماعات الإرهابية.